وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الصداق .
المستحب أن لا يعقد النكاح إلا بصداق لما روى سعد بن سهل Bه أن امرأة قالت : قد وهبت نفسي لك يا رسول الله صلى الله عليك قر في رأيك فقال رجل : زوجنيها قال : [ أطلب ولو خاتما من حديد ] فذهب فلم يجئ بشيء فقال النبي ( ص ) : [ هل معك من القرآن شيء ] فقال : نعم فزوجه بما معه من القرآن ولأن ذلك أقطع للخصومة ويجوز من غير صداق لقوله تعالى : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة } [ البقرة : 236 ] فأثبت الطلاق مع عدم الرفض وروى عقبة بن عامر Bه قال : قال رسول الله ( ص ) لرجل : [ إني أزوجك فلانة ] قال : نعم قال للمرأة : أترضين أن أزوجك فلانا ؟ قالت : نعم فزوج أحدهما من صاحبه فدخل عليها ولم يفرض لها به صداق فلما حضرته الوفاة قال : إن رسول الله ( ص ) زوجني فلانة ولم أفرض لها صداقا ولم أعطها شيئا وإني قد أعطيتها عن صداقها سهمي بخيبر فأخذت سهمه فباعته بمائة ألف ولأن القصد بالنكاح الوصلة والاستمتاع دون الصداق فصح من غير صداق .
فصل : ويجوز أن يكون الصداق قليلا لقوله ( ص ) : [ اطلب ولو خاتما من حديد ] ولأنه بدل منفعتها فكان تقدير العوض إليها كأجرة منافعها ويجوز أن يكون كبيرا لقوله D : { وآتيتم إحداهن قنطارا } [ النساء : 20 ] قال معاذ Bه : القنطار ألف ومائتا أوقية وقال أبو سعيد الخدري Bه : ملء مسك ثور ذهبا والمستحب أن يخفف لما روت عائشة Bها أن النبي ( ص ) قال : [ أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة ] ولأنه إذا كبر أجحف وأضر ودعا إلى المقت والمستحب أن لا يزيد على خمسمائة درهم لما روى روت عائشة Bها قالت : كان صداق رسول الله ( ص ) لأزواجه اثنتي عشر أوقية ونشا أتدرون ما النش نصف أوقية وذلك خمسمائة درهم والمستحق الاقتداء به والتبرك بمتابعته فإن ذكر صداق في السر وصداق في العلانية فالواجب ما عقد به العقد لأن الصداق يجب بالعقد فوجب ما عقد به وإن قال : زوجتك ابنتي بألف وقال الزوج : قبلت نكاحها بخمسمائة وجب مهر المثل لأن الزوج لم يقبل بألف والوالي لم يوجب بخمسمائة فسقط الجميع ووجب مهر المثل .
فصل : ويجوز أن يكون الصداق دينا وعينا وحالا ومؤجلا لأنه عقد على المنفعة فجاز بما ذكرناه كالإجازة .
فصل : ويجوز أن يكون منفعة كالخدمة وتعليم القرآن وغيرهما من المنافع المباحة لقوله D : { إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج } [ القصص : 27 ] فجعل الرعي صداقا وزوج النبي ( ص ) الواهبة من الذي خطبها بما معه من القرآن ولا يجوز أن يكون محرما كالخمر وتعليم التوراة وتعليم القرآن للذمية لا تتعلمه للرغبة في الإسلام ولا ما فيه غرر كالمعدوم والمجهول وما لم يتم ملكه عليه كالمبيع فبل القبض ولا ما لا يقدر على تسليمه كالعبد الآبق والطير الطائر لأنه عوض في عقد فلا يجوز بما ذكرناه كالعوض في البيع والإجارة فإن تزوج على شيء من ذلك لم يبطل النكاح لأن فساده ليس أكثر من عدمه فإذا صح النكاح مع عدمه صح مع فساده ويجب مهر المثل لأنها لم ترضى من غير بدل ولم يسلم لها البدل وتعذر رد المعوض فوجب رد بدله كما لو باع سلعة بمحرم وتلفت بيد المشتري .
