وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( قال C ) ( وإذا كان للصغير دار أو عبد فادعى رجل فيه دعوى فصالحه أبوه على شيء من مال الصبي ينظر في ذلك فإن كان للمدعي بينة وكان ما أعطى الأب من مال الصبي مثل حق المدعي أو أكثر مما يتغابن الناس فيه جاز ) لأن سبب الاستحقاق للمدعي ظاهر شرعا فالأب بهذا الصلح يصير كالمشتري لتلك العين لولده بماله والأب غير متهم في حق ولده فعند ظهور الحق للمدعي بالبينة إنما يقصد الأب النظر للصبي وربما يكون له في العين منفعة لا يحصل ذلك بقيمته وإن لم يكن له بينة لم يجز الصلح من الصبي لأن المدعي ما استحق شيئا على الصبي بمجرد دعواه سوى الاستحلاف ولا يستحلف الأب ولا الصبي في حال الصغر وإنما يستحلف إذا بلغ فالأب يفدي هذه اليمين بمال الصغير وإلا فاليمين ليست بمتقومة وليس للأب ولاية دفع مال الصبي بإزاء ما ليس بمتقوم .
فإن صالح من مال نفسه فهو جائز بمنزلة أجنبي آخر صالح على مال نفسه وضمن ولو ادعى الأب حقا للصبي في مثل ذلك ثم صالحه منه على شيء وقبضه وهو مثله أو أقل مما يتغابن الناس فيه جاز كما لو باعه ممن هو في يده وإن كان أقل منه بشيء كثير لم يجز إن كانت له بينة لأن سبب استحقاق الصبي ظاهر شرعا بالحجة فهو بهذا الصلح كأنه يبيع ماله بغبن فاحش .
وإن لم تكن له بينة على حقه فالصلح جائز لأن الصبي ما استحق قبل ذي اليد شيئا سوى اليمين ولا منفعة للصبي فالأب جعل مالا بمقابلة ما ليس بمال وهو غير متهم في هذا بل هو ناظر للصبي بتصيير ما ليس بمال في حقه مالا ووصي الأب في هذا بعد موت الأب كالأب .
وكذلك الجد ووصي الجد ولا يجوز صلح غير هؤلاء كالأم والأخ على الصبي ولا عنه لأنه لا ولاية له عليه فهو في الصلح في حقه كالأجنبي والمعتوه بمنزلة الصبي لأنه مولى عليه .
ولو كان للصبي دين على رجل فصالحه أبوه على بعض وحط عنه بعضا فإن كان الأب هو الذي ولي مبايعته جاز الحط في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وهو ضامن لما حطه .
ولا يجوز في قول أبي يوسف - C - وهو نظير اختلافهم في الوكيل بالبيع .
وإن لم يكن ولي مبايعته لم يجز حطه وكذلك الوصي لأن ثبوت الولاية لهما مقيد بشرط النظر للصبي وليس من النظر إسقاط شي من حقه بالحط فهما في ذلك كأجنبي آخر .
ولو ادعى الوصي شقصا في دار فجحده رب الدار فصالحه على دراهم قبضها جاز ذلك إن لم يكن لهم بينة على الأصل وكانوا صغارا وكبارا لأن الوصي قائم مقام الموصي وفي هذا الصلح نظر للموصى عليه فهو بالدعوى ما استوجب على الخصم إلا اليمين ولأن منفعته في مال يقضي به دينه ويستغنى به ورثته .
وإن كانت لهم بينة عليه وكان ما قبض مثل قيمة ذلك أو أقل مما يتغابن الناس فيه جاز عليهم جميعا في قول أبي حنيفة - C - ولا يجوز في قولهما على الكبار في حصتهم إلا برضاهم وهو نظير اختلافهم في بيع الوصي شيئا من التركة وفي الورثة صغار وكبار وقد بينا ذلك في الشفعة ويستوي عندهما إن كانت لهم بينة أو لم تكن لأنه لا ولاية للوصي على الكبار من الورثة فهو في حقهم كأجنبي آخر وصلح وصي الأم والأخ على الصبي مثل صلح وصي الأب في غير العقار لأن فيما سوى العقار للوصي ولاية البيع في تركة الموصي فكذلك له ولاية الصلح فأما في العقار فليس له ولاية البيع فيما صار للصغير من هذه التركة كما لم يكن للموصي ذلك في ملك الصبي ولا يجوز صلحه فيه أيضا .
