وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب التيمم .
يجوز التيمم عن الحدث الأصغر لقوله D { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } [ النساء : 43 ] ويجوز عن الحديث الأكبر وهو الجنابة والحيض لما روي عن عمار بن ياسر Bه قال : أجنبت فتمعكت في التراب فأخبرت النبي A بذلك فقال : [ إنما كان يكفيك هكذا ] وضرب يديه على الأرض ومسح وجهه وكفيه ولأنها طهارة عن حدث فناب عنها التيمم كالوضوء ولا يجوز ذلك عن إزالة النجس لأنها طهارة فلا يؤمر بها للنجاسة في غير محل النجاسة كالغسل .
فصل : والتيمم مسح الوجه واليدين مع المرفقين بالتراب بضربتين أو بأكثر والدليل عليه ما روى أبو أمامة وابن عمر Bهما أن النبي A قال : [ التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة اليدين إلى المرفقين ] وحكى بعض أصحابنا عن الشافعي C أنه قال في القديم : التيمم ضربتان ضربة للكفين ووجهه في حديث عمار و أنكر الشيخ أبو حامد الأسفراييني C ذلك وقال : المنصوص في القديم والجديد هو الأول ووجهه أنه عضو في التيمم فوجب استعيابه كالوجه وحديث عمار Bه يتأول على أنه مسح كفيه إلى المرفقين بدليل حديث أبي أمامة وابن عمر .
فصل : ولا يجوز إلا بالتراب لما روى حذيفة بن اليمان Bهما أن النبي A قال : [ فضلنا على الناس بثلاث جعلت لنا الأرض مسجدا وجعل ترابها لنا طهورا وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ] فعلق الصلاة على الأرض ثم نزل في التيمم إلى التراب فلو جاز التيمم بجميع الأرض لما نزل عن الأرض إلى التراب ولأنه طهارة عن الحدث فاختص بجنس واحد كالضوء فأما الرمل فقد قال في القديم و الإملاء : يجوز التيمم به وقال في الأم : لا يجوز فمن أصحابنا من قال لا يجوز قولا واحدا وما قال في القديم والإملاء محمول على رمل يخالطه التراب ومنهم من قال على قولين أحدهما يجوز لما روى أبو هريرة Bه أن رجلا قال للنبي A إنا بأرض الرمل وفينا الجنب والحائض ونبقى أربعة أشهر لا نجد الماء فقال النبي A : [ عليكم بالأرض ] و الثاني لا يجوز لأنه ليس بتراب فأشبه الجص وإن أحرق الطين وتيمم بمدقوقه ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز كما لا يجوز بالخزف المدقوق والثاني يجوز لأن إحراقه لم يزل اسم الطين و التراب عن مدقوقه بخلاف الخزف ولا يجوز إلا بتراب له غبار يعلق بالعضو فإن تيمم بطين رطب أو بتراب ندي لا يعلق غباره ولم يجزه لقوله D : { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } [ النساء43 ] وهذا يقتضي أنه يمسح بجزء من الصعيد ولأنه طهارة فوجب إيصال الطهور فيها إلى محل الطهارة كمسح الرأس ولا يجوز بتراب نجس لأنه طهارة فلا تجوز بالنجس كالوضوء ولا يجوز بما خالطه دقيق أو جص لأنه ربما حصل بالعضو فمنع من وصول التراب إليه ولا يجوز بما استعمل في العضو فأما ما تناثر من أعضاء من أعضاء المتيمم ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز التيمم به كما لا يجوز الوضوء بما تساقط من أعضاء المتوضئ و الثاني يجوز لأن المستعمل منه ما بقي على العضو و ما تناثر غير مستعمل فجاز التيمم به ويخالف الماء لأنه لا يدفع بعضه بعضا والتراب يدفع بعضه بعضا فدفع ما أدى به الفرض في العضو ما تناثر منه .
