وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( قال ) - C تعالى - ( وإذا ادعى رجل شراء دار في يد رجل وشهد شاهدان وإن لم يسميا الثمن والبائع ينكر ذلك فشهادتهما باطلة ) لأن الدعوى إن كانت بصفة الشهادة فهي فاسدة وإن كانت مع تسمية الثمن فالشهود لم تشهد بما ( ادعاه ) المدعي ثم القاضي يحتاج إلى القضاء بالعقد ويتعذر عليه القضاء بالعقد إذا لم يكن الثمن مسمى لأنه كما لا يصح البيع ابتداء بدون تسمية الثمن فكذلك لا يظهر بالقضاء بدون تسمية الثمن ولا يمكنه أن يقضي بالثمن حين لم تشهد به الشهود وكذلك لو سمى الثمن واختلفا في جنسه أو في مقداره لأن المدعي يكذب أحدهما لا محالة ولأن كل واحد منهما يشهد بعقد غير ما يشهد به صاحبه فالبيع بالدنانير غير البيع بالدراهم ولا يتمكن القاضي من القضاء بواحد من العقدين لانعدام شهادة شاهدين عليه .
وكذلك إذا شهد أحدهما بالبيع بألف والآخر بالبيع بألف وخمسمائة ويستوي إن كان البائع هو المدعي للبيع أو الشراء .
وفي الخلع إن كانت المرأة هي التي تدعي فكذلك الجواب لأنها تكذب أحد الشاهدين .
وإن كان الزوج هنا المدعي في الخلع فشهد أحد الشاهدين على ألف والآخر على ألف وخمسمائة فشهادتهما مقبولة في مقدار الألف لأن الفرقة وقعت بإقرار الزوج وهذا منه دعوى الدين عليها في الحاصل وقد اتفق الشاهدان على الألف لفظا ومعنى وفي النكاح لو كان الزوج هو المدعي للعقد فالشهادة لا تقبل لأن النكاح بألف غير النكاح بألف وخمسمائة والزوج يكذب أحد شاهديه .
وإن كانت المرأة هي التي تدعي النكاح بألف وخمسمائة فعند أبي حنيفة - C تعالى - تقبل شهادتهما على مقدار الألف لأن دعواها دعوى المال وقد اتفق الشاهدان على الألف لفظا ومعنى كما في الخلع .
وعند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - لا تقبل الشهادة لأن عقد النكاح معاوضة المرأة بالمال كالبيع فكما أن اختلاف الشاهدين في مقدار البدل في البيع يمنع قبول الشهادة فكذلك في النكاح .
وفرق أبو حنيفة - C تعالى - بينهما وهو أن صحة النكاح تستغني عن تسمية المهر بخلاف البيع فمن هذا الوجه المال كالزائد في النكاح ودعواها فيه دعوى الدين وتمام بيان هذا الفصل في الجامع الصغير .
وإن اتفق في جميع ذلك غير أنهما اختلفا في المكان والوقت في البيع أو في الإقرار والإنشاء فشهادتهما جائزة وقد بينا هذا وإن شهدا على إقرار البائع بالبيع ولم يسميا ثمنا ولم يشهدا بقبض الثمن فالشهادة باطلة لأن حاجة القاضي إلى القضاء بالعقد ولا يتمكن من ذلك إذا لم يكن الثمن مسمى .
وإن قال أقر عندنا أنه باعها منه واستوفى الثمن ولم يسم الثمن فهو جائز لأن الحاجة إلى القضاء بالعقد بالملك للمدعي دون القضاء فقد انتهى حكم العقد باستيفاء الثمن ولأن الجهالة إنما تؤثر لأنها تقضي إلى منازعة مانعة عن التسليم والتسلم .
ألا ترى أن ما لا يحتاج إلى قبضه فجهالته لا تضر وهو المصالح عنه بخلاف ما يحتاج إلى قبضه وهو المصالح عليه فإذا أقر باستيفاء الثمن فلا حاجة هنا إلى تسليم الثمن فجهالته لا تمنع القاضي من القضاء بحكم الإقرار وإذا لم يقبض الثمن لا يجب على البائع تسليم البيع ما لم يصل إليه الثمن فجهالة الثمن في هذه الحالة تمنع القضاء بموجب إقراره وفي الموضعين جميعا الثابت من الإقرار بالبينة كالثابت بالمعاينة .
