وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب التفليس .
إذا كان على رجل دين فإن كان مؤجلا لم يجز مطالبته لأنا لو جوزنا مطالبته سقطت فائدة التأجيل فإن أراد سفرا قبل محل الدين لم يكن للغريم منعه ومن أصحابنا من قال إن كان السفر مخوفا كان له منعه لأنه لا يأمن أن يموت فيضيع دينه والصحيح هو الأول لأنه لا حق له عليه قبل محل الدين وجواز أن يموت لا يمنع من التصرف في نفسه قبل المحل كما يجوز في الحضر أن يهرب ثم لا يملك حبسه لجواز الهرب وإن قال أقم لي كفيلا بالمال لم يلزمه لأنه لم يحن عليه الدين فلم يملك المطالبة بالكفيل كما لو لم يرد السفر وإن كان الدين حالا نظرت فإن كان معسرا لم يجز مطالبته لقوله تعالى : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } [ البقرة : 280 ] و لا يملك ملازمته لأن كل دين لا يملك المطالبة به لم يملك الملازمة عليه كالدين المؤجل فإن كان يحسن صنعة فطلب الغريم أن يؤجر نفسه ليكسب ما يعطيه لم يجبر على ذلك لأنه إجبار على التكسب فلم يجز الإجبار على التجارة وإن كان موسرا جازت مطالبته لقوله تعالى : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } فدل على أنه إذا لم يكن ذا عسرة لم يجب إنظاره فإن لم يقضه ألزمه الحاكم فإن امتنع فإن كان له مال ظاهر باعه عليه لما روي عن عمر Bه أنه قال : ألا إن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه أن يقال سبق الحاج فإدان معرضا فأصبح وقدرين به فمن له دين فليحضر فإنا بايعو ماله وقاسموه بين غرمائه وإن كان له مال كتمه حبسه وعزره حتى يظهره فإن ادعى الإعسار نظرت فإن لم يعرف له قبل ذلك مال فالقول قوله مع يمينه لأن الأصل عدم المال فإن عرف له مال لم يقبل قوله لأنه معسر إلا ببينة لأن الأصل بقاء المال فإن قال غريمي يعلم أني معسر أو أن مالي هلك فحلفوه حلف لأن ما يدعيه محتمل فإن أراد أن يقيم البينة على هلاك المال قبل فيه شهادة عدلين فإن أراد أن يقيم البينة على الإعسار لم يقبل إلا بشهادة عدلين من أهل الخبرة والمعرفة بحاله لأن الهلاك يدركه كل أحد والإعسار لا يعلمه إلا من يخبر باطنه فإن أقام البينة على الإعسار وادعى الغريم أن له مالا باطنا فطلب اليمين عليه ففيه قولان : أحدهما لا يحلف لأنه أقام البينة على ما ادعاه فلا يحلف كما لو ادعى ملكا وأقام عليه البينة والثاني يحلف لأن المال الباطن يجوز خفاؤه على الشاهدين فجاز عرض اليمين فيه عند الطلب كما لو أقام عليه البينة بالدين وادعى أنه أبرأه منه وإن وجد في يده مال فادعى أنه لغيره نظرت فإن كذبه المقر له بيع في الدين لأن الظاهر أنه له وإن صدقه سلم إليه فإن قال الغريم أحلفوه لي أنه صادق في إقراره ففيه وجهان : أحدهما يحلف لأنه يحتمل أن يكون كاذبا في إقراره والثاني لا يحلف وهو الصحيح لأن اليمين تعرض ليخاف فيرجع عن الإقرار ولو رجع عن الإقرار لم يقبل رجوعه فلا معنى لعرض اليمين .
فصل : وإن ركبته الديون ورفعه الغرماء إلى الحاكم وسألوه أن يحجر عليه نظر الحاكم في ماله فإن كان له مال يفي الديون لم يحجر عليه لأنه لا حاجة به إلى الحجر بل يأمره بقضاء الدين على ما بيناه فإن كان ماله لا يفي بالديون حجر عليه وباع ماله عليه لما روى عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال : كان معاذ بن جبل من أفضل شباب قومه ولم يكن يمسك شيئا فلم يزل يدان حتى أغرق ماله في الدين فكلم النبي ( ص ) غرماءه فلو ترك أحد من أجل أحد لتركوا معاذا من أجل رسول الله ( ص ) فباع لهم رسول الله ( ص ) ماله حتى قام معاذ بغير شيئ وروى كعب بن مالك أن رسول الله ( ص ) حجر على معاذ وباع عليه ماله و إن كان ماله بالديون إلا أنه ظهرت عليه أمارة التفليس بأن زاد خرجه على دخله ففيه وجهان : أحدهما لا يحجر عليه لأنه مليء بالدين فلا يحجر عليه كما لو لم يظهر فيه أمارة الفلس والثاني يحجر عليه لأنه إذا لم يحجر عليه أتى الخرج على ماله فذهب ودخل على الغرماء .
