وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : و أما ركن النكاح .
و أما ركن النكاح فهو الإيجاب و القبول و ذلك بألفاظ مخصوصة أو ما يقوم مقام اللفظ فيقع الكلام في هذا الفصل في أربعة مواضع : .
أحدها : في بيان اللفظ الذي ينعقد النكاح به بحروفه .
و الثاني : في بيان صيغة ذلك اللفظ .
و الثالث : في بيان أن النكاح هل ينعقد بعاقد واحد أو لا ينعقد إلا بعاقدين .
و الرابع : في بيان صفة الإيجاب و القبول .
أما بيان اللفظ الذي ينعقد به النكاح بحروفه فنقول و بالله التوفيق لا خلاف أن النكاح ينعقد بلفظ الإنكاح و التزويج و هل ينعقد بلفظ البيع و الهبة و الصدقة و التمليك قال أصحابنا رحمهم الله ينعقد و قال الشافعي لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح و التزويج .
و احتج بما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ اتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان اتخذتموهن بأمانة الله و استحللتم فزوجهن بكلمة الله ] و كلمته التي أحل بها الفروج في كتابه الكريم لفظ الإنكاح و التزويج فقط قالى الله تعالى : { و أنكحوا الأيامى منكم } و قال سبحانه و تعالى : { زوجناكها } و لأن الحكم الأصلي للنكاح هو الازدواج و الملك يثبت وسيلة إليه فيوجب اختصاصه بلفظ يدل على الازدواج و هو لفظ التزويج و الإنكاح لا غير .
و لنا : أنه انعقد نكاح رسول الله صلى الله عليه و سلم بلفظ الهبة فينعقد به نكاح أمته و دلالة الوصف قوله تعالى : { و امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك } معطوفا على قوله : { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك } أخبر الله تعالى أن المرأة المؤمنة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه و سلم عند استنكاحه إياها حلال له و ما كان مشروعا في حق النبي صلى الله عليه و سلم يكون مشروعا فلي حق أمته هو الأصل حتى يقوم دليل الخصوص .
فإن قيل : قد قام دليل الخصوص ههنا و هو قوله تعالى : { خالصة لك من دون المؤمنين } .
الجواب أن المراد منه : { خالصة لك من دون المؤمنين } بغير أجر فالخلوص يرجع إلى الآجر لا إلى لفظ الهبة لوجوه .
أحدها : ذكره عقيبة وهو قوله عز و جل : { قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم } فدل أن خلوص تلك المرأة له كان بالنكاح بلا فرض منه .
و الثاني : أنه قال تعالى : { لكيلا يكون عليك حرج } و معلوم أنه لا حرج كان يلحقه في نفس العبارة و إنما الحرج في إعطاء البدل .
و الثالث : أن هذا خرج مخرج الامتنان عليه و على أمته في لفظ الهبة لسيت تلك في لفظة التزويج فدل أن المنة فيما صارت له بلا مهر فانصرف الخلوص إليه و لأن الانعقاد بلفظ النكاح و التزويج لكونه لفظأ موضوعا لحكم أصل النكاح شرعا و هو الازدواج و أنه لم يشرع بدون الملك فإذا أتى به يثبت الازدواج باللفظ و يثبت الملك الذي يلازمه شرعا و لفظ التمليك موضوع لحكم آخر أصلي للنكاح وهو الملك وأنه غير مشروع في النكاح بدون الازدواج فإذا أتى به وجب أن يثبت به الملك و يثبت الازدواج الذي يلازمه شرعا الاستدلالا لأحد اللفظن بالآخر و هذا لأنهما حكمان متلازمان شرعا و لم يسرع أحدهما بدون الآخر فإذا ثبت أحدهما ثبت الآخر ضرورة و يكون الرضا بأحدهما رضا بالآخر .
و أما الحديث : فنقول بموجبه لكن لم قلتم أن استحلال الفروج بهذه الألفاظ استحلال بغير كلمة الله ؟ .
فيرجع الكلام إلى تفسير الكلمة المذكورة فنقول : كلمة الله تعالى تحتمل حكم الله D كقوله تعالى : { و لولا كلمة سبقت من ربك } فلم قلتم بأن جواز النكاح بهذه الألفاظ ليس حكم الله تعالى و الدليل على أنه حكم الله تعالى ما ذكرنا من الدلائل مع ما أن كل لفظ جعل علما على حكم شرعي فهو حكم الله تعالى و إضافة الكلمة إلى الله تعالى باعتبار أن الشارع هو الله تعالى فهو الجاعل اللفظ سببا لثبوت الحكم شرعا فكان كلمة الله تعالى فمن هذا الوجه على الاستحلال بكلمة الله لا ينفي الاستحلال لا بكلمة الله تعالى فكان مسكوتا عنه فلا يصح الاحتجاج به و لا ينعقد النكاح بلفظ الإجارة عند عامة مشايخنا .
