وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

- فمن مسائل هذا الجنس المشهورة اختلافهم في عقد الكتابة : هل هو واجب أو مندوب إليه ؟ فقال فقهاء الأمصار : إنه مندوب وقال أهل الظاهر : هو واجب واحتجوا بظاهر قوله تعالى { فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } والأمر على الوجوب . وأما الجمهور فإنهم لما رأوا أن الأصل هو أن لا يجبر أحد على عتق مملوكه حملوا هذه الآية على الندب لئلا تكون معارضة لهذا الأصل وأيضا فإنه لما لم يكن للعبد أن يحكم له على سيده بالبيع له وهو خروج رقبته عن ملكه بعوض فأحرى أن لا يحكم له عليه بخروجه عن غير عوض هو مالكه وذلك أن كسب العبد هو للسيد وهذه المسألة هي أقرب أن تكون من أحكام العقد من أن تكون من أركانه وهذا العقد بالجملة هو أن يشتري العبد نفسه وماله من سيده بمال يكتسبه العبد . فأركان هذا العقد الثمن والمثمون والأجل والألفاظ الدالة على هذا العقد . فأما الثمن فإنهم اتفقوا على أنه يجوز إذا كان معلوما بالعلم الذي يشترط في البيوع . واختلفوا إذا كان في لفظه إبهام ما فقال أبو حنيفة ومالك : يجوز أن يكاتب عبده على جارية أو عبد من غير أن يصفهما ويكون له الوسط من العبيد وقال الشافعي : لا يجوز حتى يصفه فمن اعتبر في هذا طلب المعاينة شبهه بالبيوع ومن رأى أن هذا العقد مقصوده المكارمة وعدم التشاح جوز فيه الغرر اليسير كحال اختلافهم في الصداق ومالك يجيز بين العبد وسيده من جنس الربا ما لا يجوز بين الأجنبي والأجنبي من مثل بيع الطعام قبل قبضه وفسخ الدين في الدين وضع وتعجل ومنع ذلك الشافعي وأحمد وعن أبي حنيفة القولان جميعا . وعمدة من أجازه أنه ليس بين السيد وعبده ربا لأنه وماله له وإنما الكتابة سنة على حدتها . وأما الأجل فإنهم اتفقوا على أنه يجوز أن تكون مؤجلة واختلفوا في هل تجوز حالة وذلك أيضا بعد اتفاقهم على أنها تجوز حالة على مال موجود عند العبد وهي التي يسمونها قطاعه لا كتابة . وأما الكتابة فهي التي يشتري العبد فيها ماله ونفسه من سيده بمال يكتسبه . فموضع الخلاف إنما هو هل يجوز أن يشتري نفسه من سيده بمال حال ليس هو بيده ؟ فقال الشافعي : هذا الكلام لغو وليس يلزم السيد شيء منه وقال متأخروا أصحاب مالك : قد لزمت الكتابة للسيد ويرفعه العبد إلى الحاكم فينجم عليه المال بحسب حال العبد . وعمدة المالكية أن السيد قد أوجب لعبده الكتابة إلا أنه اشترط فيها شرطا يتعذر غالبا فصح العقد وبطل الشرط . وعمدة الشافعية أن الشرط الفاسد يعود ببطلان أصل العقد كمن باع جاريته واشترط أن لا يطأها وذلك أنه إذا لم يكن له مال حاضر أدى إلى عجزه وذلك ضد مقصود الكتابة . وحاصل قول المالكية يرجع إلى أن الكتابة من أركانها أن تكون منجمة وأنه إذا اشترط فيها ضد هذا الركن بطل الشرط وصح العقد . واتفقوا على أنه إذا قال السيد لعبده : لقد كاتبتك على ألف درهم فإذا أديتها فأنت حر أنه إذا أداها حر .
