وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الإجارة .
يجوز عقد الإجارة على المنافع المباحة والدليل عليه قوله تعالى : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } [ الطلاق : 6 ] وروى سعيد بن المسيب عن سعد Bه قال : كنا نكري الأرض بما على السواقي من الزرع فنهى رسول الله ( ص ) عن ذلك وأمرنا أن نكريها بذهب أو ورق وروى أبو أمامة التيمي قال : سألت ابن عمر فقلت : إنا قوم نكري في هذا الوجه وإن قوما يزعمون أن لا حج لنا فقال ابن عمر : ألستم تلبون وتطوفون بين الصفا والمروة إن رجلا أتى النبي ( ص ) فسأل عما تسألونني فلم يرد عليه حتى نزل { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } [ البقرة : 198 ] فتلاها عليه وروى ابن عباس Bه أن النبي ( ص ) احتجم وأعطى الحجام أجره ولأن الحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان فلما جاز عقد البيع على الأعيان وجب أن يجوز عقد الإجارة على المنافع .
فصل : ولا تجوز على المنافع المحرمة لأنه يحرم فلا يجوز أخذ العوض عليه كالميتة والدم .
فصل : واختلف أصحابنا في استئجار الكلب المعلم فمنهم من قال : يجوز لأن فيه منفعة مباحة فجاز استئجاره كالفهد ومنهم من قال لا يجوز وهو الصحيح لأن اقتناءه لا يجوز إلا للحاجة وهو الصيد وحفظ الماشية وما لا يقوم غير الكلب فيه مقامه إلا بمؤن والدليل عليه قوله ( ص ) : [ من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان ] وما أبيح للحاجة لم يجز أخذ العوض عليه كالميتة ولأنه لا يضمن منفعته بالغصب فدل على أنه لا قيمة لها .
فصل : واختلفوا في استئجار الفحل للضراب فمنهم من قال : يجوز لأنه يجوز أن يستباح بالإعارة فجاز أن يستباح بالإجارة كسائر المنافع ومنهم من قال لا يجوز وهو الصحيح لما روى ابن عمر Bه أن النبي ( ص ) نهى عن ثمن عسب الفحل ولأن المقصود منه هو الماء الذي يخلق منه وهو محرم لا قيمة له فلم يجز أخذ العوض عليه كالميتة والدم .
فصل : واختلفوا في استئجار الدراهم والدنانير ليجمل بها الدكان واستئجار الأشجار لتجفيف الثياب والاستظلال فمنهم من قال يجوز لأنه منفعة مباحة فجاز الاستئجار لها كسائر المنافع ومنهم من قال : لا يجوز وهو الصحيح لأن الدراهم والدنانير لا تراد للجمال ولا الأشجار لتجفيف الثياب والاستظلال فكان بذل العوض فيه من السفه وأخذ العوض عنه من أكل المال بالباطل ولأنه لا يضمن منفعتها بالغصب فلم يضمن بالعقد .
فصل : واختلفوا في الكافر إذا استأجر مسلما إجارة معينة فمنهم من قال فيه قولان لأنه عقد يتضمن حبس المسلم فصار كبيع العبد المسلم منه ومنهم من قال يصح قولا واحدا لأن عليا كرم الله وجهه كان يستقي الماء لامرأة يهودية كل دلو بتمرة .
فصل : ولا يصح إلا من جائز التصرف في المال لأنه عقد يقصد به المال فلم يصح إلا من جائز التصرف في المال كالبيع .
فصل : وينعقد بلفظ الإجارة لأنه لفظ موضوع له وهل ينعقد بلفظ البيع ؟ فيه وجهان : أحدهما ينعقد لأنه صنف من البيع لأنه تمليك يتقسط العوض فيه على المعوض كالبيع فانعقد بلفظه والثاني لا ينعقد لأنه يخالف البيع في الاسم والحكم فلم ينعقد بلفظه كالنكاح .