فصل : والمستحب أن يشهد على الحجر ليعلم الناس حاله فلا يعاملوه إلا على بصيرة فإذا حجر عليه تعلقت ديون الغرماء بماله ومنع من التصرف فيه فإن اقترض أو اشترى في ذمته شيئا صح لأنه لا ضرر على الغرماء فيما يثبت في ذمته ومن باع أو أقرضه بعد الحجر لم يشارك الغرماء في ماله لأنه إذا علم بالحجر فقد دخل على بصيرة وإن ديون الغرماء متعلقة بماله وإن لم يعلم فقد فرط حين دخل في معاملته على غير بصيرة فلزمه الصبر إلى أن يفك عنه الحجر فإن تصرف في المال بالبيع و الهبة والعتق ففيه قولان : أحدهما أنه صحيح موقوف لأنه حجر ثبت لحق الغرماء فلم يمنع من صحة التصرف في المال كالحجر على المريض والثاني لا يصح وهو الصحيح لأنه حجر ثبت بالحاكم فمنع من التصرف في المال كالحجر على السفيه ويخالف حجر المريض لأن الورثة لا تتعلق حقوقهم بماله إلا بعد الموت وههنا حقوق الغرماء تعلقت بماله في الحال فلم يصح تصرفه فيه كالمرهون فإن قلنا يصح تصرفه وقف فإن وفى ماله بالدين نفذ تصرفه وإن لم يف فسخ لأنا جوزنا تصرفه رجاء أن تزيد قيمة المال أو يفتح عليه بما يقضي به الدين فإذا عجز فسخ كما نقول في هبة المريض قال أصحابنا وعلى هذا ينقض من تصرفه الأضعف فالأضعف فأضعفها الهبة لأنه لا عوض فيه ثم البيع لأنه يلتقه الفسخ ثم العتق لأنه أقوى التصرفات ويحتمل عندي أنه يفسخ الآخر فالآخر كما قلنا في تبرعات المريض إذا عجز عنها الثلث .
فصل : قال الشافعي C : ولو باع بشرط الخيار ثم أفلس فله إجازة البيع ورده فمن أصحابنا من حمل هذا على ظاهره وقال له أن يفعل ما يشاء لأن الحجر إنما يؤثر في عقد مستأنف وهذا عقد سبق الحجر فلم يؤثر الحجر وقال أبو إسحاق : إن كان الحظ في الرد لم يجز وإن كان في الإجازة لم يرد لأن الحجر يقتضي طلب الحظ فإن طرأ في بيع الخيار أوجب طلب الحظ كما لو باع بشرط الخيار ثم جن فإن الولي لا يفعل إلا ما فيه الحظ من الرد والإجازة ومن أصحابنا من قال إن قلنا إن المبيع انتقل بنفس العقد لم يجب الرد وإن كان الحظ في الرد لأن الملك قد انتقل فلا يكلف رده وحمل قول الشافعي C على هذا القول وإن قلنا إن المبيع لم ينتقل أو موقوف لزمه الرد إن كان الحظ في الرد لأن المبيع على ملكه فلا يفعل إلا ما فيه الحظ .
فصل : وإن وهب هبة تقتضي الثواب وقلنا إن الثواب مقدر بما يرضي به الواهب ثم أفلس فله أن يرضىي بما شاء لأنا لو ألزمناه أن يطلب الفضل لألزمناه أن يكتسب والمفلس لا يكلف الاكتساب .
فصل : وإن أقر بدين لزمه قبل الحجر لزم الإقرار في حقه وهل يلزم في حق الغرماء فيه قولان : أحدهما لا يلزم لأنه متهم لأنه ربما واطأ المقر له ليأخذ ما أقر به ويرد عليه والثاني أنه يلزمه وهو الصحيح لأنه يستند ثبوته إلى ما قبل الحجر فلزم في حق الغرماء كما لو ثبت بالبينة وإن ادعى عليه رجل مالا وأنكر ولم يحلف وحلف المدعي فإن قلنا إن يمين المدعي مع نكول المدعي عليه كالبينة شارك الغرماء في المال وإن قلنا كالإقرار فعلى القولين في الإقرار وإن أقر لرجل بعين لزمه الإقرار في حقه وهل يلزم في حق الغرماء ؟ فيه قولان : أحدهما لا يلزم والثاني يلزم وتسلم العين إلى المقر له ووجه القولين ما ذكرناه في الإقرار بالدين .
فصل : وإن جنى على رجل جناية توجب المال وجب قضاء الأرش من المال لأنه حق لزمه بغير رضى من له الحق فوجب قضاؤه من المال وإن جنى عليه جناية توجب لمال تعلق حق الغرماء بالأرش كما يتعلق بسائر أمواله .
فصل : وإن ادعى على رجل مالا وله شاهد فإن حلف استحق وتعلق به حق الغرماء وإن لم يحلف فهل تحلف الغرماء أم لا ؟ قال في التفليس لا يحلفون وقال في غرماء الميت إذا لم يحلف الوارث مع الشاهد ففيه قولان : أحدهما يحلفون والثاني لا يحلفون فمن أصحابنا من نقل أحد القولين من غرماء الميت إلى غرماء المفلس فجعل فيهما قولين : أحدهما يحلفون لأن المال إذا ثبت استحقوه والثاني لا يحلفون لأنهم يحلفون لإثبات المال لغيرهم وذلك لا يجوز ومن أصحابنا من قال لا تحلف غرماء المفلس ومن غرماء الميت قولان لأن الميت لم يمتنع من اليمين فحلف غرماؤه والمفلس امتنع من اليمين فلم تحلف غرماؤه ولأن غرماء الميت أيسوا من يمين الميت فحلفوا وغرماء المفلس لم ييأسوا من يمين المفلس فلم يحلفوا وإن حجر عليه وعليه دين مؤجل فهل يحل ؟ فيه قولان : أحدهما يحل لأن الدين تعلق بالمال فحل الدين المؤجل كما لو مات والثاني لا يحل وهو الصحيح لأنه يملك التصرف في الذمة فلم يحل عليه الدين كما لو لم يحجر عليه .
