وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب حد القذف .
القذف محرم والدليل عليه ما روى أبو هريرة Bه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال : الشرك بالله D والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات ] .
فصل : إذا قذف بالغ عاقل مختار مسلم أو كافر التزم حقوق المسلمين من مرتد أو ذمي أو معاهد محصنا ليس بولد له بوطء يوجب الحد وجب عليه الحد فإن كان حرا جلد ثمانين جلدة لقوله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } [ النور : 4 ] وإن كان مملوكا جلد أربعين لما روى يحيى بن سعيد الانصاري قال : ضرب أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مملوكا افترى على حر ثمانين جلدة فبلغ ذلك عبد الله بن عامر بن ربيعة فقال : ادركت الناس من زمن عمر بن الخطاب Bه إلى اليوم فما رأيت أحدا ضرب المملوك المفتري على الحر ثمانين قبل أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وروى خلاس أن عليا كرم الله وجهه قال في عبد قذف حرا نصف الحد ولأنه حد يتبعض فكان المملوك على النصف من الحر كحد الزنا .
فصل : وإن قذف غير محصن لم يجب عليه الحد لقوله D : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } فدل على أنه إذا قذف غير محصن لم يجلد والمحصن الذي يجب الحد بقذفه من الرجال والنساء من اجتمع فيه البلوغ والعقل والإسلام والحرية والعفة عن الزنا فإن قذف صغيرا أو مجنونا لم يجب به عليه الحد لأن ما يرمي به الصغير والمجنون لو تحقق لم يجب به الحد فلم يجب الحد على القاذف كما لو قذف بالغا عاقلا بما دون الوطء وإن قذف كافرا لم يجب عليه الحد لما روى ابن عمر Bه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ من أشرك بالله فليس بمحصن ] وإن قذف مملوكا لم يجب عليه الحد لأن نقص الرق يمنع كمال الحد فيمنع وجوب الحد على قاذفه وإن قذف زانيا لم يجب عليه الحد لقوله D : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } فأسقط الحد عنه إذا ثبت أنه زنى فدل أنه إذا قذفه وهو زان لم يجب عليه الحد وإن قذف من وطئ في غير ملك وطئا محرما لا يجب به الحد كمن وطئ امرأة ظنها زوجته أو وطئ في نكاح مختلف في صحته ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يجب عليه الحد لأنه وطء محرم لم يصادف ملكا فسقط به الإحصان كالزنا والثاني أنه وطء لا يجب به الحد فلم يسقط به الإحصان كما لو وطئ زوجته وهي حائض .
فصل : وان قذف الوالد ولده أو قذف الجد ولد ولده لم يجب عليه الحد وقال أبو ثور : يجب عليه الحد لعموم الآية والمذهب الأول لأنه عقوبة تجب لحق الآدمي فلم تجب للولد على الوالد كالقصاص وإن قذف زوجته فماتت وله منها ولد سقط الحد لأنه لما لم يثبت له عليه الحد بقذفه لم يثبت له عليه بالإرث عن أمه وإن كان لها ابن آخر من غيره وجب له لأن حد القذف يثبت لكل واحد من الورثة على الانفراد .
فصل : وإن رفع القاذف إلى الحاكم وجب عليه السؤال عن إحصان المقذوف لأنه شرط في الحكم فيجب السؤال عنه كعدالة الشهود ومن أصحابنا من قال : لا يجب لأن البلوغ والعقل معلوم بالنظر غليه والظاهر الحرية والإسلام والعفة وإن قال القاذف : أمهلني لأقيم البينة على الزنا أمهل ثلاثة أيام لأنه قريب لقوله تعالى : { ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب } [ هود : 64 ] ثم قال : { تمتعوا في داركم ثلاثة أيام } [ هود : 65 ] .