واختلفوا إذا قال له : قد كاتبتك على ألف درهم وسكت هل يكون حرا دون أن يقول له : فإذا أديتها فأنت حر ؟ فقال مالك وأبو حنيفة : هو حر لأن اسم الكتابة لفظ شرعي فهو يتضمن جميع أحكامه وقال قوم : لا يكون حرا حتى يصرح بلفظ الأداء . واختلف في ذلك قول الشافعي . ومن هذا الباب اختلاف قول ابن القاسم ومالك فيمن قال لعبده : أنت حر وعليك ألف دينار فاختلف المذهب في ذلك فقال مالك : يلزمه وهو حر وقال ابن القاسم : هو حر ولا يلزمه . وأما إن قال : أنت حر على أن عليك ألف دينار فاختلف المذهب في ذلك فقال مالك : هو حر والمال عليه كغريم من الغرماء وقيل العبد بالخيار فإن اختار الحرية لزمه المال ونفذت الحرية وإلا بقي عبدا وقيل إن قبل كانت كتابة يعتق إذا أدى والقولان لابن القاسم وتجوز الكتابة عند مالك على عمل محدود وتجوز عنده الكتابة المطلقة ويرد إلى أن كتابة مثله كالحال في النكاح وتجوز الكتابة عنده على قيمة العبد أعني كتابة مثله في الزمان والثمن ومن هنا قيل إنه تجوز عنده الكتابة الحالة . واختلف هل من شرط هذا العقد أن يضع السيد من آخر أنجم الكتابة شيئا عن المكاتب لاختلافهم في مفهوم قوله تعالى { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } وذلك أن بعضهم رأى أن السادة هم المخاطبون بهذه الآية ورأى بعضهم أنهم جماعة المسلمين ندبوا لعون المكاتبين والذين رأوا ذلك اختلفوا هل ذلك على الوجوب أو على الندب ؟ والذين قالوا بذلك اختلفوا في القدر الواجب فقال بعضهم : ما ينطلق عليه اسم شيء وبعضهم حده . وأما المكاتب ففيه مسائل : إحداها هل تجوز كتابة المراهق ؟ وهل يجمع في الكتابة الواحدة أكثر من عبد واحد ؟ وهل تجوز كتابة من يملك في العبد بعضه بغير إذن شريكه ؟ وهل تجوز كتابة من لا يقدر على السعي ؟ وهل تجوز كتابة من فيه بقية رق ؟ .
فأما كتابة المراهق القوي على السعي الذي لم يبلغ الحلم فأجازها أبو حنيفة ومنعها الشافعي إلا للبالغ وعن مالك القولان جميعا . فعمدة من اشترط البلوغ تشبيهها بسائر العقود . وعمدة من لم يشترطه أنه لا يجوز بين السيد وعبده ما لا يجوز بين الأجانب وأن المقصود من ذلك هو القوة على السعي وذلك موجود في غير البالغ . وأما هل يجمع في الكتابة الواحدة أكثر من عبد واحد ؟ فإن العلماء اختلفوا في ذلك ثم إذا قلنا بالجمع فهل يكون بعضهم حملاء عن بعض بنفس الكتابة حتى لا يعتق واحد منهم إلا بعتق جميعهم ؟ فيه أيضا خلاف . فأما هل يجوز الجمع ؟ فإن الجمهور على جواز ذلك ومنعه قوم وهو أحد قولي الشافعي . وأما هل يكون بعضهم حملاء عن بعض ؟ فإن فيه لمن أجاز الجمع ثلاثة أقوال : فقالت طائفة : ذلك واجب بمطلق عقد الكتابة أعني حمالة بعضهم عن بعض وبه قال مالك وسفيان وقال آخرون : لا يلزمه ذلك بمطلق العقد ويلزم بالشرط وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وقال الشافعي : لا يجوز ذلك لا بالشرط ولا بمطلق العقد ويعتق كل واحد منهم إذا أدى قدر حصته . فعمدة من منع الشركة ما في ذلك من الغرر لأن قدر ما يلزم واحدا واحدا من ذلك مجهول . وعمدة من أجازه أن الغرر اليسير يستخف في الكتابة لأنه بين السيد وعبده والعبد وماله لسيده . وأما مالك فحجته أنه لما كانت الكتابة واحدة وجب أن يكون حكمهم كحكم الشخص الواحد . وعمدة الشافعية أن حمالة بعضهم عن بعض لا فرق بينها وبين حمالة الأجنبيين فمن رأى أن حمالة الأجنبيين في الكتابة لا تجوز قال : لا تجوز في هذا الموضع . وإنما منعوا حمالة الكتابة لأنه إذا عجز المكاتب لم يكن للحميل شيء يرجع عليه وهذا كأنه ليس يظهر في حمالة العبيد بعضهم عن بعض وإنما الذي يظهر في ذلك أن هذا الشرط هو سبب لأن يعجز من يقدر على السعي بعجز من لا يقدر عليه فهو غرر خاص بالكتابة إلا أن يقال أيضا إن الجمع يكون سببا لأنه يخرج حرا من لا يقدر من نفسه أن يسعى حتى يخرج حرا فهو كما يعود برق من يقدر على السعي كذلك يعود بحرية من لا يقدر على السعي .