فصل : وإن لم يكن له كسب ترك ما يحتاج إليه للنفقة إلى أن يفك الحجر عنه ويرجع إلى الكسب لقوله ( ص ) [ ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ] فقدم حق نفسه على حق العيال وهو دين فدل على أنه يقدم على كل دين ويكون الطعام على ما جرت به عادته ويترك له ما يحتاج إليه من الكسوة من غير إسراف ولا إجحاف لأن الحاجة إلى الكسوة كالحاجة إلى القوت فإن كان له من تلزمه نفقته من زوجة أو قريب ترك لهم ما يحتاجون إليه من النفقة والكسوة بالمعروف لأنهم يجرون مجراه في النفقة والكسوة ولا تترك له دار ولا خادم لأنه يمكنه أن يكترى دارا يسكنها وخادما يخدمه وإن كان له كسب جعلت نفقته في كسبه لأنه لا فائدة في إخراج ماله في نفقته وهو يكتسب ما ينفق .
فصل : وإذا أراد الحاكم بيع ماله فالمستحب أن يحضره لأنه أعرف بثمن ماله فإن لم يكن من يتطوع بالنداء استؤجر من ينادي عليه من سهم المصالح لأن ذلك من المصالح فهو كأجرة الكيال والوزان في الأسواق فإن لم يكن سهم المصالح اكترى من مال المفلس لأنه يحتاج إليه لإيفاء ما عليه فكان عليه ويقدم على سائر الديون لأن في ذلك مصلحة له ويباع كل شيء في سوقه لأن أهل السوق أعرف بقيمة المتاع ومن يطلب السلعة في السوق أكثر ويبدأ بما يسرع إليه الفساد لأنه إذا أخر ذلك هلك وفي ذلك إضرار وقد قال ( ص ) : [ لا ضرر ولا إضرار ] ثم في بالحيوان لأنه يحتاج إلى علف ويخاف عليه التلف ويتأنى بالعقار لأنه إذا تأنى به كثر من يطلبه ولا يتأنى به أكثر من ثلاثة أيام لأن فيما زاد إضرارا بالغرماء في تأخير حقهم فإن كان في المال رهن أو عبد تعلق الأرض برقبته بيع في حق المرتهن والمجني عليه لأن حقهما يختص بالعين فقدم وإن بيع له متاع وقبض ثمنه فهلك الثمن واستحق المبيع رجع المشتري بالعهدة في مال المفلس وهل يقدم على سائر الغرماء روى المزني أنه يقدم وروى الربيع أنه أسوة الغرماء فمن أصحابنا من قال فيه قولان : أحدهما يقدم لأن في تقدمه المصلحة فإنه متى لم يقدم تجنب الناس شراء ماله خوفا من الاستحقاق فإذا قدم رغبوا في شراء ماله والثاني إنه أسوة الغرماء لأن هذا دين تعلق بذمته بغير رضى من له الحق فضرب به مع الغرماء كأرش الجناية ومنهم من قال إن لم يفك الحجر عنه قدم لأن فيه مصلحة له وإن فك الحجر عنه كسائر الغرماء وحمل رواية الربيع على هذا .
فصل : وإن كان في الغرماء من باع منه شيئا قبل الإفلاس ولم يأخذ من ثمنه شيئا ووجد عين ماله على صفته ولم يتعلق به حق غيره فهو بالخيار بين أن يترك ويضرب مع الغرماء بالثمن وبين أن يفسخ البيع ويرجع في عين ماله لما روى أبو هريرة Bه أن النبي ( ص ) قال : [ من باع سلعة ثم أفلس صاحبها فوجدها بعينها فهو أحق بها من الغرماء ] وهل يفتقر الفسخ إلى إذن الحاكم فيه وجهان : قال أبو إسحاق لا يفسخ إلا بإذن الحاكم لأنه مختلف فيه فلم يصح بغير الحاكم كفسخ النكاح بالإعسار والنفقة وقال أبو القاسم الداركي لا يفتقر إلى الحاكم لأنه فسخ ثبت بنص السنة فلم يفتقر إلى الحاكم كفسخ النكاح بالعتق تحت العبد فإن حكم حاكم بالمنع من الفسخ فقد قال أبو سعيد الإصطخري ينقص حكمه لأنه حكم مخالف لنص السنة ويحتمل أن لا ينقض لأنه مختلف فيه فلم ينقض وهل يكون الفسخ على الفور أو على التراخي ؟ فيه وجهان : أحدهما أنه على التراخي لأنه خيار لا يسقط إلى بدل فكان على التراخي كخيار الرجوع في الهبة والثاني أنه على الفور لأنه خيار ثبت لنقص في العوض فكان على الفور كخيار الرد بالعيب وهل يصح الفسخ بالوطء في الجارية ؟ فيه وجهان : أحدهما يصح كما يصح الفسخ في الوطء في خيار الشرط والثاني أنه لا يصح لأنه ملك مستقر فلا يجوز رفعه بالوطء وإن قال الغرماء نحن نعطيك الثمن ولا نفسخ لم يسقط حقه من الفسخ لأنه ثبت له حق الفسخ فلم يسقط ببدل العوض كالمشتري إذا وجد بالسلعة عيبا وبذل له البائع الأرش .
فصل : وإن كان قد باعه بعد الإفلاس ففيه وجهان : أحدهما أن له أن يفسخ لأنه باعه قبل وقت الفسخ فلم يسقط حقه من الفسخ كما لو تزوجت امرأة بفقير ثم أعسر بالنفقة والثاني أنه ليس له أن يفسخ لأنه باعه مع العلم بخراب ذمته فسقط خياره كما لو اشترى سلعة مع العلم بعيبها .