فصل : و يجوز على منفعة عين حاضرة مثل أن يستأجر ظهرا بعينه للركوب و يجوز على منفعة عين في الذمة مثل أن يستأجر في الذمة للركوب و يجوز على عمل معين مثل أن يكتري رجلا ليخيط له ثوبا أو يبني له حائطا و يجوز على عمل في الذمة مثل أن يكتري رجلا ليحصل له خياطة ثوب أو بناء حائط لأنا بينا أن الإجارة بيع والبيع يصح في عين حاضرة وموصوفة في الذمة فكذلك الإجارة وفي استئجار عين لم يرها قولان : أحدهما لا يصح والثاني يصح ويثبت الخيار إذا رآها كما قلنا في البيع .
فصل : وتجوز على عين مفردة وعلى جزء مشاع لأنا بينا أنه بيع والبيع يصح في المفرد والمشاع وكذلك الإجارة .
فصل : و لا تجوز إلا على عين يمكن استيفاء المنفعة منها فإن استأجر أرضا للزراعة لم تصح حتى يكون لها ماء يؤمن انقطاعه كماء العين والمد بالبصرة والثلج والمطر في الجبل لأن المنفعة في الإجارة كالعين في البيع فإذا لم يجز بيع عين لا يقدر عليها لم تجز إجارة منفعة لا يقدر عليها فإن اكترى أرضا على نهر إذا زاد سقي وإذا لم يزد لم يسقى كأرض مصر والفرات وما انحدر من دجلة نظرت فإن اكتراها بعد الزيادة صح العقد لأنه يمكن استيفاء المعقود عليه فهو كبيع الطير في القفص وإن كان قبل الزيادة لم يصح لأنه لم يعلم هل يقدر على المعقود عليه أو لا يقدر فلم يصح كبيع الطير في الهواء وإن اكترى أرضا لا ماء لها ولم يذكر أن يكتريها للزراعة ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأن الأرض لا تكتري في العادة إلا للزراعة فصار كما لو شرط أنه يكتريها للزراعة والثاني إن كانت الأرض عالية لا يطمع في سقيها صح العقد أنه يعلم أنه لم يكترها للزراعة وإن كانت مستقلة يطمع في سقيها بسوق الماء إليها من موضع لم يصح لأنه اكتراها للزراعة مع تعذر الزراعة فإن اكترى أرضا غرقت بالماء لزراعة ما لا يثبت في الماء كالحنطة والشعير نظرت فإن كان للماء مغيض إذا فتح انحسر الماء عن الأرض وقدر على الزراعة صح العقد لأنه يمكن زراعتها بفتح المغيض كما يمكن سكنى الدار بفتح الباب وإن لم يكن له مغيض ولا يعلم أن الماء ينحسر عنها لم يصح العقد لأنه لا يعلم هل يقدر على المعقود عليه أم لا يقدر فلم يصبح العقد كبيع ما في يد الغاصب فإن كان يعلم أن الماء ينحسر وتنشفه الريح ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأنه لا يمكن استيفاء المنفعة في الحال والثاني يصح وهو قول أبي إسحاق وهو الصحيح لأنه يعلم بالعادة إمكان الانتفاع به فإن اكترى أرضا على ماء إذا زاد غرقت فاكتراها قبل الزيادة صح العقد لأن الغرق متوهم فلا يمنع صحة العقد .
فصل : وإن استأجر رجلا ليعلمه بنفسه سورة وهو لا يحسنها ففيه وجهان : أحدهما يصح كما يصح أن يشتري سلعة بدراهم وهو لا يملكها ثم يحصلها ويسلم والثاني لا يصح لأنه عقد على منفعة معينة لا يقدر عليها فلم يصح كما لو أجر عبد غيره .
