وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب ما يملكه المكاتب وما لا يملكه .
ويملك المكاتب بالعقد اكتساب المال بالبيع والإجارة والصدقة والهبة والأخذ بالشفعة والاحتشاش والاصطياد وأخذ المباحات وهو مع المولى كالأجنبي مع الأجنبي في ضمان المال وبذل المنافع وأرش الأطراف لأنه صار بما بذله له من العوض عن رقبته كالخارج عن ملكه ويملك التصرف في المال بما يعود إلى مصلحته ومصلحة ماله فيجوز أن ينفق على نفسه لأن ذلك من أهم المصالح وله أن يفدي في حياته نفسه أو رقيقه لأن له فيه مصلحة وله أن يختن غلامه ويؤد به لأن إصلاح للمال وأما الحد فالمنصوص أنه لا يملك إقامته لأن طريقه الولاية والمكاتب ليس من أهل الولاية ومن أصحابنا من قال له أن يقيم الحد كما يملك الحر في عبده وله أن يقتص في الجناية عليه وعلى رقيقه وذكر الربيع قولا آخر أنه لا يقتص من غير إذن المولى ووجهه أنه ربما عجز فيصير ذلك للسيد فيكون قد أتلف الأرش الذي كان للسيد أن يأخذه لو لم يقتص منه قال أصحابنا : هذا القول من تخريج الربيع والمذهب أنه يجوز أن يقتص لأن فيه مصلحة له .
فصل : وإن كان المكاتب جارية فوطئها المولى وجب عليها المهر ولها أن تطالب به لتستعين به على الكتابة لأنه يجري مجرى الكسب وإن أذهب بكارتها لزمه الأرش لأن ائتلاف جزء لايستحقه فضمن بدله كقطع الطرف وإن أتت منه بولد صارت مكاتبة وأم ولد وقد بينا حكمهما في أول الباب وإن كانت مكاتبة بين اثنين فأولدها أحدهما نظرت فإن كان معسرا صار نصيبه أم ولد وفي الولد وجهان : أحدهما وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن الولد ينعقد جميعه حرا ويثبت للشريك في ذمة الواطئ نصف قيمته لأنه يستحيل أن ينعقد نصف الولد حرا ونصفه عبدا والثاني وهو قول أبي إسحاق أن نصفه حر ونصفه مملوك وهو الصحيح اعتبارا بقدر ما يملك منها ولا يمتنع أن ينعقد نصفه حرا ونصفه عبدا كالمرأة إذا كان نصفها حرا ونصفها مملوكا فأتت بولد فإن نصفه حر ونصفه عبد وإن كان موسرا فالولد حر وصار نصيبه من الجارية أم ولد ويقوم على الواطئ نصيب شريكه وهل يقوم في الحال فيه طريقان : من أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما يقوم في الحال فإذا قوم انفسخت الكتابة وصار جميعها أم ولد للواطئ ونصفها مكاتبا له فإن أدت المال عتق نفسها وسرى إلى باقيها والقول الثاني أنه يؤخر التقويم إلى العجز فإن أدت ما عليها عتقت عليها بالكتابة وإن عجزت قوم على الواطئ نصيب شريكه وصار الجميع أم ولد وقال أبو علي بن أبي هريرة : لا يقوم في الاستيلاد نصيب الشريك في الحال قولا واحدا بل يؤخر إلى أن تعجز لأن التقويم في العتق فيه حظ للعبد لأنه يتعجل له الحرية في الباقي ولا حظ لها في التقويم في الاستيلاد بل الحظ في التأخير لأنه إذا أخر ربما أدت المال فعتقت وإذا قوم في الحال صارت أم ولد ولا تعتق إلا بالموت والصحيح هو الأول وأنه على قولين كالعتق لأن الاستيلاد كالعتق بل هو أقوى لأنه يصح من المجنون والعتق لا يصح منه فإذا كان في التقويم في العتق قولان وجب أن يكون في الاستيلاد مثلاه .
