وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب قسم الفيء .
الفيء هو المال الذي يؤخذ من الكفار من غير قتال وهو ضربان : أحدهما ما انجلوا عنه خوفا من المسلمين أو بذلوه للكف عنهم فهذا يخمس ويصرف خمسه إلى من يصرف إليه خمس الغنيمة والدليل عليه قوله D : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } [ الحشر : 7 ] والثاني ما أخذ من غير خوف كالجزية وعشور تجاراتهم ومال من مات منهم في دار الإسلام ولا وارث له ففي تخميسه قولان : قال في القديم : لا يخمس لأنه مال أخذ من غير خوف فلم يخمس كالمال المأخوذ بالبيع والشراء وقال في الجديد : يخمس وهو الصحيح للآية ولأنه مال مأخوذ من الكفار بحق الكفر لا يختص به بعض المسلمين فوجب تخميسه كالمال الذي انجلوا عنه وأما أربعة أخماسه فقد كانت لرسول الله A في حياته والدليل عليه قوله D : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } [ الحشر : 47 ] ولا ينتقل ما ملكه إلى ورثته لما روى أبو هريرة Bه أن النبي A قال : [ لا تقتسم ورثتي دينارا ولا درهما ما تركته بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فإنه صدقه ] وروى مالك بن أوس بن الحدثان Bه عن عمر Bه أنه قال لعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف أنشدكم بالله أيها الرهط هل سمعتم رسول الله A قال : [ إنا لا نورث ما تركنا صدقة إن الأنبياء لا تورث ] فقال القوم بلى قد سمعناه ثم أقبل على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل سمعتما أن رسول الله A قال : [ ما تركناه صدقة إن الأنبياء لا تورث ] فقالا نعم أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود واختلف قول الشافعي Bه فيما يحصل من مال الفيء بعد موت رسول الله A فقال في أحد القولين يصرف في المصالح لأنه مال راتب لرسول الله A فصرف بعد موته في المصالح كخمس الخمس فعلى هذا يبدأ بالأهم وهو سد الثغور وأرزاق المقاتلة ثم الأهم فالأهم وقال في القول الثاني هو للمقاتلة لأن ذلك كان لرسول الله A لما كان فيه من حفظ الإسلام والمسلمين ولما كان له في قلوب الكفار من الرعب وقد صار ذلك بعد موته في المقاتلة فوجب أن يصرف إليهم .
فصل : وينبغي للإمام أن يضع ديوانا يثبت فيه أسماء المقاتلة وقدر أرزاقهم لما روى أبو هريرة Bه قال : قدمت على عمر Bه من عند أبي موسى الأشعري بثمانمائة ألف درهم فلما صلى الصبح اجتمع إليه نفر من أصحاب رسول الله A فقال لهم : قد جاء للناس مال لم يأتهم مثله منذ كان الإسلام أشيروا علي بمن أبدأ منهم فقالوا : بك يا أمير المؤمنين إنك ولي ذلك قال : لا ولكن أبدأ برسول الله A ثم الأقرب فالأقرب إليه فوضع الديوان على ذلك ويستحب أن يجعل على كل طائفة عريفا لأن النبي A جعل عام خيبر على كل عشرة عريفا ولأن في ذلك مصلحة وهو أن يقوم التعريف بأمورهم ويجمعهم في وقت العطاء وفي وقت الغزو ويجعل العطاء في كل عام مرة أو مرتين ولا يجعل في كل شهر ولا في كل أسبوع لأن ذلك يشغلهم عن الجهاد .
فصل : ويستحب أن يبدأ بقريش لقوله A : [ قدموا قريشا ولا تتقدموها ] ولأن النبي A منهم فإنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة واختلف الناس في قريش فمنهم من قال : كل من ينتسب إلى فهر بن مالك فهو من قريش ومنهم من قال : كل من ينتسب إلى النضر بن كنانة فهو من قريش ويقدم من قريش بني هاشم لأنهم أقرب قبائل قريش إلى رسول الله A ويضم إليهم بنو المطلب لأن النبي A قال : [ إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد ] وشبك بين أصابعه وعن عمر Bه أنه قال : حضرت رسول الله A يعطيهم فإذا كان السن في الهاشمي قدمه على المطلبي وإذا كان في المطلبي قدمه على الهاشمي ثم يعطي بني عبد شمس وبني نوفل وبني عبد مناف ويقدم بني عبد شمس على بني نوفل لأن عبد شمس أقرب إليه لأنه أخو هاشم من أبيه وأمه ونوفل أخوف من أبيه وأنشد آدم بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز : .
( يا أمين الله إني قائل ... قول ذي بر ودين وحسب .