فصل : ولا تصح الإجارة إلا على منفعة معلومة القدر لأنا بينا أن الإجارة بيع والبيع لا يصح إلا في معلوم القدر فكذلك الإجارة ويعلم مقدار المنفعة بتقدير العمل أو بتقدير المدة فإن كانت المنفعة معلومة القدر في نفسها كخياطة ثوب وبيع عبد والركوب إلى مكان قدرت بالعمل لأنها معلومة في نفسها فلا تقدر بغيرها وإن قدر بالعمل والمدة بأن استأجره يوما ليخيط له قميصا فالإجارة باطلة لأنه يؤدي إلى التعارض وذلك أنه قد يفرغ من الخياطة في بعض اليوم فإن طولب في بقية اليوم بالعمل أخل بشرط العمل وإن لم يطالب أخل بشرط المدة فإن كانت المنفعة مجهولة المقدار في نفسها كالسكنى والرضاع وسقي الأرض والتطيين والتجصيص قدر بالمدة لأن السكنى وما يشبع به الصبي من اللبن وما تروى به الرض من السقي يختلف ولا ينضبط ومقدار التطيين والتجصيص لا ينضبط لاختلافهما في الرقة والثخونة فقدر بالمدة واختلف أصحابنا في استئجار الظهر للحرث فمنهم من قال يجوز أن يقدر بالعمل بأن يستأجره ليحرث أرضا بعينها و يجوز أن يقدر بالمدة بأن يستأجره ليحرث له شهرا ومنهم من قال لا يجوز تقديره بالمدة والأول أظهر لأنه يمكن تقديره بكل واحد منهم فجاز التقدير بكل واحد منهما .
فصل : وما عقد على مدة لا يجوز إلا على مدة معلومة الابتداء والانتهاء فإن قال أجرتك هذه الدار كل شهر بدينار فالإجارة باطلة وقال في الإملاء تصح في الشهر الأول وتيطل فيما زاد لأن الشهر الأول معلوم وما زاد مجهول فصح في المعلوم وبطل في المجهول كما لو قال أجرتك هذا الشهر بدينار وما زاد بحسابه والصحيح هو الأول لأنه عقد على الشهر وما زاد من الشهور وذلك مجهول فبطل ويخالف هذا إذا قال أجرتك هذا الشهر بدينار و ما زاد بحسابه لأن هناك أفرد الشهر الأول بالعقد وههنا لم يفرد الشهر عما بعده بالعقد فبطل بالجميع فإن أجره سنة مطلقة حمل على سنة بالأهلة لأن السنة المعهودة بالشرع سنة الأهلة والدليل عليه قوله عز و جل { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } [ البقرة : 189 ] فوجب أن يحمل العقد عليه فإن كان العقد في أول الهلال عد اثني عشر شهرا بالأهلة تاما كان الشهر أو ناقصا وإن كان في أثناء الشهر عد ما بقي من الشهر وعد بعده أحد عشر شهرا بالأهلة ثم كمل عدد الشهر الأول بالعدد ثلاثين يوما لأنه تعذر إتمامه بالشهر الهلالي فتمم بالعدد فإن أجره سنة شمسية ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأنه على حساب أنسيء فيه الأيام والنسيء حرام والدليل عليه قوله تعالى { إنما النسيء زيادة في الكفر } [ التوبة : 37 ] والثاني أنه يصح لأنه وإن كان النسيء حراما إلا أن المدة معلومة فجاز العقد كالنيروز والمهرجان وفي أكثر المدة التي يجوز عقد الإجارة عليه طريقان ذكرناهما في المساقاة .