فصل : ولا يصح التيمم إلا بالنية لما ذكرناه في الوضوء وينوي بالتيمم إستباحة الصلاة فإن نوى به رفع الحدث ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأنه لا يرفع الحدث والثاني يصح لأن نية رفع الحدث تتضمن إستباحة الصلاة ولا يصح التيمم للفرض إلا بنية الفرض فإن نوى بتيممه صلاة مطلقة أو صلاة نافلة لم يستبح الفريضة وحكى شيخنا أبو حاتم القزويني C أن أبا يعقوب البارودي حكى عن الإملاء قولا آخر أنه يستبيح به الفرض ووجهه أنه طهارة فلم يفتقر إلى نية الفرض كالوضوء والذي يعرفه البغداديون من أصحابنا كالشيخ أبي حامد الإسفراييني وشيخنا القاضي أبي الطيب رحمهما الله أنه لا يستبيح به الفرض لأن التيمم لا يرفع الحدث وإنما يستباح به الصلاة فلا يستبيح به الفرض حتى ينويه بخلاف الوضوء فإنه يرفع الحدث فاستباح به الجميع وهل يحتاج إلى تعيين الفرضة فيه وجهان : أحدهما أنه يحتاج إلى تعيينها لأن كل موضع افتقر إلى نية الفريضة افتقر إلى تعيينها كأداء الصلاة والثاني لا يحتاج إلى تعيينها ويدل عليه قوله في البويطي فإن تيمم للنفل كان له أن يصلي على الجنازة نص عليه في البويطي لأن صلاة الجنازة كالنافلة وإن تيمم لصلاة الفرض استباح به النفل لأن النفل تابع للفرض فإذا استباح المتبوع استباح التابع كما إذا أعتق الأم عتق الحمل .
فصل : وإذا أراد التيمم فالمستحب له أن يسمي الله D لأنه طهارة عن حدث فاستحب فيها اسم الله D عليه كالوضوء ثم ينوي ويضرب يديه على التراب ويفرق أصابعه فإن كان التراب ناعما فترك الضرب ووضع اليدين جاز ويمسح بهما وجهه ويوصل التراب إلى جميع البشرة الظاهرة من الوجه وإلى ما ظهر من الشعر ولا يجب إيصال التراب إلى ما تحت الحاجبين والشارب والعذارين والعنفقة ومن أصحابنا من قال يجب ذلك كما يجب إيصال الماء إليه في الوضوء والمذهب الأول لأن النبي A وصف التيمم واقتصر على ضربتين ومسح وجهه بإحداهما ومسح إحدى اليدين بالأخرى وبذلك لا يصل التراب إلى باطن هذه الشعور ويخالف الوضوء لأنه لا مشقة في إيصال الماء إلى ما تحت هذه الشعور وعليه مشقة في إيصال التراب فسقط وجوبه ثم يضرب ضربة أخرى فيضع بطون أصابع يده اليسرى على ظهور أصابع يده اليمنى ويمرها على ظهر الكف فإذا بلغ الكوع جعل أطراف أصابعه على حرف الذراع ثم يمر ذلك إلى المرافق ثم يدير بطن كفه إلى بطن الذراع ويمره عليه ويرفع إبهامه فإذا بلغ الكوع أمر إبهام يده اليسرى على إبهام يده اليمنى ثم يمسح بكفه اليمنى يده اليسرى مثل ذلك ثم يمسح إحدى الراحتين بالأخرى ويخلل أصابعهما لما روى أسلم قال : قلت لرسول الله A أنا جنب فنزلت آية التيمم فقال : [ يكفيك هكذا فضرب بكفيه الأرض ثم نفضهما ثم مسح بهما وجهه ثم أمرهما على لحيته ثم أعادهما إلى الأرض فمسح بهما الأرض ثم دلك إحداهما بالأخرى ثم مسح ذراعيه ظاهرهما وباطنهما ] .
فصل : والفرض مما ذكرناه النية ومسح الوجه ومسح اليدين بضربتين أو أكثر وتقديم الوجه على اليدين وسنته التسمية وتقديم اليمنى على اليسرى .
فصل : قال في الأم : فإن أمر غيره حتى يممه ونوى هو جاز كما يجوز في الوضوء وقال ابن القاص C : لا يجوز قلته تخريجا قال في الأم : وإن سفت الريح عليه ترابا ناعما فأمر يديه على وجهه لم يجزه لأنه لم يقصد الصعيد وقال القاضي أبو حامد C : هذا محمول عليه إذا لم يقصد فأما إذا صمد للريح فسفت عليه التراب أجزأه وهذا خلاف المنصوص .
