وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب نفقة الأقارب والرقيق والبهائم .
والقرابة التي تستحق بها النفقة قرابة الوالدين وإن علوا وقرابة الأولاد وإن سفلوا فتجب على الولد نفقة الأب والأم والدليل عليه قوله تعالى : { وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا } ] الإسراء : 23 [ ومن الإحسان أن ينفق عليهما وروت عائشة Bها أن النبي A قال : [ إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه ] ويجب عليه نفقة الأجداد والجدات لأن اسم الوالدين يقع على الجميع والدليل عليه قوله تعالى : { ملة أبيكم إبراهيم } [ الحج : 78 [ فسمى الله تعالى إبراهيم أبا وهو جد ولأن الجد كالأب والجدة كالأم في أحكام الولادة من رد الشهادة وغيرها وكذلك في إيجاب النفقة ويجب على الأب نفقة الولد لما روى أبو هريرة Bه أن رجلا جاء إلى النبي A فقال : يا رسول الله عندي دينار فقال : [ أنفقه على نفسك قال : عندي آخر فقال : أنفقه على ولدك قال : عندي آخر فقال : أنفقه على أهلك قال : عندي آخر قال : أنفقه على خادمك قال : عندي آخر قال : أنت أعلم به ] ويجب عليه نفقة ولد الوالد وإن سفل لأن اسم الولد يقع عليه والدليل عليه قوله D : { يا بني آدم } وتجب على الأم نفقة الولد لقوله تعالى : { لا تضار والدة بولدها } ] البقرة : 233 [ ولأنه إذا وجبت على الأب وولادته من جهة الظاهر فلأن تجب على الأم وولادتها من جهة القطع أولى وتجب عليها نفقة ولد الولد لما ذكرناه في الأب ولا تجب نفقة من عدا الوالدين والمولدين من الأقارب كالإخوة والأعمام وغيرهما لأن الشرع ورد بإيجاب نفقة الوالدين والمولدين ومن سواهم لا يلحق بهم في الولادة وأحكام الولادة فلم يلحق بهم في وجوب النفقة .
فصل : ولا تجب نفقة القريب إلا على موسر أو مكتسب يفضل عن حاجته ما ينفق على قريبه وأما من لا يفضل عن نفقته شيء فلا تجب عليه لما روى جابر Bه أن رسول الله A قال : [ إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه فإن كان فضل فعلى عياله فإن كان فضل فعلى قرابته ] فإن لم يكن فضل غير ما ينفق على زوجته لم يلزمه نفقة القريب لحديث جابر Bه ولأن نفقة القريب مواساة ونفقة الزوجة عوض فقدمت على المواساة ولأن نفقة الزوجة تجب لحاجته فقدمت على نفقة القريب كنفقة نفسه .
فصل : ولا يستحق القريب النفقة على قريبه من غير حاجة فإن كان موسرا لم يستحق لأنها تجب على سبيل المواساة والموسر مستغن عن المواساة وإن كان معسرا عاجزا عن الكسب لعدم البلوغ أو الكبر أو الجنون أو الزمانة استحق النفقة على قريبه لأنه محتاج لعدم المال وعدم الكسب وإن كان قادرا على الكسب بالصحة والقوة فإن كان من الوالدين ففيه قولان : أحدهما يستحق لأنه محتاج فاستحق النفقة على القريب كالزمن والثاني لا يستحق لأن القوة كاليسار ولهذا سوى رسول الله A بينهما في تحريم الزكاة فقال : [ لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة قوي ] وإن كان من المولدين ففيه طريقان : من أصحابنا من قال فيه قولان كالوالدين ومنهم من قال لا يستحق قولا واحدا لأن حرمة الوالد آكد فاستحق بها مع القوة وحرمة الولد أضعف فلم يستحق بها مع القوة .
