وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الإجارات .
قال الشافعي : ثم قالوا فيها أيضا : إن دفع المستأجر الإجارة كلها إلى المؤجر قبل أن يسكن البيت أو يركب الدابة ثم أراد أن يرجع فيما دفع لم يكن ذلك له فإن كان دفع ما يجب عليه فهو ما قلنا وإن كان دفع ما لا يجب عليه فلو لا يرجع به فهو لم يهبه ولم يقطع عنه ملكه إلا بأمر يزعم أنه لا يجب عليه دفعه ولا يحق عليه منه شيء إلا أن يسكن أو يركب وهم يقولون : إذا انفسخت الإجارة رده لأنه إنما دفعه باسم الإجارة لا واهبا له فإن كان دفعه بالإجارة والإجارة لا يلزمه بها دفع فينبغي أن يرده عليه متى شاء ثم قال فيه قولا آخر أعجب من هذا قال : إن تكارى دابة بمائة درهم فلم يجب من المائة شيء فأراد أن يدفعها دنانير يصرفها كان حلالا فقيل له : أتعني به تحول الكراء إلى الدنانير وتنقضه من الدراهم ؟ قال : لا ولكنه يصارفه بها بسعر يومه قلنا : أويحل الصرف في شيء لم يجب ؟ قال : هو واجب فلما قالوا : يجب على صاحبه إذا لم يسم له أجلا دفع مكانه كما لو اشترى رجل سلعة بمائة أو ضمن عن رجل مائة ولم يسم أجلا كان عليه أن يدفع المائة مكانه وهذا قولنا وقولك في الواجب كله إذا لم يسم له أجلا فكيف قلت في المستأجر : الإجارة واجبه عليه وليس عليه أن يدفعها وله أن يصارف بها والإجارة إلى غير أجل ؟ قال الشافعي : فإن قال : هي إلى أجل معلوم وذلك أنه إذا استأجر عبدا سنة فكل يوم من السنة أجل معلوم ولكل يوم من السنة أجرة معلومة والمائة الدرهم التي استأجر بها العبد السنة لازمة على هذا الحساب قيل له : فما تقول فيه إن مرض أحد عشر شهرا من السنة أو شهرا من أولها أو وسطها فلم يقدر على الخدمة ؟ أليس إن قلت : ينتظر فإذا صح استخدمه فيما يستقبل ؟ فقد زعمت : أن حصة الأحد عشر شهرا أو الشهر قد كانت في وقت لازم ثم استأخر عنه أو كان واجبا ثم بطل فإن جعلت له أن يستخدمه أحد عشر شهرا أو شهرا من سنة أخرى فقد جعلت أجلا بعد أجل ونقلت عمل سنة في سنة أخرى وإن قلت : واجبة إن كانت فهذا الفساد الذي لا يشكل لأن الإجارة تمليك منفعة من عين معروف والمنفعة معروفة بتمليك دراهم مسماة فإذا كان التمليك مغيبا لا يدري أيكون أم لا يكون ؟ لأنه قد يموت العبد ويأبق ويمرض فكيف يجوز أن تملك منفعة مغيبة بدراهم معينة مسماة ؟ هذا تمليك الدين بالدين والمسلمون ينهون عن بيع الدين بالدين والتمليك بيع فإن قلت : يملك المنفعة إن كانت فهذا أفسد من قبل : أن هذا مخاطرة ويلزم أن تفسد الإجارة كما أفسدها من عاب قوله قال : فقد يلزمك في هذا شبيه بما يلزمني فليس يلزمني إذا زعمت أن الإجارة تجب بالقبض وأن المنفعة معلومة وأنه لا قبض لها إلا بقبض الذي فيه المنفعة فإذا قبضت كان ذلك قبضا للمنفعة إن سلمت المنفعة وقد أجاز المسلمون هذا كله كما أجازوا البيوع على اختلافها وكما يحل بيع الطعام بضربين : أحدهما بصفة والآخر عين فلو اشتريت من طعام عين مائة قفيز كان صحيحا فإن أخذت في اكتياله واستهلكت ما اكتلت منه وهلك بعض المائة القفيز وجب علي ما استهلكت بحصته