ولو قال بعتها منه ولم استوف الثمن لم يؤمر بتسليمها إليه ولو قال بعتها منه واستوفيت الثمن أمر بتسليمها إليه فكذلك إذا ثبت بالبينة .
وإذا ادعى شراء دار وأقام شاهدين عليها غير أنهما لا يعرفان الدار والحدود ولم يسميا شيء من ذلك فهو باطل لأن المشهود به مجهول ولأن المدعي غير المشهود به فالمدعي شراء دار معينة معلومة والمشهود به شراء دار مجهولة .
فإن قالا قد سمى البائع والمشتري موضع الدار وحدودها ثم وصفوا ذلك وسموه فهو جائز لأنهم شهدوا بمعلوم وهو الشراء في دار معلومة بذكر الحدود والموضع غير أني أسأل المدعي البينة على ما سمى الشهود من موضع الدار والحدود لأن القاضي يقول للمدعي قد يثبت عندي أنك اشتريت منه دارا حدودها ما سمى الشهود ولكن لا أدري أن هذه الدار المعينة التي يدعيها هي تلك الدار وأن حدودها ما سمى الشهود فثبت ذلك عندي بالبينة .
فإذا أقام البينة على ذلك حينئذ يتمكن القاضي من القضاء له بالمدعي بالبينة السابقة وكذلك لو حددوها بثلاثة حدود فقد بينا في أدب القاضي إن ذكر أكثر الحدود وذكر الجميع عندنا سواء استحسانا وأن الشهرة لا تقوم مقام ذكر الحدود في العقار عند أبي حنيفة - C تعالى - وكذلك لو ادعى البائع وجحد المشتري في جميع هذه الوجوه لأن الحاجة إلى القضاء بالعقد لا فرق بين أن يكون المدعي هو البائع أو المشتري .
( دار في يد رجل فأقام رجل عليها شاهدين أنها داره اشتراها من فلان وأقام ذو اليد البينة أنها داره اشتراها من فلان ذلك أيضا فهي للذي في يده ) لأنهما تصادقا على أن أصل الملك فيهما كان للبائع وادعى كل واحد منهما سبب انتقال الملك إليه وسبب ذي اليد أقوى لأن الشراء مع القبض أقوى من الشراء بدون القبض ولأن تمكنه من القبض دليل سبق عقده فهو أولى إلا أن يؤرخا وتاريخ الخارج أسبق فحينئذ يقضي بها له لأنه أثبت الشراء في وقت لا ينازعه الآخر فيه .
ولو أقام كل واحد منهما البينة على الشراء من رجل آخر قضيت بها للمدعي لأن كل واحد منهما هنا يحتاج إلى إثبات الملك لبائعه أو لا فكأن البائعين حضرا وادعيا الملك المطلق وبينة الخارج في ذلك أولى عندنا فأما في الأول الملك ثابت للبائع بتصادقهما وإنما يحتاج كل واحد منهما إلى إثبات سبب الانتقال إليه .
يوضح الفرق : أن هناك الخارج محتاج إلى إثبات الاستحقاق على البائع وعلى ذي اليد في تثبته ما يثبت له الاستحقاق على البائع وليس فيها مال يثبت الاستحقاق على ذي اليد من غير المالك حادث لجواز أن يكون شراء ذي اليد سابقا وحاجة ذي اليد إلى إثبات الاستحقاق على البائع خاصة ولا حاجة له إلى إثبات الاستحقاق على صاحبه لأن صاحبه غير مستحق لها بيد له فيها وفي بينته ما يثبت له ذلك فأما هنا كل واحد منهما يحتاج إلى إثبات الاستحقاق لبائعه أولا ليترتب عليه استحقاقه بالشراء وفيما هو المقصود بينة الخارج أولى من بينة ذي اليد .
( دار في يد رجل ادعاها رجلان كل واحد منهما يقيم البينة أنه اشتراها منه بألف درهم فإن وقت أخذ بأول الوقتان ) لأن صاحب أسبق التارخين أثبت الملك لنفسه بالشراء في وقت لا ينازعه فيه غيره والآخر بينة إنما أثبت الشراء من غير المالك .