وكذلك لو كانت الورثة كبارا وصغارا فصلح الوصي فيما سوى العقار جائز عليهم بشرط النظر كما لا يجوز بيعه فيه للحفظ عليه .
وإذا كان على الميت دين أو أوصى بوصية فصالح الوصي من دعوى له في دار فهو على ما ذكرنا في الورثة إذا كانوا صغارا لأن باعتبار الدين والوصية يثبت للوصي في الولاية للميت حتى يجوز بيعه في جميع التركة عند أبي حنيفة - C - فكذلك الصلح .
وإذا ادعى الوارث الكبير على الوصي ميراثا من صامت أو رقيق أو أمتعة فجحده ثم صالحه من جميع ذلك على عبد أو ثوب معلوم جاز لوجود التراضي منهما على ما اصطلحا عليه وكذلك لو قال افتدي منك يميني بذلك لأن الصلح على الإنكار فداء لليمين بالمال ولا فرق بين لفظ الفداء وبين لفظ الصلح فيه .
وإن كانا وارثين ادعيا ذلك قبله فصالح أحدهما على عرض من غير إقرار لم يكن للآخر أن يرجع على الوصي بشيء لأنه بالصلح على الإنكار لم يصر مقرا له بشيء وإنما فدى يمينه وللآخر أن يستحلفه إن شاء لأن حق الاستحلاف كان ثابتا لهما فأسقط ذلك أحدهما بالمال فصح ذلك في حقه وفي حق الآخر لا يصح إلا برضاه فإن أبى فهو على حقه في الاستحلاف .
وإن أراد أن يشارك أخاه فيما قبض فله ذلك باعتبار أنه صار راضيا بالصلح فكأنهما صالحاه وهذا إذا كان ما ادعياه مستهلكا لأن الصلح مبني على زعمهما في حقهما وفي زعمهما أن قيمة ذلك دين على الوصي مشترك بينهما وأحد الشريكين في الدين إذا صالح على شيء كان للآخر أن يشاركه في المقبوض إلا أن يعطيه نصف ما ادعى من ذلك فإن كانت الورثة صغارا وكبارا وصالح الوصي الكبار من دعواهم ودعوى الصغار على دراهم وقبضها الكبار وأنفقوا على الصغار حصتهم من ذلك فإن ذلك لا يجري على الصغار لأنه لا ولاية للكبار على الصغار وللصغار أن يرجعوا بحصتهم على الوصي إذا أدركوا ويرجع الوصي على الكبار بحصة الصغار مما أخذوا لأنهم يزعمون أنهم أخذوا المال عوضا عن الكل وقد استحق الصغار نصيبهم على الوصي فكان لهم أن يرجعوا بحصة ذلك من المأخوذ من الكبار .
وإذا أقر الوصي أن لأحد الورثة عنده من ميراثه كذا وكذا درهما فأراد بقية الورثة أن يرجعوا على الوصي بحصتهم كما أقر لهذا لم يكن لهم ذلك ولكن ما أقر به لهذا فهو بينهم على المواريث لأن الوصي أمين فيما في يده من التركة والقول قول الأمين في براءة نفسه ولكن لا يقبل قوله فيما يدعي من وصول المال إلى غيره كالمودع إذا ادعى الرد على الوصي فهنا أيضا قول الوصي فيما يرجع إلى براءته مقبول سواء ذكر أنه سلم نصيب الكبار إليهم أو أن ذلك لم يصل إلى يده ولكن لا يقبل قوله في إسقاط حق الكبار عما أقر به للصغير لأن ذلك جزء من التركة وهو مشترك بينهم باعتبار الأصل فلا يقبل قول الوصي في تخصيص أحدهم به ولكن يجعل ما سوى هذا من التركة كالناوي فتبقى الشركة بينهم في هذا .
وإذا أقر الوصي أن عنده للميت ألف درهم وللميت ابنان ثم صالح أحدهما من حصته على أربعمائة درهم من مال الوصي لم يجز لأنه أعطاه أقل من حصته وقد بينا في الدين أن مثل هذا الصلح يجوز بطريق الإسقاط وهنا لا يمكن تصحيحه بطريق الإسقاط لأنه عين في يد الوصي أمانة فلا بد من حمله على معنى المعاوضة ومبادلة الخمسمائة بأربعمائة لا يجوز وكذلك لو كان مع الألف متاع فالعلة المفسدة هنا أظهر .