فصل : وإن قذف محصنا ثم زنى المقذوف أو وطئ وطئا زال به الإحصان سقط الحد عن القاذف وقال المزني و أبو ثور : لا يسقط لأنه معنى طرأ بعد وجوب الحد فلا يسقط ما وجب من الحد كردة المقذوف وثيوبة الزاني وحريته وهذا خطأ لان ما ظهر من الزنا يوقع شبهة في حال القذف ولهذا روي أن رجلا زنى بامرأة في زمان أمير المؤمنين عمر Bه فقال : والله ما زنيت إلا هذه المرة فقال له عمر كذبت إن الله لا يفضح عبده في أول مرة والحد يسقط بالشبهة وأما ردة المقذوف ففيها وجهان : أحدهما أنها تسقط الحد والثاني أنها لا تسقط لأن الردة تدين والعادة فيها الإظهار وليس كذلك الزنا فإنه يكتم فإذا ظهر دل على تقدم أمثاله وأما ثيوبة الزاني وحريته فإنها لا تورث شبهة في بكارته ورقه في حال الزنا .
فصل : ولا يجب الحد إلا بصريح القذف أو بالكناية مع النية فالصريح مثل ان يقول زنيت أو يا زاني والكناية كقوله يا فاجر أو يا خبيث أو يا حلال بن الحلال فإن نوى به القذف وجب به الحد لأن ما لا تعتبر فيه الشهادة كانت الكناية فيه مع النية بمنزلة الصريح كالطلاق والعتاق وإن لم ينو به القذف لم يجب به الحد سواء كان ذلك في حال الخصومة او غيرها لأنه يحتمل القذف وغيره فلم يجعل قذفا من غير نية كالكناية في الطلاق والعتاق .
فصل : وإن قال لطت أو لاط بك فلان باختيارك فهو قذف لأنه قذفه بوطء يوجب الحد فأشبه بالزنا وإن قال يا لوطي وأراد به أنه على دين قوم لوط لم يجب الحد لأنه يحتمل ذلك وإن أراد أنه يعمل عمل قوم لوط وجب الحد وإن قال لامرأته يا زانية فقالت بك زنيت لم يكن قولها قذفا له من غير نية لأنه يجوز أن تكون زانية ولا يكون هو زانيا بأن وطئها وهو يظن أنها زوجته وهي تعلم أنه أجنبي ولأنه يجوز أن تكون قد قصدت نفي الزنا كما يقول الرجل لغيره سرقت فيقول معك سرقت ويريد أني لم أسرق كما لم تسرق ويجوز أن يكون معناه ما وطئني غيرك فإن كان ذلك زنا فقد زنيت وإن قال لها يا زانية فقالت أنت أزنى مني لم يكن قولها قذفا له من غير نية لأنه يجوز ان يكون معناه ما وطئني غيرك فإن كان ذلك زنا فأنت أزنى مني لأن المغلب في الجماع فعل الرجل وإن قال لغيره أنت أزنى من فلان أو أنت أزنى الناس لم يكن قذفا من غير نية لأن لفظة أفعل لا تستعمل إلا في امر يشتركان فيه ثم ينفرد أحدهما فيه بمزية وما ثبت أن فلانا زان ولا أن الناس زناة فيكون هو أزنى منهم وإن قال فلان زان وأنت أزنى منه أو أنت أزنى زناة الناس فهو قذف لأنه أثبت زنا غيره ثم جعله أزنى منه .
فصل : وإن قال لامرأته يا زاني فهو قذف لأنه صرح بإضافة الزنا إليها وأسقط الهاء للترخيم كقولهم في مالك يا مال وفي حارث يا حار وإن قال لرجل يا زانية فهو قذف لأنه صرح بإضافة الزنا إليه وزاد الهاء للمبالغة كقولهم علامة ونسابة وشتامة ونوامة فإن قال : زنأت في الجبل فليس بقذف من غير نية لأن الزنء هو الصعود في الجبل والدليل عليه قول الشاعر : .
( وارق إلى الخيرات زنئا في الجبل ) .