وإن وقت أحد البينتين دون الأخرى فهي لصاحب الوقت لأن الشراء من غير المالك حادث فيحال بحدوثه على أقرب الأوقات حتى يثبت سبق التاريخ فالذي لم توقت شهوده إنما أثبت شراءه في الحال وصاحبه أثبت الشراء من حين أرخت شهوده فهو أولى إلا أن تكون الدار في يد الآخر فهي لصاحب اليد حينئذ لأن تمكن ذي اليد من القبض دليل سبق عقده وهذا دليل معاين وفي حق الآخر التاريخ مخبر به وليس الخبر كالمعاينة ولأن حاجة الخارج إلى إثبات الاستحقاق على ذي اليد وليس في بينته ما يوجب ذلك وإن أرخت شهوده لجواز أن يكون شراء ذي اليد سابقا .
فإن لم يوقتا فكل واحد منهما بالخيار إن شاء أخذ نصفها بنصف الثمن وإن شاء ترك لأن استواء الحجتين الحكم هو القضاء بها بينهما نصفان فقد تفرقت الصفقة على كل واحد منهما وببعض الملك قبل البعض والتبعيض في الأملاك المجتمعة عيب فيخبر كل واحد منهما إن شاء أخذ نصفها بنصف الثمن وإن شاء ترك وكذلك لو كان أحدهما ابن البائع أو مكاتبة لأنه في حكم الشراء منه هو كأجنبي آخر فكذلك في دعوى الشراء عليه .
( دار في يد رجل فأقام رجل البينة أنه اشتراها من ذي اليد وأقام ذو اليد البينة أنه اشتراها من المدعي ولا يدري أي ذلك أول فإنه يقضي بها لذي اليد وتبطل البينتان جميعا ) لأن كل واحد منهما أثبت إقرار صاحبه بالملك له فكل مشتري مقر بالملك لبائعه وكل بائع مقر بوقوع الملك للمشتري فيجعل هذا بمنزلة إقامة كل واحد منهما البينة على إقرار صاحبه بالملك له وهنا تتهاتر البينتان كما لو سمعنا الإقرار منهما معا ولم يذكر في المسألة اختلافا هنا وقد ذكر في الجامع أن هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهم الله تعالى - فإن عند محمد - C تعالى - يقضي بالبينتين جميعا فيجعل كأن ذي اليد اشتراها أو لا وقبضها ثم باعها فيؤمر بتسليمها إلى الخارج لأن القضاء بالعقدين ممكن بهذا الطريق وقد بينا المسألة بفروعها في الجامع .
قال ( ألا ترى ) أن كل واحد منهما لو أقام البينة أن القاضي قضى له بهذه الدار على صاحبه أنه يترك في يد ذي اليد وتتهاتر البينتان إلا أن محمدا - C تعالى - يفرق بينهما فيقول في الشراء إثبات الترتيب بين العقدين ممكن باعتبار اليد لأني إن جعلت شراء ذي اليد سابقا جاز بيعه بعد القبض .
وإن جعلت شراء الخارج سابقا لم يجز بيعه من البائع قبل القبض ومثل هذا الترتيب في القضاء غير ممكن ولأن الشراء يتأكد بالقبض ولهذا يستفاد به ملك التصرف العقار في ذلك والمنقول عندي سواء فيستقيم أن يجعل قبض ذي اليد صادرا عند عقده أو يجعل ذلك دليل سبق عقده فأما القضاء لا يتأكد بالقبض بل متأكد بنفسه فتتحقق فيه لمعارضة بين البينتين .
( دار في يد رجل فأقام البينة أنها باعها من فلان بألف درهم في رمضان وأقام فلان البينة أنه اشتراها منه في شوال بخمسمائة درهم ) لأن القضاء بالعقدين ممكن والبينات حجج فعند إمكان العمل بهما لا يجوز إلغاء أحدهما فيجعل كأنه باعها في رمضان بألف ثم باعها في شوال بخمسمائة فيكون العقد الثاني فاسخا للعقد الأول .
ولو عاينا الشرائين كان الشراء الثاني فاسخا للأول والدار له بالثمن الثاني وكذلك لو أقام فلان البينة أنه وهبها له في شوال على أن يعوضه خمسمائة وقبضها جميعا لأن الهبة بشرط العوض بعد التقاضي بمنزلة البيع فهذا وإقامة البينة على الشراء في شوال بخمسمائة سواء ويكون العقد الثاني فاسخا للأول .
ولو كان أقام البينة أنه ارتهنها منه في شوال بخمسمائة أمضيت البيع بألف في رمضان وقضيت له من ذلك بخمسمائة سواء الذي أثبت أنه أعطاه في شوال وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله تعالى .
