وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب إحياء الموات .
يستحب إحياء الموات لما روى جابر Bه أن النبي ( ص ) قال : [ من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر وما أكله العوافي منها فهو له صدقة ] وتملك به الأرض لما روى سعيد بن زيد Bه أن رسول الله ( ص ) قال : [ من أحيا أرضا ميتة فهي له ] و يجوز ذلك من غير إذن الإمام للخبر ولأنه تملك مباح فلم يفتقر إلى إذن الإمام كالاصطياد .
فصل : وأما الموات الذي جرى عليه الملك وباد أهله ولم يعرف مالكه ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه يملك بالإحياء لما روى طاوس أن النبي ( ص ) قال : [ عادي الأرض لله ورسوله ثم هي لكم بعد ] ولأنه إن كان في دار الإسلام فهو كاللقطة التي لا يعرف مالكها وإن كان في دار الحرب فهو كالركاز والثاني لا يملك لأنه إن كان في دار الإسلام فهو لمسلم ولذمي أو لبيت المال فلا يجوز إحياؤه وإن كان في دار الحرب جاز أن يكون لكافر لا يحل ماله أو لكافر لم تبلغه الدعوة فلا يحل ماله ولا يجوز تملكه والثالث أنه إن كان في دار الإسلام لم يملك وإن كان في دار الحرب ملك لأن ما كان في دار الإسلام فهو في الظاهر لمن له حرمة وما كان في دار الحرب فهو في الظاهر لمن لا حرمة له ولهذا ما يوجد في دار الحرب يخمس وما يوجد في دار الإسلام يجب تعريفه وإن قاتل الكفار عن أرض ولم يحيوها ثم ظهر المسلمون عليها ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز أن تملك بالإحياء بل هي غنيمة بين الغانمين لأنهم لما منعوا عنها صاروا فيها كالمتحجرين فلم تملك بالإحياء والثاني أنه يجوز أن تملك بالإحياء لأنهم لم يحدثوا فيها عمارة فجاز أن تملك بالإحياء كسائر الموات .
فصل : وما يحتاج إليه لمصلحة العامر من المرافق كحريم البئر وفناء الدار والطريق ومسيل الماء لا يجوز إحياؤه لأنه تابع للعامر فلا يملك بالإحياء ولأنا لو جوزنا إحياءها أبطلنا الملك في العامر على أهله وكذلك ما بين العامر من الرحاب والشوارع ومقاعد الأسواق لا يجوز تملكه بالإحياء لأن الشرع قد ورد بإحياء الموات وهذا من جملة العامر لنا لو جوزنا ذلك ضيقنا على الناس في أملاكهم وطرقهم وهذا لا يجوز .
فصل : و يجوز إحياء كل من يملك المال لأنه فعل يملك به فجاز من كل من يملك المال كالاصطياد ولا يجوز للكافر أن يملك بالإحياء في دار الإسلام ولا للإمام أن يؤذن له في ذلك لما روي أن النبي ( ص ) قال : [ موتان الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني ] فجمع الموتان وجعلها للمسلمين فانتفى أن يكون لغيرهم ولأن موات الدار من حقوق الدار والدار للمسلمين فكان الموات لهم كمرافق المملوك لا يجوز لغير المالك إحياؤه ولا يجوز للمسلم أن يحيي الموات في بلد صولح الكفار على المقام فيه لأن الموات تابع للبلد فإن لم يجز تملك البلد عليهم لم يجز تملك مواته .