وإن قال زنأت ولم يذكر الجبل ففيه وجهان : احدهما أنه قذف لأنه لم يقرن به ما يدل على الصعود والثاني وهو قول أبي الطيب ابن سلمة C أنه إن كان من أهل اللغة فليس بقذف وإن كان من العامة فهو قذف لأن العامة لا يفرقون بين زنيت وزنأت .
فصل : وإن قال زنى فرجك او دبرك أو ذكرك فهو قذف لأن الزنا يقع بذلك وإن قال زنت عينك او يدك أو رجلك فقد اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال : هو قذف وهو ظاهر ما نقله المزني C لأنه أضاف الزنا الى عضو منه فأشبه إذا أضاف إلى الفرج ومنهم من قال : ليس بقذف من غير نية وخطأ المزني في النقل لأن الزنا لا يوجد من هذه الأعضاء حقيقة ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ العينان تزنيان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان ويصدق ذلك كله الفرج أو يكذبه ] فإن قال زنى بدنك ففيه وجهان : أحدهما أنه ليس بقذف من غير نية لان الزنا بجميع البدن يكون بالمباشرة فلم يكن صريحا في القذف والثاني أنه قذف لأنه أضاف إلى جميع البدن والفرج داخل فيه وإن قال لا ترد يد لامس لم يكن قاذفا لما روى أن رجلا من بني فزارة قال للنبي صلى الله عليه و سلم : [ إن امرأتي لا ترد يد لامس ولم يجعله النبي صلى الله عليه و سلم قاذفا ] وإن قال زنى بك فلان وهو صبي لا يجامع مثله لم يكن قاذفا لأنه لا يوجد منه الوطء الذي يجب به الحد عليه وإن كان صبيا يجامع مثله فهو قذف لانه يوجد منه الوطء الذي يجب به الحد عليها وإن قال لامرأته زنيت بفلانة أو زنت بك فلانة لم يجب به الحد لان ما رماها به لا يوجب الحد .
فصل : وإن اتت امرأته بولد فقال ليس مني لم يكن قاذفا من غير نية لجواز أن يكون معناه ليس مني خلقا أو خلقا أو من زوج غيري أو من وطء شبهة او مستعار وإن نفى نسب ولده باللعان فقال رجل لهذا الولد لست بابن فلان لم يكن قذفا لأنه صادق في الظاهر أنه ليس منه لأنه منفي عنه قال الشافعي C : إذا اقر بنسب ولد فقال له رجل لست بابن فلان فهو قذف وقال في الزوج إذا قال للولد الذي أقر به لست بابني أنه ليس بقذف واختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال إن أراد القذف فهو قذف في المسألتين وإن لم يرد القذف فليس بقذف في المسألتين وحمل جوابه في المسألتين على هذين الحالين ومن أصحابنا من نقل جوابه في كل واحدة منهما إلى الأخرى وجعلها على قولين : أحدهما أنه ليس بقذف فيها لجواز أن يكون معناه لست بابن فلان او لست بابني خلقا او خلقا والثاني أنه قذف لأن الظاهر منه النفي والقذف ومن أصحابنا من قال : ليس بقذف من الزوج وهو قذف من الأجنبي لأن الأب يحتاج إلى تأديب ولده فيقول : لست بابني مبالغة في تأديبه والاجنبي غير محتاج إلى تأديبه فجعل قذفا منه .
فصل : وإن قال لعربي يا نبطي فإن أراد نبطي اللسان أو نبطي الدار لم يكن قذفا وإن أراد نفي نسبه من العرب ففيه وجهان : أحدهما أنه ليس بقذف لأن الله تعالى علق الحد على الزنا فقال : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } [ النور : 4 ] وشهادة الأربعة يحتاج إليها في إثبات الزنا والثاني أنه يجب به الحد لما روى الأشعث بن قيس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ لا أوتى برجل يقول إن كنانة ليست من قريش إلا جلدته ] وعن ابن مسعود Bه أنه قال : لا حد إلا في اثنين قذف محصنة ونفي رجل من أبيه .