فصل : فإن تزوج كافر بكافرة على محرم كالخمر والخنزير ثم أسلما أو تحاكما إلينا قبل الإسلام نظرت فإن كان قبل القبض سقط المسمى ووجب مهر المثل لأنه لا يمكن إجباره على تسليم المحرم وإن كان بعد القبض برئت ذمته منه كما لو تبايعا بيعا فاسدا وتقابضا وإن قبض البعض برئت ذمته من المقبوض ووجب بقدر ما بقي من مهر المثل فإن كان الصداق عشرة أزقاق خمر فقبضت منها خمسة ففيه وجهان : أحدهما يعتبر بالعدد فيبرأ من النصف ويجب لها نصف مهر المثل لأنه لا قيمة لها فكان الجميع واحدا فيها فسقط نصف الصداق ويجب نصف مهر المثل والثاني يعتبر بالكيل لأنه أحصر وإن أصدقها عشرة من الخنازير وقبضت منها خمسة ففيه وجهان : أحدهما يعتبر بالعدد فتبرأ من النصف ويجب لها نصف مهر المثل لأنه لا قيمة لها فكان الجميع واحدا والثاني يعتبر بما له قيمة وهو الغنم لو كانت غنما كم كانت قيمة ما قبض منها فيبرأ منه بقدره ويجب بحصة ما بقي من مهر المثل لأنه لما لم تكن له قيمة اعتبر بما له قيمة كما يعتبر الحر بالعبد فيما ليس له أرش مقدر من الجنايات .
فصل : وإن أعتق رجل على أن تتزوج به ويكون عتقها صداقها وقبلت لم يلزمها أن تتزوج به لأنه سلف في عقد فلم يلزم كما لو قال لامرأة خذي هذا الألف على أن تتزوجي بي وتعتق الأمة لأنه أعتقها على شرط باطل فسقط الشرط وثبت العتق كما لو قال لعبده : إن ضمنت لي خمرا فأنت حر فضمن ويرجع عليها بقيمتها لأنه لم يرض في عتقها إلا بعوض ولم يسلم له فتعذر الرجوع إليها فوجبت قيمتها كما لو باع عبدا بعوض محرم وتلف العبد في يد المشتري وإن تزوجها بعد العتق على قيمتها وهما لا يعلمان قدرها فالمهر فاسد وقال أبو علي بن خيران : يصح كما لو تزوجها على عبد لا يعلمان قيمته وهذا خطأ لأن المهر هناك هو العبد وهو معلوم والمهر ههنا هو القيمة وهي مجهولة فلم يجز وإن أراد حياة يقع بها العتق وتتزوج به ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي علي بن خيران أنه يملك ذلك بأن يقول إن كان في معلوم الله تعالى إني إذا أعتقتك تزوجت بي فأنت حرة فإذا تزوجت به علمنا أنه قد وجد شرط العتق وإن لم تتزوج به علمنا أنه لم يوجد شرط العتق والثاني هو قول أكثر أصحابنا أنه لا يصح ذلك ولا يقع العتق ولا يصح النكاح لأنه حال ما تتزوج به نشك أنها حرة أو أمة والنكاح مع الشك لا يصح فإذا لم يصح النكاح لم تعتق لأنه لم يوجد شرط العتق وإن أعتقت امرأة عبدا على أن يتزوج بها وقبل العبد ولا يلزمه أن يتزوج بها لما ذكرناه في الأمة ولا يلزمه قيمته لأن النكاح حق للعبد فيصير كما لو أعتقته بشرط أن تعطيه مع العتق شيئا آخر ويخاف الأمة فإن نكاحها حق للمولى فإذا لم يسلم له رجع عليها بقيمتها وإن قال رجل لآخر أعتق عبدك عن نفسك على أن أزوجك ابنتي فأعتقه لم يلزمه التزويج لما ذكرناه وهل تلزمه قيمة العبد فيه وجهان بناء على القولين فيمن قال لغيره أعتق عبدك عن نفسك وعلى ألف فأعتقه لم يلزمه التزويج لما ذكرناه وهل تلزمه قيمة العبد فيه وجهان بناء على القولين فيمن قال لغيره أعتق عبدك عن نفسك وعلى ألف فأعتقه أحدهما يلزمه كما لو قال أعتق عبدك عني على ألف والثاني لا يلزمه لأنه بذل العوض على ما لا منفعة له فيه .
