وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( قال C ) ( وإذا ادعى رجل على رجل مالا عند القاضي فأنكره وسأل المدعي أن يأخذ له كفيلا منه بنفسه وادعى أن له بينة حاضرة أخذ له منه كفيلا معروفا بنفسه ثلاثة أيام وفي القياس لا يأخذ كفيلا لآخر بنفس الدعوى لا يجب شيء على الخصم ) لكون الدعوى خبرا محتملا للصدق والكذب وفي الإجبار على إعطاء الكفيل إلزام شيء أباه وإنما تركنا القياس للتعامل من لدن رسول الله - A - إلى يومنا هذا فإن القضاة يأمرون بأخذ الكفيل من الخصوم من غير نكير منكر ولا زجر زاجر وفيه نظر للمدعي لأنه إذا أحضر شهوده فلا بد من حضور الخصم ليشهدوا عليه وربما يهرب أو يخفي شخصه فيعجز المدعي عن إثبات حقه عليه وفي أخذ الكفيل بنفسه ليحضره نظر للمدعي ولا ضرر فيه على المدعى عليه فهو نظير الاستحلاف والخصم يستحلف عند طلب المدعي بعد إنكاره وإن لم يتوجه له حق في تلك الدعوى ولكن فيه منفعة للمدعي من غير ضرر فيه على الخصم إذا كان محقا في إنكاره وكذلك الأشخاص إلى بابه يثبت بنفس الدعوى بما لها من النظر للمدعي فكذلك أخذ الكفيل وشرط أن يكون الكفيل معروفا لأن مقصود المدعي لا يحصل بالمجهول فقد يهرب ذلك المجهول مع الخصم والتعذير بثلاثة أيام ليس بلازم ولكن يأخذ كفيلا إلى المجلس الثاني وقد كان القاضي فيهم يجلس بنفسه كل ثلاثة أيام وإن كان يجلس في كل يوم فربما يعرض للمدعي عارض فيتعذر الحضور في المجلس أو المجلسين وإنما أخذ الكفيلين لنظر المدعي فيؤخذ الكفيل على وجه لا يؤدي إلى التعنت في حق المدعي .
وإن قال : بينتي غيب لم يأخذ له منه كفيلا لأنه لا فائدة في أخذ الكفيل هنا فالغائب كالهالك من وجه وليس كل غائب يؤوب .
وإن أراد المدعي استحلاف الخصم يمكن منه في الحال فلا معنى للاشتغال بأخذ الكفيل وكذلك إن أقام شاهدا واحدا لأن بالشاهد الواحد لا يثبت للمدعي شيء كما يثبت بنفس الدعوى .
وإن قال لا بينة لي وأنا أريد أن أحلفه فخذ لي منه كفيلا لم يأخذ منه كفيلا ولكنه يستحلفه مكانه لأن حكم اليمين لا يختلف باختلاف الأوقات والقاضي مأمور بفصل الخصومة في أول أحوال الإمكان وذلك في أن يستحلفه للحال بكون المدعي طالبا لذلك فلا معنى للاشتغال بأخذ الكفيل .
وإن قال : بينتي حاضرة فخذ لي منه كفيلا فقال المطلوب له : ولي كفيل فإنه يأمر الطالب أن يلزمه إن أحب حتى يحضر شهوده لأن الملازمة فعل متعارف قد كان على عهد رسول الله - A - على ما روي أن النبي - A - مر على أبي بن كعب - Bه - وهو يلازم غريما له . الحديث وليس تفسير الملازمة أن يقعده في موضع ويقعد إلى جنبه فإن ذلك حبس وليس له ذلك قبل أن يثبت دينه عليه .
ولكن ( تفسير الملازمة ) : أن يدور معه حيثما دار فإذا دخل على أهله قعد من يلازمه على باب داره .
وإن كان يخاف أن يهرب من جانب آخر فإما أن يقعد معه على باب داره حيث يراه أو يأذن له في أن يدخل معه ليلازمه إذ المقصود هو الأمن من هروبه والتمكن من إحضاره إذا أحضر شهوده ولا يحصل إلا بذلك .
وإن أحب أن يستحلفه فعل لأن اليمين حق الدعوى قبل المدعى عليه وله فيه غرض صحيح وهو التوصل إلى حقه في أقرب الأوقات بنكوله وفيه اختلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه - رحمهما الله - وموضع بيانه شرح أدب القاضي للخصاف - C - ولا ينبغي أن يسجنه لأن الحبس أقوى العقوبات في دعوى المال فلا يثبت بمجرد الدعوى قبل أن يثبت المال عليه .