فصل : ومن لا يجب عليه الحد لعدم إحصان المقذوف أو للتعريض بالقذف من غير نية عزر لأنه آذى من لا يجوز أذاه وإن قال لامرأته استكرهت على الزنا ففيه وجهان : أحدهما أنه يعزر لأنه يلحقها بذلك عار عند الناس والثاني أنه لا يعزر لأنه لا عار عليها في الشريعة بما فعل بها مستكرهة .
فصل : وما يجب بالقذف من الحد أو التعزير بالأذى فهو حق للمقذوف يستوفي إذا طالب به ويسقط إذا عفى عنه والدليل عليه ما روي أن انبي صلى الله عليه و سلم قال : [ أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان يقول تصدقت بعرضي ] والتصدق بالعرض لا يكون إلا بالعفو عما يجب له ولأنه لا خلاف أنه لا يستوفي إلا بمطالبته فكان له العفو كالقصاص وإن قال لغيره اقذفني فقذفه ففيه وجهان : أحدهما أنه لا حد عليه لأنه حق له فسقط بإذنه كالقصاص والثاني أنه يجب عليه الحد لأن العار يلحق بالعشيرة فلا يملك إلا بإذن فيه وإذا أسقط الإذن وجب الحد ومن وجب له الحد أو التعزير لم يجز أن يستوفي إلا بحضرة السلطان لأنه يحتاج الى الاجتهاد ويدخله التخفيف فلو فرض الى المقذوف لم يؤمن أن يحيف للتشفي .
فصل : وإن مات من له الحد أو التعزير وهو ممن يورث انتقل ذلك إلى الوارث وفيمن يرثه ثلاثة أوجه : أحدها أنه يرثه جميع الورثة لأنه موروث فكان لجميع الورثة كالمال والثاني أنه لجميع الورثة إلا لمن يرث بالزوجية لأن الحد يجب لدفع العار ولا يلحق الزوج عار بعد الموت لأنه لا تبقى زوجية والثالث أنه يرثه العصبات دون غيرهم لأنه حق ثبت لدفع العار فاختص به العصبات كولاية النكاح وإن كان له وارثان فعفى احدهما ثبت للآخر جميع الحد لأنه جعل للردع ولا يحصل الردع إلا بما جعله الله D للردع وإن لم يكن له وارث فهو للمسلمين ويستوفيه السلطان .
فصل : وإن جن من له الحد او التعزير لم يكن لوليه أن يطالبه باستيفائه لأنه حق يجب للتشفي ودرك الغيظ فأخر الى الإفاقة كالقصاص وإن قذف مملوكا كانت المطالبة بالتعزير للمملوك دون السيد لأنه ليس بمال ولا له بدل هو مال فلم يكن للسيد فيه حق كفسخ النكاح إذا عتت الأمة تحت عبد وغن مات المملوك ففي التعزير ثلاثة أوجه : أحدها أنه يسقط لأنه لا يستحق عنه بالإرث فلا يستحق المولى لانه لو ملك بحق الملك لملك في حياة والثاني أنه للمولى لأنه حق ثبت للمملوك فكان المولى احق به بعد الموت كمال المكاتب والثالث أنه ينتقل الى عصباته لانه حق ثبت لنفي العار فكان عصباته احق به .