فصل : ولا تصح الإجارة إلا على منفعة معلومة لأن الإجارة بيع والمنفعة فيها كالعين في البيع والبيع لا يصح إلا في المعلوم فكذلك الإجارة فإن كان المكترى دارا لم يصح العقد عليها حتى تعرف الدار لأن المنفعة تختلف باختلافها فوجب العلم بها ولا يعرف ذلك إلا بالتعيين لأنها لا تضبط بالصفة فافتقر إلى التعيين كالعقار والجواهر في البيع وهل يفتقر إلى الرؤية ؟ فيه قولان بناء على القولين في البيع ولا يفتقر إلى ذكر السكنى و لا إلى ذكر صفاتها لأن الدار لا تكترى إلا للسكنى وذلك معلوم بالعرف فاستغنى عن ذكرها كالبيع بثمن مطلق في موضع فيه نقد معروف وإن اكترى أرضا لم يصح حتى تعرف الأرض لما ذكرناه في الدار ولا يصح حتى يذكر ما يكترى له من الزراعة والغراس والبناء لأن الأرض تكترى لهذه المنافع وتأثيرها في الأرض يختلف فوجب بيانها وإن قال أجرتك هذه الأرض لتزرعها ما شئت جاز لأنه جعل له زراعة أضر الأشياء فأي صنف زرع لم يستوف به أكثر من حقه وإن قال أجرتك لتزرع وأطلق ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأن الزروع مختلفة في التأثير في الأرض فوجب بينها والثاني يصح لأن التفاوت بين الزرعين يقل وإن قال أجرتك لتزرعها أو تغرسها لم يصح لأنه جعل له أحدهما ولم يعين فلم يصح كما قال بعتك أحد هذين العبدين وإن قال أجرتك لتزرعها وتغرسها ففيه وجهان : أحدهما لا يصح وهو قول المزني و أبي العباس و أبي إسحاق لأنه لم يبين المقدار من كل واحد منهما والثاني يصح وله أن يزرع النصف ويغرس النصف وهو ظاهر النص وهو قول أبي الطيب بن سلمة لأن الجمع يقتضي التسوية فوجب أن يكون نصفين .
فصل : وإن استأجر ظهرا للركوب لم يصح العقد حنى يعرف جنس المركوب لأن الغرض يختلف باختلافه ويعرف ذلك بالتعيين والوصف لأنه يضبط بالصفة فجاز أن يعقد عليه بالتعيين والوصف كما قلنا في البيع فإن كان في الجنس نوعان مختلفان في السير كالمهملج والقطوف من الخيل ففيه وجهان : أحدهما يفتقر إلى ذكره لأن سيرهما يختلف والثاني لا يختلف لأن التفاوت في جنس واحد يقل ولا يصح حتى يعرف الراكب ولا يعرف ذلك إلا بالتعيين لأنه يختلف بثقله وخفته وحركته وسكونه و لا يضبط ذلك بالوصف فوجب تعيينه ولا يصح حتى يعرف ما يركب به من سرج وغيره لأنه يختلف ذلك على المركوب والراكب فإن كان عمارية أو محملا ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه يجوز العقد عليه بالوصف لأنه يمكن وصفه فجاز العقد عليه بالصفة كالسرج والقتب والثاني إن كانت من المحامل البغدادية الخفاف جاز العقد عليه بالصفة لأنها لا تختلف وإن كانت من الخراسانية الثقال لم يجز إلا بالتعيين لأنها تختلف وتتفاوت والثالث وهو المذهب أنه لا يجوز إلا بالتعيين لأنها تختلف بالضيق والسعة والثقل والخفة وذلك لا يضبط بالصفة فوجب تعيينه واختلف أصحابنا في المعاليق كالقدر والسطيحة فمنهم من قال : لا يجوز حتى يعرف قولا واحدا لأنها تختلف فوجب العلم بها ومنهم من قال فيه قولان : أحدهما لا يجوز حتى يعرف لما ذكرناه والثاني يجوز وتحمل على ما جرت به العادة لأنه تابع غير مقصود فلم تؤثر الجهالة فيه كالغطاء في الإجارة والحمل في البيع وإن كان السير في طريق فيه منازل معروفة جاز العقد عليه مطلقا لأنه معلوم بالعرف فجاز العقد عليه مطلقا كالثمن في موضع فيه نقد متعارف فإن لم يكن فيه منازل معروفة لم يصح حتى يبين لأنه مختلف لا عرف فيه فوجب بيانه كالثمن في موضع لا نقد فيه .