وإن قال الطالب خذ لي منه كفيلا بالعين التي ادعيتها في يده أخذ له كفيلا بها أيضا لأنه لا يتمكن من إقامة البينة إلا بإحضار العين وربما يخفيها الخصم ولا وجه لإخراجها من يده قبل إقامة المدعي حجته وكان أخذ الكفيل بها وأخذ الكفيل بنفسه سواء .
وإن كان الكفيل بنفسه وبذلك الشيء واحدا جاز لأن المقصود حاصل وإن أراد الطالب كفيلا بنفسه ووكيلا في خصومته فإن القاضي يأمر المطلوب أن يعطيه ذلك ثلاثة أيام هكذا قال هنا لأن الخصم ربما لا يبالي بالكفيل بالنفس ويهرب فلا يتمكن المدعي من إثبات حقه بالبينة على الكفيل وفي الزيادات .
قال : ( لا يجبر على إعطاء الوكيل في خصومته ) هذا هو الأصح لأن المدعى عليه يقول : أنا أهدي إلى الخصومة من غيري خصوصا في هذه الحادثة وربما لا ينظر الوكيل ولا يشتغل بالدفع بما أشتغل به إذا حضرت ففي الإجبار على إعطاء الكفيل إضرار به والقاضي ينظر لأحد الخصمين على وجه لا يضر بالآخر .
فإذا أراد الطالب أن يكون ضامنا لما قضى له عليه فإن القاضي لا يجبر المطلوب على ذلك لأن بعد إثبات الدين لا يجبر الخصم على إعطاء الكفيل به فقبل إثباته أولى وهذا بخلاف ما إذا كان المدعي عينا فإن هناك لا يتمكن من إثبات المدعي إلا بإحضار العين وهنا يتمكن من إثبات الدين عند إحضار الخصم وإنما الكفيل بالمال هنا للتوثق لجانب المطالبة ولم تتوجه له مطالبة بالمال قبل إثباته فكيف يجبر على إعطاء الكفيل به .
وإن بعث القاضي مع الطالب رسولا يأخذ له كفيلا فكفل به الكفيل الطالب أو أحضره القاضي فكفل عنده ثم رده الكفيل إلى الطالب بريء لأن الكفالة كانت له وقد أوفاه حقه حين سلم نفس الخصم إليه وإن كانت الكفالة للقاضي أو لرسوله الذي كفل له به .
وقال زفر - C - يبرأ لأن الكفالة للطالب في الوجهين جميعا فإنها تنبني على دعواه ولكنا نقول المقصود لا يعتبر مع التصريح بخلافه وقد صرح الكفيل بالتزام النفس إلى القاضي أو إلى رسوله فلا يبرأ بدونه .
وإن كفل له بنفسه إلى ثلاثة أيام فتغيب الطالب فالكفيل على كفالته حتى يدفع صاحبه إليه ويبرأ منه لأن التزام التسليم إليه لا يبرأ بمضي الوقت بدون الوفاء بما التزم .
والعبد التاجر والمكاتب والصبي التاجر مطلوبا كان أو طالبا والمستأمن والذمي والمرتد في جميع ذلك بمنزلة الحر المسلم لأن الكفالة بالنفس تنبني على الدعوى والدعوى صحيحة من هؤلاء وعليهم .
وإن قدم رجل مكاتبه إلى القاضي وادعى مضي أجل الكتابة وقال بينتي حاضرة فخذ لي منه كفيلا بنفسه لم يأخذه لأنه عبده والمولى لا يستوجب على عبده حقا قويا يصح التزامه بالكفالة .
( ألا ترى ) أنه لو كفل عن المكاتب لمولاه ببدل الكتابة الذي عليه لم يجز ذلك وكذلك لا يأخذ كفيلا بنفسه في دعوى ذلك قبله .
( ألا ترى ) أن المكاتب يتمكن من أن يعجز نفسه فلا يطالب بشيء من ذلك وكذلك لو ادعى على عبد له تاجر دعوى وعليه دين أو لا دين عليه فإن المولى لا يستوجب على عبده دينا ولو ادعى المكاتب قبل مولاه دينا . فإنه يؤخذ للمكاتب كفيل بنفس المولى لأنه يستوجب قبل مولاه من الحق ما يستوجبه قبل غيره .