فصل : وإن وجد المبيع وقد قبض من الثمن بعضه رجع بحصة ما بقي من الثمن لأنه إذا رجع بالجميع إذا لم يقبض جميع الثمن رجع في بعضه إذا لم يقبض بعض الثمن وإن كان المبيع عبدين متساويي القيمة وباعهما بمائة وقبض من الثمن خمسين ثم مات أحد العبدين وأفلس المشتري فالمنصوص في التفليس إنه يأخذ الباقي بما بقي من الثمن ونص في الصداق إذا أصدقها عبدين فتلف أحدهما ثم طلقها قبل ا لدخول على قولين : أحدهما أنه يأخذ الموجود بنصف الصداق مثل قوله في التفليس والثاني أنه نصف الموجود ونصف قيمة التالف فمن أصحابنا من نقل هذا القول إلى البيع وقال فيه قولان : أحدهما أنه يأخذ نصف الموجود ويضرب مع الغرماء بنصف ثمن التالف وهو اختيار المزني C لأن البائع قبض الخمسين من ثمنه وما قبض من ثمنه لا يرجع به والثاني أنه يأخذ الموجود بما بقي لأن ما أخذه جميعه لدفع الضرر إذا كان باقيا أخذ الباقي إذا هلك بعضه كالشقص في الشفعة ومن أصحابنا من قال : يأخذ البائع الموجود بما بقي من الثمن قولا واحدا وفي الصداق قولان والفرق بينهما أن البائع إذا رجع بنصف الموجود ونصف بدل التالف لم يصل إلى كمال حقه لأن غريمه مفلس والزوج إذا رجع بنصف الموجود ونصف قيمة التالف وصل إلى جميع حقه لأن الزوجة موسرة فلم يجز له الرجوع بجميع الموجود بنصف المهر .
فصل : وإن وجد البائع عين ماله وهو رهن لم يرجع به لأن حق المرتهن سابق لحقه فلم يملك إسقاطه بحقه فإن أمكن أن يقضي حق المرتهن ببيع بعضه بيع منه بقدر حقه ويرجع البائع بالباقي لأن المنع كان لحق المرتهن وقد زال .
فصل : وإن كان المبيع شقصا تثبت فيه الشفعة ففيه ثلاثة أوجه : أحدها أن الشفيع أحق لأن حقه سابق فإنه يثبت بالعقد وحق البائع ثبت بالحجر فقدم حق الشفيع والثاني أن البائع أحق لأنه إذا أخذ الشفيع الشقص زال الضرر عنه وحده وإذا أخذه البائع زال الضرر عنهما لأن البائع يرجع إلى عين ماله والشفيع يتخلص من ضرر المشتري فيزول الضرر عنهما والثالث أنه يدفع الشقص إلى الشفيع ويؤخذ منه ثمنه ويدفع إلى البائع لأن في ذلك جمعا بين الحقين وإذا أمكن الجمع بين الحقين لم يجز إسقاط أحدهما .
فصل : وإن كان المبيع صيدا والبائع محرم لم يرجع فيه لأنه تمليك فلم يجز مع الإحرام كشراء الصيد .
فصل : وإن وجد عين ماله ودينه مؤجل وقلنا إن الدين المؤجل لا يحل وديون الغرماء حالة فالمنصوص أن يباع المبيع في الديون الحالة لأنها حقوق حالة فقدمت على الدين المؤجل ومن أصحابنا من قال لا يباع بل يوقف إلى أن يحل فيختار البائع الفسخ أو الترك و إليه أشار في الإملاء لأن بالحجر تتعلق الديون بماله فصار المبيع كالمرهون في حقه بدين مؤجل فلا يباع في الديون الحالة .
فصل : وإن وجد المبيع وقد باعه المشتري ورجع إليه ففيه وجهان : أحدهما له أن يرجع فيه لأنه وجد رأس ماله خاليا من حق غيره فأشبه إذا لم يبعه والثاني لا يرجع لأن هذا الملك لم ينتقل إليه منه فلم يملك فسخه .
فصل : وإن وجد المبيع ناقصا نظرت فإن كان نقصان جزء ينقسم عليه الثمن كعبدين تلف أحدهما أو نخلة مثمرة تلفت ثمرتها فالبائع بالخيار بين أن يضرب مع الغرماء بالثمن وبين أن يفسخ البيع فيما بقي بحصته من الثمن ويضرب مع الغرماء بثمن ما تلف لأن البائع يستحق المبيع في يد المفلس بالثمن كما يستحق المشتري المبيع في يد البائع بالثمن ثم المشتري إذا وجد أحد العينين في يد البائع والآخر هالكا كان بالخيار بين أن يترك الباقي ويطالب بجميع الثمن وبين أن يأخذ الموجود بثمنه ويطالب بثمن التالف فكذلك البائع و إن كان المبيع نخلا مع ثمرة مؤبرة فهلكت الثمرة قوم النخل مع الثمرة ثم يقوم بلا ثمرة ويرجع بما بينهما من الثمن وتعتبر القيمة أقل ما كانت من حين العقد إلى حين القبض فإن كانت قيمته وقت العقد أقل قوم وقت العقد لأن الزيادة حدثت في ملك المشتري فلا تقوم عليه وإن كان في وقت القبض أقل قوم في وقت القبض لأن ما نقص لم يقبضه المشتري فلم يضمنه فإن كان نقصان جزء لا ينقسم عليه الثمن كذهاب يد وتأليف دار نظرت فإن لم يجب لها أرش بأن أتلفها المشتري أو ذهبت بآفة سماوية فالبائع بالخيار بين أن يأخذه بالثمن وبين أن يتركه ويضرب بالثمن مع الغرماء كما تقول فيمن اشترى عبدا فذهبت يده أو دارا فذهب تأليفها في يد البائع فإن المشتري بالخيار بين أن يأخذه بالثمن وبين أن يتركه ويرجع بالثمن فإن وجب لها أرض بأن أتلفها أجنبي فالبائع بالخيار بين أن يترك ويضرب مع الغرماء بالثمن وبين أن يأخذ ويضرب بما نقص من الثمن لأن الأرش في مقابلة جزء كان البائع يستحقه فاستحق ما يقابله كما نقول فيمن اشترى عبدا فقطع الأجنبي يده أنه بالخيار بين أن يتركه ويرجع بالثمن وبين أن يأخذه ويطالب الجاني بالأرش غير أن المشتري يرجع على الجاني بقيمة اليد لأنها تلفت في ملكه فوجب له البدل والبائع يرجع بحصة اليد من الثمن لأنها تلفت في ملك المفلس فوجب الأرش له فيرجع البائع عليه بالحصة من الثمن لأن المبيع مضمون إلى المفلس بالثمن فإن كان المبيع نخلا عليه طلع غير مؤبر فهلكت الثمرة ثم أفلس بالثمن فرجع البائع في النخل ففيه وجهان : أحدهما يأخذها بجميع الثمن لأن الثمرة تابعة للأصل في البيع فلم يقابلها قسط من الثمن والثاني يأخذها بقسطها من الثمن ويضرب بحصة الثمرة مع الغرماء لأن الثمرة يجوز إفرادها بالبيع فصارت مع النخل بمنزلة العينين .