فصل : فإن استأجر ظهرا لحمل متاع صح العقد من غير جنس الظهر لأنه لا غرض في معرفته ولا يصح حتى يعرف جنس المتاع إنه حديد أو قطن لأن ذلك يختلف على البهيمة ولا يصح حتى يعرف قدره لأنه يختلف فإن كان موزونا ذكر وزنه وإن كان مكيلا ذكر كيله فإن ذكر الوزن فهو أولى لأنه أخصر وأبعد من الغرر فإن عرف بالمشاهدة جاز كما يجوز بيع الصبرة بالمشاهدة وإن لم يعرف كيلها فإن شرط أن يحمل عليها ما شاء بطل العقد لأنه دخل في الشرط ما يقتل البهيمة وذلك لا يجوز فبطل به العقد فأما الظروف التي فيها متاع فإنه إن دخلت في وزن المتاع صح العقد لأن الغرر قد زال بالوزن وإن لم تدخل في وزن المتاع نظرت فإن كان ظروفا معروفة كالغرائر الجبلية جاز العقد عليها من غير تعيين لأنها تتفاوت وإن كانت غير معروفة لم يجز حتى تعين لأنها تختلف ولا تضبط بالصفة فوجب تعيينه .
فصل : فإن استأجر ظهرا للسقي لم يصح العقد حتى يعرف الظهر لأنه لا يجوز إلا على مدة وذلك يختلف باختلاف الظهر فوجب العلم به على الأظهر و يجوز أن يعرف ذلك بالتعيين والصفة لأنه يضبط بالصفة فجاز أن يعقد عليه بالتعيين والصفة كما يجوز بيعه بالتعيين والصفة ولا يصح حتى يعرف الدولاب لأنه يختلف ولا يعرف ذلك إلا بالتعيين لأنه لا يضبط بالصفة فوجب تعيينه .
فصل : وإن استأجر ظهرا للحرث لم يصح حتى يعرف الأرض لأنه يختلف ذلك بصلابة الأرض ورخاوتها فإن كان على جريان لم يفتقر إلى العلم بالظهر لأنه لا يختلف وإن كان على مدة وقلنا إنه يصح لم يجز حتى يعرف الظهر الذي يحرث به لأن العمل يختلف باختلافه ويعرف ذلك بالتعيين والصفة لما ذكرناه في السقي .
فصل : وإن استأجر ظهرا للدياس لم يصح حتى يعرف الجنس الذي يداس لأن العمل يختلف باختلافه فإن كان على زرع معين لم يفتقر إلى ذكر الحيوان الذي يداس به لأنه لا غرض في تعيينه فإن كان على مدة لم يصح حتى يعرف الحيوان الذي يداس به لأن العمل يختلف باختلافه .
فصل : وإن استأجر جارحة للصيد لم يصح حتى يعرف جنس الجارحة لأن الصيد يختلف باختلافه ويعرف ذلك بالتعيين والصفة لأنه يضبط بالصفة ولا يصح حتى يعرف ما يرسله عليه من الصيد لأن لكل صنف من الصيد تأثيرا في إتعاب الجارحة .
فصل : وإن استأجر رجلا ليرعى له مدة لم يصح حتى يعرف جنس الحيوان لأن لكل جنس من الماشية تأثيرا في إتعاب الراعي و يجوز أن يعقد على جنس معين وعلى جنس في الذمة فإن عقد على موصوف لم يصح حتى يذكر العدد لأن العمل يختلف باختلافه ومن أصحابنا من قال يجوز مطلقا ويحمل على ما جرت به العادة أن يرعاه الواحد من مائة أو أقل أو أكثر والأول أظهر لأن ذلك يختلف وليس فيه عرف واحد .
فصل : وإن استأجر امرأة للرضاع لم يصح العقد حتى يعرف الصبي الذي عقد على إرضاعه لأنه يختلف الرضاع باختلافه ولا يعرف ذلك إلا بالتعيين لأنه لا يضبط بالصفة ولا يصح حتى يذكر موضع الرضاع لأن الغرض يختلف باختلافه .
فصل : وإن استأجر رجلا ليحفر له بئرا أو نهرا لم يصح العقد حتى يعرف الأرض لأن الحفر يختلف باختلافها ولا يصح حتى يذكر الطول والعرض والعمق لأن الغرض يختلف باختلافها وإن استأجر لبناء حائط لم يصح العقد حتى يذكر الطول والعرض وما يبنى به من الآجر واللبن والجص والطين لأن الأغراض تختلف باختلافها وإن استأجره لضرب اللبن لم يصح حتى يعرف موضع الماء والتراب ويذكر الطول والعرض والسمك والعدد وعلى هذا جميع الأعمال التي يستأجر عليها وإن كان فيما يختلف الغرض باختلافه ما لا يعرفه رجع فيه إلى أهل الخبرة ليعقد على شرطه كما إذا أراد أن يعقد النكاح ولم يعرف شروط العقد رجع إلى من يعرفه ليعقد بشروطه وإن عجز عن ذلك فوضه إلى من يعرفه ليعقد بشرطه كما يوكل الأعمى في البيع والشراء من يشاهد المبيع .