من الثمن وبطل عني ثمن ما هلك فإن قال : فالخدمة ليست ثمنا فهي معلومة من عين لا يوصل إلى أخذها لتستوفي إلا بأخذ العين فأخذ العين بكمالها التي هي أكثر من المنفعة يوجب الثمن على شرط سلامة المنفعة لا تعدو الإجارة أن تكون واجبة فعليه دفعها أو تكون غير واجبة والصرف عندنا وعندك فيها ربا قال الشافعي : فإذا قيل له : فإن كانت أثمان الإجارات غير واجبة فلا يحل له أن يأخذ بشيء لم يكن ولا يدري أيكون أم لا يكون ؟ ثم يأخذ من جهة الصرف فيفسد من أنه غير واجب لأن الصرف فيما لم يجب ربا قال : نعم ولكن الإجارة واجبة وثمنها واجب فلا يكون ربا فإذا قيل له : وإذا كان واجبا فليدفعه قال : ليس بواجب وهم يروون عن عمر أو ابن عمر أنه تكارى من رجل بالمدينة ثم صارفه قبل أن يركب فإن كان ثابتا عن عمر فهو موافق قولنا وحجة لنا عليهم قال : وإذا تكارى الرجل الدار من الرجل فالكراء لازم له لا ينفسخ بموت المكتري ولا المكري ولا بحال أبدا ما دامت الدار قائمة فإذا دفع الدار إلى المكتري كان الكراء لازما للمكتري كله إلا أن يشترط عند عقده الكراء أنه إلى أجل معلوم فيكون إليه كالبيوع وقال بعض الناس : تفسخ الإجارات بموت أيهما مات ويفسخها بالعذر ثم ذكر أشياء يفسخها بها قد يكون مثلها ولا يفسخها به قال الشافعي : فقيل لبعض من يقول هذا القول : أقلت هذا بخبر ؟ قال : روينا عن شريح أنه قال : إذا ألقى المفتاح برئ فقيل له : أكذا تقول بقول شريح ؟ فشريح لا يرى الإجارة لازمة ويرى أن لكل واحد منهما فسخها بلا موت ولا عذر قال : هكذا قال شريح ولسنا نأخذ بقوله قيل : فلم تحتج بما تخالف فيه وتزعم أنه ليس بحجة ؟ قال : فما عندنا فيه خبر ولكنه يقبح أن يتكارى رجل منزلا يسكنه فيموت وولده لا يحتاجون إليه فيقال : إن شئتم فاسكنوه وهم أيتام ويقبح أن يموت المؤجر فيتحول ملك الدار لغيره فتكون الدار لولده والميت لا يملك شيئا ويسكنها المستأجر بأمر الميت والميت لا أمر له حين مات فقيل له : أو يملكها الوارث إلا بملك الميت ؟ قال : لا قيل : أفيزيد الوارث أبدا على أن يقوم إلا مقام الميت فيها ؟ قال : لا قلنا : فالميت قبل موته كان يقدر أن يفسخ هذه الإجارة عن داره ساعة واحدة قبل انقضاء مدتها عندك من غير عذر ؟ قال : لا قيل : أفيكون الوارث الذي إنما ملك عن الميت الكل أو البعض أحسن حالا من المالك ؟ قال : فهل رأيت ملكا ينتقل ويملك على من انتقل إليه فيه شيء ؟ قلنا : الذي وصفنا لك من أنه إنما ملك ما كان الميت يملك كاف لك منه ونحن نوجدك ملكا ينتقل ويملك على من انتقل إليه فيه شيء قال : وأين ؟ قلنا : أرأيت رجلا رهن رجلا دارا تسوي ألفا بمائة ثم مات الراهن أينفسخ الرهن ؟ قال : لا قلنا : ولم وقد انتقل ملك الدار فصار للوارث ؟ قال : إنما يملكها الوارث كما كان يملكها الميت والميت قد أوجب فيها حقا لم يكن له فسخه إلا بإيفاء الغريم حقه فالوارث أولى أن لا يفسخه قلنا : فلا نسمعك تقبل مثل هذا ممن يحتج به عليك في الإجارة وتحتج به في الرهن ولا بد من أن تكون تاركا للحق في رده في الإجارة أو في إنفاذه في الرهن لأن حالهما واحد : قد أوجب الميت في كليهما حقا عندنا وعندك فلا نفسخه بوجه حتى يستوفيه من أوجبه له عندنا بحال وعندك إلا من عذر ثم تفسخه بعد الموت في الإجارة مما لا يكون عذرا في حياة المؤاجر والعذر أيضا شيء ما وضعته أنت لا أثرا ولا معقولا وأنت لا تفسخه بعذر ولا غير عذر في الرهن وما بينهما في هذا فرق : كلاهما أوجب له فيه مالكه حقا جائزا عندنا وعندك فإما أن يثبتا معا بكل حال وإما أن يزول أحدهما بشيء فيزول الآخر أرأيت لو قال لك قائل : وضعت العذر تفسخ به الإجارة وأنا أبطله في الإجارة وأضعه في الرهن فأفسخ به الرهن أتكون الحجة عليه ؟ إلا أن يقال : ما ثبت فيه حق لمسلم وكان الحق حلالا لم يفسخه عذر وقد تقدمه الحق الواجب عند المسلمين قال الشافعي : مع كثير من مثل هذا يقولونه من ذلك الرجل يوصي للرجل برقبة داره ولآخر أن ينزلها في كل سنة عشرة أيام ثم يموت الموصي له برقبة الدار فيملك وارثه الدار فإن أراد منع الموصي له بالنزول قيل : ليس ذلك لك أنت للدار مالك ولهذا شرط في النزول ولا تملك عن أبيك إلا ما كان يملك ولا يكون لك فيها أكثر مما كان له قال الشافعي : فأما قوله : إن مات المستأجر فلا حاجة بالورثة إلى المسكن فلو قاله غيره أشبه أن يقول له : لست تعرف ما تقول قال الشافعي : أرأيت لو أن رجلا كان يريد التجارة فاشترى دابة بألف وهو لا يملك إلا ألفا فلما استوجبها مات وله ورثة أطفال والراحلة تسوي ألفا أو مائة فقال عنهم وصي أو كان فيهم مدرك محتاج : كان أبو هؤلاء يعنى بالرواحل لتكسبه فيها وهؤلاء لا يكتسبون أو يعنى بها لضرب من الجسارة وقد أصبح هؤلاء أيتاما وناقة الرجل في يده لم تخرج بعد من يده فأفسخ البيع ورد الدراهم لحاجة الأيتام ولا تنزعها من أيديهم إن لم يكن أبوهم دفعها أو كان هذا في حمام اشتراه أو ما أشبهه مما لا منفعة فيه أو مما فيه المنفعة اليسيرة قال : لا أفسخ شيئا من هذا وأمضي عليهم ما فعل أبوهم في ماله لأنه فعله وهو يملك فأملكهم عنه ما كان هو يملك في حياته ولا يكونون أحسن حالا من أبيهم فيما ملكوه عنه قال الشافعي : قيل : وكذلك الكراء يتكاراه وهو حلال جائز له فقد ملكوا ما ملك أبوهم من منفعة المسكن فإن شاءوا سكنوا وإن شاءوا أكروا قال : وزعم أن رجلا لو تكارى من الرجل ألف بعير على أن يسير من بغداد ثمان عشرة إلى مكة فخلف الجمال إبله وعلفها بأثمانها أو أقل أو أكثر وخرج الحاج فلم يبق إلا هو وترك الجمال الكراء من غيره للشرط حتى فاته الحج كان له ذلك ولم يغرم شيئا فإن قال لك الجمال : قد غررتني ومنعتني الكراء من غيرك وكلفتني مؤنة أتت على أثمان إبلي وصدقه المكتري فلا يقضى له عليه بشيء ويجلس بلا مؤنة عليه لأنه لم يأخذ منه شيئا وإن كان قد غره وقال قائل هذا القول : فإن أراد الجمال أن يجلس وقال : بدا لي أن أدع الحج وأنصرف إلى غيره فليس ذلك له فإذا قيل له : ولم لا يكون ذلك له ؟ قال : من قبل أنه غره فمنعه أن يكتري من غيره وعقد له عقدة حلالا فليس له أن يفسخها قال الشافعي : فلم لا يكون للجمال على المتكاري أن يجلس وقد عقد له كما قال : عقدة حلالا وغره كما كان للمتكاري أن يجلس وحالهما وحجتهما واحدة ؟ لو كان يكون لأحدهما في العقدة ما ليس للآخر انبغى أن يكون الكراء للمتكاري ألزم بكل وجه من قبل : أن المؤنة على الجمال في العلف وحبس الإبل وضمانها ومن قبل أن لا مؤنة على المكتري فعمد إلى أحقهما لو تفرق الحكم فيهما أن يلزمه فأبطل عنه وأحقهما أن يبطل عنه فألزمه ؟ قال : ولا فرق بينهما من قبل : أن العقدة حلال لا تنفسخ إلا باجتماعهما على فسخها قال الشافعي : وسئل هل وجد عقدة حلالا لا شرط فيها ولا عيب يكون لأحد المتعاقدين فيها ما ليس للآخر فلا أعلمه ذكرها ؟ فقيل : وما بال هذه العقدة من بين العقد لا خبر ولا قياس ؟ قال الشافعي : وإذا اختلف المكاري والمكتري في قولنا وقولهم تحالفا وترادا قيل لهم في هذا : كيف تحكمون بحكم البيوع ؟ قال : هو تمليك وإنما البيوع تمليك فقيل لهم : فاحكموا له بحكم البيوع فيما أثبتم فيه حكم البيوع فيقولون : ليس ببيع وهم لا يقبلون هذا من أحد فإذا قيل لبعضهم : أنتم لا تصيرون في هذه الأقاويل إلى خبر يكون حجة زعمتم : ولا قياس ولا معقول فكيف قلتموه ؟ قالوا : قاله أصحابنا وقال لنا بعضهم : ما في الإجارة إلا ما قلتم : من أن نحكم لها بحكم البيوع ما كانت السلامة للمنفعة قائمة أو تبطل ولا تجوز بحال فقيل له : فتصير إلى أحد القولين فلا أعلمه صار إليه ( قال ) : وإن تكارى رجل من رجل دابة من مكة إلى مر فتعدى بها إلى عسفان فإن سلمت الدابة كان عليه كراؤها إلى مر وكراء مثلها إلى عسفان فإن عطبت الدابة فله الكراء إلى مر وقيمة الدابة في أكثر ما كانت ثمنا من حين تعدى بها من الساعة التي تعدى بها فيها كان أو بعدها ولا يكون عليه قيمتها قبل التعدي إنما يكون عليه حين صار ضامنا في حال التعدي وقال بعضهم لصاحب الدابة : إن شاء الكراء بحساب وإن شاء يضمنه قيمة الدابة وإن سلمت وليس نقول بهذا قولنا : هو الأول لا يضمنها حتى تعطب قال الشافعي : ومن أعطى مالا رجلا قراضا ونهاه عن سلعة يشتريها بعينها فاشتراها فصاحب المال بالخيار إن أحب أن تكون السلعة قراضا على شرطها وإن شاء ضمن المقارض رأس ماله قال الربيع : وله قول آخر : أنه إذا أمره أن يشتري سلعة بعينها فتعدى فاشترى غيرها فإن كان عقد الشراء بالعين بعينها فالشراء باطل وإن كان الشراء بغير العين فالشراء قد تم ولزم المشتري الثمن والربح له والنقصان عليه وهو ضامن للمال لأنه لما اشترى بغير عين المال صار المال في ذمة المشتري وصار له الربح والخسارة عليه وهو ضامن المال لصاحب المال قال الشافعي : فإن أعطى رجل رجلا شيئا ليشتري له شيئا بعينه فاشترى له ذلك الشيء وغيره بما أعطاه أو أمره أن يشتري له شاة فاشترى شاتين أو عبدا فاشترى عبدين ففيها قولان : أحدهما أن صاحب المال بالخيار في أخذ ما أمر به وما ازداد له بغير أمره أو أخذ ما أمره به بحصته من الثمن والرجوع على المشتري بما يبقى من الثمن وتكون الزيادة التي اشترى للمشتري وكذلك إن اشترى بذلك الشيء وباع والخيار في ذلك إلى رب المال لأنه بماله