وقال محمد - C تعالى - : بينة المرتهن أولى والرهن في شوال ينقض دعوى البائع البيع في رمضان ومعنى هذا الكلام أن المرتهن أثبت ببينته إقرار الراهن بالرهن منه في شوال فكأنا سمعنا منه هذا الإقرار لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة .
ولو أقر هو بذلك لم يصح منه بعد ذلك دعوى البيع في رمضان للتناقض فالبائع لا يرهن المبيع من المشتري .
وأبو حنيفة وأبو يوسف - رحمهما الله تعالى - قالا البيع أقوى من الرهن لأن البيع يوجب الملك في البدلين والرهن لا يوجب ذلك فعند تعذر العمل بالبينتين يترجح الأقوى وهو البيع وكما أن المرتهن أثبت إقرار الرهن بالرهن فالبائع أثبت إقرار المشتري بالشراء منه في رمضان وذلك يمنعه من دعوى الرهن في شوال فلما وقع التعارض في هذا رجحنا أقوى الحجتين وهو حجة البيع .
وفي الكتاب قال : ليس الرهن كالهبة بالعوض لأن الهبة بالعوض بيع والرهن ليس ببيع فقد يرهنك الرجل دارك ولا يبيعك دارك ومعنى هذا أن الرهن دون البيع فلا يكون ناقضا للبيع .
( ألا ترى ) أنا لو عاينا العقدين لم ينتقض البيع بالرهن وهو معنى قوله قد يرهنك دارك ولو عاينا البيعين انتقض الأول بالثاني فبانتقاض الأول الدار تعود إلى البائع فهذا معنى قوله لا يبيعك دارك .
( دار في يد رجل فادعاها رجلان كل واحد منهما يقيم البينة أنه اشتراها بألف وكفل عنه صاحبه المدعي معه فإن علم الأول منهما قضى له بها وإن لم يعلم فلكل واحد منهما أن يأخذ نصفها بنصف الأول إن شاء ) لاستواء الحجتين فإن أخذاها فالكفالة لازمة لكل واحد منهما على صاحبه من قبل أنهما ليسا بشريكين ومعنى هذا أنه يقضي لكل واحد منهما بنصف الدار بشراء يفرد هو به بلا شركة بينهما في العقد .
ولو عاينا الشرائين بهذه الصفة بشرط الكفالة من كل واحد منهما على صاحبه وكفالة صاحبه له بذلك كانت الكفالة لازمة فكذلك إذا قضى بذلك بالبينة .
وإذا أقام رجل البينة أنه اشترى دارا في يد رجل بألف درهم وقال ذو اليد لم أبع ثم أقام البائع البينة على أنه قد رد عليه الدار فإني أقبل ذلك منه وانقض البيع ولا يبطل إنكاره البيع ببينة لأن إنكاره ليس بإكذاب منه لشهوده وأنه في الإنكار يقول لا بيع بيننا فيها وبعدما رد عليه الدار لا بيع بينهما فيها .
ولو قال لم يجر بيننا بيع فهو متمكن من دعوى الدار مع إصراره على الكلام الأول بأن يقول لم يكن بيننا بيع ولكنه ادعى هذه الدعوى مرة ثم بدا له فيها فرد الدار علي فعرفنا أن هذا الإنكار ليس بإكذاب منه لشهوده .
وإذا ادعى رجل دارا في يد رجل وأقام البينة أن اباه اشتراها منه بألف وقد مات أبوه والبائع ينكر فإني لا أكلفه البينة انه مات وتركها ميراثا ولكن أسأله البينة أنه لا يعلم لابنه وارثا غيره فإذا أقام على ذلك بينة أمرته أن ينقد الألف ويقبض الدار لأن الإبن قائم مقام الأب بعد موته ولو حضر الأب في حياته وأقام البينة أنه اشتراها منه بألف درهم أمر بتسليم الثمن وقبض الدار وكذلك الابن إذا ثبت ذلك بعد موت أبيه إلا أن من الجائز أن معه من يزاحمه في الميراث فيؤمر بإقامة البينة على أنه لا يعلم له وارثا غيره .
وإن لم يقم البينة على ذلك تلوم القاضي فيه زمانا فقد بينا هذا في كتاب الدعوى .
ولو كانت الدار في يد رجل غير البائع سأله البينة أن أباه مات وتركها ميراثا له لأن هنا لو حضر الأب في حياته وأقام البينة على ذي اليد أنه اشترى هذه الدار من فلان بألف وذو اليد غير البائع لا يستحق به شيئا ما لم يثبت الملك لمورثه وذلك بأن يشهد الشهود أنه تركها ميراثا كما لو أقام الأب البينة أنها ملكه اشتراها من فلان .