فصل : وإن استأجر رجلا ليلقنه سورة من القرآن لم يصح حتى يعرف السورة لأن الغرض يختلف باختلافها وإن كان على تلاوة عشر آيات من القرآن لم يصح حتى يعينها لأن آيات القرآن تختلف فإن كان على عشر آيات من سورة معينة ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأن الأعشار تختلف والثاني يصح لما روى أبو هريرة Bه قال : جاءت امرأة إلى رسول الله ( ص ) فعرضت نفسها عليه فقال لها : [ اجلسي بارك الله فيك أما نحن فلا حاجة لنا فيك ولكن تملكيننا أمرك قالت نعم : فنظر رسول الله ( ص ) في وجوه القوم فدعا رجلا منهم فقال : إني أريد أن أزوجك هذا إن رضيت فقالت ما رضيت لي يا رسول الله ( ص ) فقد رضيت ثم قال للرجل : هل عندك من شيء قال لا والله يا رسول الله قال : ما تحفظ من القرآن ؟ قال : سورة البقرة والتي تليها قال : قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك ] وهل يفتقر إلى تعيين الحرف ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يصح حتى يعين الحرف لأن الأغراض تختلف باختلاف الحرف والثاني لا يحتاج إلى تعيين الأحرف لأن ما بين الأحرف من الاختلاف قليل .
فصل : وإن استأجر للحج و العمرة لم يصح حتى يذكر أنه إفراد أو قران أو تمتع لأن الأغراض تختلف باختلافها فأما موضع الإحرام فقال في الأم لا يجوز حتى يعين وقال في الإملاء إذا استأجر أجيرا أحرم من الميقات ولم يشترط التعيين واختلف أصحابنا فيه فقال أبو إسحاق المرزوي فيه قولان : أحدهما لا يجوز حتى يعين لأن الإحرام قد يكون من الميقات وقد يكون من دويرة أهله وقد يكون من غيرهما فإذا أطلق العقد على مجهول فلم يصح والثاني أنه يجوز من غير تعيين ويحمل على ميقات الشرع لأن الميقات معلوم بالشرع فانصرف الإطلاق إليه كنقد البلد في البيع ومن أصحابنا من قال إن كان الحج عن حي لم يجز حتى يعين لأنه يمكن الرجوع إلى معرفة غرضه وإن كان عن ميت جاز من غير تعيين لأنه لا يمكن الرجوع إلى معرفة غرضه وحمل القولين على هذين الحالين ومنهم من قال : إن كان للبلد ميقاتان لم يجز حتى يبين لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر فوجب بيانه كالثمن في موضع فيه نقدان وإن لم يكن له إلا ميقات واحد جاز من غير تعيين كالثمن في موضع ليس فيه إلا نقد واحد وحمل القولين على هذين الحالين فإن ترك التعيين وقلنا إنه لا يصح فحج الأجير انعقد الحج للمستأجر لأنه فعله بإذنه مع فساد العقد فوقع له كما لو وكله وكالة فاسدة في بيع .
فصل : ولا تصح الإجارة إلا على أجرة معلومة لأنه عقد يقصد به العوض فلم يصح من غير ذكر العوض كالبيع و يجوز إجارة المنافع من جنسها ومن غير جنسها لأن المنافع في الإجارة كالأعيان في البيع ثم الأعيان يجوز بيع بعضها ببعض فكذلك المنافع .