( ألا ترى ) أنه لو كفل كفيل بالدين الذي له على مولاه جاز فكذلك يؤخذ له الكفيل بنفسه وكذلك العبد التاجر يدعي قبل مولاه دينا وعلى العبد دين لأن كسبه حق غرمائه فهو يستوجب قبل مولاه . حق غرمائه .
وإن لم يكن على العبد دين لم يؤخذ له من مولاه كفيل لأن كسبه خالص حق المولى ولا حق له قبل مولاه إذا لم يكن عليه دين .
وإن ادعى رجل دعوى والمدعى عليه محبوس في حق رجل فأراد الطالب أن يخرجه من السجن حتى يخاصمه فقال الذي حبسه : خذ لي منه كفيلا بنفسه فيما لي عليه فإنه يخرجه له ويخاصمه وهو معه حتى يرده إلى محبسه ولا يأخذ منه كفيلا بنفسه لأنه في يده وهو محبوس معناه إنما يخرجه مع أمينه وهو في السجن محبوس في يد أمينه فكذلك إذا أخرجه ولا غرض للطالب هنا في المطالبة بالكفيل سوى التعنت فلا يحبسه القاضي إلى ذلك .
وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - في الكفالة بالنفس : لا يجعل لها أجلا إنما ذلك على قدر خلوصه إلى القاضي حتى إذا كان يمكنه من التقدم إلى القاضي في أكثر من ثلاثة أيام جاز ذلك على أكثر من ثلاثة أيام وهذا عندهم جميعا لأن المعتبر توفير النظر على المدعي .
وإذا كانت الدعوى في شيء بعينه فخفت أن يغيبها المطلوب وكانت غير معينة وضعتها على يدي عدل ولم أجعل لذلك وقتا وجعلته بمنزلة الكفالة لأن في التعديل هنا معنى النظر للمدعي وليس فيه كثير ضرر على المدعي وقد بينا أنه يأخذ كفيلا بتلك العين ولكن المقصود ربما لا يتم بأخذ الكفيل بأن يغيبها الخصم ولم يعرف الشهود أوصافها فلا يتمكنون من أداء الشهادة .
فإن كان ذلك مما يعرفه الشهود أو مما لا يمكن تعيينه أصلا لم يصفه على يدي عدل لأن النظر يتم بأخذ الكفيل بمحضر من ذلك الشيء وأما العقار فليس فيه كفالة ولا يوضع على يدي عدل حتى يقيم البينة لأن تعيينه غير ممكن ولا حاجة إلى إحضارها لإقامة البينة وإنما إقامة البينة بذكر الحدود فإن قامت بينة وكانت أرضا فيها نخيل تمر فلا بد من أن يوضع هذا على يدي عدل إذا خيف على المطلوب استهلاكه لأنه لما أقام البينة فقد ثبت حقه من حيث الظاهر .
( ألا ترى ) أنه لو قضى القاضي له قبل أن تظهر عدالة الشهود بعد قضائه فمن تمام النظر له أن يوضع على يدي عدل لكيلا يتمكن المطلوب من استهلاكه ويؤخذ الكفيل في دعوى الدين وفي العتق والطلاق وجميع أجناس حقوق العباد مما لا يندرئ بالشبهات .
وإذا ادعى المدعي ألف درهم وقال : سله أيقر بمالي أو ينكره فإنه ينبغي للقاضي أن يسأله عن ذلك ليعلم المدعي أنه بماذا يعامله الناس .
فإن أنكر قال للمدعي أحضر بينتك وإن لم يقر ولم ينكر قال للمدعي أحضر البينة لأن الساكت بمنزلة المنكر وإن لم يكن للمدعي بينة وطلب يمينه فإن كان أنكر استحلفه القاضي له .
وإن لم يقر ولم ينكر فقد روي عن أبي حنيفة - C - أن القاضي لا يستحلفه ولكن يحبسه ليتجنب خصمه لأن الاستحلاف لترجح جانب الصدق في إنكار المدعى عليه فلا معنى للاشتغال به قبل إنكاره .
وعن أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - أن القاضي يستحلفه لأن سكوته قائم مقام الإنكار شرعا حتى يقبل عليه البينة بعد سكوته فكذلك يعرض اليمين على الساكت حتى يقضي عليه بالنكول لحق المدعي .