ملك ذلك كله وبماله باع وفي ماله كان الفضل والقول الآخر : أنه قد رضي أن يشتري له شيئا بدينار فاشتراه وازداد معه شيئا فهو له فإن شاء أمسكه وإن شاء وهبه لأن من رضي شيئا بدينار فلم يتعد من زاده معه غيره لأنه قد جاء بالذي رضي وزاده شيئا لا مؤنة عليه في ماله وهو معنى قول الشافعي وقال بعض الناس في الدابة يسقط الكراء حيث تعدى لأنه ضامن وقال في المقارض إذا تعدى ضمن وكان له الفضل بالضمان ولا أدري أقال : يتصدق به أم لا ؟ قال الشافعي : وقال في الذي اشترى ما أمره به وغيره معه للأمر : ما أمره به بحصته من الثمن وللمأمور ما بقي ولا يكون للأمر بحال لأنه اشترى بغير أمره قال الشافعي : فجعل هذا القول بابا من العلم ثبته أصلا قاس عليه في الإجارات والبيوع والمقارضة شيئا كثيرا أحسبه لو جمع كان دفاتر قال الشافعي : فقيل لبعض من قال هذا القول : قد زعمنا وزعمتم أن الأصل من العلم لا يكون أبدا إلا من كتاب الله تعالى أو سنة رسول الله A أو قول أصحاب رسول الله A أو بعضهم أو أمر أجمعت عليه عوام الفقهاء في الأمصار فهل قولكم هذا واحد من هذا ؟ قال : لا قيل : فإلى أي شيء ذهبتم فيه ؟ قال : قال شريح في بعضه قلنا : قد رددنا نحن وأنتم هذا الكلام وأكثرنا أتزعمون أن شريحا حجة على أحد إن لم يقله إلا شريح ؟ قال : لا وقد نخالف شريحا في كثير من أحكامه بآرائنا قلنا : فإذا لم يكن شريح عندكم حجة على الانفراد فيكون حجة على خبر رسول الله A أو على أحد من أصحابه ؟ قال : لا وقال : ما دلكم على أن الكراء والربح والضمان قد يجتمع ؟ فقلنا : لو لم يكن فيه خير كان معقولا وقلنا : دلنا عليه الخبر الثابت عن عمر بن الخطاب Bه وعبد الله بن عمر والخبر عندكم الذي تثبتونه عن رسول الله A قال الشافعي : ولو كان ما قالوا من أن من ضمنت له دابته أو بيته أو شيء من ملكه لم يكن له إجارة أو ماله لم يكن له من ربحه شيء كانوا قد أكثروا خلافه قال الشافعي : وهم يزعمون أن رجلا لو تكارى من رجل بيتا لم يكن له أ يعمل فيه رحى ولا قصارة ولا عمل الحدادين لأن هذا مضر بالبناء فإن عمل هذا فانهدم البيت فهو ضامن لقيمة البيت وإن سلم البيت فله أجره ويزعمون أن من تكارى قميصا فليس له أن يأتزر به لأن القميص لا يلبس هكذا فإن فعل فتخرق ضمن قيمة القميص وإن سلم كان له أجره ويزعمون أنه لو تكارى قبة لينصبها فنصبها في شمس أو مطر فقد تعدى لإضرار ذلك بها فإن عطبت ضمن وإن سلمت فعليه أجرها مع أشياء من هذا الضرب يكتفي بأقلها حتى يستدل على أنهم قد تركوا ما قالوا ودخلوا فيما عابوا مما مضت به الآثار ومما فيه صلاح الناس قال الشافعي : وأما ما قالوا : الحيلة يسيرة لمن لا يخاف الله أن يعطي مالا قراضا فيغيب به ويتعدى فيه فيأخذ فضله ويمنعه رب المال ويتكارى دابة ميلا فيسير عليها أشهرا بلا كراء ولا مؤنة إن سلمت قال قائل منهم : إنا لنعلم أن قد تركنا قولنا حيث ألزمنا الضمان والكراء ولكنا استحسنا قولنا قلنا : إن كان قولك عندك حقا فلا ينبغي أن تدعه وإن كان غير حق فلا ينبغي أن تقيم على شيء منه فما الأحاديث التي عليها اعتمدتم ؟ قلنا لهم : أما أحاديثكم فإن سفيان بن عيينة أخبرنا عن شبيب بن غرقدة أنه سمع الحي يحدثون [ عن عروة بن أبي الجعد أن رسول الله A أعطاه دينارا يشتري له به شاة أو أضحية فاشترى له شاتين فباع إحداهما بدينار وأتاه بشاة ودينار فدعا له رسول الله A في بيعه بالبركة فكان لو اشترى ترابا لربح فيه ] قال الشافعي : وروى هذا الحديث غير سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة فوصله ويرويه عن عروة بن أبي الجعد بمثل هذه القصة أو معناها قال الشافعي : فمن قال له جميع ما اشترى له بأنه بماله اشترى فهو ازدياد مملوك له قال : إنما كان ما فعل عروة من ذلك ازديادا ونظرا لرسول الله A ورضي رسول الله A بنظره وازدياده واختار أن لا يضمنه وأن يملك ما ملك عروة بماله ودعا له في بيعه ورأى عروة بذلك محسنا غير عاص ولو كان معصية نهاه ولم يقبلها ولم يملكها في الوجهين معا قال الشافعي : ومن رضي أن يملك شاة بدينار فملك بالدينار شاتين كان به أرضى وإن معنى ما نضمنه إن أراد مالك المال بأنه إنما أراد ملك واحدة وملكه المشتري الثانية بلا أمره ولكنه إن شاء ملكها على المشتري ولم يضمنه ومن قال : هما له جميعا بلا خيار ؟ قال : إذا جاز عليه أن يشتري شاة بدينار فأخذ شاتين فقد أخذ واحدة تجوز بجميع الدينار فأوفاه وازداد له بديناره شاة لا مؤنة عليه في ماله في ملكها وهذا أشبه القولين بظاهر الحديث والله تعالى أعلم قال الشافعي : والذي يخالفنا يقول في مثل هذه المسألة : هو مالك لشاة بنصف دينار والشاة الأخرى وثمن إن كان لها للمشتري لا يكون للامر أن يملكها أبدا بالملك الأول والمشتري ضامن لنصف دينار ( أخبرنا ) مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه : أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم خرجا في جيش إلى العراق فلما قفلا مرا على عامل لعمر فرحب بهما وسهل وهو أمير البصرة وقال : لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت ثم قال : بلى ههنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه فتبتاعان متاعا من متاع العراق ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون لكما الربح فقالا : وددنا ففعل وكتب لهما إلى عمر أن يأخذ منهما المال فلما قدما المدينة باعا فربحا فلما دفعا إلى عمر قال لهما : أكل الجيش أسلفه كما أسلفكما فقالا : لا فقال عمر : قال : ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما فأديا المال وربحه فأما عبد الله فسكت وأما عبيد الله فقال : ما ينبغي لك هذا يا أمير المؤمنين لو هلك المال أو نقص لضمناه فقال : أدياه فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله فقال رجل من جلساء عمر : يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله نصف ربح ذلك المال قال الشافعي : ألا ترى إلى عمر يقول : أكل الجيش أسلفه كما أسلفكما ؟ كأنه - والله أعلم - يرى أن المال لا يحمل إليه مع رجل يسلفه فيبتاع به ويبيع إلا وفي ذلك حبس للمال بلا منفعة للمسلمين وكان عمر - والله تعالى أعلم - يرى أن المال يبعث به أو يرسل به مع ثقة يسرع به المسير ويدفعه عنه مقدمه لا حبس فيه ولا منفعة للرسول أو يدفع بالمصر الذي يجتاز إليه إلى ثقة يضمنه ويكتب كتابا بأن يدفع في المصر الذي فيه الخليفة بلا حبس أو يدفع قراضا فيكون فيه الحبس بلا ضرر على المسلمين ويكون فضل إن كان فيه حبس إن كان له فلما لم يكن المال المدفوع إلى عبد الله وعبيد الله بواحد من هذه الوجوه ولم يكن ملكا للوالي الذي دفعه إليهما فيجيز أمره فيما يملك إليه فيما يرى أن الربح والمال للمسلمين فقال عمر : أدياه وربحه فلما راجعه عبيد الله وأشار عليه بعض جلسائه - وبعض جلسائه عندنا من أصحاب رسول الله A - أن يجعله قراضا رأى أن يفعل وكأنه - والله تعالى أعلم - رأى أن الوالي القائم به الحاكم فيه حتى يصير إلى عمر ورأى أن له أن ينفذ ما صنع الوالي مما يوافق الحكم فلما كان لو دفعه الوالي قراضا كان على عمر أن ينفذ الحبس له والعوض بالمنفعة للمسلمين في فضله رد ما صنع الوالي إلى ما يجوز مما لو صنعه لم يرده عليه ورد منه فضل الربح الذي لم ير له أن يعطيهما وأنفذ لهما نصف الربح الذي كان له أن يعطيهما قال الشافعي : قد كانا ضامنين للمال وعلى الضمان أخذاه ولو هلك ضمناه ألا ترى أن عمر لم يرد على عبيد الله قوله : لو هلك أو نقص كنا له ضامنين ولم يرده أحد ممن حضره من أصحاب رسول الله A ولم يقل عمر ولا أحد من أصحاب رسول الله A : لكما الربح بالضمان بل جمع عليهما الضمان وأخذ منهما بعض الربح فقال قائل : فلعل عمر استطاب أنفسهما قلنا : أو ما في الحديث دلالة على أنه إنما حكم عليهما ألا ترى أن عبيد الله راجعه قال : فلم أخذ نصف الربح ولم يأخذه كله ؟ قلنا : حكم فيه بأن أجاز منه ما كان يجوز على الابتداء لأن الوالي لو دفعه إليهما على المقارضة جاز فلما رأى ومن حضره أن أخذهما المال غير تعد منهما وأنهما أخذاه من وال له فكانا يريان والوالي أن ما صنع جائز فلم يزعم ومن حضره ما صنع يجوز إلا بمعنى القراض أنفذ فيه القراض لأنه كان نافذا لو فعله الوالي أولا ورد فيه الفضل الذي جعله لهما على القراض ولم يره ينفذ لهما بلا منفعة للمسلمين فيه ( أخبرنا ) عبد الوهاب عن داود بن أبي هند عن رباح بن عبيدة قال : بعث رجل مع رجل من أهل البصرة بعشرة دنانير إلى رجل بالمدينة فابتاع بها المبعوث معه بعيرا ثم باعه بأحد عشر دينارا فسأل عبد الله بن عمر فقال : الأحد عشر لصاحب المال ولو حدث بالبعير حدث كنت له ضامنا ( أخبرنا ) الثقة من أصحابنا عن عبد الله بن عمر مثل معناه قال الشافعي : وابن عمر يرى على المشتري بالبضاعة لغيره الضمان ويرى الربح لصاحب البضاعة ولا يجعل الربح لمن ضمن إذ المبضع معه تعدى في مال رجل بعينه والذي يخالفنا في هذا يجعل له الربح ولا أدري أيأمره أن يتصدق به أم لا ؟ وليس معه خبر إلا توهم عن شريح وهم يزعمون أن الأقاويل التي تلزم ما جاء عن النبي A أو عن رجل من أصحابه أو اجتمع الناس عليه فلم يختلفوا وقولهم هذا ليس داخلا في واحد من هذه الأشياء التي تلزم عندنا وعندهم