فصل : فإن كان للذي يستحق النفقة أب وجد أو جد وأبو جد وهما موسران كانت النفقة على الأقرب منهما لأنه أحق بالمواساة من الأبعد وإن كان له أب وابن موسران ففيه وجهان : أحدهما أن النفقة على الأب لأن وجوب النفقة عليه منصوص عليه وهو قوله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ] البقرة : 233 [ ووجوبها على الولد ثبت بالاجتهاد والثاني أنهما سواء لتساويهما في القرب والذكورية وإن كان له أب وأم موسران كانت النفقة على الأب لقوله تعالى : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } ] الطلاق : 6 [ فجعل أجرة الرضاع على الأب وروت عائشة Bها أن هندا أم معاوية جاءت إلى النبي A فقالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وأنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه سرا وهو لا يعلم فهل علي في ذلك من شيء ؟ فقال النبي A : [ خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ] ولأن الأب ساوى الأم في الولادة وانفرد بالتعصيب فقدم وإن كان له أم وجد أبو الأب وهما موسران فالنفقة على الجد لأن له ولادة وتعصيبا فقدم على الأم كالأب وإن كانت له بنت وابن بنت ففيه قولان : أحدهما أن النفقة على البنت لأنها أقرب والثاني أنها على ابن البنت لأنه أقوى وأقدر على النفقة بالذكورية وإن كانت له بنت وابن ابن فالنفقة على ابن الابن لأن له ولادة وتعصيبا فقدم كما قدم الجد على الأم وإن كان له أم وبنت كانت النفقة على البنت لأن للبنت تعصيبا وليس للأم تعصيب وإن كان له أم أم وأبو أم فهما سواء لأنهما يتساويان في القرب وعدم التعصيب وإن كان له أم أم وأم أب ففيه وجهان : أحدهما أنهما سواء لتساويهما في الدرجة والثاني أن النفقة على أم الأب لأنها تدلي بالعصبة .
فصل : وإن كان الذي تجب عليه النفقة يقدر على نفقة قريب واحد وله أب وأم يستحقان النفقة ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أن الأم أحق لما روي أن رجلا قال : يا رسول الله من أبر ؟ قال : [ أمك قال : ثم من ؟ قال : أمك قال : ثم من ؟ قال : أمك قال : ثم من ؟ قال : أبوك ] ولأنها تساوي الأب في الولادة وتنفرد بالحمل والوضع والرضاع والتربية والثاني أن الأب أحق لأنه يساويها في الولادة وينفرد بالتعصيب ولأنهما لو كانا موسرين والابن معسرا قدم الأب في وجوب النفقة عليها فقدم في النفقة له والثالث أنهما سواء لأن النفقة بالقرابة لا بالتعصيب وهما في القرابة سواء وإن كان له أب وابن ففيه وجهان : أحدهما أن الابن أحق لأن نفقته ثبتت بنص الكتاب والثاني أن الأب أحق لأن حرمته آكد ولهذا لا يقاد بالابن ويقاد به الابن وإن كان له ابن وابن ابن أو أب وجد ففيه وجهان : أحدهما أن الابن أحق من ابن الابن والأب أحق من الجد لأنهما أقرب ولأنهما لو كانا موسرين وهو معسر كانت نفقته على أقربهما فكذلك في نفقته عليهما والثاني أنهما سواء لأن النفقة بالقرابة ولهذا لا يسقط أحدهما بالآخر إذا قدر على نفقتهما .
فصل : ومن وجبت عليه نفقته بالقرابة وجبت نفقته على قدر الكفاية لأنها تجب للحاجة فقدرت بالكفاية وإن احتاج إلى من يخدمه وجبت نفقة خادمه وإن كانت له زوجة وجبت نفقة زوجته لأن ذلك من تمام الكفاية وإن مضت مدة ولم ينفق على من تلزمه نفقته من الأقارب لم يصر دينا عليه لأنها وجبت عليه لتزجية الوقت ودفع الحاجة وقد زالت الحاجة لما مضى فسقطت .