ولا ينبغي للقاضي أن يحبسه حتى يقر أو ينكر ولا يجبره على ذلك لأنه ما ثبت عليه شيء بمجرد سكوته فلا يعاقبه بالحبس والمقصود حاصل من غير أن يجبره على الإنكار لأن سكوته قائم مقام إنكاره فإن المنكر ممتنع والساكت كذلك .
وإن قال المطلوب للقاضي سل الطالب من أي وجه يدعي علي هذا المال سأله من غير أن يجبره على ذلك .
فإن أبى أن يبين وجهه سأله البينة لأنه بدعوى المال قد تم ما كان محتاجا إليه من جانبه وربما يضره بيان الجهة وليس للقاضي أن يجبر أحدا على ما يضره ولا أن يحبسه إذا امتنع من ذلك ولكن يسأله البينة فإن لم تكن له بينة استحلف المطلوب بالله ماله قبله هذا الحق ولا شيء منه فإن حلف دعا المدعي ما على شهوده .
وفي هذا بيان ما أن للمدعي أن يستحلف الخصم وإن كان شهوده حضورا وهو قولهما .
فأما عند أبي حنيفة - C - فلا يستحلفه إذا زعم المدعي أن شهوده حضور وهكذا ذكره في النوادر لأن مقصود المدعي من ذلك هتك ستر المدعى عليه وافتضاحه .
وإذا شهد شاهدان لرجل على رجل بألف درهم فقال أحدهما هي بيض وقال الآخر سود وللبيض صرف على السود فإن ادعى الطالب البيض أو ادعى المالين جميعا قضيت له بالسود لاتفاق الشاهدين على ذلك - لفظا ومعنى فإن البياض صفة زائدة لا يثبت بشهادة أحدهما وتبقى شهادتهما على أصل الألف فيقضي بالقدر المتيقن وهو الشهود .
وإن ادعى المدعي السود بطلت شهادة الشاهد على البيض لأنه أكذبه في ذلك ولا يقضي له بالسود حتى يحضر شاهدا آخر عليها .
وكذلك لو أشهد بكر حنطة فقال أحدهما : جيد والآخر رديء أو شهد أحدهما بكر حنطة والآخر بكر شعير لم يقض القاضي بشيء لأن لكل واحد من الجنسين شاهدا واحدا والمدعي إنما يدعي أحدهما فيكون مكذبا أحد شاهديه .
ولو ادعى عليه مائة درهم فشهد له بها شاهد والآخر بمائتين لم تقبل الشهادة في قول أبي حنيفة - C - وفي قولهما تقبل على مقدار المائة وهذا بناء على ما سبق أن عندهما الموافقة بين الشاهدين معنى يكفي لقبول الشهادة .
وعند أبي حنيفة - C - يعتبر اتفاقهما في اللفظ والمعنى جميعا ولو ادعى مائة وخمسين فشهد له أحدهما بمائة والآخر بمائة وخمسين جازت شهادتهما على المائة لأنهما اتفقا عليها لفظا ومعنى وإنما تفرد أحدهما بزيادة الخمسين وهما اسمان أحدهما معطوف على الآخر ولو ادعى خمسة عشر فشهد له شاهد بعشرة والآخر بخمسة عشر لا تقبل عند أبي حنيفة - C - في شيء لأن هذا كله اسم واحد لقدر معلوم بدليل أنه خلا عن حرف العطف فهو كالمائة والمائتين .
وعندهما تقبل الشهادة على الأقل في جميع ذلك وهو قول شريح - C فإنه شهد عنده شاهدان أحدهما بتسعمائة والآخر بثمانمائة فقضى شريح - C - بالأقل وروي نحو ذلك عن الحسن وإبراهيم - رحمهما الله .
وقال أبو يوسف - C - : سمعت ابن أبي ليلى - C - يقول : شهادة أهل الأهواء جائزة .
وقد بينا هذا في كتاب الشهادات أنه قول علمائنا - رحمهم الله - وبين المعنى فيه فقال : إنما الهوى شيء افتتن به رجل فأخطأ في ذلك فلا ينبغي أن نبطل به شهادته وإنما دخلوا في الهوى لشدة المبالغة في الدين فإنهم عظموا الذنوب حتى جعلوها كفرا فيؤمن عليهم شهادة الربا .
