وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الطلاق .
يصح الطلاق من كل زوج بالغ عاقل مختار فأما غير الزوج فلا يصح طلاقه و إن قال إذا تزوجت امرأة فهي طالق لم يصح لما روى المسور بن مخرمة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ لا طلاق قبل نكاح و لا عتق قبل ملك ] و أما الصبي فلا يصح طلاقه لقوله صلى الله عليه و سلم : [ رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ و عن النائم حتى يستيقظ و عن المجنون حتى يفيق ] فأما من لا يعقل فإنه لم يعقل بسبب يعذر فيه كالنائم و المجنون و المريض و من شرب دواء للتداوي فزال عقله أو أكره على شرب الخمر حتى سكر لم يقع طلاقه لأنه نص في الخبر على النائم و المجنون و قسنا عليهما الباقين و إن لم يعقل بسبب لا يعذر فيه كمن شرب الخمر لغير عذر فسكر أو شرب دواء لغير حاجة فزال عقله فالمنصوص في السكران أنه يصح طلاقه و روى المزني أنه قال في القديم : لا يصح ظهاره و الطلاق و الظهار واحد فمن أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما لا يصح و هو اختيار المزني و أبي ثور لأنه زائل العقل فأشبه النائم أو مفقود الإرادة فأشبه بالمكره و الثاني أنه يصح و هو الصحيح لما روى أبو وبرة الكلبي قال أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر Bه فأتيته في المسجد و معه عثمان و علي و عبد الرحمن و طلحة والزبير Bهم فقلت إن خالدا يقول إن الناس قد انهمكوا في الخمر و تحاقروا العقوبة فقال عمرهم هؤلاء عندك فاسألهم فقال علي عليه السلام تراه إذا سكر هذى و إذا هذى افترى و على المفتري ثمانون جلدة فقال عمر : أبلغ صاحبك ما قال فجعلوه كالصاحي و منهم من قال يصح طلاقه قولا واحدا و لعل ما رواه المزني حكاه الشافعي C عن غيره و في علته ثلاثة أوجه : أحدها و هو قول أبي العباس إن سكره لا يعلم إلا منه و هو متهم في دعوى السكر لفسقه فعلى هذا يقع الطلاق في الظاهر و يدين فيما بينه و بين الله عز و جل و الثاني أنه يقع طلاقه تغليظا عليه لمعصيته فعلى هذا يصح ما فيه تغليظ كالطلاق و العتق و الردة و ما يوجب الحد و لا يصح ما فيه تخفيف كالنكاح والرجعة و قبول الهبات و الثالث أنه لما كان سكره بمعصية أسقط حكمه فجعل كالصاحي فعلى هذا يصح منه الجميع و هذا هو الصحيح لأن الشافعي C نص على صحة رجعته .
فصل : و أما المكره فإنه ينظر فإن كان إكراهه بحق كالمولى إذا أكرهه الحاكم على الطلاق وقع طلاقه لأنه قول حمل عليه بحق فصح كالحربي إذا أكره على الإسلام و إن كان بغير حق لم يصح لقوله [ a1 ] صلى الله عليه و سلم : [ رفع عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه ] و لأنه قول حمل عليه بغير حق فلم يصح كالمسلم إذا أكره على كلمة الكفر و لا يصير مكرها إلا بثلاثة شروط : أحدها أن يكون المكره قاهرا له لا يقدر على دفعه و الثاني أن يغلب على ظنه أن الذي يخافه من جهته يقع به و الثالث أن يكون به ما يهدده به مما يلحقه ضرر به كالقتل و القطع و الضرب المبرح و الحبس الطويل و الاستحقاق بمن يغض منه ذلك من ذوي الأقدار لأنه يصير مكرها بذلك و أما الضرب القليل في حق من لا يبالي به و الاستخفاف بمن لا يغض منه أو أخذ القليل من المال ممن لا يتبين عليه أو الحبس القليل فليس بإكراه و أما النفي فإن كان فيه تفريق بينه و بين الأهل فهو إكراه و إن لم يكن فيه تفريق بينه و بين الأهل ففيه وجهان : أحدهما أنه إكراه لأنه جعل النفي عقوبة كالحد و لأنه تلحقه الوحشة بمفارقة الوطن و الثاني ليس بإكراه لتساوي البلاد في حقه و إذا أكره على الطلاق فنوى الإيقاع ففيه وجهان : أحدهما لا يقع لأن اللفظ يسقط حكمه بالإكراه و بقيت النية من غير لفظ فلم يقع بها الطلاق و الثاني أنه يقع لأنه صار بالنية مختارا .
فصل : و إن قال الأعمى لإمرأته أنت طالق و هو لا يعرف معناه و لا نوى موجبه لم يقع الطلاق كما لو تكلم بكلمة الكفر و هو لا يعرف معناه و لم يرد موجبه و إن أراد موجبه بالعربية ففيه وجهان : أحدهما و هو قول الماوردي البصري أنه يقع لأنه قصد موجبه فلزمه حكمه و الثاني و هو قول الشيخ أبي أحمد الإسفرايني C أنه لا يصح كما لا يصير كافرا إذا تكلم بالكفر و أراد موجبه بالعربية .