فصل : وإن وجد المبيع زائدا نظرت فإن كانت زيادة غير متميزة كالسمن والكبر واختار البائع الفسخ رجع في المبيع مع الزيادة لأنها زيادة لا تتميز فتبعت الأصل في الرد كما قلنا في الرد بالعيب وإن كان المبيع حبا فصار زرعا أو زرعا فصار حبا أو بيضا فصار فرخا ففيه وجهان : أحدهما لا يرجع به لأن الفرخ غير البيض والزرع غير الحب والثاني يرجع - وهو المنصوص - لأن الفرخ والزرع عين المبيع وإنما تغيرت صفته فهو كالودي إذا صار نخلا والجدي إذا صار شاة وإن كانت الزيادة متميزة نظرت فإن كانت ظاهرة كالطلع المؤبر وما أشبهه من الثمار رجع فيه دون الزيادة لأنه نماء طاهر متميز حدث في ملك المشتري فلم يتبع الأصل في الرد كما قلنا في الرد بالعيب فإن اتفق المفلس والغرماء على قطعها قطع وإن اتفقوا على تركها إلى الجداد ترك لأنه ملك أحدهما وحق الآخر وإن دعا أحدهما إلى قطعها والآخر إلى تركها وجب القطع لأن من دعا إلى القطع تعجل حقه فلا يؤخر بغير رضاه وإن كانت الزيادة غير ظاهرة كطلع غير مؤبر وما أشبهه من الثمار ففيه قولان : روى الربيع أنه يرجع في النخل دون الطلع لأن الثمرة ليست عين ماله فلم يرجع بها وروى المزني أنه يرجع لأنه يتبع الأصل في البيع فتبعه في الفسخ كالثمن والكبر فإذا قلنا بهذا فأفلس وهو غير مؤبر فلم يرجع حتى أبر لم يرجع في الثمرة لأنها أبرت وهي في ملك المفلس فإن اختلف البائع والمفلس فقال البائع رجعت فيه قبل التأبير فالثمرة لي وقال المفلس رجعت بعد التأبير فالثمرة لي فالقول قول المفلس لأن الأصل بقاء الثمرة على ملكه فإن لم يحلف المفلس فهل يحلف الغرماء ؟ فيه قولان وقد مضى دليلهما فإن كذبوه فحلف واستحق وأراد أن يفرقه على الغرماء ففيه وجهان : أحدهما أنه لا يلزمهم قبوله لأنهم أقروا أنه أخذ بغير حق والثاني يلزمهم قبوله أو الإبراء من الدين وعليه نص في المكاتب إذا حمل إلى المولى نجما فقال المولى هو حرام أنه يلزمه أن يأخذه أو يبرئه منه فإن صدقه بعضهم وكذبه البعض فقد قال الشافعي C : يفرق ذلك فيمن صدقه دون من كذبه فمن أصحابنا من قال لا يجوز أن يفرقه إلا على من صدقه لأنه لا حاجة به إلى دفع ذلك إلى من يكذبه وقال أبو إسحاق إذا اختار المفلس أن يفرق على الجميع جاز كما يجوز إذا كذبوه وحمل قول الشافعي C إذا اختار أن يفرق فيمن صدقه وإن قال البائع رجعت قبل التأبير فالثمرة لي فصدقه المفلس وكذبه الغرماء ففيه قولان : أحدهما يقبل قول المفلس لأنه غير متهم والثاني لا يقبل لأنه تعلق به حق الغرماء فلم يقبل إقراره فيه فإذا قلنا بهذا فهل يحلف الغرماء ؟ فيه طريقان : فمن أصحابنا من قال هي على القولين كما قلنا في القسم قبله ومنهم من قال يحلفون قولا واحدا لأن اليمين ههنا توجهت عليهم ابتداء وفي القسم قبله توجهت اليمين على المفلس فلما نكل نقلت إليهم .