فصل : ويثبت بالصداق خيار الرد بالعيب لأن إطلاق العقد يقتضي السلامة من العيب فثبت فيه خيار الرد كالعوض في البيع ولا يثبت فيه خيار الشرط ولا خيار المجلس لأنه أحد عوضي النكاح فلم يثبت فيه خيار الشرط وخيار المجلس كالبضع ولأن خيار الشرط وخيار المجلس جعلا لدفع الغبن والصداق لم يبن على المغابنة فإن شرط فيه خيار الشرط فقد قال الشافعي C : يبطل النكاح فمن أصحابنا من جعله قولا لأنه أحد عوضي النكاح فبطل النكاح بشرط الخيار فيه كالبضع ومنهم من قال : لا يبطل وهو الصحيح كما لا يبطل إذا جعل المهر خمرا أو خنزيرا وما قال الشافعي C محمول على ما إذا شرط في المهر والنكاح ويجب مهر المثل لأن شرط الخيار لا يكون إلا بزيادة جزء أو نقصان جزء فإذا سقط الشرط وجب إسقاط ما في مقابلته فيصير الباقي مجهولا فوجب مهر المثل وإن تزوجها بألف على أن لا يتسرى عليها أو لا يتزوج عليها بطل الصداق لأنه شرط باطل أضيف إلى الصداق فأبطله ويجب مهر المثل لما ذكرناه في شرط الخيار .
فصل : وتملك المرأة المسمى بالعقد إن كان صحيحا ومهر المثل إن كان فاسدا لأنه عقد يملك المعوض فيه بالعقد فملك العوض فيه بالعقد كالبيع وإن كانت المنكوحة صغيرة أو غير رشيدة سلم المهر إلى من ينظر في مالها وإن كانت بالغة رشيدة وجب تسليمه إليها ومن أصحابنا من خرج في البكر البالغة قولا آخر أنه يجوز أن يدفع إليها أو إلى أبيها وجدها لأنه يجوز إجبارها على النكاح فجاز للولي قبض صداقها بغير إذنها كالصغيرة فإن قال الزوج لا أسلم الصداق حتى تسلم نفسها فقال المرأة لا أسلم نفسي حتى أقبض الصداق ففيه قولان : أحدهما لا يجبر واحد منهما بل يقال : من سلم منكما أجبرنا الآخر والثاني يؤمر الزوج بتسليم الصداق إلى عدل وتؤمر المرأة بتسليم نفسها فإذا سلمت نفسها أمر العدل بدفع الصداق إليها كالقولين فيمن باع سلعة بثمن معين وقد بينا القولين في البيوع فإذا قلنا بالقول الأول لم تجب لها النفقة في حال امتناعها لأنها ممتنعة بغير حق وإن قلنا بالقول الثاني وجبت لها النفقة لأنها ممتنعة بحق وإن تبرعت وسلمت نفسها ووطئها الزوج أجبر على دفع الصداق وسقط حقها من الامتناع لأن الوطء استقر لها جميع البدل فسقط حق المنع كالبائع إذا سلم المبيع قبل قبض الثمن .
فصل : فإن كان الصداق عينا لم تملك التصرف فيه قبل القبض كالمبيع وإن كان دينا فعلى القولين في الثمن وإن كان عينا فهلكت قبل القبض هلك من ضمان الزوج كما يهلك المبيع قبل القبض من ضمان البائع وهل ترجع إلى مهر المثل أو إلى بدل العين ففيه قولان قال في القديم ترجع إلى بدل العين لأنه عين يجب تسليمها لا يسقط الحق بتلفها فوجب الرجوع إلى بدلها كالمغصوب فعلى هذا إن كان مما له مثل وجب مثله وإن لم يكن له مثل وجبت قيمته أكثر ما كانت من حين العقد إلى أن تلف كالمغصوب ومن أصحابنا من قال : تجب قيمته يوم التلف لأنه وقت الفوات والصحيح هو الأول لأن هذا يبطل بالمغصوب وقال في الجديد : ترجع إلى مهر المثل لأنه عوض معين تلف قبل القبض وتعذر الرجوع إلى المعوض فوجب الرجوع إلى بدل المعوض كما لو اشترى ثوبا بعبد فقبض الثوب ولم يسلم العبد وتلف عنده فإنه يجب قيمة الثوب وإن قبضت الصداق ووجدت به عيبا فردته أو خرج مستحقا رجعت في قوله القديم إلى بدله وفي قوله الجديد إلى مهر المثل وإن كان الصداق تعليم سورة من القرآن فتعلمت من غيره أو لم تتعلم لسوء حفظها فهو كالعين إذا تلفت فترجع في قوله القديم إلى أجرة المثل وفي قوله الجديد إلى مهر المثل .
