وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب الجعالة .
يجوز عقد الجعالة وهو أن يبذل الجعل لمن عمل له عملا من رد ضالة ورد آبق وبناء حائط وخياطة ثوب وكل ما يستأجر عليه من الأعمال والدليل عليه قوله تعالى { ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } [ يوسف : 72 ] وروى أبو سعيد الخدري أن ناسا من أصحاب رسول الله ( ص ) أتوا حيا من أحياء العرب فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك فقالوا : هل فيكم راق ؟ فقالوا : لم تقرونا فلا نفعل أو تجعلوا لنا جعلا ؟ فجعلوا لهم قطيع شاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ الرجل فأتوهم بالشاء فقالوا : لا نأخذها حتى نسأل رسول الله ( ص ) فسألوا رسول الله ( ص ) عن ذلك فضحك وقال : [ ما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي فيها بسهم ] ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك من رد ضالة وآبق وعمل لا يقدر عليه فجاز الإجارة والمضاربة .
فصل : و يجوز أن يعقد لعامل معين للآية ولأنه قد يكون له عمل ولا يعرف من يعمله فجاز من غير تعيين وروى المزني في المختصر عن الشافعي C في المنثور أنه قال : إذا قال أول من يحج عني فله مائة فحج عنه رجل أنه يستحق المائة وقال المزني ينبغي أن يستحق أجرة المثل لأنه إجارة فلم تصح من غير تعيين وهذا خطأ لأن ذلك جعالة وقد بينا أن الجعالة لا تجوز من غير تعيين العامل .
فصل : و تجوز على عمل مجهول للآية ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك فجاز مع الجهالة كالمضاربة ولا تجوز إلا بعوض معلوم لأنه عقد معاوضة فلا تجوز بعوض مجهول كالنكاح فإن شرط له جعلا مجهولا استحق أجرة المثل لأن كل عقد وجب المسمى في صحيحه وجب المثل في فاسده كالبيع والنكاح .
فصل : ولا يستحق العامل الجعل إلا بإذن صاحب المال فأما إذا عمل له عملا من غير إذنه بأن وجد له آبقا فجاء به أو ضالة فردها إليه لم يستحق الجعل لأنه بذل منفعته من غير عوض فلم يستحق العوض فإن عمل بإذنه ولم يشرط له الجعل فعلى الأوجه الأربعة التي ذكرناها في الإجارة فإن أذن له وشرط له الجعل فعمل استحق الجعل لأنه استهلك منفعته بعوض فاستحق العوض كالأجير فإن نادى فقال : من رد عبدي فله دينار فرده من لم يسمع النداء لم يستحق الجعل لأنه متطوع بالرد من غير بدل فإن أبق عبد لرجل فنادى غيره أن من رد عبد فلان فله دينار فرده رجل وجب الدينار على المنادي لأنه ضمن العوض فلزمه فإن قال في النداء قال فلان من رد عبدي فله دينار فرده رجل لم يلزم المنادي لأنه لم يضمن وإنما حكى قول غيره .
فصل : ولا يستحق العامل الجعل إلا بالفراغ من العمل فإن شرط له جعلا على رد الآبق فرده إلى باب الدار ففر منه أو مات قبل أن يسلمه لم يستحق شيئا من الجعل لأن المقصود هو الرد والجعل في مقابلته ولم يوجد منه شيء وإن قال من رد عبدي الآبق من البصرة فله دينار وهو ببغداد فرده رجل من واسط استحق نصف الدينار لأنه رده من نصف الطريق وإن رده من أبعد من البصرة لم يستحق أكثر من الدينار لأنه لو لم يضمن له لما زاد شيئا وإن أبق له عبدان فقال : من ردهما فله دينار فرد رجل أحدهما استحق نصف الجعل لأنه عمل نصف العمل وإن قال من رد عبدي فله دينار فاشترك في رده اثنان اشتركا في الدينار لأنهما اشتركا في العمل فاشتركا في الجعل وإن قال لرجل إن رددت عبدي فلك دينار وقال الآخر إن رددته فلك ديناران فاشتركا في الرد استحق كل واحد منهما نصف ما جعل له وإن جعل لأحدهما دينارا وللآخر ثوبا مجهولا فرداه استحق صاحب الدينار نصف دينار وصاحب الثوب نصف أجرة المثل لأن الدينار جعل صحيح فاستحق نصفه والثوب جعل باطل فاستحق نصف أجرة المثل وإن قال لرجل إن رددت عبدي فلك دينار فشاركه غيره في رده فإن قال شاركته معاونة له كان الدينار للعامل لأن العمل كله له فكان الجعل كله له وإن قال شاركته لأشاركه في الجعل كان للعامل نصف الجعل لأنه عمل نصف العمل ولا شيء للشريك لأنه لم يشرط له شيئا .
فصل : و يجوز لكل واحد منهما فسخ العقد لأنه عقد على عمل مجهول بعوض فجاز لكل واحد منهما فسخه كالمضاربة فإن فسخ العامل لم يستحق شيئا لأن الجعل يستحق بالفراغ من العمل وقد تركه فسقط حقه وإن فسخ رب المال فإن كان قبل العمل لم يلزمه شيء لأنه فسخ قبل أن يستهلك منفعة العمل فلم يلزمه شيء كما لو فسخ المضاربة قبل العمل وإن كان بعد ما شرع في العمل لزمه أجرة المثل لما عمل لأنه استهلك منفعته بشرط العوض فلزمه أجرته كما لو فسخ المضاربة بعد الشروع في العمل .
فصل : و تجوز الزيادة والنقصان في الجعل قبل العمل فإن قال من رد عبدي فله دينار ثم قال من رده فله عشرة فرده رجل استحق عشرة وإن قال من رد عبدي فله عشرة ثم قال من رده فله دينار استحق الدينار لأنه مال بذل في مقابلة عمل في عقد جائز فجاز الزيادة والنقصان فيه قبل العمل كالربح في المضاربة .
فصل : وإن اختلف العامل ورب المال فقال العامل شرطت لي الجعل وأنكر رب المال فالقول قول رب المال لأن الأصل عدم الشرط وعدم الضمان وإن اختلفا في عين العبد فقال السيد شرطت الجعل في رد غيره وقال العامل بل شرطت الجعل في رده فالقول قول المالك لأن العامل يدعي عليه شرط الجعل في عقد الأصل عدمه فكان القول فيه قوله وإن اختلفا في قدر الجعل تحالفا كما قلنا في البيع فإذا تحالفا رجع إلى أجرة المثل كما رجع في البيع بعد هلاك السلعة إلى قيمة العين وإن اختلف العامل والعبد فقال العامل أنا رددته وقال العبد جئت بنفسي وصدقه المولى فالقول قول المولى مع يمينه لأن الأصل عدم الرد وعدم وجوب الجعل وبالله التوفيق