فصل : وإن كان له أب فقير مجنون أو فقير زمن واحتاج إلى الإعفاف وجب على الولد إعفافه على المنصوص وخرج أبو علي بن خيران قولا آخر أنه لا يجب لأنه قريب يستحق النفقة فلا يستحق الإعفاف كالابن والمذهب الأول لأنه معنى يحتاج الأب إليه ويلحقه الضرر بفقده فوجب كالنفقة وإن كان صحيحا قويا وقلنا إنه تجب نفقته وجب إعفافه وإن قلنا لا تجب نفقته ففي إعفافه وجهان : أحدهما لا يجب لأنه لا تجب نفقته فلا يجب إعفافه والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه يجب إعفافه لأن نفقته إن لم تجب على القريب أنفق عليه من بيت المال والإعفاف لا يجب في بيت المال فوجب على القريب ومن وجب عليه الإعفاف فهو بالخيار بين أن يزوجه بحرة وبين أن يسريه بجارية ولا يجوز أن يزوجه بأمة لأنه بالإعفاف يستغنى عن نكاح الأمة ولا يعفه بعجوز ولا بقبيحة لأن الأصل من العفة هو الاستمتاع ولا يحصل ذلك بالعجوز ولا القبيحة فإن زوجه بحرة أو سراه بجارية ثم استغنى لم يلزمه مفارقة الحرة ولا رد الجارية لأن ما استحق للحاجة لم يجب رده بزوال الحاجة كما لو قبض نفقة يوم ثم أيسر وإن أعفه بحرة فطلقها أو سرا بجارية فأعتقها لم يجب عليه بدلها لأن ذلك مواساة لدفع الضرر فلو أوجبنا البدل خرج من حد المواساة وأدى إلى الضرر والضرر لا يزال بالضرر وإن ماتت عنده ففيه وجهان : أحدهما لا يجب البدل لأنه يخرج عن حد المواساة والثاني يجب لأنه زال ملكه عنها بغير تفريط فوجب بدله كما لو دفع إليه نفقة يوم فسرقت منه .
فصل : وإن احتاج الولد إلى الرضاع وجب على القريب إرضاعه لأن الرضاع في حق الصغير كالنفقة في حق الكبير ولا يجب إلا في حولين كاملين لقوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } ] البقرة : 233 [ فإن كان الولد من زوجته وامتنعت من الإرضاع لم تجبر وقال أبو ثور تجبر لقوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } وهذا خطأ لأنها إذا لم تجبر على نفقة الولد مع وجود الأب لم تجبر على الرضاع وإن أرادت إرضاعه كره للزوج منعها لأن لبنها أوفق له وإن أراد منعها منه كان له ذلك لأنه يستحق الاستمتاع بها في كل وقت إلا في وقت العبادة فلا يجوز لها تفويته عليه بالرضاع وإن رضيا بإرضاعه فهل تلزمه زيادة على نفقتها فيه وجهان : أحدهما تلزمه وهو قول أبي سعيد و أبي إسحاق لأنها تحتاج في حال الرضاع إلى أكثر مما تحتاج في غيره والثاني لا تلزمه الزيادة على نفقتها في النفقة لأن نفقتها مقدرة فلا تجب الزيادة لحاجتها كما لا تجب الزيادة في نفقة الأكولة لحاجتها وإن أرادت إرضاعه بأجرة ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني رحمة الله عليه لأن أوقات الرضاع مستحقة لاستمتاع الزوج ببدل وهو النفقة فلا يجوز أن تأخذ بدلا آخر والثاني أنه يجوز لأنه عمل يجوز أخذ الأجرة عليه بعد البينونة فجاز أخذ الأجرة عليه قبل البينونة كالنسج وإن بانت لم يملك إجبارها على إرضاعه كما لا يملك قبل البينونة فإن طلبت أجرة المثل على الرضاع ولم يكن للأب من يرضع بدون الأجرة كانت الأم أحق به لقوله تعالى : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } ] الطلاق : 6 [ وإن طلبت أكثر من أجرة المثل جاز انتزاعه منها وتسليمه إلى غيرها لقوله تعالى : { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } ] الطلاق : 6 [ ولأن ما يوجد بأكثر من عوض المثل كالمعدوم ولهذا لو وجد الماء بأكثر من ثمن المثل جعل كالمعدوم في الانتقال إلى التيمم فكذلك ههنا وإن طلبت أجرة المثل وللأب من يرضعه بغير عوض أو بدون أجرة المثل ففيه قولان : أحدهما أن الأم أحق بأجرة المثل لأن الرضاع لحق الولد ولأن لبن الأم أصلح له وأنفع وقد رضيت بعوض المثل فكان أحق والثاني أن الأب أحق لأن الرضاع في حق الصغير كالنفقة في حق الكبير ولو وجد الكبير من يتبرع بإرضاعه لم يستحق على الأب أجرة الرضاع وإن ادعت المرأة أن الأب لا يجد غيرها فالقول قول الأب لأنها تدعي استحقاق أجرة المثل والأصل عدمه .