فصل : وإن كان المبيع جارية فحبلت في ملك المشتري نظرت فإذا أفلس بعد الوضع رجع في الجارية دون الولد كما قلنا في الرد بالعيب ولا يجوز التفرق بين الأم والولد فإما أن يرد البائع قيمة الولد فيأخذه مع الأم أو تباع الأم والولد فيأخذ البائع ثمن الأم ويأخذ المفلس ثمن الولد ومن أصحابنا من قال إما أن يزن قيمة الولد فيأخذه مع الأم وإما أن يسقط حقه من الرجوع والمذهب الأول لأنه وجد عين ماله خاليا عن حق غيره فثبت له الرجوع وإن أفلس قبل الوضع فإن قلنا لا حكم للحمل رجع فيهما لأنه كالسمن وإن قلنا إن الحمل له حكم رجع في الأم دون الحمل لأنه كالحمل المنفصل فإن باعها وهي حبلى ثم أفلس المشتري نظرت فإن أفلس قبل الوضع رجع فيهما وإن أفلس بعد الوضع فإن قلنا للحمل حكم رجع فيهما لأنهما كعينين باعهما وإن قلنا لا حكم للحمل رجع في الأم دون الحمل لأنه نماء تميز في ملك المشتري فلم يرجع فيه البائع ولا يفرق بين الأم والولد على ما ذكرناه .
فصل : وإن كان المبيع طعاما فطحنه المشتري أو ثوبا فقصره ثم أفلس نظرت فإن لم تزد قيمته بذلك واختار البائع الرجوع رجع فيه ولا يكون المشتري شؤيكا له بقدر عمله لأن عمله قد استهلك ولم يظهر له أثر وإن زادت قيمته بأن كانت عشر قيمته فصارت قيمته خمسة عشر ففيه قولان : أحدهما أن البائع يرجع فيه ولا يكون المشتري شريكا له بقدر ما عمل فيه وهو قول المزني لأنه لم يضف إلى المبيع عينا وإنما فرق بالطحن أجزاء مجتمعة وفي القصارة أظهر بياضا كان كامنا في الثوب فلم يصر شريكا للبائع في العين كما لو كان المبيع جوزا فكسره ولأنه زيادة لا تتميز فلم يتعلق بها حق المفلس كما لو كان المبيع غلاما فعلمه أو حيوانا فسمنه والثاني أن المشتري يكون شريكا للبائع بقدر ما زاد بالعمل ويكون حكم العمل حكم العين وهو الصحيح لأنها زيادة حصلت بفعله فصار شريكا كما لو كان المبيع ثوبا فصبغه ولأن القصار يملك حبس العين لقبض الأجرة كما يملك البائع حبس المبيع لقبض الثمن فدل على أن العمل كالعين بخلاف كسر الجوز وتعلين الغلام وتسمين الحيوان فإن الأجير على هذه الأشياء لا يملك حبس العين لقبض الأجرة فعلى هذا يباع الثوب فيصرف ثلث الثمن إلى الغرماء والثلثان إلى البائع وإن كان قد استأجر المشتري من قصر الثوب وطحن الطعام ولم يدفع إليه الأجرة دفع الأجرة إلى الأجير من ثمن الثوب لأن الزيادة حصلت بفعله فقضى حقه من بدله .
فصل : وإن اشترى من رجل ثوبا بعشرة ومن آخر صبغا بخمسة فصبغ به الثوب ثم أفلس نظرت فإن لم تزد ولم تنقص بأن صار قيمة الثوب خمسة عشر فقد وجد كل واحد من البائعين عين ماله فإن اختار الرجوع صار الثوب بينهما لصاحب الثوب الثلثان ولصاحب الصبغ الثلث وإن نقص فصار قيمة الثوب اثني عشر فقد وجد بائع الثوب عين ماله ووجد بائع الصبغ بعض ماله لأن النقص دخل عليه بهلاك بعضه فإن اختار الرجوع كان لبائع الثوب عشرة ولبائع الصبغ درهمان ويضرب بما هلك من ماله وهو ثلاثة مع الغرماء وإن زاد فصار يساوي الثوب عشرين درهما بنينا على القولين في أن زيادة القيمة بالعمل كالعين أم لا فإن قلنا أنها ليست كالعين حصلت الزيادة في مالهما فيسقط بينهما على الثلث والثلثين لصاحب الثوب الثلثان ولصاحب الصبغ الثلث وإن قلنا إنها كالعين كانت الزيادة للمفلس فيكون شريكا للبائعين بالربع .
فصل : وإن كان المبيع أرضا فبناها أو غرسها فإذا أنفق المفلس والغرماء على قلع البناء والغراس ثبت للبائع الرجوع في الأرض لأنه وجد عين ماله خاليا عن حق غيره فجاز له الرجوع فإن رجع فيها ثم قلعوا البناء والغراس لزم المفلس تسوية الأرض وأرش نقص إن حدث بها من القلع لأنه نقص حصل لتخليص ماله ويقدم ذلك على سائر الديون لأنه يجب لإصلاح ماله فقدم ذلك كعلف البهائم وأجرة النقال وإن امتنعوا من القلع لم يجبروا لقوله ( ص ) [ ليس لعرق ظالم حق ] وهذا غرس وبناء بحق فقال البائع أنا أعطي قيمة الغراس والبناء وآخذه مع الأرض أو قلع وأضمن أرش النقص ثبت له الرجوع لأنه يرجع في عين ماله من غير إضرار وإن امتنع المفلس والغرماء من القلع وامتنع البائع من بذل العوض وأرش النقص فقد روى المزني فيه قولين : أحدهما أنه يرجع والثاني أنه لا يرجع فمن أصحابنا من قال إن كانت قيمة الغراس والبناء أقل من قيمة الأرض فله أن يرجع لأن الغراس والبناء تابع فلم يمنع الرجوع وإن كانت قيمة الغراس والبناء أكثر من قيمة الأرض لم يرجع لأن الأرض صارت كالتبع للغراس والبناء وحمل القولين على هذين الحالين وذهب المزني و أبو العباس و أبو إسحاق إلى أنها على قولين : أحدهما يرجع لأنه وجد عين ماله مشغولا بملك المفلس فثبت له الرجوع كما لو كان المبيع ثوبا فصبغه المفلس بصبغ من عنده والثاني لا يرجع لأنه إذا رجع في الأرض بقي الغراس والبناء من غير طريق ومن غير شرب فيدخل الضرر على المفلس والضرر لا يزال بالضرر فإن قلنا إنه يرجع وامتنع البائع عن بذل العوض وأرش النقص وامتنع المفلس والغرماء من القلع فهل يجبر البائع على البيع ؟ فيه قولان : أحدهما يجبر لأن الحاجة تدعوا إلى البيع لقضاء الدين فوجب أن يباع كما يباع الصبغ مع الثوب وإن لم يكن الصبغ له ويباع ولد المرهونة مع الرهن وإن لم يدخل في الرهن والثاني لا يجبر لأنه لايمكن إفراد كل واحد منهما بالبيع ولا يجبر على بيعها مع الغراس والبناء .