فصل : وإن قذف جماعة نظرت فإن كانوا جماعة فلا يجوز أن يكونوا كلهم زناة كأهل بغداد لم يجب الحد لأن الحد يجب لنفي العار ولا عار على المقذوف لأنا نقطع بكذبه ويعزر للكذب وإن كانت جماعة يجوز أن يكونوا كلهم زناة نظرت فإن كان قد قذف كل واحد منهم على الانفراد وجب لكل واحد منهم حد وإن قذفهم بكلمة واحدة ففيه قولان : قال في القديم : يجب حد واحد لأن كلمة نقذف واحدة فوجب حد واحد كما لو قذف امرأة واحدة وقال : في الجديد : يجب لكل واحد منهم حد وهو الصحيح لأنه ألحق العار بقذف كل واحد منهم فلزمه لكل واحد منهم حد كما لو أفرد كل واحد منهم بالقذف فإن قذف زوجته برجل ولم يلاعن ففيه طريقان من أصحابنا من قال : هي على قولين كما لو قذف رجلين أو امرأتين ومنهم من قال : يجب حد واحد قولا واحدا لأن القذف ههنا بزنا واحد والقذف هناك بزناءين فإن وجب عليه حد لاثنين فإن وجب لأحدهما قبل الآخر وتشاحا قدم السابق منهما لأن حقه أسبق وإن وجب عليه لهما في حالة واحدة بأن قذفهما معا وتشاحا أقرع بينهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر فقدم بالقرعة وإن قال لزوجته : يا زانية بنت الزانية وهما محصنتان لزمه حدان ومن حضر منهما وطلبت بحدها حد لها وإن حضرتا وطالبتا بحدهما ففيه وجهان : أحدهما أنه يبدأ بحد البنت لأنه بدأ بقذفها والثاني هو المذهب أنه يبدأ بحد الأم لأن حدها مجمع عليه وحد البنت مختلف فيه لأن عند أبي حنيفة لا يجب على الزوج بقذف زوجته حد ولأن حد الأم آكد لأنه لا يسقط إلا بالبينة وحد البنت يسقط بالبينة وباللعان فقدم آكدهما .
فصل : وإن وجل حدان على حر لاثنين فحد لأحدهما لم يحد للآخر حتى يبرأ ظهره من الأول لأن الموالاة بينهما تؤدي إلى التلف وإن كان الحدان على عبد ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يجوز الموالاة بينهما كما لو كانا على حر والثاني أنه يجوز لأن الحدين على العبد كالحد الواحد .
فصل : وإن قذف أجنبيا بالزنا فحد ثم قذفه ثانيا بذلك الزنا عزر للأذى ولم يحد لأن أبا بكرة شهد على المغيرة بالزنا فجلده عمر Bه ثم أعاد القذف وأراد أن يجلده فقال له علي كرم الله وجهه : إن كنت تريد أن تجلده فارجم صاحبك فترك عمر Bه جلده ولأنه قد حصل التكذيب بالحد وإن قذفه بزنا ثم قذفه بزنا آخر قبل أن يقام عليه الحد ففيه قولان : أحدهما أنه يجب عليه حدان لأنه من حقوق الآدميين فلم تتداخل كالديون والثاني يلزمه حد واحد وهو الصحيح لأنهما حدان من جنس واحد لمستحق واحد فتداخلا كما لو زنى ثم زنى وإن قذف زوجته ولاعنها ثم قذفها بزنا أضافة إلى ما قبل اللعان ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يجب عليه الحد لأن اللعان في حق الزوج كالبينة ولو أقام عليها البينة ثم قذفها لم يلزمه الحد فكذلك إذا لاعنها والثاني أنه يجب عليه الحد لأن اللعان إنما يسقط إحصانها في الحالة التي يوجد فيها وما بعدها وما يسقط فيما تقدم فوجب الحد بما رماها به وإن قذف زوجته وتلاعنا ثم قذفها أجنبي وجب الحد لأن اللعان يسقط الإحصان في حق الزوج لأنه بينة يختص بها فأما في حق الأجنبي فهي باقية على إحصانها فوجب عليه الحد بقذفها وإن قذفها الزوج ولاعنها ولم تلاعن فحدت ثم قذفها الاجنبي بذلك الزنا ففيه وجهان : أحدهما أنه لا حد عليه لأنه قذفها بزنا حدت فيه فلم يجب كما لو أقيم عليها الحد بالبينة والثاني أنه يجب لأن اللعان يختص به الزوج فزال به الإحصان في حقه وبقي في حق الأجنبي .