و الأصل عندهم أن النكاح لا ينعقد إلا بلفظ موضوع لتمليك العين هكذا روى ابن رستم عن محمد أنه قال : كل لفظ يكون في اللغة تمليكا للرقبة فهو في الحرة نكاح .
و حكي عن الكرخي أنه ينعقد بلفظ الإجارة لقوله تعالى : { فآتوهن أجورهن } سمى الله تعالى المهر أجرا و لا أجر إلا بالإجارة فلو لم تكن الإجارة نكاحا لم يكن المهر أجرا .
و جه قول العامة : أن الإجارة عق موقت بدليل أن التأبيد يبطلها و النكاح عقد مؤبد بدليل أن التوقيت يبطله و انعقاد العقد بلفظ يتضمن المنع من الانعقاد ممتنع و لأن الإجارة تمليك المنفعة و منافع البضع في حكم الأجزاء و الأعيان فكيف يثبت ملك العين بتمليك المنفعة و لا ينعقد بلفظ الإعارة ؟ لأن الإعارة إن كانت إباحة المنفعة فالنكاح لا ينعقد بلفظ الإباحة لانعدام معنى التمليك أصلا و إن كانت تمليك المتعة فالنكاح لا ينعقد إلا بلفظ موضوع لتمليك الرقبة و لم يوجد .
و اختلف الشمايخ في لفظ القرض : قال بعضهم : لا ينعقد لأنه في معنى الإعارة .
و قال بعضهم : ينعقد لأنه يثبت به الملك في العين لأن المستقرض يصير ملكا للمستقرض .
و كذا اختلفوا في لفظ السلم .
قال بعضهم : لا ينعقد لأن السلم في الحيوان لا يصح .
و قال بعضهم : ينعقد لأنه يثبت به ملك الرقبة و السلم في الحيوان ينعقد عندنا حتى لو اتصل به القبض بعد الملك ملكا فاسدا لكن ليس كل ما يفسد البيع يفسد النكاح .
و اختلفوا أيضا في لفظ الصرف .
قال بعضهم : لا ينعقد به لأنه وضع لإثبات الملك في الدراهم و الدنانير التي لا تتعين بالتعيين و المعقود عليه ههنا يتعين بالتعيين و قال بعضهم : ينعقد لأنه يثبت به ملك العين في الجملة .
و أما لفظ الوصية فلا ينعقد به عند عامة مشايخنا لأن الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت و النكاح المضاف إلى زمان في المستقبل لا يصح .
و حكي عن الطحاوي : أنه ينعقد لأنه يثبت به ملك الرقبة في الجلمة و حكى أبو عبد الله البصري عن الكرخي أن قيد الوصية بالحال بأن قال : أوصيت لك بابنتي هذه الآن ينعقد لأنه إذا قيده بالحال صار مجازا عن التمليك و لا ينعقد بلفظ الإحلال و الإباحة لأنه لا يدل على الملك أصلا .
ألا ترى أن المباح له الطعام يتناوله على حكم مالك المبيح حتى كان له حق الحجر و المنع و لا ينعقد بلفظ المتعة لأنه لم يوضع للتمليك و لأن المتعة عقد مفسوخ لما نبين إن شاء الله في موضعه و لو أضاف الهبة إلى الأمة بأن قال رجل : و هبت أمتي هذه منك فإن كان الحال يدل على النكاح من إحضار الشهود و تسمية المهر مؤجلا و معجلا و نحو ذلك ينصرف إلى النكاح و إن لم يكن الحال دليلا على النكاح فإن نوى النكاح فصدقة الموهوب له فكذلك و ينصرف إلى النكاح بقرينة النية و إن لم ينو ينصرف إلى ملك الرقبة و الله D أعلم .
ثم النكاح كما ينعقد بهذه الألفاظ بطريق النيابة بالوكالة و الرسالة لأن تصرف الوكيل كتصرف الموكل و كلام الرسول كلام المرسل و الأصل في جواز الوكالة في باب النكاح ما روي [ أن النجاشي زوج رسول الله A أم حبيبة Bها ] فلا يخلو ذلك إما أن فعله بأمر النبي صلى الله عليه و سلم أو لا بأمره فعله بأمره فهو وكيله و إن فعله بغير أمره فقد أجاز النبي صلى الله عليه و سلم عقده و الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة و كما ينعقد النكاح بالعبارة ينعقد بالإشارة من الأخرس إذ كانت إشارته معلومة و ينعقد بالكتابة لأن الكتاب من الغائب خطابه و الله تعالى أعلم