فصل : ولا يجوز التيمم للمكتوبة إلا بعد دخول الوقت لأنه قبل دخول الوقت مستغن عن التيمم فلم يصح تيممه كما لو تيمم مع وجود الماء وإن تيمم قبل دخول الوقت لفائتة فلم يصلها حتى دخل وقت الحاضرة ففيه وجهان : قال أبو بكر ابن الحداد C : يجوز أن يصلي به الحاضرة بعد دخول الوقت لأنه تيمم وهو غير مستغن عن التيمم فأشبه إذا تيمم للحاضرة بعد دخول الوقت ومن أصحابنا من قال لا يجوز لأنها فريضة تقدم التيمم على وقتها فأشبه إذا تيمم لها قبل دخول الوقت .
فصل : ولا يجوز التيمم بعد دخول الوقت إلا للعادم للماء أو للخائف من استعماله فأما الواجد فلا يجوز له التيمم لقوله A : [ الصعيد الطيب وضوء المسلم ما لم يجد الماء ] فإن وجد الماء وهو محتاج إليه للعطش فهو كالعادم لأنه ممنوع من استعماله فأشبه إذا وجد ماء وحال بينهما سبع .
فصل : ولا يجوز للعادم للماء أن يتيمم إلا بعد الطلب لقوله D : { فلم تجدوا ماء فتيمموا } [ المائدة : 6 ] ولا يقال لم يجد إلا بعد الطلب ولنه بدل أجيز عند عدم المبدل فلا يجوز فعله إلا بعد ثبوت العدم كالصوم في الكفارة لا يفعله حتى يطلب الرقبة ولا يصح الطلب إلا بعد دخول الوقت لأنه إنما يطلب ليثبت شرط التيمم وهو عدم الماء فلم يجز في وقت لا يجوز فيه فعل التيمم والطلب أن ينظر عن يمينه وشماله وأمامه ووراءه فإن كان بين يديه حائل من جبل أو غير صعده ونظر حواليه وإن كان معه رفيق سأله عن الماء فإن بذله لزمه قبوله لأنه لا منة عليه في قبوله فإن باعه منه بثمن المثل وهو واجد للثمن غير محتاج إليه لزمه شراؤه كما يلزمه شراء الرقبة في الكفارة والطعام للمجاعة فإن لم يبذله له وهو غير محتاج إليه لنفسه لم يجز له أن يكابره على أخذه كما يكابره على طعام يحتاج إليه للمجاعة وصاحبه لا يحتاج إليه لأن الطعام ليس له بدل وللماء بدل فإن دل على ماء ولم يخف فوات الوقت ولا انقطاعا عن الرفقة لا ضررا على نفسه وماله لزمه طلبه وإن طلب ولم يجد فتيمم ثم طلع عليه ركب قبل أن يدخل في الصلاة لزمه أن يسألهم عن الماء فإن لم يجده معهم أعاد التيمم لأنه لما توجه عليه الطلب بطلب التيمم وإن طلب ولم يجد جاز له التيمم لقوله D : [ فلم تجدوا ماء فتيمموا ] [ المائدة : 6 ] وهل الأفضل أن يقدم التيمم والصلاة أم لا ؟ ينظر فيه فإن كان على ثقة من وجود الماء أخر الوقت فالأفضل أن يؤخر التيمم لأن الصلاة في أول وقتها فضيلة و الطهارة بالماء فريضة فكان انتظار الفريضة الأولى وإن كان على إياس من وجوده فالأفضل أن يتيمم ويصلي لأن الظاهر أنه لا يجد الماء فلا يضيع فضيلة أول الوقت لأمر لا يرجوه وإن كان يشك في وجوده ففيه قولان : أحدهما أن تأخيرها أفضل لأن الطهارة بالماء فريضة والصلاة في أول الوقت فضيلة فكان تقديم الفريضة أولى والثاني أن تقديم الصلاة بالتيمم أفضل وهو الأصح لأن فعلها في أول الوقت فضيلة متيقنة والطهارة بالماء مشكوك فيها فكان تقديم الفضيلة المتيقنة أولى فإن تيمم وصلى ثم علم أنه كان في رحله ماء نسيه لم تصح صلاته وعليه الإعادة على المنصوص لأنها طهارة واجبة فلا تسقط بالنسيان كما لو نسي عضوا من أعضائه فلم يغسله وروى أبو ثور عن الشافعي C أنه قال : تصح صلاته ولا إعادة عليه لأن النسيان عذر حال بينه وبين الماء فسقط الفرض بالتيمم كما لو حال بينهما سبع وإن كان في رحله ماء فأخطأ رحله فطلبه فلم يجده فتيمم وصلى ففيه وجهان : قال أبو علي الطبري C : لم تلزمه الإعادة لأنه غير مفرط في الطلب ومن أصحابنا من قال تلزمه لأنه فرط في حفظ الرحل فلزمته الإعادة .