فصل : و يملك الحر ثلاث تطليقات لما روى أبو رزين الأسدي قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أرأيت قول الله عز و جل : { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } ( البقرة : 229 ) فأين الثلاث ؟ قال تسريح بإحسان الثالثة و يملك العبد طلقتين لما روى الشافعي C أن مكاتبا لأم سليمة طلق امرأته و هي حرة تطليقتين و أراد أن يراجعها فأمره أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يأتي عثمان Bه فيسأله فذهب إليه فوجده آخذا بيد زيد بن ثابت فسألهما عن ذلك فابتدراه و قالا حرمت عليك حرمت عليك .
فصل : و يقع الطلاق على أربعة أوجه : واجب و مستحب و محرم و مكروه فأما الواجب فهو في حالتين : أحدهما إذا وقع الشقاق و رأى الحكمان الطلاق و قد بيناه في النشوز و الثاني إذا آلى منهما و لم يفء إليهما و نذكره في الإيلاء إن شاء الله تعالى و أما المستحب فهو في حالتين : إحداهما إن كان يقصر في حقها في العشرة أو في غيرها فالمستحب أن يطلقها لقوله عز و جل : { فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف } ( الطلاق : 2 ) و لأنه إذا لم يطلقها في هذه الحال لم يؤمن أن يفضي إلى الشقاق أو إلى الفساد و الثاني أن لا تكون المرأة عفيفة فالمستحب أن يطلقها لما روي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إن إمرأتي لا ترد يد لامس فقال النبي صلى الله عليه و سلم : [ طلقها ] و لأنه لا يأمن أن تفسد عليه الفراش و تلحق به نسبا ليس منه .
فصل : و أما المحرم فهو طلاق البدعة و هو إثنان : أحدهما طلاق المدخول بها في حال الحيض من غير حمل و الثاني طلاق من يجوز أن تحبل في الطهر الذي جامعها فيه قبل أن يستبين الحمل و الدليل عليه ما روي عن عمر Bه أنه طلق إمرأته و هي حائض فأمره رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده مرة أخرى ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده أخرى ثم يمسكها حتى تطهر من حيضها فإذا أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر قبل أن يجامعها فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء و لأنه إذا طلقها في الحيض أضر بها في تطويل العدة و إذا طلقها في الطهر الذي جامعها فيه قبل أن يستبين الحمل لم يأمن أن تكون حاملا فيندم على مفارقتها مع الولد لأنه لا يعلم هل علقت بالوطء فتكون عدتها بالحمل أو لم تعلق فتكون عدتها بالإقراء و أما طلاق غير المدخول بها في الحيض فليس بطلاق بدعة لأنه لا يوجد تطويل العدة فأما طلاقها في الحيض و هي حامل على القول الذي يقول إن الحامل تحيض فليس ببدعة و قال أبو إسحاق هو بدعة لأنه طلاق في الحيض و المذهب الأول لما روى سالم أن ابن عمر Bه طلق امرأته و هي حائض فذكر عمر للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : [ مره فليراجعها ثم ليطلقها و هي طاهر أو حامل ] و لأن الحامل تعتد بالحمل فلا يؤثر الحيض في تطويل عدتها و أما طلاق من لا تحمل في الطهر المجامع فيه و هي الصغيرة الآيسة من الحيض فليس ببدعة لأن تحريم الطلاق للندم على الولد أو للريبة بما تعتد به من الحمل و الأقراء و هذا لا يوجد في حق الصغيرة و الآيسة و أما طلاقها بعدما استبان حملها فليس ببدعة لأن المنع للندم على الولد و قد علم بالولد أو للإرتياب بما تعدت به و قد زال ذلك بالحمل و إن طلقها في الحيض أو الطهر الذي جامع فيه وقع الطلاق لأن ابن عمر Bه طلق امرأته و هي حائض فأمره النبي صلى الله عليه و سلم أن يراجعها فدل على أن الطلاق وقع و المستحب أن يراجعها لحديث ابن عمر Bه و لأنه بالرجعة يزول المعنى الذي لأجله حرم الطلاق و إن لم يراجعها جاز لأن الرجعة إما أن تكون كابتداء النكاح أو كبقاء على النكاح و لا يجب واحد منهما .
فصل : و أما المكروه من الطلاق من غير سنة و لا بدعة و الدليل عليه ما روى محارب ابن دثار Bه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ أبغض الحلال إلى الله عز و جل الطلاق ] و روى أبو هريرة Bه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ إنما المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت و بها عوج و إن ذهبت تقيمها كسرتها و كسرها طلاقها ] .
