وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب المدبر .
التدبير قربة لأنه يقصد به العتق ويعتبر من الثلث في الصحة والمرض لما روى عن ابن عمر Bهما أن النبي ( ص ) قال : [ المدبر من الثلث ] ولأنه تبرع يتنجز بالموت فاعتبر من الثلث كالوصية فإن دبر عبدا وأوصى بعتق آخر وعجز الثلث عنهما أقرع بينهما ومن أصحابنا من قال فيه قول آخر أنه يقدم المدبر لأنه يعتق بالموت والموصى بعتقه لا يعتق بالموت والصحيح هو الأول لأن لزومهما بالموت فاستويا .
فصل : ويصح من السفيه لأنه إنما منع من التصرف حتى لا يضيع ماله فيفتقر وبالتدبير لا يضيع ماله لأنه باق على ملكه وإن مات استغنى عن المال وحصل له الثواب وهل يصح من الصبي المميز ؟ فيه قولان : أحدهما أنه يصح لما ذكرناه في السفيه والثاني لا يصح وهو الصحيح لأنه ليس من أهل العقود فلم يصح تدبيره كالمجنون .
فصل : والتدبير هو أن يقول إن مت فأنت حر فإن قال دبرتك أو أنت مدبر ونوى العتق صح و إن لم ينو فالمنصوص في المدبر أنه يصح وقال في المكاتب : إذا قال كاتبتك على كذا وكذا لم يصح حتى يقول إن أديت أنت حر فمن أصحابنا من نقل جوابه في المدبر إلى المكاتب وجوابه في المكاتب إلى المدبر وجعلهما على قولين أحدهما أنهما صريحان لأنهما موضوعان للعتق في عرف الشرع والثاني أنهما كنايتان فلا يقع العتق بهما إلا بقرينة أو نية لأنهما يستعملان في العتق وغيره ومنهم من قال في المدبر صريح وفي المكاتب كناية ولم يذكر فرقا يعتمد عليه .
فصل : و يجوز مطلقا وهو أن يقول إن مت فأنت حر و يجوز مقيدا وهو أن يقول إن مت من هذا المرض أو في هذا البلد فأنت حر لأنه عتق معلق على صفة فجاز مطلقا ومقيدا كالعتق المعلق على دخول الدار و يجوز تعليقه على شرطك بأن يقول إن دخلت الدار فأنت حر بعد موتي كما يجوز أن يعلق العتق المعلق على دخول الدار بشرط قبله فإن وجد الشرط صار مدبرا وإن لم يوجد الشرط حتى مات السيد لم يصر مدبرا لأنه علق التدبير على صفة وقد بطلت الصفة بالموت فسقط ما عتق عليه .
فصل : و يجوز تدبير المعتق بصفة كما يجوز أن يعلق عتقه على صفة أخرى فإن وجدت الصفة قبل الموت عتق بالصفة وبطل التدبير به وإن مات قبل وجود الصفة عتق بالتدبير وبطل العتق بالصفة و يجوز تدبير المكاتب كما يجوز أن يعلق عتقه على صفة فإن دبره صار مكاتبا مدبرا ويستحق العتق بالكتابة و التدبير فإن أدى المال قبل الموت عتق بالكتابة وبطل التدبير وإن مات قبل الأداء فإن كان يخرج من الثلث عتق بالتدبير وبطلت الكتابة وإن لم يخرج جميعه عتق منه بقدر الثلث ويسقط من مال الكتابة بقدره وبقي الباقي على الكتابة ولا يجوز تدبير أم الولد لأن الذي يقتضيه التدبير هو العتق بالموت وقد استحقت مال الكتابة بقدره وبقي الباقي على الكتابة ولا يجوز تدبير أم الولد لأن الذي يقتضيه التدبير هو العتق بالموت وقد استحقت ذلك بالاستيلاد فلم يفد التدبير شيئا فإذا دبرها ومات عتقت بالاستيلاد من رأس المال .