فصل : وإن وجد بعض ما يكفيه للطهارة ففيه قولان : قال في الأم : يلزمه استعمال ما معه ثم يتيمم لقوله D : { فلم تجدوا ماء فتيمموا } [ المائدة : 6 ] وهذا واجد للماء فيجب أن لا يتيمم وهو واجد له ولأنه مسح أبيح للضرورة فلا ينوب إلا في موضع الضرورة كالمسح على الجبيرة وقال في القديم و الإملاء : يقتصر على التيمم لأن عدم بعض الأصل بمنزلة عدم الجميع في جواز الاقتصار على البدل كما تقول فيمن وجد بعض الرقبة في الكفارة .
فصل : وإن اجتمع ميت وجنب أو ميت وحائض انقطع دمها وهناك ما يكفي أحدهما فإن كان لأحدهما كان صاحبه أحق به لأنه محتاج إليه لنفسه فلا يجوز له بذله لغيره فإن بذله للآخر وتيمم لم يصح تيممه وإن كان الماء لهما كانا فيه سواء وإن كان الماء مباحا أو لغيرهما وأراد أن يجود على أحدهما فالميت أولى لأنه خاتمة طهارته والجنب والحائض يرجعان إلى الماء ويغتسلان وإن اجتمع ميت وحي على بدنه نجاسة والماء يكفي أحدهما ففيه وجهان : أحدهما أن صاحب النجاسة أولى لأنه ليس لطهارته بدل ولطهارة الميت بدل وهو التيمم فكان صاحب النجاسة أحق بالماء والثاني أن الميت أولى وهو ظاهر المذهب لأنه خاتمة طهارته وإن اجتمع حائض وجنب والماء يكفي أحدهما ففيه وجهان : قال أبو إسحاق C : الجنب أولى لأن غسله منصوص عليه في القرآن ومن أصحابنا من قال إن الحائض أولى لأنها تستبيح بالغسل ما يستبيح الجنب وزيادة وهو الوطء فكانت أولى وإن اجتمع جنب ومحدث وهناك ماء يكفي المحدث ولا يكفي الجنب فالمحدث أولى لأن حدثه يرتفع به ولا يرتفع به حدث الجنب وإن كان الماء يكفي الجنب ولا يفضل عنه شيء ويكفي المحدث ويفضل عنه ما يغسل به الجنب بعض بدنه ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أن الجنب أولى لأنه يستعمل جميع الماء بالإجماع فإذا دفعناه إلى المحدث بقي ماء مختلف في وجوب استعماله في الجنابة والثاني أن المحدث أولى لأن فيه تشريكا بينهما في الماء والثالث أنهما سواء فيدفع الماء إلى من شاء منهما لأنه يرفع حدث كل واحد منهما ويستعمله كل واحد منهما بالإجماع .
فصل : وإن لم يجد ماء ولا ترابا صلى على حسب حاله وأعاد الصلاة لأن الطهارة شرط من شروط الصلاة فالعجز عنها لا يبيح ترك الصلاة كستر العورة وإزالة النجاسة واستقبال القبلة والقيام والقراءة .