فصل : ويستقر الصداق بالوطء في الفرج لقوله D : { وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض } وفسر الإفضاء بالجماع وهل يستقر بالوطء في الدبر فيه وجهان : أحدهما يستقر لأنه موضعي يجب بالإيلاح فيه الحد فأشبه الفرج والثاني لا يستقر لأن المهر في مقابلة ما يملك بالعقد والوطء في الدبر غير مملوك فلم يستقر به المهر ويستقر بالموت قبل الدخول وقال أبو سعيد الإصطخري : إن كانت أمة لا يستقر بموتها لأنها كالسلعة تباع وتبتاع والسلعة المبيعة إذا تلفت قبل التسليم سقط الثمن فكذلك إذا ماتت الأمة وجب أن يسقط المهر والمذهب أن يستقر لأن النكاح إلى الموات فإذا ماتت انتهى النكاح فاستقر البدل كالإجارة إذا انقضت مدتها واختلف قوله في الخلوة فقال في القديم تقرر المهر لأنه عقد على المنفعة فكان التمكين فيه كالاستيفاء في تقرر البدل كالإجارة وقال في الجديد : لا تقرر لأنها خلوة فلا تقرر المهر كالخلوة في غير النكاح .
فصل : وإن وقعت فرقة بعد الدخول لم يسقط من الصداق شيء لأنه استقر فلم يسقط فإن أصدقها سورة من القرآن وطلقها بعد الدخول وقبل أن يعلمها ففيه وجهان : أحدهما يعلمها من وراء حجاب كما يستمع منها حديث رسول الله ( ص ) والثاني لا يجوز أن يعلمها لأنه لا يؤمن الافتتان بها ويخالف الحديث فإنه ليس له بدل فلو منعناه من سماعه منها أدى إلى إضاعته وفي الصداق لا يؤدي إلى إبطاله لأن في قوله الجديد ترجع إلى مهر المثل وفي قوله القديم ترجع إلى أجرة التعليم وإن وقعت الفرقة قبل الدخول نظرت فإن كانت بسبب من جهة المرأة بأن أسلمت أو ارتدت أو أرضعت من ينفسخ النكاح برضاعه سقط مهرها لأنها أتلفت المعوض قبل التسليم فسقط البد كالبائع إذا أتلف المبيع قبل التسليم وإن كانت بسبب من جهته نظرت فإن كانت بطلاق سقط نصف المسمى لقوله تعالى : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } [ البقرة : 237 ] وإن بإسلامه أو بردته سقط نصفه لأنه فرق انفرد الزوج بسببها قبل الدخول فتنصف بها المهر كالطلاق وإن كان بسبب منها نظرت فإن بخلع سقط نصفه لأن المغلب في الخلع جهة الزوج بدليل أنه يصح الخلع به دونهما وهو إذا خالع مع أجنبي فسار كما لو انفرد به وإن كان بردة منها ففيه وجهان : أحدهما يسقط نصفه لأن حال الزوج في النكاح أقوى فسقط نسفه كما لو ارتد وحده والثاني يسقط الجميع لأن المغلب في المهر جهة المرأة لأن المهر لها فسقط جميعه كما لو انفردت بالردة فإن اشترت المرأة زوجها قبل الدخول ففيه وجهان : أحدهما يسقط النصف لأنه البيع تم بالزوجة والسيد وهو قائم مقام الزوج فصار كالفرقة الواقعة بالخلع والثاني يسقط جميع المهر لأن البيع تم بها دون الزوج فسقط جميع المهر كما لو أرضعت من يفسخ النكاح برضاعه .
فصل : وإن قتلت المرأة نفسها فالمنصوص أنه لا يسقط مهرها وقال في الأمة : إذا قتلت نفسها أو قتلها مولاها أنه يسقط مهرها فنقل أبو العباس جوابه في كل واحدة منهما إلى الأخرى وجعلها على قولين : أحدهما يسقط المهر لأنها فرقة حصلت من جهتها قبل الدخول فسقط بها المهر كما لو ارتدت والثاني لا يسقط وهو اختير المزني وهو الصحيح لأنها فرقة حصلت بانقضاء الأجل وانتهاء النكاح فلا يسقط بها المهر كما لو ماتت وقال أبو إسحاق : لا يسقط في الحرة ويسقط في الأمة على ما نص عليه لأن الحرة كالمسلمة نفسها بالعقد ولهذا يملك منعها من السفر والأمة لا تصير كالمسلمة نفسها بالعقد ولهذا لا يملك منعها من السفر مع المولى وإن قتلها الزوج استقر مهرها لأن إتلاف الزوج كالقبض كما أن إتلاف المشتري للمبيع في يد البائع كالقبض في تقرير الثمن .