فصل : و يجوز تدبير الحمل كما يجوز في بعض عبد كما يجوز عتقه و يجوز في العتق فإن كان بين رجلين عبد فدبر أحدهما نصيبه وهو موسر فهل يقوم عليه نصيب شريكه ليصير الجميع مدبرا ؟ فيه قولان : أحدهما يقوم عليه لأنه أثبت له شيئا يفضي إلى العتق لا محالة فأوجب التقويم كما لو استولد جارية بينه وبين غيره والثاني وهو المنصوص أنه لا يقوم عليه لأن التقويم إنما يجب بالإتلاف كالعتق أو بسبب يوجب الإتلاف كالإستيراد والتدبير ليس بإتلاف ولا سبب يوجب الإتلاف لأنه يمكن نقضه بالتصرف فلم يوجب التقويم فإن كان له عبد فدبر بعضه فالمنصوص أنه لا يسري إلى الباقي ومن أصحابنا من قال فيه قول آخر أنه يسري فيصير الجميع مدبرا ووجههما ما ذكرناه في المسألة قبلها فإن كان عبد بين اثنين فدبراه بأن قال كل واحد منهما إذا مت فأنت حر جاز كما لو أعتقاه فإن أعتق أحدهما نصيبه بعد التدبير وهو موسر فهل يقوم عليه نصيب شريكه ليعتق ؟ فيه قولان منصوصان أحدهما لا يقوم عليه لأن لنصيب شريكه جهة يعتق بها فاستغنى عن التقويم ولأنا إذا قومناه على المعتق أبطلنا على شريكه ما ثبت له من العتق والولاء بحكم التدبير والثاني يقوم عليه ليصير الكل حرا لأن المدبر كالقن في الملك والتصرف فكان كالقن في التقويم والسراية فإن كان بين نفسين عبد فقالا إذا متنا فأنت حر لم يعتق حصة واحد منهما إلا بموته وموت شريكه فإن ماتا معا عتق عليهما بوجود الصفة فإن مات أحدهما قبل الآخر انتقل نصيب الميت إلى وارثه ووقف عتقه على موت الآخر فإذا مات الآخر عتق فإن قالا أنت حبيس على آخرنا موتا فالحكم فيها كالحكم في المسألة قبلها إلا في فصل واحد وهو أن في المسألة الأولى إذا مات أحدهما انتقل نصيب الميت إلى وارثه إلى أن يموت الآخر وفي هذه إذا مات أحدهما كان منفعة نصيبه موصى بها للآخر إلى أن يموت لقوله أنت حبيس على آخرنا موتا فإذا مات الآخر عتق .
فصل : ويملك المولى بيع المدبر لما روى جابر Bه أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر منه ولم يكن له مال غيره فأمر به النبي ( ص ) فبيع بسبعمائة أو بتسعمائة ويملك هبته ووقفه وكتابته قياسا على البيع ويملك أكسابه ومنافعه وأرش ما يجني عليه لأنه لما كان كالعبد القن في التصرف في الرقبة كان كالقن فيما ذكرناه وإن جنى خطأ تعلق الأرش برقبته وهو بالخيار بين أن يسلمه للبيع وبين أن يفديه كما يفدي العبد القن لأنه كالقن في جواز بيعه فكان كالقن في جواز التسليم للبيع والفداء وإن مات السيد قبل أن يفديه فإن قلنا لا يجوز عتق الجاني لم يعتق وللوارث الخيار بين التسليم للبيع وبين الفداء كالسيد في حياته وإن قلنا يجوز عتق الجاني عتق من الثلث ووجب أرش الجناية من التركة لأنه عتق بسبب من جهته فتعلق الأرش بتركته ولا يجب إلا أقل الأمرين من قيمته أو أرش الجناية لأنه لا يمكن تسليمه للبيع بعد العتق .
فصل : وإن كان المدبر جارية فأتت بولد من النكاح أو الزنا فهل يتبعها في التدبير ؟ فيه قولان : أحدهما يتبعها لأنها تستحق الحرية فتبعها الولد كأم الولد فعلى هذا إن ماتت الأم في حياة المولى لم يبطل التدبير في الولد والثاني لا يتبعها لأنه عقد يلحقه الفسخ فلم يسر إلى الولد كالرهن والوصية وإن دبرها وهي حامل تبعها الولد قولا واحدا كما يتبعها في العتق وإن دبر عبدا ثم ملكه جارية فأتت منه بولد لحقه نسبه لأنه يملكها في أحد القولين وله فيها شبهة في القول الثاني لاختلاف الناس في ملكه فإن قلنا لا يملك الجارية فالولد مملوك للمولى لأنه ولد أمته وإن قلنا يملكها فالولد ابن المدبر ومملوكه لأنه من أمته وهل يكون مدبرا فيه وجهان : أحدهما أنه ليس بمدبر لأن الولد إنما يتبع الأم دون الأب والأم غير مدبرة والثاني أنه مدبر لأنها علقت به في ملكه فكان كالأب كولد الحر من أمته .