فصل : وإن كان المبيع أرضا فزرعها المشتري ثم أفلس واختار البائع الرجوع في الأرض جاز له لأنه وجد عين ماله مشغولا بما ينقل فجاز له الرجوع فيه كما لو كان المبيع دارا وفيها متاع للمشتري فإن رجع في الأرض نظرت في الزرع فإن استحصد وجب نقله وإن لم يستحصد جاز تركه إلى أوان الحصاد من غير أجرة لأن زرعه في ملكه فإذا زال الملك جاز ترك الزرع إلى أوان الحصاد من غير أجرة كما لو زرع أرضه ثم باع الأرض .
فصل : وإن كان المبيع من ذوات الأمثال كالحبوب والأدهان فخلطه بجنسه نظرت فإن خلطه بمثله كان للبائع أن يرجع لأن عين ماله موجود من جهة الحكم ويملك أخذه بالقسمة فإن رجع واتفقا على القسمة قسم ودفع إليه مثل مكيلته فإن طلب البائع البيع فهل يجبر المفلس فيه وجهان : أحدهما لا يجبر لأنه تمكن القسمة فلا يجبر على البيع كالمال بين الشريكين والثاني يجبر لأنه إذا بيع وصل البائع إلى بدل ماله بعينه وإذا قسم لم يصل إلى جميع ماله ولا إلى بدله وإن خلطه بأردأ منه فله أن يرجع لأن عين ماله موجودة من طريق الحكم فملك أخذه بالقسمة وكيف يرجع فيه وجهان : قال أبو إسحاق يباع الزيتان ويقسم ثمنه بينهما على قدر قيمتهما لأنه إن أخذ مثل زيته بالكيل كان ذلك أنقص من حقه وإن أخذ أكثر من زيته كان ربا فوجب البيع والثاني وهو المنصوص أنه يأخذ مثل زيته بالكيل لأنه وجد عين ماله ناقصا فرجع فيه مع النقص كما لو كان عين ماله ثوبا فحدث به عيب عند المشتري فإن خلطه بأجود منه ففيه قولان : أحدهما يرجع وهو قول المزني لأنه وجد عين ماله مختلطا بما لايتميز عنه فأشبه إذا خلطه بمثله أو كان ثوبا فصبغه والثاني أنه لا يرجع لأن عين ماله غير موجود حقيقة لأنه اختلط بما لا يمكن تمييزه منه حقيقة ولاحكما لأنه لا يمكن المطالبة بمثل مكيلته منه ويخالف إذا خلطه بمثله لأنه تمكن المطالبة بمثل مكيلته ويخالف الثوب إذا صبغه لأن الثوب موجود وإنما تغير لونه فإن قلنا إنه يرجع فكيف يرجع فيه قولان : أحدهما يباع الزيتان ويقسم ثمنه بينهما على قدر قيمتهما لأنه لا يمكن أن يأخذ مثل زيته بالكيل لأنه يأخذ أكثر من حقه ولا يمكن أن يأخذ أقل من زيته بالكيل لأنه ربا فوجب البيع والثاني يرجع من الزيت بقيمة مكيلته فيكون قد أخذ بعض حقه وترك بعضه باختياره .
فصل : وإن أسلم إلى رجل في شيء وأفلس المسلم إليه وحجر عليه فإن كان رأس المال باقيا فله أن يفسخ العقد ويرجع إلى عين ماله لأنه وجد عين ماله خاليا من حق غيره فرجع إليه كالمبيع وإن كان رأس المال تالفا ضرب مع الغرماء بقدر المسلم فيه فإن لم يكن في ماله الجنس المسلم فيه اشترى ودفع إليه لأن أخذ العوض عن المسلم فيه لا يجوز وقال أبو إسحاق : إذا أفلس المسلم إليه فللمسلم أن يفسخ العقد ويضرب مع الغرماء برأس المال لأنه يتعذر تسليم المسلم فيه فثبت الفسخ كما لو أسلم في الرطب فانقطع والمذهب أنه لا يثبت الفسخ لأنه غير واجد لعين ماله فلم يملك الفسخ بالإفلاس كما لو باعه عينا فأفلس المشتري بالثمن والعين تالفة ويخالف إذا أسلم وانقطع الرطب لأن الفسخ هناك لتعذر المعقود عليه قبل التسليم وههنا الفسخ بالإفلاس والفسخ بالإفلاس إنما يكون لمن وجد عين ماله وهذا غير واجد لعين ماله فلم يملك الفسخ .
