وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

- فاتفقوا على أن لولي الدم أحد شيئين : القصاص أو العفو إما على الدية وإما على غير الدية . واختلفوا هل الانتقال من القصاص إلى العفو على أخذ الدية هو حق واجب لولي الدم دون أن يكون في ذلك خيار للمقتص منه أم لا تثبت الدية إلا بتراضي الفريقين أعني الولي والقاتل وأنه إذا لم يرد المقتص منه أن يؤدي الدية لم يكن لولي الدم إلا القصاص مطلقا أو العفو فقال مالك : لا يجب للولي إلا أن يقتص أو يعفو عن غير دية إلا أن يرضى بإعطاء الدية للقاتل وهي رواية ابن القاسم عنه وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وجماعة وقال الشافعي وأحمد وأبو ثور وداود وأكثر فقهاء المدينة من أصحاب مالك وغيره : ولي الدم بالخيار إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية رضي القاتل أو لم يرض وروى ذلك أشهب عن مالك إلا أن المشهور عنه هي الرواية الأولى . فعمدة مالك في الرواية المشهورة حديث أنس ابن مالك في قصة سن الربيع أن رسول الله A قال " كتاب الله القصاص " فعلم بدليل الخطاب أنه ليس له إلا القصاص . وعمدة الفريق الثاني حديث أبي هريرة الثابت " من قتل له قتيل فهو بخير النظرين بين أن يأخذ الدية وبين أن يعفو " هما حديثان متفق على صحتهما لكن الأول ضعيف الدلالة في أنه ليس له إلا القصاص . والثاني نص في أن له الخيار والجمع بينهما يمكن إذا رفع دليل الخطاب من ذلك فإن كان الجمع واجبا وممكنا فالمصير إلى الحديث الثاني واجب والجمهور على أن الجمع واجب إذا أمكن وأنه أولى من الترجيح وأيضا فإن الله D يقول { ولا تقتلوا أنفسكم } وإذا عرض على المكلف فداء نفسه بمال فواجب عليه أن يفديها أصله إذا وجد الطعام في مخمصة بقيمة مثله وعنده ما يشتريه أعني أنه يقضى عليه بشرائه فكيف بشراء نفسه ؟ ويلزم على هذه الرواية إذا كان للمقتول أولياء صغار وكبار أن يؤخر القتل إلى أن يكبر الصغار فيكون لهم الخيار ولا سيما إذا كان الصغار يحجبون الكبار مثل البنين مع الإخوة . وقال القاضي : وقد كانت وقعت هذه المسألة بقرطبة حياة جدي C فأفتى أهل زمانه بالرواية المشهورة وهو أن لا ينتظر الصغير فأفتى هو C بانتظاره على القياس فشنع أهل زمانه ذلك عليه لما كانوا عليه من شدة التقليد حتى اضطر أن يضع في ذلك قولا ينتصر فيه لهذا المذهب وهو موجود بأيدي الناس .