فصل : و يجوز الرجوع في التدبير بما يزيل الملك كالبيع والهبة المقبوضة لما رويناه من حديث جابر Bه وهل يجوز بلفظ الفسخ كقوله فسخت ونقضت ورجعت ؟ فيه قولان : أحدهما أنه يجري مجرى الوصية فيجوز له فسخه بلفظ الفسخ وهو اختيار المزني لأنه تصرف يتنجز بالموت يعتبر من الثلث فهو كالوصية والثاني أنه يجري مجرى العتق بالصفة فلا يجوز فسخه بلفظ الفسخ وهو الصحيح لأنه عتق علقه على صفة فهو كالعتق بالصفات وإن وهبه ولم يقبضه فقد اختلف أصحابنا فمنهم من قال إن قلنا إنه كالوصية فهو رجوع وإن قلنا إنه كالعتق بالصفة فليس برجوع لأنه لم يزل الملك ومنهم من قال هو رجوع على القولين لأنه تصرف يفضي إلى زوال الملك وإن كاتبه فإن قلنا إن التدبير كالوصية كان رجوعا كما لو أوصى بعبد ثم كاتبه وإن قلنا إنه كالعتق بالصفة لم يكن رجوعا بل يصير مدبرا مكاتبا وحكمه ما ذكرناه فيمن دبر مكاتبا وإن دبره ثم قال إن أديت إلى وارثي ألفا فأنت حر فإن قلنا إنه كالوصية كان ذلك رجوعا في التدبير لأنه عدل عن العتق بالموت إلى العتق بأداء المال فبطل التدبير ويتعلق العتق بالأداء وإن قلنا إنه كالعتق بالصفة وخرج من الثلث عتق بالتدبير وسقط حكم الأداء بعده لأنه علق عتقه بصفة متقدمة ثم علقه بصفة متأخرة فعتق بأسبقهما وأسبقهما الموت فعتق به وإن دبر جارية ثم أولدها بطل التدبير لأن العتق بالتدبير والاستيلاد في وقت واحد والاستيلاد أقوى فأسقط التدبير .
فصل : و يجوز الرجوع في تدبير البعض كما يجوز التدبير في الابتداء في البعض وإن دبر جارية فأتت بولد من نكاح أو زنا وقلنا إنه يتبعها في التدبير ورجع في تدبير الأم لم يتبعها الولد في الرجوع وإن تبعها في التدبير كما أن ولد أم الولد يتبعها في حق الحرية ثم لا يتبعها في بطلان حقها من الحرية بموتها وإن دبرها الصبي وقلنا إنه يصح تدبيره فإن قلنا يجوز الرجوع بلفظ الفسخ جاز رجوعه لأنه لا حجر عليه في التدبير فجاز رجوعه فيه كالبالغ وإن قلنا لا يجوز الرجوع إلا بتصرف يزيل الملك لم يصح الرجوع في تدبيره إلا بتصرف يزيل الملك من جهة الولي .
فصل : وإن دبر عبده ثم ارتد فقد قال أبو إسحاق : لا يبطل التدبير فإن مات عتق العبد لأنه تصرف نفذ قبل الرد فلم تؤثر الردة فيه كما لو باع ماله ثم ارتد ومن أصحابنا من قال : يبطل التدبير لأن المدبر إنما يعتق إذا حصل للورثة شيء مثلاه وهاهنا لم يحصل للورثة شيء فلم يعتق ومنهم من قال : يبنى على الأقوال في ملكه فإن قلنا يزول ملكه بالردة بطل لأنه زال ملكه فيه فأشبه إذا باعه وإن قلنا لا يزول لم يبطل كما لو لم يدبر وإن قلنا موقوف فالتدبير موقوف وما قال أبو إسحاق غير صحيح لأنه ارتد والمدبر على ملكه فزال بالردة بخلاف ما لو باعه قبل الردة وقال الآخر : لا يصح لأن ماله بالموت صار للمسلمين وقد حصل لهم مثلاه .
فصل : وإن دبر الكافر عبدا كافرا ثم أسلم العبد ولم يرجع السيد في التدبير ففيه قولان : أحدهما يباع عليه وهو اختيار المزني لأنه يجوز بيعه فبيع عليه كالعبد القن والثاني لا يباع عليه وهو الصحيح لأنه لا حظ للعبد في بيعه لأنه يبطل به حقه من الحرية فعلى هذا هو بالخيار بين أن يسلمه إلى مسلم وينفق عليه إلى أن يرجع في التدبير فيباع عليه أو يموت فيعتق عليه وبين أن يخارجه على شيء لأنه لا سبيل إلى قراره في يده فلم يجز إلا ما ذكرناه فإن مات السيد وخرج من الثلث عتق وإن لم يخرج عتق منه بقدر الثلث وبيع الباقي على الورثة لأنه صار قنا .
