وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب حد قاطع الطريق .
من شهر السلاح وأخاف السبيل في مصر أو برية وجب على الإمام طلبه لأنه إذا ترك قويت شوكته وكثر الفساد به في قتل النفوس وأخذ الأموال فإن وقع قبل أن يأخذ المال ويقتل النفس عزر وحبس على حسب ما يراه السلطان لأنه تعرض للدخول في معصية عظيمة فعزر كالمتعرض للسرقة بالنقب والمتعرض للزنا بالقبلة وإن أخذ نصابا محرزا بحرز مثله ممن يقطع بسرقة ماله وجب عليه قطع يده اليمنى ورجله اليسرى لما روى الشافعي عن ابن عباس أنه قال في قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ونفيهم إذا هربوا أن يطلبوا حتى يؤخذوا وتقام عليهم الحدود لأنه ساوى السارق في أخذ النصاب على وجه لا يمكن الاحتراز منه فساواه في قطع اليد وزاد عليه بإخافة السبيل بشهر السلاح فغلظ بقطع الرجل فإن لم يكن له اليد اليمنى ولا الرجل اليسرى انتقل القطع إلى اليد اليسرى والرجل اليمنى لأن ما يبدأ به معدوم فتعلق الحد بما بعده وإن أخذ دون النصاب لم يقطع وخرج أبو علي بن خيران قولا آخر أنه لا يعتبر النصاب كما لا يعتبر التكافؤ في القتل في المحاربة في أحد القولين وهذا خطأ لأنه قطع يجب بأخذ المال فشرط فيه النصاب كالقطع في السرقة فإن أخذ المال من غير حرز بأن انفرد عن القافلة أو أخذ من جمال مقطرة ترك القائد تعاهدها لم يقطع لأنه قطع يتلعق بأخذ المال فشرط فيه الحرز كقطع السرقة .
فصل : وإن قتل ولم يأخذ المال انحتم قتله ولم يجز لولي الدم العفو عنه لما روى ابن عباس Bه قال : نزل جبريل عليه السلام بالحد فيهم أن من قتل ولم يأخذ المال قتل والحد لا يكون إلا حتما ولأن ما أوجب عقوبة في غير المحاربة تغلظت العقوبة فيه بالمحاربة كأخذ المال يغلظ بقطع الرجل وإن جرح جراحة توجب القود فهل يتحتم القوم فيه قولان : أحدهما أنه يتحتم لأن ما أوجب القود في غير المحاربة انحتم القود فيه في المحاربة كالقتل والثاني أنه لا يتحتم لأنه تغليظ لا يتبعض في النفس فلم يجب فيما دون النفس كالكفارة .
فصل : وإن قتل وأخذ المال قتل وصلب ومن أصحابنا من قال : يصلب حيا ويمنع الطعام والشراب حتى يموت وحكى أبو العباس ابن القاص في التخليص عن الشافعي Bه أنه قال يصلب ثلاثا قبل القتل ولا يعرف هذا للشافعي والدليل على أنه يصلب بعد القتل قوله A : [ إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ] وإن كان الزمان باردا أو معتدلا صلب بعد القتل ثلاثا وإن كان الحر شديدا وخيف عليه التغير قبل الثلاث حنط وغسل وكفن وصلي عليه وقال أبو علي بن أبي هريرة C : يصلب إلى أن يسيل صديده وهذا خطأ لأن في ذلك تعطيل أحكام الموتى من الغسل والتكفين والصلاة والدفن وإن مات فهل يصلب فيه وجهان : أحدهما وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني C أنه لا يصلب لأن الصلب تابع للقتل وصفة له وقد سقط القتل فسقط الصلب والثاني وهو قول شيخنا القاضي أبي الطيب الطبري C أنه يصلب لأنهما حقان فإذا تعذر أحدهما لم يسقط الآخر .
فصل : وإن وجب عليه الحد ولم يقع في يد الإمام طلب إلى أن يقع فيقام عليه الحد لقوله D : { أو ينفوا من الأرض } [ المائدة : 33 ] وقد روينا عن ابن عباس أنه قال : ونفيهم إذا هربوا أن يطلبوا حتى وجدوا فتقام عليهم الحدود .