( قال ) في الكتاب : وليس هذا كالأولى لأن الأولى هي في يده رهن بالثمن بمنزلة رجل أقام البينة أن أباه رهن هذه الدار عند هذا بألف درهم وقد مات الأب ولا وارث له غيره وجاء بالألف ينقدها ومعنى هذا أن الدار إذا كانت في يد البائع فالوارث بإقامة البينة على الشراء أثبت إقرار ذي اليد بالملك لمورثه ولكنها محبوسة في يده بالثمن كالمرهونة فيؤمر بأداء الثمن وقبضها .
وإذا كانت في يد غير البائع فالوارث بإقامة البينة على الشراء ما أثبت إقرار ذي اليد بالملك لمورثه إنما أثبت إقرار البائع بذلك والملك للبائع غير ثابت فيها حتى يثبت بإقراره الملك لمورثه فلا بد له من إقامة البينة على ملك مورثه عند موته وذلك بأن يشهد الشهود أنه تركها ميراثا .
وإذا ادعى رجل دارا في يد رجلين فأقام البينة أن أحدهما باعه الدار وسلم الآخر ولا يعرف الشهود الذي باع من الذي سلم فشهادتهم باطلة لأن المشهود عليه بالببيع مجهول والمشهود عليه بالتسليم كذلك وما لم يبين الشاهد المشهود عليه بالبيع فهو مجهول والمشهود عليه بالتسليم كذلك وما لم يبين الشاهد المشهود عليه في شهادته لا تكون شهادته حجة ولأنهم تحملوا الشهادة على معين منهما ثم منعوا تلك الشهادة حين لم يعرفوا البائع بعينه وكذلك دار في يد رجل أقام البينة أنه باعها من أحد هذين الرجلين ولا يعرفونه بعينه فشهادتهم باطلة لجهالة المشهود عليه .
( دار في يد رجل فادعى رجل أنه اشتراها كلها بألف وادعى آخر أنه اشترى نصفها بخمسمائة وادعى آخر أنه اشترى ثلثها بستمائة درهم وأقاموا البينة فهم بالخيار إن شاؤا أخذوها وإن شاؤا تركوها ) لأن عند تعارض البينات لا بد من أن تتفرق الصفقة على كل واحد منهم فيما أثبت شراءهم فيه فالخيار كذلك .
فإن أخذوها كان لصاحب الجميع المثلث خاصة وكان السدس بينه وبين صاحب الثلثين نصفين وكان النصف بينهم أثلاثا ولزم كل واحد منهم حصة ما أخذ من الثمن في قياس قول أبي حنيفة - C تعالى .
وأصل هذه المسألة أن القسمة في هذا الفصل على طريق المنازعة عند أبي حنيفة - C تعالى .
وعند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - على طريق العول وقد بينا هذا الفصل في شرح كتاب الدعوى وجمعنا فيها نظائر هذه المسألة وأضدادها فنقول : .
في تخريج قول أبي حنيفة - C تعالى - لا منازعة في الثلث لمدعي النصف ومدعي الثلثين ومدعي الجميع يدعي ذلك فيسلم له الثلث ثم ما زاد على النصف إلى تمام الثلثين وهو السدس لا منازعة فيه لصاحب الثلث وقد استوى فيه حجة صاحب الثلثين وصاحب الجميع فيقضي بينهما نصفان وفي النصف استوى حجة صاحب الكل والثلثين والنصف فيقضي به بينهم أثلاثا وسهام الدار في الحاصل اثني عشر لحاجتنا إلى سدس يقسم نصفين فصاحب الجميع أخذ مرة أربعة ومرة سهما ومرة سهمين فإنه ما يسلم له سبعة أسهم من اثني عشر سهما وذلك نصف الدار ونصف سدسها فيلزمه ذلك القدر من الثمن وصاحب الثلثين أخذ مرة سهما ومرة سهمين وذلك ثلاثة وهو ربع الدار وصاحب النصف ما أخذ إلا سهمين وهو سدس الدار .
فأما عندهما القسمة على طريق العول وأصل سهام الدار ستة فصاحب الجميع يضرب بستة وصاحب الثلثين بأربعة وصاحب النصف بثلاثة فتكون جملة هذه السهام ثلاثة عشر ويقسم الدار بينهم على ذلك .