فصل : ومتى ثبت الرجوع في النصف لم يخل إما أن يكون الصداق تالفا أو باقيا فإن كان تالفا فإن كان مما له مثل رجع بنصف مثله وإن لم يكن له مثل رجع بقيمة نصفه أقل ما كانت من يوم العقد إلى يوم القبض لأنه إن كانت قيمته يوم العقد أقل ثم زادت كانت الزيادة في ملكها فلم يرجع بنصفها وإن كانت قيمته يوم العقد أكثر ثم نقص كان النقصان مضمونا عليه فلم يرجع بما هو مضمون عليه وإن كان باقيا لم يخل إما أن يكون باقيا على حالته أو زائدا أو ناقصا أو زائدا من وجه ناقصا من وجه فإن كان على حالته رجع في نصفه ومتى يملك فيه وجهان : أحدهما وهو قول أبو إسحاق أنه لا يملك إلا باختيار التملك لأن الإنسان لا يملك شيئا بغير اختياره إلا الميراث فعلى هذا إن حدثت منه زيادة قبل الاختيار كانت لها الثاني وهو المنصوص أنه يملك بنفس الفرقة لقوله D : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } فعلق استحقاق النصف بالطلاق فعلى هذا إن حدثت منه زيادة كانت بينهما وإن طلقها والصداق زائد نظرت فإن كانت زيادة متميزة كالثمرة والنتاج واللبن رجع بنصف الأصل وكانت الزيادة لها لأنها زيادة متميزة حدثت في ملكها فلم تتبع الأصل في الرد كما قلنا في الرد بالعيب في البيع وإن كانت الزيادة غير متميزة كالسمن وتعليم الصنعة فالمرأة بالخيار بين أن تدفع النصف بزيادته وبين أن تدفع قيمة النصف فإن دفعت النصف أجبر الزوج على أخذه لأنه نصف المفروض مع زيادة لا تتميز وإن دفعت قيمة النصف أجبر على أخذها لأن حقه في نصف المفروض والزائد غير المفروض فوجب أخذ البدل وإن كانت المرأة مفلسة ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي إسحاق أنه يجوز للزوج أن يرجع بنصف العين مع الزيادة لأنه لا يصل إلى حقه من البدل فرجع بالعين مع الزيادة كما يرجع البائع في المبيع مع الزيادة عند إفلاس المشتري والثاني وهو قول أكثر أصحابنا أنه لا يرجع لأنه ليس من جهة المرأة تفريط فلا يؤخذ منها ما زاد في ملكها بغير رضاها ويخالف إذا أفلس المشتري فإن المشتري فرط في حبس الثمن إلى إن أفلس فرجع البائع في العين مع الزيادة فإن كان الصداق نخلا وعليها طلع غير مؤبر فبذلت المرأة نصفها مع الطلع ففيه وجهان : أحدهما لا يجبر الزوج على أخذها لأنها هبة فلا يجبر على قبولها والثاني يجبر وهو المنصوص لأنه نماء غير متميز فأجبر على أخذها كالسمن وإن بذلت نصف النخل دون الثمرة لم يجبر الزوج على أخذها وقال المزني يلزمنه أن يرجع فيه وعليه ترك الثمرة إلى أوان الجذاذ كما يلزم المشتري ترك الثمرة إلى أوان الجذاذ وهذا خطأ لأنه قد صار حقه في القيمة فلا يجبر على أخذ العين ولأن عليه ضررا في ترك الثمرة على نخله فلم يجبر ويخالف المشتري فإن دخل في العقد عن تراض فأقرا على ما تراضيا عليه فإن طلب الزوج الرجوع بنصف النخل وترك الثمرة إلى أوان الجذاذ ففيه وجهان : أحدهما لا تجبر المرأة لأنه صار حقه في القيمة