فصل : ولا يجب ما ذكرناه من الحد إلا على من باشر القتل أو أخذ المال فأما من حضر ردءا لهم أو عينا فلا يلزمه الحد لقوله A : [ لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير حق ] ويعزر لأنه أعان على معصية فعزر وإن قتل بعضهم وأخذ بعضهم المال وجب على من قتل القتل وعلى من أخذ المال القطع لأن كل واحد منهم انفرد بسبب حد فاختص بحده .
فصل : إذا قطع قاطع الطريق اليد اليسرى من رجل وأخذ المال قدم قطع القصاص سواء تقدم على أخذ المال أو تأخر لأن حق الآدمي آكد فإذا اندمل موضع القصاص قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى لأخذ المال ولا يوالي بينهما لأنهما عقوبتان مختلفتان فلا تجوز الموالاة بينهما وإن قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى وأخذ المال وقلنا إن القصاص يتحتم نظرت فإن تقدم أخذ المال سقط القطع الواج بسببه لأنه يجب تقديم القصاص عليه لتأكد حق الآدمي وإذا قطع للآدمي زال ما تعلق الوجوب به لأخذ المال فسقط وإن تقدمت الجناية لم يسقط الحد لأخذ المال فتقطع يده اليسرى ورجله اليمنى لأنه استحق بالجناية فيصير كمن أخذ المال وليس له يد يمنى ولا رجل يسرى فتعلق باليد اليسرى والرجل اليمنى .
فصل : وإن تاب قاطع الطريق بعد القدرة عليه لم يسقط عنه شيء مما وجب عليه من حد المحاربة لقوله D : { إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم } [ المائدة : 34 ] فشرط في العقو عنهم أن تكون التوبة قبل القدرة عليهم فدل على أنهم إذا تابوا بعد القدرة لم يسقط عنهم وإن تاب قبل القدرة عليه سقط عنه ما يختص بالمحاربة وهو انحتام القتل والصلب وقطع الرجل للآية وهل يسقط قطع اليد فيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يسقط لأنه قطع عضو وجب بأخذ المال في المحاربة فسقط بالتوبة قبل القدرة كقطع الرجل والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه لا يسقط لأنه قطع يد لأخذ المال فلم يسقط بالتوبة قبل القدرة كقطع السرقة .
فصل : فأما الحد الذي لا يختص بالمحاربة ينظر فيه فإن كان للآدمي وهو حد القذف لم يسقط بالتوبة لأنه حق للآدمي فلم يسقط بالتوبة كالقصاص وإن كان لله D وهو حد الزنا واللواط والسرقة وشرب الخمر ففيه قولان : أحدهما أنه لا يسقط بالتوبة لأنه حد لا يختص بالمحاربة فلم يسقط بالتوبة كحد القذف والثاني أنه يسقط وهو الصحيح والدليل علي قوله D في الزنا : { فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما } [ النساء : 16 ] وقوله تعالى في السرقة : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم } [ المائدة : 39 ] وقوله A : [ التوبة تجب ما قبلها ] ولأنه حد خالص لله تعالى فسقط بالتوبة كحد قاطع الطريق فإن قلنا إنها تسقط نظرت فإن كانت وجبت في غير المحاربة لم تسقط بالتوبة حتى يقترن بها الإصلاح في زمان يوثق بتوبته لقوله تعالى : { فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما } ولقوله تعالى : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه } فعلق العفو بالتوبة والإصلاح ولأنه قد يظهر التوبة للتقية فلا يعلم صحتها حتى يقترن بها الإصلاح في زمان يوثق فيه بتوبته وإن وجبت عليه الحدود في المحاربة سقطت بإظهار التوبة والدخول في الطاعة لأنه خارج من يد الإمام ممتنع عليه فإذا أظهر التوبة لم تحمل توبته على التقية