فصل : وأما الخائف من استعمال الماء فهو أن يكون به مرض أو قروح يخاف معها من استعمال الماء أو في برد شديد يخاف من استعمال الماء فينظر فيه فإن خاف التلف من استعمال الماء جاز له التيمم لقوله تعالى { وإن كنتم مرضى أو على سفر } إلى قوله : { فلم تجدوا ماء فتيمموا } [ المائدة : 6 ] قال ابن عباس Bه : إذا كانت بالرجل جراحة في سبيل الله أو قروح أو جدري فيجنب فيخاف أن يغتسل فيموت فإنه يتيمم بالصعيد وروي عن عمرو بن العاص C أنه قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت وصليت بأصحابي صلاة الصبح فذكرت ذلك للنبي فقال : [ يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ فقلت سمعت الله تعالى يقول : { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } ] [ النساء : 29 ] ولم ينكر عليه النبي A وإن خاف الزيادة في المرض وإبطاء البرء قال في الأم : لا يتيمم وقال في القديم و البويطي و الإملاء : يتيمم إذا خاف الزيادة فمن أصحابنا من قال هما قولان : أحدهما يتيمم لأنه يخاف الضرر من استعمال الماء فأشبه إذا خاف التلف والثاني لا يجوز لأنه واجد للماء لا يخاف التلف من استعماله فأشبه إذا خاف أنه يجد البرد ومنهم من قال لا يجوز قولا واحدا وما قال في القديم و البويطي و الإملاء محمول على ما إذا خاف زيادة مخوفة وحكى أبو علي في الإفصاح طريقا آخر أنه تيمم قولا واحدا وإن خاف من استعمال الماء شيئا فاحشا في جسمه فهو كما لو خاف الزيادة في المرض لأنه يألم قلبه بالشين الفاحش كما يألم قلبه بزيادة المرض وإن كان في بعض بدنه قرح يخاف من استعمال الماء فيه التلف غسل الصحيح وتيمم عن الجريح وقال أبو إسحاق يحتمل قولا آخر أنه يقتصر على التيمم كما لو عجز عن الماء في بعض بدنه للإعواز والأول أصح لأنه العجز هناك ببعض الأصل وههنا العجز ببعض البدن وحكم الأمرين مختلف ألا ترى أن الحر إذا عجز عن بعض الأصل في الكفارة جعل كالعاجز عن جميعه في الاقتصار على البدل ولو كان نصفه حرا ونصفه عبدا لم يكن العجز بالرق في البعض كالعجز في الجميع بل إذا ملك بنصفه الحر مالا لزمه أن يكفر بالمال .
فصل : ولا يجوز للمتيمم أن يصلي بتيمم واحد أكثر من فريضة و قال المزني : يجوز وهذا خطأ لما روي عن ابن عباس Bه أنه قال : من السنة أن لا يصلي بتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى وهذا يقتضي سنة رسول الله A ولأنه طهارة ضرورة فلا يصلي بها فريضتين من فرائض الأعيان كطهارة المستحاضة فإن نسي صلاة من صلاة اليوم والليلة لا يعرف عينها قضى خمس صلوات وفي التيمم وجهان : أحدهما أنه يكفيه تيمم واحد لأن المنسية واحدة وما سواها ليس بفرض و الثاني أنه يجب لكل واحدة تيمم لأنه صار كل واحد منها فرضا وإن نسي صلاتين من صلاة اليوم و الليلة ولا يعرف عينها لزمه أن يصلي خمس صلوات قال ابن القاص : يجب أن يتيمم لكل واحدة منها لأنه أي صلاة بدأ بها يجوز أن تكون هي المنسية فزال بفعلها حكم التيمم ويجوز أن تكون الثانية هي التي تليها فلا يجوز أداؤها بتيمم مشكوك فيه ومن أصحابنا قال يمكن أن يصلي ثماني صلوات بتيممين فيزيد ثلاث صلوات وينقص ثلاث تيممات فيتيمم ويصلي الصبح والظهر والعصر و المغرب ثم يتيمم ويصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء فيكون قد صلى إحداهما بالتيمم الأول والثانية بالتيمم الثاني وإن نسي صلاتين من يومين فإن كانتا مختلفتين فهما بمنزلة الصلاتين من يوم وليلة وإن كانتا متفقتين لزمه أن يصلي عشر صلوات فيصلي خمس صلوات بتيمم ثم يتيمم ويصلي خمس صلوات وإن شك هل هما متفقتان أو مختلفتان لزمه أن يأخذ بالأشد وهو أنهما متفقتان .