والثاني تجبر عليه لأن الضرر زال عنها ورضي الزوج بما يدخل عليه من الضرر وإن طلقا والصداق ناقص بأن كان عبدا فعمي أو مرض فالزوج بالخيار بين أن يرجع بنصفه ناقصا وبين أن يأخذ قيمة النصف فإن رجع في النصف أجبرت المرأة على دفعه لأنه رضي بأخذ حقه ناقصا وإن طلب القيمة أجبرت على الدفع لأن الناقص دون حقه وإن طلقها والصداق زائد من وجه ناقص من وجه بأن كان عبدا فتعلم صنعة ومرض فإن تراضيا على أخذ نصفه جاز لأن الحق لهما وإن امتنع الزوج من أخذه لم يجبر عليه لنقصانه وإن امتنعت المرأة من دفعه لم تجبر عليه لزيادته وإن كان الصداق جارية فحبلت فهي كالعبد إذا تعلم صنعة ومرض لأن الحمل زيادة من وجه ونقصان من وجه آخر لأنه يخاف منه عليها فكان حكمه حكم العبد وإن كان بهيمة فحملت ففيه وجهان : أحدهما أن المرأة بالخيار بين أن تسلم النصف مع الحمل وبين أن تدفع القيمة لأنه زيادة من غير نقص لأن الحمل لا يخاف منه على البهيمة والثاني وهو ظاهر النص أنه كالجارية لأنه زيادة من وجه ونقصان من وجه فإن ينقص به اللحم فيما يؤكل ويمنع من الحمل عليه فيما يحمل فكان كالجارية وإن باعته ثم رجع إليها ثم طلقها الزوج رجع بنصفه لأنه يمكن الرجوع إلى عين ماله فلم يرجع إلى القيمة وإن وصت به أو وهبته ولم يقبض ثم طلقها رجع بنصفه لأنه باق على ملكها وتصرفها وإن كاتبته أو وهبته وأقبضته ثم طلقها رجع بنصفه لأنه باق على ملكها وتصرفها وإن كاتبته أو وهبته وأقبضته ثم طلقها فقد روى المزني أنه يرجع فمن أصحابنا من قال يرجع لأنه باق على ملكها ومنهم من قال أنه لا يرجع لأنه لا يملك نقض تصرفها ومنهم من قال فيه قولان : إن قلنا أن التدبير وصية فله الرجوع وإن قلنا أنه عتق بصفة رجع بنصف قيمته .
فصل : وإن كان الصداق عينا فوهبته من الزوج ثم طلقها قبل الدخول ففيه قولان : أحدهما لا يرجع عليها وهو اختير المزني لأن النصف تعجل له بالهبة والثاني يرجع وهو الصحيح لأنه عاد إليه بغير الطلاق فلم يسقط حقه من النصف بالطلاق كما لو وهبته لأجنبي ثم وهبه الأجنبي منه وإن كان دينا فأبرأته منه ثم طلقها قبل الدخول فإن قلنا أنه لا يرجع في الهبة لم يرجع في الإبراء وإن قلنا يرجع في الهبة ففي الإبراء وجهان : أحدهما يرجع كما يرجع في الهبة والثاني لا يرجع لأن الإبراء إسقاط لا يفتقر إلى القبول والهبة تمليك تفتقر إلى القبول فإن أصدقها عينا فوهبتها منه ثم ارتدت قبل الدخول فهل يرجع بالجميع فيه قولان لأن الرجوع بالجميع في الردة كالرجوع بالنصف في الطلاق وإن اشترى سلعة بثمن وسلم الثمن ووهب البائع الثمن منه ثم وجد بالسلعة عيبا ففي ردها والرجوع بالثمن وجهان بناء على القولين فإن وجد به عيبا وحدث به عند عيب آخر فهل يرجع بالأرش فيه وجهان بناء على القولين : وإن اشترى سلعة ووهبها من البائع ثم أفلس المشتري فللبائع أن يضرب مع الغرماء بالثمن قولا واحدا لأن حقه في الثمن ولم يرجع إليه الثمن .