فصل : وإن اختلف السيد والعبد فادعى العبد أنه دبره وأنكر السيد فإن قلنا إن التدبير كالعتق بالصفة صح الاختلاف لأنه لا يمكن الرجوع فيه والقول قول السيد لأن الأصل أنه لم يدبر وإن قلنا إنه كالوصية ففيه وجهان : أحدهما أن القول قول السيد لأن جحوده رجوع وهو يملك الرجوع والثاني أنه ليس برجوع وهو المذهب لأنه قال في الدعوى والبينات إذا أنكر السيد قلنا له قل رجعت ولا يحتاج إلى اليمين فدل على أن جحوده ليس برجوع والدليل عليه أن جحود الشيء ليس برجوع كما أن جحود النكاح ليس بطلاق فعلى هذا يصح الاختلاف والحكم فيه كالحكم فيه إذا قلنا إنه عتق الصفة وإن مات السيد واختلف العبد والوارث صح الاختلاف على القولين والقول قول الوارث وإن كان في يده مال فقال كسبته بعد العتق وقال الوارث بل كسبته قبل العتق فالقول قول المدبر لأن الأصل عدم الكسب إلا في الوقت الذي وجد فيه وقد وجد وهو في يد المدبر فكان له وإن كان أمة ومعها ولد فادعت أنها ولدته بعد التدبير وقال الوارث بل ولدته قبل التدبير فالقول قول الوارث لأن الأصل في الولد الرق .
فصل : و يجوز تعليق العتق على صفة مثل أن يقول إن دخلت الدار فأنت حر وإن أعطيتني ألفا فأنت حر لأنه عتق على صفة فجاز كالتدبير فإن قال ذلك في المرض اعتبر من الثلث لأنه لو أعتقه اعتبر من الثلث فإن عقده اعتبر من الثلث وإن قال ذلك وهو صحيح اعتبر من رأس المال سواء وجدت الصفة وهو صحيح أو وجدت وهو مريض لأن العتق إنما يعتبر من الثلث في حال المرض لأنه قصد إلى الإضرار بالورثة في حال يتعلق حقهم بالمال وههنا لم يقصد إلى ذلك فإن علق العتق على صفة مطلقة ثم مات بطل لأن تصرف الإنسان مقصور على حال الحياة فحمل على إطلاق الصفة عليه وإن علق عتقه على صفة بعد الموت لم يبطل بالموت لأنه يملك العتق بعد الموت في الثلث فملك عقده على صفة بعد الموت .
فصل : وإن علق عتق أمة على صفة ثم أتت بولد من النكاح أو الزنا فهل يتبعها الولد ؟ فيه قولان كما قلنا في المدبر فإن بطلت الصفة في الأم بموتها أو بموته بطلت في الولد لأن الولد يتبعها في العتق لا في الصفة بخلاف ولد المدبرة فإنه يتبعها في التدبير فإذا بطل فيها بقي فيه وإن قال لأمته أنت حرة بعد موتي بسنة فمات السيد وهي تخرج من الثلث فللوارث أن يتصرف في كسبها ومنفعتها ولا يتصرف في رقبتها لأنها موقوفة على العتق فإن أتت بولد بعد موت السيد فقد قال الشافعي C : يتبعها الولد قولا واحدا فمن أصحابنا من قال قولان كالولد الذي تأتي به قبل الموت والذي قاله الشافعي C أحد القولين ومنهم من قال يتبعها الولد قولا واحدا لأنها أتت به وقد استقر عتقها بالموت فيتبعها الولد كأم الولد بخلاف ما قبل الموت فإن عتقها غير مستقر لأنه يلحقه الفسخ .
فصل : وإن علق عتق عبده على صفة لم يملك الرجوع فيها بالقول لأنه كاليمين أو كالنذر والرجوع في الجميع لا يجوز و يجوز الرجوع فيه بما يزيل الملك كالبيع وغيره فإن علق عتقه على صفة ثم باعه ثم رجع إليه فهل يعود حكم الصفة ؟ فيه قولان بناء على القولين فيمن علق طلاق امرأته على صفة وبانت منه ثم تزوجها وإن دبر عبده ثم باعه ثم رجع إليه فإن قلنا إن التدبير كالوصية لم يرجع لأن الوصية إذا بطلت لم تعد وإن قلنا إنه كالعتق بصفة فهل يعود أم لا على ما ذكرناه في القولين