فصل : ويجوز أن يصلي بتيمم واحد ما شاء من النوافل لأنها غير محصورة فخف أمرها ولهذا أجيز ترك القيام فيها فإن نوى بالتيمم بالفريضة والنافلة جاز أن يصلي النافلة قبل الفريضة وبعدها لأنه نواها بالتيمم وإن نوى بالتيمم الفريضة ولم ينو النافلة جاز أن يصلي النفل بعدها وهل يجوز أن يصليها قبلها ؟ فيه قولان : قال في الأم : له ذلك لأن كل طهارة جاز أن ينتفل بها بعد الفريضة جاز قبلها كالوضوء وقال في البويطي : ليس له ذلك لأنه يصليها على وجه التبع للفريضة فلا يجوز أن يتقدم على متبرعها ويجوز أن يصلي على جنائز بتيمم واحد إذا لم يتعين عليه لأنه يجوز تركها فهي كالنوافل وإن تعينت عليه ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يجوز أن يصلي بتيم واحد أكثر من صلاة لأنها فريضة تعينت عليه فهي كالمكتوبة والثاني يجوز وهو ظاهر المذهب لأنها ليست من جنس فرائض الأعيان .
فصل : إذا تيمم عن الحدث استباح ما يستبيح بالوضوء فإن أحدث بطل تيممه كما يبطل وضوؤه ويمنع مما كان يمنع من قبل التيمم وإن تيمم عن الجنابة استباح ما يستبيح بالغسل من الصلاة وقراءة القرآن فإن أحدث منع من الصلاة ولم يمنع من قراءة القرآن لأن تيمم قام مقام الغسل ولو اغتسل ثم أحدث لم يمنع من القراءة فكذلك إذا تيمم ثم أحدث وإن تيمم ثم ارتد بطل تيممه لأن التيمم لا يرفع الحدث وإنما يستباح به الصلاة والمرتد ليس من أهل الاستباحة .
فصل : وإن تيمم لعدم الماء ثم رأى الماء فإذا كان قبل الدخول في الصلاة بطل تيممه لأنه لم يحصل في المقصود فصار كما لو رأى الماء في أثناء التيمم وإن رأى الماء بعد الفراغ من الصلاة نظرت فإن كان في الحضر أعاد الصلاة لأن عدم الماء في الحضر عذر نادر غير متصل فلم يسقط معه فرض الإعادة كما لو صلى بنجاسة نسيها وإن كان في السفر نظرت فإن كان في سفر طويل لم يلزمه الإعادة لأن عدم الماء في السفر عذر عام فسقط معه فرض الإعادة كالصلاة مع سلس البول وإن كان في سفر قصير ففيه قولان : أشهرهما أنه لا تلزمه الإعادة لأنه موضع يعدم فيه الماء غالبا فأشبه السفر الطويل وقال في البويطي : لا يسقط الفرض عنه لأنه لا يجوز له القصر فلا يسقط الفرض عنه بالتيمم كما لو كان في الحضر وإن كان في سفر معصية ففيه وجهان : أحدهما تجب عليه الإعادة لأن سقوط الفرض بالتيمم رخصة تتعلق بالسفر والسفر معصية فلا تجوز أن تتعلق به رخصة والثاني لا يجب لأنا لما أوجبنا عليه ذلك صار عزيمة فلا تلزمه الإعادة وإن كان معه في السفر ماء ودخل عليه وقت الصلاة فأراقه أو شربه من غير حاجة وتيمم وصلى ففيه وجهان : أحدهما تلزمه الإعادة لأنه مفرط في إتلافه والثاني لا تلزمه الإعادة لأنه تيمم وهو عادم للماء فصار كما لو أتلفه قبل دخول الوقت وإن رأى الماء في أثناء الصلاة نظرت فإن كان ذلك في الحضر بطل تيممه وصلاته لأنه تلزمه الإعادة لوجود الماء وقد وجد الماء فوجب أن يشتغل بالإعادة وإن كان في السفر لم يبطل تيممه وقال المزني : يبطل و المذهب الأول لأنه وجد الأصل بعد الشروع في المقصود