فإن ادعاها رجلان وأقام أحدهما البينة على شراء الجميع والآخر البينة على شراء النصف ولصاحب الجميع ثلاثة أرباع الدار لأن النصف سالم له بلا منازعة ونصف النصف الآخر بالمنازعة ولصاحب النصف ربعها في قول أبي حنيفة - C تعالى - في قولهما : القسمة على طريق العول فتكون الدار بينهما أثلاثا وإن ادعى أحدهما الرهن والقبض والآخر الشراء بألف والقبض وأقام البينة .
فإن عرف الأول فهي للأول لأن مدعي الرهن إذا أثبت حقه في وقت لا ينازعه الآخر فيه فشراء الآخر بعد لا يجوز بدون إجازته وإن لم يعلم فصاحب الشراء أولى لأن الشراء أقوى من الرهن لأن الشراء موجب الملك في البدلين والرهن لا يوجب لأن الشراء يلزم بنفسه وإن لم يتصل به القبض والرهن لا يتم إلا بالقبض والشراء يلزم من الجانبين والرهن لا يلزم في جانب المرتهن لتمكنه من الرد متى شاء والضعيف لا يظهر في مقابلة القوي .
فإن أقام أحدهما البينة على الشراء والآخر على الهبة والصدقة فصاحب الشراء أولى لأن الشراء عقد معاوضة يلزم بنفسه وموجب الملك في البدلين فيكون أقوى من التبرع الذي لا يتم بالقبض فإن أثبت صاحب التبرع قبضه سابقا فهو أولى لأنه أثبت ملكه في وقت لا ينازعه الآخر فيه .
وكذلك إن كانت الدار في يد صاحب الصدقة ولا يدري أيهما أول فصاحب الصدقة أولى لأن تمكنه من القبض دليل سبق عقده فيكون هو أولى إلا أن يقم صاحب الشراء البينة أنه أولى .
وإن أقام كل واحد منهما البينة أنه ارتهنها بألف ففي القياس لا يكون رهنا لواحد منهما وبهذا نأخذ وفي الاستحسان يكون لكل واحد منهما نصفها رهنا لأن كل واحد منهما أثبت الرهن منه بالبينة والقضاء بالبينتين ممكن فإن رهن الدار الواحدة من رجلين بدين لهما عليه صحيح .
ووجه القياس أن الحجتين لما استوتا فلا بد من القضاء لكل واحد منهما بالنصف وإثبات حكم الرهن لكل واحد منهما في النصف شائعا غير ممكن فتبطل البينتان كما لو أقام رجلان كل واحد منهما البينة على نكاح امرأة واحدة وأخذنا بالقياس لأن وجه القياس أقوى فإن في الرهن من رجلين العقد واحد وكل واحد منهما راض بثبوت حق صاحبه في الحبس فأمكن إثبات ملك اليد الذي هو موجب الرهن لهما في المحل من غير شيوع بأن يجعل كأن العين كلها محبوسة بدين كل واحد منهما ولا يتأتى ذلك هنا لأن كل واحد منهما أثبت الملك لنفسه بعقد على حدة ولا يرضى كل واحد منهما بثبوت حق صاحبه معه فلا بد من القضاء لكل واحد منهما بالنصف .
وإن رهنها من رجلين النصف من هذا بدينه والنصف من هذا بدينه لم يجز فلهذا نأخذ بالقياس .
فإن ادعى أحدهما الرهن والقبض وادعى الآخر الهبة على عوض والتقابض فأقام البينة فإنه يقضي بهذا للذي يدعي الهبة على عوض لأن الهبة بشرط العوض بعد التقابض بمنزلة البيع .
وقد بينا أنه يترجح دعوى الشراء على دعوى الرهن عند تعارض الحجج ولو كانت هبة بغير عوض قضيت بها لصاحب الرهن من قبل أنه قد نفذ ماله فيه وقد كان ينبغي في قياس القول الذي قلنا قبل هذا أن يكون لصاحب الهبة ومعنى هذا أن صاحب الهبة في القياس أولى لأنه يثبت ببينته مالك العين لنفسه والمرتهن لا يثبت ذلك ببينته وكل واحد من العقدين لا يتم إلا بالقبض فيترجح الموجب للملك في العين منهما وفي الاستحسان الرهن أولى لأنه عقد ضمان فالمقبوض بحكم الرهن بما يقابله من الدين والمقبوض بحكم الهبة لا يكون مضمونا أقوى من عقد التبرع فلهذا كانت بينة صاحب الرهن أولى .