فصل : إذا سمع السلطان رجلا يقول زنى رجل لم يقم عليه الحد لأن المستحق مجهول ولا يطالبه بتعيينه لقوله D : { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } [ المائدة : 101 ] ولأن الحد يدرأ بالشبهة ولهذا قال صلى الله عليه و سلم : [ ألا سترته بثوبك يا هزال ] وإن قال سمعت رجلا يقول إن فلانا زنى لم يحد لأنه ليس بقاذف وإنما هو حاك ولا يسأله عن القاذف لأن الحد يدرأ بالشبهة وإن قال زنى فلان فهل يلزم السلطان أن يسأل المقذوف فيه وجهان : أحدهما أنه يلزمه لأنه قد ثبت له حق لا يعلم به فلزم الإمام إعلامه كما لو ثبت له عنده مال لا يعلم به فعلى هذا إن سأل المقذوف فأكذبه وطالب بالحد حد وإن صدقه حد المقذوف لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ يا أنيس اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ] والوجه الثاني أنه لا يلزم الإمام إعلامه لقوله صلى الله عليه و سلم : [ ادرؤوا الحد بالشبهات ] .
فصل : إذا قذف محصنا وقال قذفته وأنا ذاهب العقل فإن لم يعلم له حال جنون فالقول قول المقذوف مع يمينه أنه لا يعلم أنه مجنون لأن الأصل عدم الجنون وإن علم له حال جنون ففيه قولان بناء علىالقولين في المقذوف إذا قده ثم اختلفا في حياته : أحدهما أن القول قول المقذوف لأن الأصل الصحة والثاني أن القول قول القاذف لأنه يحتمل ما يدعيه والأصل حمى الظهر ولأن الحد يسقط بالشبهة والدليل عليه قوله صلى الله عليه و سلم : [ ادرءوا الحدود بالشبهات وادرءوا الحدود ما استطعت ولأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة ] .
فصل : وإن عرض بالقذف أنه أراد قذفه وأنكر القاذف فالقول قوله لأن ما يدعيه محتمل والاصل براءة ذمته .
فصل : وإن قال لمحصنة زنيت في الوقت الذي كنت نصرانية أو أمة فإن عرف أنها كانت نصرانية أو أمة لم يجب الحد لأنه أضاف القذف إلى حال هي فيها غير محصنة وإن قال لها زنيت ثم قال أردت في الوقت الذي كنت فيه نصرانية أو أمة وقالت المقذوفة بل أردت قذفي في هذا الحال وجب الحد لأن الظاهر أنه أراد قذفها في الحال فإن قذف امرأة وادعى أنها مشركة أو أمة وادعت أنها أسلمت أو أعتقت فالقول قول القاذف لأن الأصل بقاء الشرك والرق وإن قذف امرأة وأقر أنها كانت مسلمة وادعى أنها ارتدت وأنكرت المرأة ذلك فالقول قولها لأن الأصل بقاؤها على الإسلام وإن قذف مجهولة وادعى أنها أمة أو نصرانية وأنكرت المرأة ففيه طريقتان ذكرناهما في الجنايات .
قصل : وإن ادعت المرأة على زوجها أنه قذفها وأنكر فشهد شاهدان أنه قذفها جاز أن يلاعن لأن إنكاره للقذف لا يكذب ما يلاعن عليه من الزنا لأنه يقول إنما أنكرت القذف وهو الرمي بالكذب وما كذبت عليها لأني صادق أنها زنت فجاز أن يلاعن كما لو ادعى على رجل أنه أودعه مالا فقال المدعى عليه مالك عندي شيء فشهد شاهدان أنه أودعه فإن له أن يحلف لأن إنكاره لا يمنع الإيداع لأنه قد يودعه ثم يتلف فلا يلزمه شيء