والنظر في هذا الباب هو في قسمين : في العفو والقصاص . والنظر في العفو في شيئين : أحدهما فيمن له العفو ممن ليس له وترتيب أهل الدم في ذلك وهل يكون له العفو على الدية أم لا ؟ وقد تكلمنا في : هل له العفو على الدية . وأما من لهم العفو بالجملة فهم الذين لهم القيام بالدم والذين لهم القيام بالدم هم العصبة عند مالك وعند غيره : كل من يرث وذلك أنهم أجمعوا على أن المقتول عمدا إذا كان له بنون بالغون فعفا أحدهم أن القصاص قد بطل ووجبت الدية . واختلفوا في اختلاف البنات مع البنين في العفو أو في القصاص . وكذلك الزوجة أو الزوج والأخوات فقال مالك : ليس للبنات ولا الأخوات قول مع البنين والإخوة في القصاص أو ضده ولا يعتبر قولهن مع الرجال وكذلك الأمر في الزوجة والزوج وقال أبو حنيفة والثوري وأحمد والشافعي كل وارث يعتبر قوله في إسقاط القصاص وفي إسقاط حظه من الدية وفي الأخذ به قال الشافعي الغائب منهم والحاضر والصغير والكبير سواء . وعمدة هؤلاء اعتبارهم الدم بالدية . وعمدة الفريق الأول أن الولاية إنما هي للذكران دون الإناث . واختلف العلماء في المقتول عمدا إذا عفا عن دمه قبل أن يموت هل ذلك جائز على الأولياء ؟ وكذلك في المقتول خطأ إذا عفا عن الدية فقال قوم : إذا عفا المقتول عن دمه في العمد مضى ذلك وممن قال بذلك مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وهذا أحد قولي الشافعي وقالت طائفة أخرى : لا يلزم عفوه وللأولياء القصاص أو العفو وممن قال به أبو ثور وداود وهو قول الشافعي بالعراق . وعمدة هذه الطائفة أن الله خير الولي في ثلاث : إما العفو وإما القصاص وإما الدية . وذلك عام في كل مقتول سواء عفا عن دمه قبل الموت أو لم يعف . وعمدة الجمهور أن الشيء الذي جعل للولي إنما هو حق المقتول فناب فيه منابه وأقيم مقامه فكان المقتول أحق بالخيار من الذي أقيم مقامه بعد موته . وقد أجمع العلماء على أن قوله تعالى { فمن تصدق به فهو كفارة له } أن المراد بالمتصدق ههنا هو المقتول يتصدق بدمه . وإنما اختلفوا على من يعود الضمير في قوله { فهو كفارة له } فقيل على القاتل لمن رأى له توبة وقيل على المقتول من ذنوبه وخطاياه .
وأما اختلافهم في عفو المقتول خطأ عن الدية فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور فقهاء الأمصار : إن عفوه من ذلك في ثلثه إلا أن يجيزه الورثة وقال قوم : يجوز في جميع ماله وممن قال به طاوس والحسن . وعمدة الجمهور أنه واهب مالا له بعد موته فلم يجز إلا في الثلث أصله الوصية . وعمدة الفرقة الثانية أنه إذا كان له أن يعفو عن الدم فهو أحرى أن يعفو عن المال وهذه المسألة هي أخص بكتاب الديات .
واختلف العلماء إذا عفا المجروح عن الجراحات فمات منها هل للأولياء أن يطالبوا بدمه أم لا ؟ فقال مالك : لهم ذلك إلا أن يقول عفوت عن الجراحات وعما تئول إليه وقال أبو يوسف ومحمد إذا عفا عن الجراحة ومات فلا حق لهم والعفو عن الجراحات عفو عن الدم وقال قوم : بل تلزمهم الدية إذا عفا عن الجراحات مطلقا وهؤلاء اختلفوا فمنهم من قال : تلزم الجارح الدية كلها واختاره المزني من أقوال الشافعي ومنهم من قال : يلزم من الدية ما بقي منها بعد إسقاط دية الجرح الذي عفا عنه وهو قول الثوري . وأما من يرى أنه لا يعفو عن الدم فليس يتصور معه خلاف في أنه لا يسقط ذلك طلب الولي الدية لأنه إذا كان عفوه عن الدم لا يسقط حق الولي فأحرى أن لا يسقط عفوه عن الجرح . واختلفوا في القاتل عمدا يعفى عنه هل يبقى للسلطان فيه حق أم لا ؟ فقال مالك والليث : إنه يجلد مائة ويسجن سنة وبه قال أهل المدينة وروي ذلك عن عمر وقالت طائفة : الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور : لا يجب عليه ذلك وقال أبو ثور : إلا أن يكون يعرف بالشر فيؤدبه الإمام على قدر ما يرى . ولا عمدة للطائفة الأولى إلا أثر ضعيف . وعمدة الطائفة الثانية ظاهر الشرع وأن التحديد في ذلك لا يكون إلا بتوقيف ولا توقيف ثابت في ذلك