عبد شمس لا تهنها إنما عبد شمس عم عبد المطلب .
عبد شمس كان يتلو هاشما وهما بعد الأم والأب ) .
ثم يعطي بني عبد العزى وبني عبد الدار ويقدم عبد العزى على عبد الدار لأن فيهم أصهار رسول الله A فإن خديجة بنت خويلد منهم ولأن فيهم من حلف المطيبين وحلف الفضول وهما حلفان كانا من قوم من قريش اجتمعوا فيهما على نصر المظلوم ومنع الظالم وروت عائشة Bها أن النبي A قال : [ شهدت حلف الفضول ولو دعيت إليه لأجبت ] وعلى هذا يعطي الأقرب فالأقرب حتى تنقضي قريش فإن استوى اثنان في القرب قدم أسنهما لما رويناه من حديث عمر في بني هاشم وبني المطلب فإن استويا في السن قدم أقدمهما هجرة وسابقة فإذا انقضت قريش قدم الأنصاري على سائر العرب لما لهم من السابقة والآثار الحميدة في الإسلام ثم يقسم على سائر العرب ثم يعطي العجم ولا يقدم بعضهم على بعض إلا بالسن والسابقة دون النسب .
فصل : ويقسم بينهم على قدر كفايتهم لأنهم كفوا المسلمين أمر الجهاد فوجب أن يكفوا أمر النفقة ويتعاهد الإمام في وقت العطاء عدد عيالهم لأنه قد يزيد وينقص ويتعرف الأسعار وما يحتاجون إليه من الطعام والكسوة لأنه قد يغلو ويرخص ليكون عطيتهم على قدر حاجتهم ولا يفضل من سبق إلى الإسلام أو إلى الهجرة على غيره لأن الاستحقاق بالجهاد قد تساووا في الجهاد فلم يفضل بعضهم على بعض كالغانمين في الغنيمة .
فصل : ولا يعطي من الفيء صبي ولا مجنون ولا عبد ولا امرأة ولا ضعيف لا يقدر على القتال لأن الفيء للمجاهدين وليس هؤلاء من أهل الجهاد وإن مرض مجاهد فإن كان مرضا يرجى زواله أعطي لأن الناس لا يخلون من عارض مرض وإن كان مرضا لا يرجى زواله سقط حقه من الفيء لأنه خرج عن أن يكون من المجاهدين وإن مات المجاهد وله ولد صغير أو زوجة ففيه قولان : أحدهما أنه لا يعطي ولده ولا زوجته من الفيء شيئا لأن ما كان يصل إليهما على سبيل التبع لمن يعولهما وقد زال الأصل وانقطع التبع والثاني أنه يعطى الولد إلى أن يبلغ وتعطى الزوجة إلى أن تتزوج ولأن في ذلك مصلحة فإن المجاهد إذا علم أنه يعطى عياله بعد موته توفر على الجهاد وإذا علم أنه لا يعطى اشتغل بالكسب لعياله وتعطل الجهاد فإذا قلنا بهذا فبلغ الولد فإن كان لا يصلح للقتال كالأعمى والزمن أعطي الكفاية كما كان يعطى قبل البلوغ وإن كان يصلح للقتال وأراد الجهاد فرض له وإن لم يرد الجهاد لم يكن له في الفيء حق لأنه صار من أهل الكسب وإن تزوجت الزوجة سقط حقها من الفيء لأنها استغنت بالزوج وإن دخل وقت العطاء فمات المجاهد انتقل حقه إلى ورثته لأنه مات بعد الاستحقاق فانتقل حقه إلى الوارث .
فصل : وإن كان في الفيء أراض كان خمسها لأهل الخمس فأما أربعة أخماسها فقد قال الشافعي C تكون وقفا فمن أصحابنا من قال هذا على القول الذي يقول إنه للمصالح فإن المصلحة في الأراضي أن تكون وقفا لأنها تبقى فتصرف غلتها في المصالح وأما إذا قلنا إنها للمقاتلة فإنه يجب قسمتها بين أهل الفيء لأنها صارت لهم فوجبت قمستها بينهم كأربعة أخماس الغنيمة ومن أصحابنا من قال تكون وقفا على القولين فإن قلنا إنها للمصالح صرفت غلتها في المصالح وإن قلنا إنها للمقاتلة صرفت غلتها في مصالحهم لأن الاجتهاد في مال الفيء إلى الإمام ولهذا يجوز أن يفضل بعضهم على بعض ويخالف الغنيمة فإنه ليس للإمام فيها الاجتهاد ولهذا لا يجوز أن يفضل بعض الغانمين على بعض وبالله التوفيق