فصل : وإن أتت المكاتبة بولد من نكاح أو زنا ففيه قولان : أحدهما أنه موقوف فإن وقف الأم رق وإن عتقت عتق لأن الكتابة سبب يستحق به العتق فيتبع الولد الأم فيه كالاستيلاد والثاني أنه مملوك يتصرف فيه لأنه عقد يلحقه الفسخ فلم يسر إلى الولد كالرهن فإن قلنا إنه للمولى كان حكمه حكم العبد القن في الجناية والكسب والنفقة والوطء وإن قلنا إنه موقوف فقتل ففي قصته قولان : أحدهما انها لأمه تستعين بها في الكتابة لأن القصد بالكتابة طلب حظها والثاني أنها للمولى لأنه تابع للأم وقيمة الأم للمولى فكذلك قيمة ولدها فإن كسب الولد مالا ففيه قولان : أحدهما أنه للأم لأنه تابع لها في حكمها فكسبها لها فكذلك كسب ولدها والثاني أنه موقوف لأن الكسب نماء الذات وذاته موقوف فكذلك كسبه فعلى هذا يجمع الكسب فإذا عتق ملك الكسب كما تملك الأم كسبها إذا عتقت وإن رق بعجز الأم صار الكسب للمولى فمن أصحابنا من خرج فيه قولا ثالثا أنه للمولى كما قلنا في قيمته في أحد القولين وإن أشرفت الأم على العجز وكان في كسب الولد وفاء بمال الكتابة ففيه قولان : أحدهما أنه ليس للأم أن تستعين به على الأداء لأنه موقوف على السيد أو الولد فلم يكن للأم حق فيه والثاني أن لها أن تأخذه وتؤديه لأنها إذا أدت عتقت وعتق الولد فكان ذلك أحظ للولد من أن ترق ويأخذه المولى فإن احتاج الولد إلى النفقة ولم يكن في كسبه ما يفي فإن قلنا إن الكسب للمولى فالنفقة عليه وإن قلنا إنه للأم فالنفقة عليها وإن قلنا إنه موقوف ففي النفقة وجهان : أحدهما أنها على المولى لأنه مرصد لملكه والثاني أنها في بيت المال لأن المولى لا يملكه فلم يبق إلا بيت المال وإن كان الولد جارية فوطئها المولى فإن قلنا إن كسبه له لم يجب عليه المهر لأنه لو وجب لكان له وإن قلنا إنه للأم فالمهر لها وإن قلنا إنه موقوف وقف المهر وإن أحبلها صارت أم ولد بشبهة الملك ولاتلزمه قيمتها لأن القيمة تجب لمن يملكها والأم لا تملك رقبتها وإنما هي موقوفة عليها .
فصل : وإن حبس السيد المكاتب مدة ففيه قولان : أحدهما يلزمه تخليته في مثل تلك المدة لأنه دخل في العقد على التمكين من التصرف في المدة فلزمه الوفاء به والثاني تلزمه أجرة المثل للمدة التي حبسه فيها وهو الصحيح لأن المنافع لا تضمن بالمثل وإنما تضمن بالأجرة وإن قهر أهل الحرب المكاتب على نفسه مدة ثم أفلت من أيديهم ففيه قولان : أحدهما لا تجب تخليته في مكث المدة لأنه لم يكن الحبس من جهته والثاني تجب لأنه فات ما استحقه بالعقد ولا فرق بين أن يكون بتفريط أو غير تفريط كالمبيع إذا هلك في يد البائع ولا يجيء ههنا إيجاب الأجرة على المولى لنه لم يكن الحبس من جهته فلا تلزمه أجرته .
فصل : ولا يملك المكاتب التصرف إلا على وجه النظر والاحتياط لأن حق المولى يتعلق باكتسابه فإن أراد أن يسافر فقد قال في الأم يجوز وقال في الأمالي : لا يجوز بغير إذن المولى فمن أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما لا يجوز لأن فيه تغريرا والثاني يجوز لأنه من أسباب الكسب ومنهم من قال : إن كان السفر طويلا لم يجز وإن كان قصيرا جاز وحمل القولين على هذين الحالين والصحيح هو الطريق الأول .
فصل : ولا يجوز أن يبيع نسيئة وإن كان بأضعاف الثمن ولا على أن يأخذ بالثمن رهنا أو ضمينا لأنه يخرج المال من يده من غير عوض والرهن قد يتلف والضمين قد يفلس وإن باع ما يساوي مائة بمائة نقدا وعشرين نسيئة جاز لأنه لا ضرر فيه ولا يجوز أن يقرض ولا يضرب ولا يرهن لأنه إخراج مال بغير عوض .
فصل : ولا يجوز أن يشتري من يعتق عليه لأنه يخرج ما لا يملك التصرف فيه بمال لا يملك التصرف فيه وفي ذلك إضرار وإن وصى له بمن يعتق عليه فإن لم يكن له كسب لم يجز قبوله لأنه يحتاج أن ينفق عليه وفي ذلك إضرار وإن كان له كسب جاز قبوله لأنه لا ضرر فيه فإن قبله ثم صار زمنا لا كسب له فله أن ينفق فله لأن فيه إصلاح لماله .