وأما أبو حنيفة فشبهها بحمالة الأجنبي مع الأجنبي في الحقوق التي تجوز فيها الحمالة فألزمها بالشرط ولم يلزمها بغير شرط وهو مع هذا أيضا لا يجير حمالة الكتابة . وأما العبد بين الشريكين فإن العلماء اختلفوا هل لأحدهما أن يكاتب نصيبه دون إذن صاحبه فقال بعضهم : ليس له ذلك والكتابة مفسوخة وما قبض منها هي بينهم على قدر حصصهم وقالت طائفة : لا يجوز أن يكاتب الرجل نصيبه من عبده دون نصيب شريكه وفرقت فرقة فقالت : يجوز بإذن شريكه ولا يجوز بغير إذن شريكه وبالقول الأول قال مالك وبالثاني قال ابن أبي ليلى وأحمد وبالثالث قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه وله قول آخر مثل قول مالك . وعمدة مالك أنه لو جاز ذلك لأدى إلى أن يعتق العبد كله بالتقويم على الذي كاتب حظه منه وذلك لا يجوز إلا في تبعيض العتق ومن رأى أن له أن يكاتبه رأى أن عليه أن يتم عتقه إذا أدى الكتابة إذا كان موسرا فاحتجاج مالك هنا هو احتجاج بأصل لا يوافقه عليه الخصم لكن ليس يمنع من صحة الأصل أن لا يوافقه عليه الخصم . وأما اشتراط الإذن فضعيف وأبو حنيفة يرى في كيفية أداء المال للمكاتب إذا كانت الكتابة عن إذن شريكه أن كل ما أدى للشريك الذي كاتبه يأخذ منه الشريك الثاني نصيبه ويرجع بالباقي على العبد فيسعى له فيه حتى يتم له ما كان كاتبه عليه وهذا فيه بعد عن الأصول . وأما هل تجوز مكاتبة من لا يقدر على السعي فلا خلاف فيما أعلم بينهم أن شرط المكاتب أن يكون قويا على السعي لقوله تعالى { إن علمتم فيهم خيرا } وقد اختلف العلماء ما الخير الذي اشترطه الله في المكاتبين في قوله { إن علمتم فيهم خيرا } فقال الشافعي : الاكتساب والأمانة وقال بعضهم : المال والأمانة وقال آخرون : الصلاح والدين . وأنكر بعض العلماء أن يكاتب من لا حرفة له مخافة السؤال وأجاز ذلك بعضهم لحديث بريرة " أنها كوتبت أن تسأل الناس " وكره أن تكاتب الأمة التي لا اكتساب لها بصناعة مخافة أن يكون ذلك ذريعة إلى الزنا وأجاز مالك كتابة المدبرة وكل من فيه بقية رق إلا أم الولد إذ ليس له عند مالك أن يستخدمها