فصل : إذا طلقت المرأة قبل الدخول ووجب لها نصف المهر جاز للذي بيده عقدة النكاح أن يعفو عن النصف لقوله D : { و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } [ البقرة : 237 ] و فيمن بيده عقد النكاح قولان قال في القديم : هو الولي فيعفو عن النصف الذي لها لأن الله تعالى خاطب الأزواج فقال سبحانه وتعالى : { وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } [ البقرة : 237 ] ولو كان الزوج لقال : إلا أن يعفون أو تعفو لأنه تقدم ذكر الأزواج و خاطبهم بخطاب الحاضر فلما عدل عن خطابهم دل على أن الذي بيده عقدة النكاح غير الزوج فوجب أن يكون هو الولي وقال في الجديد : هو الزوج فيعفو عن النصف الذي وجب له بالطلاق فأما الولي فلا يملك العفو لأنه حق لها فلا يمللك العفو عنه كسائر ديونها وأما الآية فتحتمل أن يكون المراد به هو الأزواج فخاطبهم بخطاب الحاضر ثم خاطبهم بخطاب الغائب كما قال الله D : { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم } [ يونس : 22 ] فإذا قلنا إن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي لم يصح العفو منه إلا بخمسة شروط : أحدهما أن يكون أبا أو جدا لأنهما لا يتهمان فيما يريان من حظ الولد ومن سواهما متهم والثاني أن تكون المنكوحة بكرا فأما الثيب لا يجوز العفو عن مالها لأنه لا يملك الولي تزويجها والثالث أن يكون العفو بعد الطلاق وأما قبله فلا يجوز لأنه لا حظ لها في العفو قبل الطلاق لأن البضع معرض للتلف فإذا عفا ربما دخل بها فتلفت منفعة بضعها من غير بدل والرابع أن يكون قبل الدخول فأما بعد الدخول فقد أتلف بضعها فلم يجز إسقاط بدله والخامس أن تكون صغيرة أو مجنونة فأما البالغة الرشيدة فلا يملك العفو عن مهرها لأنه لا ولاية عليها في المال .
فصل : وإن فوضت بضعها بأن تزوجت وسكت عن المهر أو تزوجت على أن لا مهر لها ففيه قولان : أحدهما لا يجب لها مهر بالعقد وهو الصحيح لأنه لو وجب لها المهر بالعقد لتنصف بالطلاق والثاني يجب لأنه لو لم يجب لم استقر بالدخول ولها أن تطالب بالفرض لأن إخلاء العقد عن المهر خالص لرسول الله ( ص ) فإن قلنا يجب بالعقد فرض لها مهر المثل لأن البضع كالمستهلك فضمن بقيمته كالسلعة المستهلكة في يد المشتري ببيع فاسد وإن قلنا لا يجب لها المهر بالعقد فرض لها ما يتفقان عليه لأنه ابتداء إيجاب فكان إليهما كالفرض في العقد ومتى فرض لها مهر المثل أو ما يتفقان عليه صار ذلك كالمسمى في الاستقرار بالدخول والموت والتنصف بالطلاق لأنه مهر مفروض فصار كالمفروض في العقد وإن لم يفرض لها حتى طلقها لم يجب لها شئ من المهر لقوله D : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } [ النساء : 238 ] فدل على أنه إذا لم يفرض يجب النصف وإن لم يفرض لها حتى وطئها استقر لها مهر المثل لأن الوطء في النكاح من غير مهر خالص لرسول الله ( ص ) وإن ماتا أو أحدهم قبل الفرض ففيه قولان : أحدهما لا يجب لها المهر لأنه مفوضة فارقت زوجها قبل الفرض والمسيس فلم يجب لها مهر كما لو طلقت والثاني يجب لها المهر لما روى علقمة قال أتى عبد الله في رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يكن فرض لها شيئا ولم يدخل بها فقال أقول فيها برأيي لها صداق نسائها وعليها العدة ولها بمثل ما قضيت ففرج بذلك ولأن الموت معنى يستقر به المسمى فاستقر به مهر المفوضة كالوطء وإن تزوجت على أن لا مهر لها في الحال ولا في الثاني ففيه وجهان : أحدهما أن النكاح باطل لأن النكاح من غير مهر لم يكن إلا لرسول الله ( ص ) فتصير كما لو نكح نكاحا ليس له والثاني يصح لأنه يلغي قولها لا مهر لي في الثاني لأنه شرط باطل في الصداق فسقط وبقي العقد فعلى هذا يكون حكمه حكم القسم قبله .