ولو أن الوصي استهلك ذلك جاز الصلح على أربعمائة لأن ما استهلك صار دينا في ذمته فهذا حط عنه بعض حقه واستوفى البعض فيصح الصلح بطريق الإسقاط .
وإذا مات الرجل وترك ابنا وامرأة وترك رقيقا وعقارا وأمتعة فقبضها الابن واستهلكها أو لم يستهلكها ثم صالحته المرأة بعد إقرار أو إنكار على دراهم مؤجلة أو حالة جاز ذلك وصلحها معه مثل صلح الأجنبي مع الأجنبي في الدعاوى لأنها تدعي ميراثا قبله .
فإن كان مقرا بذلك فالصلح على الإقرار جائز وما يعطيها عوض نصيبها إن كان قائما في يد الابن وإن كان مستهلكا فهي قد استوفت بعض حقها . وأبرأته عما بقي وإن كان منكرا لحقها فالصلح مع الإنكار صحيح بطريق الفداء لليمين وقد بينا وجوه صلح بعض الورثة مع البعض واستوفينا جميع ذلك .
وقال : ( فإن كان في الميراث عين ودين فصالح الابن المرأة من ذلك كله ما خلا المال العين والدين فهو جائز ) لأن ما جعل مستثنى لم يتناوله عقد الصلح فكان ذلك غير موجود في التركة أصلا فكما يجوز الصلح من جميع المدعي يجوز من بعضه فيصح وهي إنما صالحته عن نصيبها من العروض والعقار خاصة وذلك جائز .
وإن كتب في كتاب البراءة أني دفعت إليك جميع حصتك من المال العين فهو جائز إذا أقرت بالقبض .
وإن كتب أني عجلت لك ميراثك من كل مال دينا على الناس من غير أن شرطتيه علي فهو جائز لأن إقرارها على نفسها حجة شرعا وما أقرت به كالمعاين في حقها فيبرأ الغريم من حصها من الدين لأن تبرع أحد الورثة بقضاء ذلك الوارث الآخر كتبرع أجنبي آخر ومطلق هذا التبرع يوجب براءة الغريم عنه .
وإذا مات الرجل فأوصى بثلثه لرجل وترك ورثة وفيهم الصغير والكبير فطلب الموصى له موصيه فصالحه بعض الورثة على دراهم مسماة على أن يسلم له ذلك خاصة دون بقية الورثة فإن كان الميراث ليس فيه مال غائب ولا عين حاضرة يكون ثلثه مثل ذلك فإني أجيز الصلح إذا كان المال المعين في يد المصالح أو كان الميراث رقيقا أو عقارا لأن الموصى له شريك الوارث في التركة فصلح الوارث معه كصلح أحد الوارثين مع الآخر وفي نظير هذا صلح أحد الوارثين مع الآخر على أن يكون نصيبه له صحيحا فكذلك صلح الوارث مع الموصى له فإن كان في الميراث دين لم يجز ذلك لأن ثلث ذلك الدين صار للموصى له بالثلث فهو يملك ذلك من الوارث يأخذ منه عوضه وتمليك الدين من غير من عليه الدين بعوض لا يجوز .
وإن كان عين ثلثه مثل ما أعطي أو أكثر لم يجز الصلح مراده بالعين النقد من الذهب والفضة وإذا وقع الصلح على جنس ذلك ومقدار حقه من ذلك الجنس مثل ما استوفى أو أكثر فهذا الصلح يكون ربا وقد بينا فساد ذلك فيما بين الورثة فكذلك فيما بين الوارث والموصى له .
وإذا كان المال المعين في يد الوصي وكان ما أعطي الوارث الموصى له أكثر من ثلثه جاز ذلك إذا قبض الوارث ذلك من الوصي قبل أن يتفرقا .
وإن تفرقوا قبل أن يقبض الوارث المال المعين من يد الوصي ينقص من الصلح حصة المال المعين لأن العقد في تلك الحصة قد صرف ويد الوصي يد أمانة فلا يصير الوارث قابضا بحكم الصرف بيد الوصي .
وإذا افترقا قبل أن يقبض ذلك منه فقد افترقا من المجلس قبل قبض بدل الصرف فيبطل الصلح في حصة ذلك ويجوز فيما سواه وكذلك إن صالحه على دنانير لأن في حكم الصرف ووجوب القبض في المجلس لا فرق بين أن يكون العقد متنا ولا لجنس واحد من النقود أو جنسين وإن صالحه على مكيل أو موزون بعينه جاز لأنه مشتر لما وقع عليه الصلح بنصيبه من التركة والمشتري معلوم معين .