فصل : وإن أكرى أرضا فأفلس المكتري بالأجرة فإن كان قبل استيفاء شيء من المنافع فله أن يفسخ لأن المنافع في الإجارة كالأعيان المبيعة في البيع ثم إذا أفلس المشتري والعين باقية ثبت له الفسخ فكذلك إذا أفلس المكتري والمنافع باقية وجب أن يثبت له الفسخ وإن أفلس وقد استوفى بعض المنافع وبقي البعض ضرب مع الغرماء بحصة ما مضى وفسخ فيما بقي كما لو ابتاع عبدين وتلف عنده أحدهما ثم أفلس فإنه يضرب بثمن ما تلف مع الغرماء ويفسخ البيع فيما بقي فإن فسخ وفي الأرض زرع لم يستحصد نظرت فإن اتفق الغرماء والمفلس على تبقيته بأجرة إلى وقت الحصاد لزم المكري قبوله لأن زرع بحق وقد بذل له الأجرة لما بقي فلزمه قبوله وإن لم يبذل له الأجرة جاز له المطالبة بقطعه لأن التبقية إلى الحصاد لدفع الضرر عن المفلس والغرماء والضرر لا يزال بالضرر وفي تبقيته من غير عوض إضرار بالمكري وإن دعا بعضهم إلى القطع وبعضهم إلى التبقية نظرت فإن كان الزرع لا قيمة له في الحال كالطعام في أول ما يخرج من الأرض لم يقطع لأنه إذا قطع لم يكن له قيمة وإذا ترك صار له قيمة فقدم قول من دعا إلى الترك وإن كان له قيمة كالقصيل الذي يقطع ففيه وجهان : أحدهما يقدم قول من دعا إلى القطع لأن من دعا إلى القطع تعجل حقه فلم يؤخر والثاني وهو قول أبي إسحاق أنه يفعل ما هو أحظ والأول أظهر .
فصل : إذا قسم مال المفلس بين الغرماء ففي حجره وجهان : أحدهما يزول الحجر لأن المعنى الذي لأجله حجر عليه حفظ المال على الغرماء وقد زال ذلك فزال الحجر كالمجنون إذا أفاق والثاني لا يزول إلا بالحاكم لأنه حجر ثبت بالحاكم فلم يزل إلا بالحاكم كالحجر على المبذر .
فصل : ومن مات وعليه ديون تعلقت الديون بماله كما تتعلق بالحجر في حياته فإن كان عليه دين مؤجل حل الدين بالموت لما روى ابن عمر Bه أن النبي ( ص ) قال : [ إذا مات الرجل وله دين إلى أجل وعليه دين إلى أجل فالذي عليه حال والذي له إلى أجله ] ولأن الأجل جعل رفقا بمن عليه الدين والرفق بعد الموت أن يقضي دينه وتبرأ ذمته والدليل عليه ما روى أبو هريرة أن النبي ( ص ) قال : [ نفس المؤمن مرتهنة في قبره بدينه إلى أن يقضى عنه ] .
فصل : فإن تصرف الوارث في التركة قبل مضي الدين ففيه وجهان : أحدهما لا يصح لأنه مال تعلق به دين فلا يصح التصرف فيه من غير رضى من له الحق كالمرهون والثاني يصح لأنه حق تعلق بالمال من غير رضى المالك فلم يمنع التصرف كمال المريض وإن قلنا إنه يصح فإن قضى الوارث الدين نفذ تصرفه وإن لم يقضي فسخنا وإن باع عبدا ومات وتصرف الوارث في التركة ثم وجد المشتري بالعبد عيبا فرده أو وقع في بئر كان حفرها بهيمة في تصرف الورثة وجهان : أحدهما أنه يصح لأنهم تصرفوا في ملك لهم لا يتعلق به حق أحد والثاني يبطل لأنا تبينا أنهم تصرفوا والدين متعلق بالتركة فإن كان في غرماء الميت من باع شيئا ووجد عين ماله فإن لم تف التركة بالدين فهو بالخيار بين أن يضرب مع الغرماء بالثمن وبين أن يفسخ ويرجع في عين ماله لما روي عن أبي هريرة Bه أنه قال في رجل أفلس هذا الذي قضى فيه رسول الله ( ص ) [ أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه ] فإن كانت التركة تفي بالدين ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي سعيد الإصطخري C أن له أن يرجع في عين ماله لحديث أبي هريرة والثاني لا يجوز أن يرجع في عين ماله وهو المذهب لأن المال يفي بالدين فلم يجز الرجوع في المبيع كالحي المليء وحديث أبي هريرة قد روى فيه أبو بكر النيسابوري وإن خالف وفاء فهو أسوة الغرماء .
فصل : إذا قسم مال المفلس أو مال الميت بين الغرماء ثم ظهر غريم آخر رجع على الغرماء وشاركهم فيما أخذوه على قدر دينه لأنا إنما قسمنا بينهم بحكم الظاهر إنه لا غريم له غيرهم فإذا بان بخلاف ذلك وجب نقض القسمة كالحاكم إذا حكم بحكم ثم وجد النص بخلافه وإن أكرى رجل داره سنة وقبض الأجرة وتصرف فيها ثم أفلس وقسم ماله بين الغرماء ثم انهدمت الدار في أثناء المدة فإن المكتري يرجع على المفلس بأجرة ما بقي وهل يشارك الغرماء فيما اقتسموا به أم لا ؟ ففيه وجهان : أحدهما لا يشاركهم لأنه دين وجب بعد القسمة فلم يشارك به الغرماء فيما اقتسموا كما لو استقرض مالا بعد القسمة والثاني يشاركهم لأنه دين وجب بسبب قبل الحجر فشارك به الغرماء كما لو انهدمت الدار قبل القسمة ويخالف القرض لأنه دينه لا يستند ثبوته إلى ما قبل الحجر وهذا استند إلى ما قبل الحجر ولأن المقرض لا يشارك الغرماء في المال قبل القسمة والمكتري يشاركهم في المال قبل القسمة فشاركهم بعد القسمة