فصل : ويجب على المولى نفقة عبده وأمته وكسوتهما لما روى أبو هريرة Bه أن النبي A قال : [ للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق ] ويجب عليه نفقته من قوت البلد لأنه هو المتعارف فإن تولى طعامه استحب أن يطعمه منه لما روى أبو هريرة Bه قال : قال أبو القاسم A : [ إذا جاء أحدكم خادمه بطعام فليجلسه معه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين فإنه تولى علاجه وحره ] فإن كانت له جارية للتسري استحب أن تكون كسوتها أعلى من كسوة جارية الخدمة لأن العرف أن تكون كسوتها أعلى فوق كسوة جارية الخدمة .
فصل : ولا يكلف عبده وأمته من الخدمة ما لا يطيقان لقوله A : [ ولا يكلفه من العمل ما لا يطيق ] ولا يسترضع الجارية إلا ما فضل عن ولدها لأن في ذلك إضرارا بولدها وإن كان لعبده زوجة أذن له في الاستمتاع بالليل لأن إذنه بالنكاح يتضمن الإذن في الاستمتاع بالليل وإن مرض العبد أو الأمة أو عميا أو زمنا لزمه نفقتهما لأن نفقتهما بالملك ولهذا تجب مع الصغر فوجبت مع العمى والزمانة ولا يجوز أن يجبر عبده على المخارجة لأنه معاوضة فلم يملك إجباره عليها كالكتابة وإن طلب العبد ذلك لم يجبر المولى كما لا يجبر إذا طلب الكتابة فإن اتفقا عليها وله كسب جاز لما روي أن النبي A حجمه أبو طيبة فأعطاه أجره وسأل مواليه أن يخففوا من خراجه وإن لم يكن له كسب لم يجز لأنه لا يقدر على أن يدفع إليه من جهة تحل فلم يجز .
فصل : ومن ملك بهيمة لزمه القيامة بعلفها لما روى ابن عمر Bه أن رسول الله A قال : [ عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا فدخلت فيها النار فقيل لها ـ والله أعلم ـ لا أنت أطعمتها وسقيتها حين حبستها ولا أنت أرسلتها حتى تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا ] ولا يجوز له أن يحمل عليها ما لا تطيق لأن النبي A منع أن يكلف العبد ما لا يطيق فوجب أن تكون البهيمة مثله ولا يحلب من لبنها إلا ما يفضل عن ولدها لأنه غذاء للولد فلا يجوز منعه .
فصل : وإن امتنع من الإنفاق على رقيقه أو على بهيمته أجبر عليه كما يجبر على نفقة زوجته وإن لم يكن له مال أكرى عليه إن أمكن إكراؤه فإن لم يمكن بيع عليه كما يزال الملك عنه في امرأته إذا أعسر بنفقتهما والله أعلم