وإن كان بغير عينه لم يجز لأنها صفقة واحدة وفي حصة العين من التركة يبطل هذا الصلح لأنه بيع ما ليس عند الإنسان فالكيل والموزون بالدراهم يكون مبيعا وإذا فسد في البعض فسد في الكل .
وإذا صالحه على ثياب موصوفة أو مؤجلة ثم تفرقا قبل أن يقبض الوارث حصة الموصى له من المال المعين بطل من الثياب حصة المال المعين لأن صفة العقد في معنى السلم فيشترط قبض رأس المال في المجلس وإلا يكون دينا بدين وإن تفرقا قبل القبض بطل العقد في ملك الحصة ولكن هذا فساد طارئ فطربان المفسد في البعض لا يفسد العقد في الباقي بخلاف المقارن وقد بينا نظيره في كتاب الصرف .
ولو كان هذا الصلح في مال الوارث على أن يسلم الموصى له جميع موصيه من الورثة على سهامهم كان القول فيه مثل ذلك في جميع ما بينا لأنه في الصلح في نصيب سائر الورثة هو متبرع عنهم بأداء المال وذلك يصح منهم كما يصح من الفضولي فكأنهم صالحوه جميعا على ذلك وصلح الوارث الموصى له وصلح الوارث سواء في جميع ما ذكرنا لأنهم في التركة شركاء .
وكذلك لو كان الميراث في يد الموصى له فصالح الوارث على أن أعطاه دراهم على أن يسلم الوارث ميراثه لأن الوارث يملك نصيبه من الموصى له بما يقبض منه من العوض فكما يجوز فيه صلح الوارث مع الموصى له إذا كانت التركة في يده يجوز فيه صلح الموصى له مع الوارث أيضا .
ولو كان الميراث مالا معينا ومتاعا وحليا وفيه جوهر لا يخلص إلا بضرر والوارث رجلان كبيران وصغير له وصي ورجل موصى له فاصطلحوا على أن قوموا ذلك قيمة عدل وسموا لأحد الكبيرين حليا بعينه ومتاعا ومالا وكذلك للآخر وللصغير والموصى له وأنفذوا ذلك فيما بينهم وجعلوه لمصالحهم بتلك القيمة ولم يتقابضوا لم يجز لأن العقد فيما يخص الحلي صرف .
وترك القبض في المجلس يفسد فيه وذلك مفسد للعقد في حصة الجوهر أيضا لأنه لا يمكن تخليصه إلا بضرر ومثل هذا كما لا يجوز البيع فيه ابتداء فكذلك لا يبقى العقد فيه بعد ما فسد في حصة الحلي وقد بينا نظيره في الصرف في السيف المحلى .
ولو كان وارث منهم اشترى رقيقا ومتاعا بألف درهم ثم أن الوارث الآخر اشترى منهم حليا فيه جوهر بألف درهم على أن يحسب له من نصيبه لم يجز ذلك من قبل أن العقد فيه صرف ولم يوجد التقابض في المجلس ولأن حصته مما على أخيه داخل في ذلك وهو دين .
ولو كان بعض التركة دينا على أجنبي لم يجز مثل هذا الصلح بين الورثة فيه فكذلك إذا كان دينا على بعض الورثة قال غيره : أنه يجوز من ذلك الجوهر بحصته إذا كان مميزا .
وإن كان غير مميز لم يجز شيء منه أما إذا كان غير مميز فالجواب ظاهر لأن فساد العقد من حصة الحلي فالافتراق مفسد في حصة الجوهر أيضا وإن كان مميزا فإن كان صلحه مع جميع الورثة والموصى له فإنه يجوز من حصة الجوهر لأن فساد العقد هنا بترك القبض في المجلس في حصة الحلي وذلك فساد طارئ لا باعتبار أن نصيبه دين فإنه ما صالح عن نصيبه على هذا الحلي وإنما اشترى هذا الحلي منهم بألف درهم على أن يحسب لهم من نصيبه فكان فساد العقد باعتبار أن الحلي غير مقبوض في المجلس وأن الوارث الصغير والموصى له يقبضان حصتهما مما هو دين على الأخ الآخر في المجلس وكل ذلك يفسد العقد لترك القبض في المجلس من غير أن يتبين فيه فساد العقد من الأصل فلهذا يبقى الصلح في حصة الجوهر إذا كان مميزا والله تعالى أعلم بالصواب