فصل : ويعتبر مهر المثل بمهر نساء العصبات لحديث علقمة عن عبد الله وتعتبر بالأقرب فالأقرب منهن وأقربهن الأخوات وبنات الإخوة والعمات وبنات الأعمام فإن لم يكن لها نساء عصبات اعتبر بأقرب النساء إليها من الأمهات والخالات لأنهن أقرب إليها فإن لم يكن لها أقارب اعتبر بنساء بلدها ثم بأقرب النساء شبها بها ويعتبر بمهر من هي على صفتها في الحسن والعقل والعفة واليسار لأنه قيمة متلف فاعتبر فيها الصفات التي يختلف بها العوض والمهر يختلف بهذه الصفات ويجب من نقد البلد كقيم المتلفات .
فصل : وإذا أعسر الرجل بالمهر ففيه طريقان : من أصحابنا من قال : إن كان بعد الدخول لم يجز الفسخ لأن البضع صار كالمستهلك بالوطء فلم تفسخ بالإفلاس كالبيع بعد هلاك السلعة ومن أصحابنا من قال : إن كان قبل الدخول ثبت الفسخ وإن كان بعد الدخول ففيه قولان : أحدهما لا يثبت لها الفسخ لما ذكرناه والثاني يثبت لها الفسخ وهو الصحيح لأن البضع لا يتلف بوطء واحد فجاز الفسخ والرجوع إليه ولا يجوز الفسخ إلا بالحاكم لأنه مختلف فيه فافتقر إلى الحاكم كفسخ النكاح بالعيب .
فصل : إذا زوج الرجل أبنه الصغير وهو معسر ففيه قولان : قال في القديم يجب المهر على الأب لأنه لما زوجه مع العلم بوجوب المهر والإعسار كان ذلك رضا بالتزامه وقال في الجديد يجب على الابن وهو الصحيح لأن البضع له فكان المهر عليه .
فصل : وإن تزوج العبد بإذن المولى فإن كان مكتسبا وجب المهر و النفقة في كسبه لأنه لا يمكن إيجاب ذلك على المولى لأنه لم يضمن ولا في رقبة العبد لأنه وجب برضا من له الحق ولا يمكن إيجابه في ذمته لأنه في مقابلة الاستمتاع فلا يجوز تأخيره عنه فلم يبق إلا الكسب فتعلق به ولا يتعلق إلا بالكسب الحادث بعد العقد فإن كان المهر مؤجلا تعلق بالكسب الحادث بعد حلوله لأن ما كسبه قبله للمولى ويلزم المولى تمكينه من الكسب بالنهار ومن الاستمتاع بالليل لأن إذنه في النكاح يقتضي ذلك فإن لم يكن مكتسبا وكان مأذونا له بالتجارة فقد قال في الأم : يتعلق بما في يده فمن أصحابنا من حمله على ظاهره لأنه دين لزمه بعقد أذن فيه المولى فقضى مما في يده كدين التجارة ومن أصحابنا من قال : يتعلق بما يحصل من فضل المال لأن ما في يده للمولى فلا يتعلق به كما لا يتعلق بما في يده من الكسب وإنما يتعلق بما يحدث وحمل كلام الشافعي C على ذلك وإن لم يكن مكتسبا ولا مأذونا له بالتجارة ففيه قولان : أحدهما يتعلق بالمهر والنفقة بذمته يتبع به إذا أعتق لأنه دين لزمه برضا من له الحق فتعلق بذمته كدين القرض فعلى هذا للمرأة أن تفسخ إذا أرادت والثاني يجب في ذمة السيد لأنه لما أذن له في النكاح مع العلم بالحال صار ضامنا للمهر والنفقة وإن تزوج بغير إذن المولى ووطئ فقد قال في الجديد : يجب في ذمته يتبع به إذا أعتق لأنه حق وجب برضا من له الحق فتعلق بذمته كدين القرض وقال في القديم يتعلق برقبته لأن الوطء كالجناية وإن أذن له بالنكاح فنكح نكاحا فاسدا ففيه قولان : أحدهما أن الإذن يتضمن الصحيح والفاسد لأن الفاسد كالصحيح في المهر والعدة والنسب فعلى هذا حكمه حكم الصحيح وقد بيناه والثاني وهو الصحيح أنه لا يتضمن الفاسد لأن الإذن يقتضي عقدا يملك به فعلى هذا حكمه حكم ما لو تزوج بغير إذنه وقد بيناه