فصل : ولا يعتق ولا يكاتب ولا يهب ولا يحابي ولا يبرئ من الدين ولا يكفر بالمال ولا ينفق على أقاربه الأحرار ولا يسرف في نفقة نفسه وإن كان له أمة مزوحة لم تبذل العوض للخلع لأن ذلك كله استهلاك للمال وإن كان عليه دين مؤجل لم يملك تعجيله لأنه يقطع التصرف فيما يجعله من المال من غير حاجة وإن كان مكاتبا بين نفسين لم يجز أن يقدم حق أحدهما لأن ما يقدمه من ذلك يتعلق به حقهما فلا يجوز أن يخص به أحدهما وإن أقر بجناية خطأ ففيه قولان : أحدهما يقبل لأنه إقرار بالمال فقبل كما لو أقر بدين معاملة والثاني لا يقبل لأنه يخرج به الكسب من غير عوض فبطل كالهبة وإن جنى هو أو عبد له يملك بيعه على أجنبي لم يجز أن يفديه بأكثر من قيمته لأن الفداء كالابتياع فلا يجوز بأكثر من القيمة وإن كان عبدا لا يملك بيعه كالأب والابن لم يجز أن يفديه بشيء قل أو كثر لأنه يخرج ما يملك التصرف فيه لاستبقاء ما لا يملك التصرف فيه .
فصل : وإن فعل ذلك كله بإذن المولى ففيه قولان : أحدهما لا يصح لأن المولى لا يملك ما في يده والمكاتب لا يملك ذلك بنفسه فلا يصح باجتماعهما كالأخ إذا زوج أخته الصغيرة بإذنها والثاني أنه يصح وهو الصحيح لأن المال موقوف عليهما ولا يخرج منهما فصح باجتماعهما كالشريكين في المال المشترك والراهن والمرتهن في الرهن وإن وهب للمولى أو حاباه أو أقرضه أو ضاربه أو عجل له ما تأجل من ديونه أو فدى جنايته عليه بأكثر من قيمته فإن قلنا يصح للأجنبي بإذن المولى صح وإن قلنا لا يصح في حق الأجنبي بإذنه لم يصح لأن قبوله كالإذن فإن وهب أو أقرض وقلنا إنه لا يصح فله أن يسترجع فإن لم يسترجع حتى عتق لم يسترجع على ظاهر النص لأنه إنما لم يصح لنقصانه وقد زال ذلك من أصحابنا من قال : له أن يسترجع لأنه قد وقع فاسدا فثبت له الاسترجاع .
فصل : ولا يتزوج المكاتب إلا بإذن المولى لما روي أن النبي ( ص ) قال : [ أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر ] ولأنه يلزمه المهر والنفقة في كسبه وفي ذلك إضرار بالمولى فلم يجز بغير إذنه فإن أذن له المولى جاز قولا واحدا للخبر ولأن الحاجة تدعو إليه بخلاف الهبة .
فصل : ولا يتسرى بجارية من غير إذن المولى لأنه ربما أحبلها فتلفت بالولادة فإن أذن له المولى وقلنا إن العبد يملك ففيه طريقان : من أصحابنا من قال على قولين كالهبة ومنهم من قال : يجوز قولا واحدا لنه ربما دعت الحاجة إليه فجاز كالنكاح فإن أولدها فالولد ابنه ومملوكه لأنه ولد جاريته وتلزمه نفقته لأنه مملوكه بخلاف ولد الحرة ولا يعتق عليه لنقصان ملكه فإن أدى المال عتق معه لأنه كمل ملكه وإن رق رق معه .
فصل : ويجب على المولى الإيتاء وهو أن يضع عنه جزءا من المال أو يدفع إليه جزءا من المال لقوله D : { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } [ النور : 33 ] وعن علي كرم الله وجهه أن النبي ( ص ) قال في هذه الآية : [ يحط عنه ربع الكتابة ] والوضع أولى من الدفع لأنه يتحقق الانتفاع به في الكتابة ن واختلف أصحابنا في القدر الواجب فمنهم من قال : ما يقع عليه الاسم من قليل أو كثير وهو المذهب لأن اسم الإيتاء يقع عليه وقال أبو إسحاق : يختلف باختلاف قلة المال وكثرته فإن اختلفا قدره الحاكم باجتهاده كما قلنا في المتعة فإن اختار الدفع جاز بعد العقد للآية وفي وقت الوجوب وجهان : أحدهما يجب بعد العتق كما تجب المتعة بعد الطلاق والثاني أنه يجب قبل العتق لأنه إيتاء وجب للمكاتب فوجب قبل العتق كالإيتاء في الزكاة ولا يجوز الدفع من غير جنس مال الكتابة لقوله تعالى : { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } فإن دفع إليه من جنسه من غير ما أداه إليه ففيه وجهان : أحدهما يجوز كما يجوز في الزكاة أن يدفع من غير المال الذي وجب فيه الزكاة والثاني لا يجوز وهو الصحيح للآية وإن سبق المكاتب وأدى المال لزم المولى أن يدفع إليه لأنه مال وجب للآدمي فلم يسقط من غير أداء ولا إبراء كسائر الديون وإن مات المولى و عليه دين حاص المكاتب أصحاب الديون ومن أصحابنا من قال : يحاص الوصايا لأنه دين ضعيف غير مقدر فسوى بينه وبين الوصايا والصحيح هو الأول لأنه دين واجب فحاص به سائر الغرماء كسائر وبالله التوفيق