وللقياس وجه آخر : وهو أن الرهن لا يرد على الهبة والهبة ترد على الرهن فإنه بعد الهبة منه لو رهنه كان بإطلاق وبعد الرهن لو وهبه من المرتهن كان صحيحا فعند التعارض يترجح الوارد .
ولكن في الاستحسان قال : لا بد من إثبات حق المرتهن فثبوت الملك للمرهون له لا يمنع ثبوت حق المرتهن فيها فإن الواهب إذا رهن الموهوب بدينه برضاء الموهوب له جاز ولا يمكن إثبات الهبة مع ثبوت حق المرتهن فإنه بعد الرهن لو وهب برضاء المرتهن وسلم يبطل حق المرتهن فلهذا جعلنا الرهن أولى من الهبة .
وإن أقام كل واحد منهما البينة أنه تصدق بها عليه وقبضها لم يقض لواحد منهما لأنه إنما يقضي لكل واحد منهما بنصفها والهبة لا تتم في المشاع الذي يحتمل القسمة وزعم بعض أصحابنا - رحمهم الله تعالى - أن هذا قول أبي حنيفة - C تعالى .
فأما عندهما ينبغي أن يقضى بها بينهما نصفان بمنزلة هبة الدار من رجلين والأصح أن هذا قولهم جميعا لأنهما إنما يجوزان ذلك عند اتحاد العقد والاتحاد في جانب الواهب .
فأما إذا وهب النصف من كل واحد منهما في عقد على حدة لا يجوز وهنا كل واحد منهما أثبت ببينته الهبة منه في عقد على حدة فلهذا لا يقضى لكل واحد منهما بنصفها فإن شهدت أحدهما أنه أول فهي له لأنه أثبت ملكه في وقت لا ينازعه الآخر فيه وإن لم يشهدوا بذلك وهي في يد أحدهما فهي لذي اليد لأن تمكنه من القبض دليل سبق عقده .
وإذا كانت الدار في يد ثلاثة رهط فالمدعي أحدهم الجميع والآخر النصف وادعى الثالث الثلثين وليست لهم بينة فلكل واحد منهم ما في يده لأن في يد كل واحد منهم ثلث الدار فدعوى كل واخد منهم ينصرف إلى مافي يده ولأن قوله مقدم فيه على قول الخارج لأنه مستحق لما في يده باعتبار ظاهر اليد ويحلف كل واحد منهما على دعوى الآخر لأن صاحب الجميع يدعي لنفسه جميع مافي يد صاحبيه وهما ينكران ذلك وصاحب الثلثين يدعي نصف ما في يد كل واحد من صاحبيه وهما ينكران ذلك فيحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبيه فإن حلفوا فلكل واحد منهم الثلث باعتبار يده وإن نكلوا عن اليمين في دعوى صاحب الجميع وحلف صاحب الجميع لهما فالدار كلها له لأن نكولهما كإقرارهما له بذلك أو كبدلهما له ما في أيديهما ولكن هذا إذا حلف صاحب الجميع لهما وحلف كل واحد منهما لصاحبه أيضا .
وإن نكلوا عن اليمين لصاحب الثلثين وحلفوا لصاحب الجميع والنصف كان لصاحب الثلثين الذي في يده ويأخذ نصف ما في يد كل واحد من صاحبه لأنه يدعي ثلثي الدار ونصف ذلك وهو الثلث في يده ونصفه في يد كل واحد منهما سدس الجميع وذلك نصف ما في يد كل واحد منهما ونكولهما بمنزلة الإقرار .
وإن نكلوا عن اليمين لصاحب النصف وحلفوا لصاحب الثلثين وصاحب الجميع فصاحب النصف يأخذ ربع ما في يد كل واحد من صاحبيه لأنه يدعي نصف الدار فثلثا ذلك النصف في يده والثلث في يد صاحبيه وذلك السدس في يد كل واحد منهما نصف سدس الجميع وهو ربع الثلث الذي في يده فكل واحد منهما بالنكول صار مقرا له بذلك .
وإن نكل صاحب الجميع عن اليمين لصاحب النصف وحده وحلف بعضهم لبعض فصاحب النصف يأخذ مما في يد صاحب الجميع ربع ما في يده وهو نصف سدس جميع الدار لأنه بالنكول صار مقرا له بالقدر الذي ادعاه في يده نصف سدس جميع الدار .