فصل : ولا تجوز إلا بعوض معلوم لما روى أبو سعيد الخدري Bه أن النبي ( ص ) قال : [ من استأجر أجيرا فليعلمه أجره ] ولأنه عقد معاوضة فلم يجز بعوض مجهول كالبيع وإن عقد بمال جزاف نظرت فإن كان العقد على منفعة في الذمة ففيه قولان لأن إجارة المنفعة في الذمة كالسلم وفي السلم على مال جزاف قولان فكذلك في الإجارة ومنهم من قال فيه قولان : أحدهما يجوز والثاني لا يجوز لأنه عقد على منتظر وربما انفسخ فيحتاج إلى الرجوع إلى العوض فكان في عوضه جزافا قولان كالسلم وإن كانت الإجارة على منفعة معينة جاز بأجرة حالة ومؤجلة لأن إجارة العين كبيع العين وبيع العين يصح بثمن حال ومؤجل فكذلك الإجارة فإن أطلق العقد وجبت الأجرة بالعقد ويجب تسليمها بتسليم العين لما روى أبو هريرة قال : قال رسول الله ( ص ) [ أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف رشحه ] ولأن الإجارة كالبيع ثم في البيع يجب الثمن بنفس العقد ويجب تسليمه بتسليم العين فكذلك في الأجرة فإن استوفى المنفعة استقرت الأخيرة لما روى أبو هريرة Bه أن النبي ( ص ) قال : [ قال ربكم D : ثلاث أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجره ] ولأنه قبض المعقود عليه فاستقر عليه البدل كما لو قبض المبيع فإن سلم إليه العين التي وقع في العقد على منفعتها ومضت مدة يمكن فيها الاستيفاء استقر البدل لأن المعقود عليه تلف تحت يده فاستقر عليه البدل كالمبيع إذا تلف في يد المشتري فإن عرض العين على المستأجر ومضى زمان يمكن فيه الاستيفاء استقرت الأجرة لأن المنافع تلفت باختياره فاستقر عليه ضمانها كالمشتري إذا أتلف المبيع في يد البائع فإن كان هذا في إجارة فاسدة استقر عليه أجرة المثل لأن الإجارة كالبيع والمنفعة كالعين ثم البيع الفاسد كالصحيح في استقرار البدل فكذلك في الإجارة فإن كان العقد على منفعة في الذمة لم يجز بأجرة مؤجلة لأن إجارة ما في الذمة كالسلم ولا يجوز السلم بثمن مؤجل فكذلك الإجارة ولا يجوز حتى يقبض العوض في المجلس كما لا يجوز في السلم ومن أصحابنا من قال إن كان العقد بلفظ السلم وجب قبض العوض في المجلس لأنه سلم وإن كان بلفظ الإجارة لم يجب لأنه إجارة والأول أظهر لأن الحكم يتبع المعنى لا الإسم ومعناه معنى السلم فكان حكمه كحكمه ولا تستقر الأجرة في هذه الإجارة إلا باستيفاء المنفعة لأن المعقود عليه في الذمة فلا يستقر بدله من غير استيفاء كالمسلم فيه .
فصل : وما عقد من الإجارة على منفعة موصوفة في الذمة يجوز حالا ومؤجلا في الذمة كالسلم والسلم يجوز حالا ومؤجلا فكذلك الإجارة في الذمة وإن استأجر منفعة في الذمة وأطلق وجبت المنفعة حالة كما إذا أسلم في شيء وأطلق وجب حالا فإن استأجر رجلا للحج في الذمة لزمه الحج من سنته فإن أخره عن السنة نظرت فإن كانت الإجارة عن حي كان له أن يفسخ لأن حقه تأخر وله في الفسخ فائدة وهو أن يتصرف في الأجرة فإن كانت عن ميت لم يفسخ لأنه لا يمكن التصرف في الأجرة إذا فسخ العقد ولا بد من استئجار غيره في السنة الثانية فلم يكن للفسخ وجه وما عقد على منفعة معينة لا يجوز إلا حالا فإن كان على مدة لم يجز إلا على مدة يتصل ابتداؤها بالعقد وإن كان على عمل معين لم يجز إلا في الوقت الذي يمكن الشروع في العمل لأن إجارة العين كبيع العين وبيع العين لا يجوز إلا على ما يمكن الشروع في قبضها فكذلك الإجارة فإن استأجر من يحج له لم يجز إلا في الوقت الذي يتمكن فيه من التوجه فإن كان في موضع قريب لم يجز قبل شهر الحج لأنه يتأخر استيفاء المعقود عليه عن حال العقد وإن كان في موضع بعيد لا يدرك الحج إلا أن يسير قبل أشهره لم يستأجر إلا في الوقت الذي يتوجه بعده لأنه وقت الشروع في الاستيفاء فإن قال أجرتك هذه الدار شهرا لم يصح لأنه ترك تعيين المعقود عليه في عقد شرط فيه التعيين فبطل كما لو قال بعتك عبدا فإن أجر دارا من رجل شهرا من وقت العقد ثم أجرها منه الشهر الذي بعده قبل انقضاء الشهر الأول ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأنه إجارة منفعة معينة على مدة متأخرة عن العقد فأشبه إذا أجرها من غيره والثاني أنه يصح وهو المنصوص لأنه ليس لغيره يد تحول بينه وبين ما استأجر ولأن أحد شهريه لا ينفصل عن الآخر فأشبه إذا جمع بينهما في العقد .