فصل : و إذا أراد الطلاق فالمستحب أن يطلقها طلقة واحدة لأنه يمكنه تلافيها و إن أراد الثلاث فرقها في كل طهر طلقة ليخرج من الخلاف فإن عند أبي حنيفة لا يجوز جمعها و لأنه يسلم من الندم و إن جمعها في طهر واحد جاز لما روي أن عويمر العجلاني قال عند رسول الله صلى الله عليه و سلم حين لاعن امرأته كذبت عليها إن أمسكتها فهي طالق ثلاثا فقال النبي صلى الله عليه و سلم : [ لا سبيل لك عليها ] و لو كان جمع الثلاث محرما لأنكر عليه فإن جمع الثلاث أو أكثر بكلمة واحدة وقع الثلاث لما روى الشافعي C أن ركانة ابن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة ثم أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني طلقت امرأتي سهيمة البتة و الله ما أردت إلا واحدة فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : [ و الله ما أردت إلا واحدة ] فقال ركانة و الله ما أردت إلا واحدة فردها رسول الله صللى الله عليه و سلم فلو لم يقع الثلاث إذا أراده بهذا اللفظ لم يكن لاستحلافه معنى و روي أن رجلا قال لعثمان Bه إني طلقت امرأتي مائة فقال ثلاث يحرمنها و سبعة و تسعون عدوان و سئل ابن عباس Bه عن رجل طلق امرأته ألفا فقال ثلاث منهن يحرمن عليه و ما بقي فعليه وزره .
فصل : و يجوز أن يفوض الطلاق إلى امرأته لما روت عائشة Bها قالت : لما أمر الله تعالى رسول الله صلى الله عليه و سلم بتخيير بسائه بدأ بي فقال : [ إني مخبرك خبرا و ما أحب أن تصنعي شيئا حتى تستأمري أبويك ] ثم قال إن الله تعالى قال : { قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا و زينتها فتعالين أمتعكن و أسرحكن سراحا جميلا } - إلى قوله - { منكن أجرا عظيما } ( الأحزاب : 28 - 29 ) فقلت : أو في هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله و رسوله و الدار الآخرة ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه و سلم ما فعلته و إذا فوض الطلاق إليها فالمنصوص أن لها أن تطلق ما لم يتفرقا عن المجلس أو يحدث ما يقطع ذلك و هو قول أبي العباس ابن القاص و قال أبو إسحاق لا تطلق إلا على الفور لأنه تمليك يفتقر إلى القبول فكان القبول فيه على الفور كالبيع و حمل قول الشافعي C أنه أراد مجلس الخيار لا مجلس القعود و له أن يرجع فيه قبل أن تطلق و قال أبو علي ابن خيران ليس له أن يرجع لأنه طلاق معلق بصفة فلم يجز الرجوع فيه كما لو قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق و هذا خطأ لأنه ليس بطلاق معلق بصفة و إنما هو تمليك يفتقر إلى القبول يصح الرجوع فيه قبل القبول كالبيع و إن قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة وقعت لأن من ملك إيقاع ثلاث طلقات ملك إيقاع طلقة كالزوج إذا بقيت له طلقة طلق ثلاثا و إن قال لوكيله طلق امرأتي جاز أن يطلق متى شاء لأنه توكيل مطلق فلم يقتض التصرف على الفور كما لو وكله في بيع و إن قال له طلق امرأتي ثلاثا فطلقها طلقة أو قال طلق امرأتي واحدة فطلقها ثلاثا ففيه وجهان : أحدهما أنه كالزوجة في المسألتين و الثاني لا يقع لأنه فعل غير ما وكل فيه .
فصل : و تصح إضافة الطلاق إلى جزء من المرأة كالثلث و الربع و اليد و الشعر لأنه لا يتبعض و كان إضافته إلى الجزء كالإضافة إلى الجميع كالعفو عن القصاص و في كيفية وقوعه وجهان : أحدهما يقع على الجميع اللفظ لأنه لما لم يتبعض كان تسمية البعض كتسمية الجميع و الثاني أنه يقع على الجزء المسمى ثم يسري لأن الذي سماه هو البعض و لا يجوز إضافته إلى الريق و الحمل لأنه ليس بجزء منها و إنما هو مجاور لها و إن قال بياضك طالق أو سوادك طالق أو لونك طالق ففيه وجهان : أحدهما يقع لأنه من جملة الذات التي لا ينفصل عنها فهو كالأعضاء و الثاني لا يقع لأنها أعراض تحل في الذات .
فصل : و يجوز إضافة الطلاق إلى الزوج بأن يقول لها أنا منك طالق أو يجعل الطلاق إليها فتقول أنت طالق لأنه أحد الزوجين فجاز إضافة الطلاق إليه كالزوجة و اختلف أصحابنا في إضافة العتق إلى المولى فمنهم من قال يصح و هو قول أبي علي ابن أبي هريرة لأنه إزالة ملك يجوز بالصريح و الكناية فجاز إضافته إلى المالك كالطلاق و قال أكثر أصحبنا لا يصح و الفرق بينه و بين الطلاق أن الطلاق يحل النكاح و هما مشتركان في النكاح و العتق يحل الرق و الرق يختص به العبد و الله أعلم .
[ a1 ]