فصل : والإحياء الذي يملك به أن يعمر الأرض لما يريده ويرجع في ذلك إلى العرف لأن النبي ( ص ) أطلق الإحياء ولم يبين فحمل على المتعارف فإن كان يريده للسكنى فأن يبني سور الدار من اللبن والآجر والطين والجص إن كانت عادتهم ذلك أو القصب أو الخشب إن كانت عادتهم ذلك ويسقف وينصب عليه الباب لأنه لا يصلح للسكنى بما دون ذلك فإن أراد مراحا للغنم أو حظيرة للشوك والحطب بنى الحائط ونصب عليه الباب لأنه لا يصير مراحا وحظيرة بما دون ذلك وإن أراد للزراعة فأن يعمل لها مسناة ويسوق الماء إليها من نهر أو بئر فإن كانت الأرض من البطائح فأن يحبس عنها الماء لأن إحياء البطائح أن يحبس عناه الماء كما أن إحياء اليابس بسوق الماء إليه ويحرثها وهو أن يصلح ترابها وهل يشترط غير ذلك ؟ فيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه لا يشترط غير ذلك وهو المنصوص في الأم وهو قول أبي إسحاق لأن الإحياء قد تم وما بقي إلا الزراعة ذلك انتفاع بالمحيا فلم يشترط كسكنى الدار والثاني وهو ظاهر وما نقله المزني أنه لا يملك إلا بالزراعة لأنها من تمام العمارة ويخالف السكنى فإنه ليس من تمام العمارة وإنما هو كالحصاد في الزرع والثالث وهو قول أبي العباس أنه لايتم إلا بالزراعة والسقي لأن العمارة لا تكمل إلا بذلك وإن أراد حفر بئر فإحياؤها أن يحفر إلى أن يصل إلى الماء لأنه لا يحصل البئر إلا بذلك فإن كانت الأرض صلبة تم الإحياء وإن كانت رخوة لم يتم الإحياء حتى تطوق البئر لأنها لا تكمل إلا به .
فصل : وإذا أحيا الأرض ملك الأرض وما فيها من المعادن كالبلور والفيروزج والحديد والرصاص لأنها من أجزاء الأرض فملك بملكها وبملك ما يتبع فيها من الماء والقار وغير ذلك وقال أبو إسحاق لا يملك الماء وما ينبع فيها وقد بينا ذلك في البيوع ويملك ما ينبت فيها من الشجر والكلأ وقال أبو القاسم الصيمري لا يملك الكلأ لما روي أن أبيض بن حمال سأل رسول الله ( ص ) عن حمى الأراك فقال رسول الله ( ص ) : [ لا حمى في الأراك ] ولأنه لو فرخ في الأرض طائر لم يملك فكذلك إذا نبت فيه الكلأ وقال أكثر أصحابنا يملك لأنه نماء الملك فملكه بملكه كشعر الغنم .
فصل : ويملك بالإحياء ما يحتاج إليه من المرافق كفناء الدار والطريق ومسيل الماء وحريم البئر وهو بقدر ما يقف فيه المستقي إن كانت البئر للشرب وقدر ما يمر فيه الثور إن كانت للسقي وحريم النهر وهو ملقى الطين وما يخرج منه من التقن ويرجع في ذلك إلى أهل العرف في الموضع والدليل عليه ماروى عبد الله بن مغفل أن النبي ( ص ) قال : [ من احتفر بئرا فله أربعون ذراعا حولها عطن لماشيته ] وروى ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال : من السنة أن حريم القليب العادية خمسون ذراعا وحريم البدئ خمسة وعشرون ذراعا وحريم بئر الزرع ثلاثمائة ذراع فإن أحيا أرضا إلى جنب غيره فجعل أحدهما داره مدبغة أو مقصرة لم يكن للآخر معه من ذلك لنه تصرف مباح في ملكه فلم يمنع منه وإن ألصق حائطه بحائطه منع من ذلك وإن طرح في أصل حائط سرجينا منع منه لنه تصرف باشر ملك الغير بما يضر به فمنع منه فإن حفر حشا في أصل حائطه لم يمنع منه لأنه تصرف في ملكه ومن أصحابنا من قال : يمنع لأنه يضر بالحاجز الذي بينهما في الأرض وإن ملك بئرا بالإحياء فجاء رجل وتباعد عن حريمه وحفر بئرا فنقص ماء الأول لم يمنع منه لأنه تصرف في موات لا حق لغيره فيه .
فصل : وإن تحجر رجل مواتا وهو أن يشرع في إحيائه ولم يتمم صار أحق به من غيره قوله ( ص ) : [ من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به ] وإن نقله إلى غيره صار الثاني أحق به لأنه آثره صاحب الحق به وإن مات انتقل ذلك إلى وارثه لأنه حق تملك ثبت له فانتقل إلى وارثه كالشفعة وإن باعه ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي إسحاق أنه يصح لأنه صار به فملك بيعه والثاني أنه لا يصح وهو المذهب لأنه لم يملكه بعد فلم يملك بيعه كالشفيع قبل الأخذ وإن بادر غيره إلى إحيائه نظرت فإن كان ذلك قبل أن تطول المدة ففيه وجهان : أحدهما لا يملك لأن يد المتحجر أسبق والثاني يملك لأن الإحياء يملك به والتحجر لا يملك به فقدم ما يملك به على ما لا يملك به وإن طالت المدة ولم يتمم قال له السلطان : إما أن تعمر وإما أن ترفع يدك لأنه ضيق على الناس في حق مشترك بينهم فلم يمكن منه كما لو وقف في طريق ضيق أو مشرعة ماء ومنع غيره وإن سأل أن يمهل أمهل مدة قريبة فإن انقضت المدة ولم يحي فبادر غيره فأحيا ملك لأنه لا حق له بعد انقضاء المدة .