فصل : فإن أكرى ظهرا من رجلين يتعاقبان عليه أو اكترى من رجل عقبة ليركب في بعض الطريق دون بعض جاز وقال المزني لا يجوز اكتراء العقبة إلا مضمونا لأنه يتأخر حق أحدهما عن العقد فلم يجز كما لو أكراه ظهرا في مدة تتأخر عن العقد والمذهب الأول لأنه استحقاق الاستيفاء مقارن للعقد وإنما يتأخر في القسمة وذلك لا يمنع صحة العقد كما لو باع من رجلين صبرة فإنه يصح وإن تأخر حق أحدهما عند القسمة فإن كان ذلك في طريق فيه عادة في الركوب والنزول جاز العقد عليه مطلقا وحملا في الركوب والنزول على العادة لأنه معلوم بالعادة فحمل الإطلاق عليه كالنقد المعروف في البيع وإن لم يكن فيه عادة لم يصح حتى يبين مقدار ما يركب كل واحد منهما لأنه غير معلوم بالعادة فوجب بيانه كالثمن في موضع لا نقد فيه فإن اختلفا في البادئ في الركوب أقرع بينهما فمن خرجت عليه القرعة قدم لأنهما تساويا في الملك فقدم القرعة .
فصل : وما عقد من الإجارة على مدة لا يجوز فيه شرط الخيار لأن الخيار يمنع من التصرف فإن حسب ذلك على المكرى زدنا عليه المدة وإن حسب على المكترى نقصنا من المدة وهل يثبت فيه خيار المجلس ؟ فيه وجهان : أحدهما لا يثبت لما ذكرناه من النقصان والزيادة في خيار الشرط والثاني يثبت لأنه قدر يسير ولكل واحد منهما إسقاطه وإن كان الإجارة على عمل معين ففيه ثلاثة أوجه : أحدها لا يثبت فيه الخياران لأنه عقد على غرر فلا يضاف إليه غرر الخيار والثاني يثبت فيه الخياران لأن المنفعة المعينة كالعين المعينة في البيت ثم العين المعينة يثبت فيها الخياران فكذلك المنفعة والثالث يثبت فيه خيار المجلس دون خيار الشرط لأنه عقد على منتظر فيثبت فيه خيار المجلس دون خيار الشرط كالسلم وإن كانت الإجارة على منفعة في الذمة ففيه وجهان : أحدهما لا يثبت فيه الخياران لأنه عقد على غرر فلا يضاف إليه غرر الخيار والثاني يثبت فيه خيار المجلس دون الشرط لأن الإجارة في الذمة كالسلم وفي السلم يثبت خيار المجلس دون خيار الشرط فكذلك في الإجارة .
فصل : وإذا تم العقد لزم ولم يملك واحد منهما أن ينفرد بفسخه من غير عيب لأن الإجارة كالبيع ثم البيع إذا تم لزم فكذلك الإجارة وبالله التوفيق