فلا يلزمه الانتقال إليه كما لو حكم بشهادة شهود الفرع ثم وجد شهود الأصل وهل يجوز الخروج منها ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يجوز وإليه أشار في البويطي لأن ما لا يبطل الطهارة والصلاة لم يبح الخروج منها كسائر الأشياء وقال أكثر أصحابنا : يستحب الخروج منها كما قال الشافعي C فيمن دخل في صوم الكفارة ثم وجد الرقبة أن الأفضل أن يعتق فإن رأى الماء في الصلاة في السفر ثم نوى الإقامة بطل تيممه وصلاته لأنه اجتمع حكم السفر والحضر في الصلاة فوجب أن يغلب حكم الحضر ويصير كأنه تيمم وصلى وهو حاضر ثم رأى الماء وإن رأى الماء في أثناء الصلاة في السفر فأتمها وقد فنى الماء لم يجز له أن يتننفل حتى يجدد للتيمم لأن برؤيته الماء حرم عليه افتتاح الصلاة وإن رأى الماء في صلاة نافلة فإن كان قد نوى عددا أتمها كالفريضة وإن لم ينو عددا سلم من ركعتين ولم يزد عليهما وإن تيمم للمرض ثم برئ لم تلزمه الإعادة لأن المرض من الأعذار العامة فهو كعدم الماء في السفر وإن تيمم لشدة البرد وصلى ثم زال البرد فإن كان في الحضر لزمه الإعادة لأن ذلك من الأعذار النادرة وإن كان في السفر ففيه قولان : أحدهما لا يجب لأن عمرو بن العاص تيمم وصلى لشدة البرد وذكر للنبي A فلم يأمره بالإعادة والثاني يجب لأن البرد الذي يخاف منه الهلاك ولا يجد ما يدفع ضرره عذر نادر غير متصل فهو كعدم الماء في الحضر ومن صلى بغير طهارة لعدم الماء و التراب لزمه الإعادة لأن ذلك عذر نادر غير متصل فصار كما لو نسي الطهارة فصلى مع القدرة على الطهارة .
فصل : إذا كان على بعض أعضائه كسر يحتاج إلى وضع الجبائر وضع الجبيرة على طهر فإن وضعها على طهر ثم أحدث وخاف من نزعها أو وضعها على غير طهر وخاف من نزعها مسح على الجبائر لأن النبي A أمر عليا كرم الله وجهه أن يمسح الجبائر و لأنه تلحق المشقة في نزعها فجاز المسح عليها كالخف وهل يلزمه مسح الجميع أم لا ؟ فيه وجهان : أحدهما يلزمه مسح الجميع لأنه مسح أجيز للضرورة فوجب فيه الاستيعاب كالمسح في التيمم و الثاني أنه يجزيه ما يقع عليه الاسم لأنه مسح على حائل منفصل فهو كمسح الخف وهل يجز التيمم مع المسح ؟ فيه قولان : قال في القديم : لا يتيمم كما لا يتيمم مع المسح على الخف وقال في الأم : يتيمم لحديث جابر Bه أن رجلا أصابه حجز فشجه في رأسه ثم احتلم فاغتسل فمات فقال النبي A [ إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على رأسه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده ] ولأنه يشبه الجريح لأنه يترك غسل العضو لخوف الضرر ويشبه لابس الخف لأنه لا يخاف الضرر من غسل العضو وإنما يخاف المشقة في نزع الحائل كلابس الخف فلما أشبهها وجب عليه بين المسح والتيمم فإن نوى وقدر على الغسل فإن كان قد وضع الجبائر على غير طهر لزمه إعادة الصلاة وإن كان قد وضع على طهر ففيه قولان : أحدهما لا يلزمه كما لا يلزم ماسح الخف والثاني يلزمه لأنه ترك غسل العضو لعذر نادر غير متصل فكان كما لو ترك غسل العضو ناسيا