وإن قامت لهم جميعا البينة فلصاحب النصف الثمن ولصاحب الثلثين الربع ولصاحب الجميع خمسة عشر وسهما من أربعة وعشرين سهما في قول أبي حنيفة - C تعالى - لأن بينة كل واحد منهم لم تقبل فيما في يده وتقبل فيه بينة الآخر ثم القسمة عنده على طريق المنازعة في الثلث الذي في يد صاحب النصف تقبل فيه بينة صاحب الجميع وصاحب الثلثين ثم نصف ذلك الثلث يسلم لصاحب الجميع بلا منازعة والنصف الآخر بينهما نصفان للمنازعة فيحتاج إلى حساب ينقسم ثلاثة أرباع وذلك اثنا عشر فصارت سهام الدار على اثني عشر سهما ففي يد صاحب الجميع ثلث الدار وصاحب الثلثين يدعي نصف ذلك وصاحب النصف يدعي ربع ذلك فيقضي لكل واحد منهما بمقدار ما ادعى من ذلك وفي يد صاحب الثلثين أربعة صاحب الجميع يدعي جميع ذلك وصاحب النصف ربع ذلك وثلاثة أرباعه يسلم لصاحب الجميع والربع وهو سهم واحد استوت منازعتهما فيه مكان بينهما نصفان فانكسر بالأنصاف فاضعف السهام فلهذا صارت الدار سهام أربعة وعشرين في يد كل واحد منهم ثمانية ثم سلم لصاحب الجميع ما في يد صاحب النصف ستة وما في يد صاحب الثلثين سبعة وبقي له مما كان في يده سهمان فجملة ذلك خمسة عشر سهما وصاحب الثلثين أخذ من يد صاحب النصف سهمين ومن يد صاحب الجميع أربعة فذلك سنة وهو ربع جميع الدار وصاحب النصف أخذ من يد صاحب الجميع سهمين ومن يد صاحب الثلثين سهما فذلك ثلاثة وهو ثمن الدار .
وقد بينا تخريج المسألة على قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - في كتاب الدعوى في اعتبار القسمة على طريق العول فإن السهام عندهما ترتفع إلى مائة وثمانين فلم يعد هنا كراهة التطويل وكذلك إذا لم يكن بينة ونكلوا عن اليمين فهو وما لو أقام البينة في حكم الاستحقاق والتخريج سواء .
( وإذا كانت الدار في يد رجلين وعبد أحدهما والعبد مأذون عليه دين وكل واحد منهم يدعي الدار كلها فهي بينهم أثلاثا ) لأن المولى من كسب عبده المديون كالأجنبي فإن حق غرمائه في كسبه مقدم على حق المولى فتظهر يده في معارضة يد المولى كيد المكاتب فإن لم يكن على العيداين فالدار بين الحرين نصفان لأن كسب العبد هنا حق مولاه ويده من وجه كيد مولاه فلا معتبر بيده في معارضة يد المولى وإنما يبقى المعتبر في الدار يد المولى ويد الأجنبي فهي بينهما نصفان بمنزلة ثوب ينازع فيه رجلان وفي يد أحدهما عامة الثوب وفي يد الآخر طرف الثوب فإنه يقضي به بينهما نصفان .
( دار في يد رجل يدعي رجل أنه اشتراها من آخر وهو يملكها يوم باعها وأقام البينة وذو اليد يقول ليست لي فإني أقضي بالدار للمدعي ) لأنه أثبت الملك لنفسه بإثباته الشراء ممن كان مالكها وذو اليد لم يخرج من خصومته بقوله ليست لي فإنه كان خصما له باعتبار يده فيها وبهذا اللفظ لا يتبين أن يده فيها ليست بيد خصومة فقضى بالدار للمدعي إلا أن يقيم ذو اليد البينة أنها عارية في يده أو بإجارة أو بوكالة بالقيام عليها من رجل غير البائع .
فإن أقام على ذلك بينة فلا خصومة بينهما لأنه أثبت بأن يده فيها يد حفظ لا يد خصومة وهذه مخمسة كتاب الدعوى فإن جاء المشتري ببينة أن ذلك الرجل سلطه على قبضها من هذا الساكن قبضها وقضى له بذلك لأنه أثبت ببينته أنه أحق بحفظها منه وأنه ثبت له حق نقلها من يد ذي اليد إلى يد نفسه بأمر صاحبه إياه بذلك ولو عاين ما أثبته البينة كان له حق قبضها فكذلك إذا ثبت ذلك بالبينة والله أعلم