فصل : ومن سبق في الموات إلى معدن ظاهر وهو الذي يوصل إلى ما فيه من غير مؤنة كالماء والنفط والمومياء والياقوت والبرام والملح والكحل كان أحق به لقوله ( ص ) : [ من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به ] فإن أطال المقام ففيه وجهان : أحدهما لا يمنع لأنه سبق إليه والثاني يمنع لأنه يصير كالمتحجر فإن سبق اثنان وضاق المكان وتشاحا فإن كانا يأخذان للتجارة هايأ الإمام بينهما فإن تشاحا في السبق أقرع بينهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر فقدم بالقرعة وإن كانا يأخذان للحاجة ففيه ثلاثة أوجه : أحدها يقرع بينهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر والثاني يقسم بينهما لأنه يمكن لهما القسمة فلا يؤخر حقه والثالث يقدم الإمام أحدهما لأن للإمام نظرا في ذلك فقدم من رأى تقديمه وإن كان من ذلك ما يلزم عليه مؤنة بأن يكون بقرب الساحل موضع إذا حصل فيه الماء حصل فيه ملح جاز أن يملك بالإحياء لأنه يوصل إليه بالعمل والمؤنة فملك بالإحياء كالموات .
فصل : وإن سبق إلى معدن باطن وهو الذي لا يوصل إليه إلا بالعمل والمؤنة كمعدن الذهب والفضة والحديد والرصاص والياقوت والفيروزج فوصل إلى نيله ملك ما أخذه لقوله ( ص ) : [ من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به ] وهل يملك المعدن فيه قولان : أحدهما يملكه لأنه موات لا يوصل إلى ما فيه إلا بالعمل والإنفاق فملكه بالإحياء كموات الأرض والثاني لا يملك وهو الصحيح لأن النبي ( ص ) علق الملك في الموت على الإحياء وهو العمارة والعمل في المعدن حفر وتخريب فلا يملك به ولأنه يحتاج في كل جزء يأخذه إلى عمل فلا يملك منه إلا ما أخذ ويخالف موات الأرض لأنه إذا عمر انتفع به على الدوام من غير عمل مستأنف فملك به فإن قلنا إنه يملك بالإحياء ملكه إلى القرار وملك مرافقه فإن تباعد إنسان عن حريمه وحفر معدنا فوصل إلى العرق لم يمنع من أخذ ما فيه لأنه إحياء في موات لاحق فيه لغيره فإن حفر ولم يصل إلى النيل صار أحق به كما قلنا فيمن تحجر في موات الأرض فإن قلنا لا يملك كان كالمعدن الظاهر في إزالة يده إذا طال مقامه وفي القسمة والتقديم بالقرعة وتقديم من يرى الإمام تقديمه .
فصل : و يجوز الارتفاق بما بين العامر من الشوارع والرحاب الواسعة بالقعود للبيع والشراء لاتفاق أهل الأمصار في جميع الأعصار على إقرار الناس على ذلك من غير إنكار ولأنه ارتفاق بمباح من غير إضرار فلم يمنع منه كالاجتياز فإن سبق إليه كان أحق به لقوله ( ص ) : [ منى مناخ من سبق ] وله أن يظلل بما لا ضرر به على المارة من بارية وثوب لأن الحاجة تدعو إلى ذلك وإن أراد أن يبني دكة منع لأنه يضيق به الطريق ويعثر به الضرير وبالليل البصير فلم يجز وإن قام وترك المتاع لم يجز لغيره أن يقعد فيه لأن يد الأول لم تزل وإن نقل متاعه كان لغيره أن يقعد فيه لأنه زالت يده وإن قعد وأطال ففيه وجهان : أحدهما يمنع لأنه يصير كالمتملك وتملكه لا يجوز والثاني يجوز لأنه قد ثبت له اليد بالسبق إليه وإن سبق إليه اثنان ففيه وجهان : أحدهما يقرع بينهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر والثاني يقدم الإمام أحدهما لأن للأمام النظر والاجتهاد ولا تجيء القسمة لأنها لا تملك فلم تقسم