( ألا ترى ) أن أعظم الذنوب بعد الكفر القتل ثم دماء أصحاب رسول الله - A - ورضي عنهم - أعظم الدماء وقد قتل بعضهم بعضا فلو شهد بعضهم على بعض أما كان تجوز شهادتهم إلا الخطابية وهم صنف من الروافض فإنه بلغني أن بعضهم يصدق بعضا بما يدعي ويشهد له به إذا حلف عنده أنه محق فهذا متهم في شهادته فلا أقبل شهادته لهذا .
وإذا ادعى رجل قبل رجل ألف درهم وقال خمسمائة منها من ثمن عبد قد قبضه وخمسمائة من ثمن متاع قبضه وجاء بشاهدين فشهد أحدهما على خمسمائة ثمن عبد وشهد الآخر على خمسمائة ثمن متاع قد قبضه فإنه يجوز من ذلك خمسمائة لأن البيع انتهى بتسليم المعقود عليه وإنما دعواه دعوى الدين فهو كما لو ادعى ألفا وشهد له الشاهدان بخمسمائة .
ولو شهد شاهدان أن لرجل على رجل ألف درهم وشهد أحدهما أنه قبض منها خمسمائة وأنكر الطالب قبضها فشهادتهما بألف جائزة لأنهما اتفقا على وجوبها وإنما تفرد أحدهما بالشهادة بشيء آخر وهو أنه قضاه خمسمائة .
ولو قضاه جميع المال لم يبطل به أصل الشهادة فهذا مثله وعن زفر - C - أن هذه الشهادة لا تقبل لأن المدعي مكذب أحد شاهديه .
ولكنا نقول : هو غير مكذب له فيما شهد له به وإنما كذبه فيما شهد عليه وذلك لا يضره فكل أحد يصدق الشاهد فيما شهد له به ويكذبه فيما شهد عليه أرأيت لو شهد أحدهما أنه أجره سنة أكنت تبطل شهادته على أصل المال بذلك .
ولو شهد شاهدان لرجل على رجل بألف درهم فقال الطالب : إنما لي عليك خمسمائة وقد كانت ألفا فقبضت منها خمسمائة ووصل الكلام أو لم يصل فإن شهادتهما جائزة بخمسمائة لأنه لم يكذبهما بل وفق بين دعواه وشهادتهما . بتوفيق محتمل فقد يستوفي المدعي بعض حقه ولا يعرف الشاهد بذلك .
( ولو قال لم يكن لي عليك قط إلا خمسمائة أبطلت شهادتهما ) لأنه قد أكذبهما فيما يشهدان له من الزيادة ولو شهدا على رجل لرجل بألف درهم من ثمن جارية قد قبضها المشتري فقال البائع : قد أشهدهم المشتري بهذه الشهادة والدين باق عليه من ثمن الدين متاع أجزت شهادتهما لما بينا أن المبيع إذا كان مقبوضا فالعقد فيه منتهى وإنما دعواه دعوى الدين وقد صدق الشهود في ذلك .
( ولو قال : لم يشهدهما بهذا ولكن أشهدهما أنه من ثمن متاع أبطلت شهادتهما ) لأنه أكذبهما فيما شهدا له به وأقر عليهما بالغفلة والنسيان ولو شهد أنه كفل له بألف درهم عن فلان كان له أن يأخذه بالمال لأنه ما أكذبهما في الشهادة ويجعل ما ثبت بشهادتهما كالثابت بإقرار الخصم .
( ولو قال لم يقر بهذا وإنما أقر أنها كانت عن فلان بطلت شهادتهما ) لأنه قد أكذبهما ولو أنكر المطلوب أن يكون للطالب عليه شيء فشهد له شاهدان بألف درهم فجاء المطلوب بشاهدين يشهدان بالبراءة منها والدفع إليه أجزت ذلك لأنه لا منافاة بين إنكاره للمال في الحال وبين ما ادعى من الإبراء والإيفاء .
وكذلك لو قال لم يكن له علي شيء قط ثم أقام البينة على الإبراء والإيفاء .
وكان ابن أبي ليلى - C - يقول : هنا لا تقبل بينته لكونه مناقضا في دعواه .
ولكنا نقول : هو غير مناقض لأنه يقول ما كان له علي شيء قط ولكن افتديت نفسي من المال الذي ادعاه علي أو سألته أن يبرئني ففعل ذلك والبينة حجة فلا يجوز إبطالها مع العمل بها .
ولو كان قال لم أدفع إليه شيئا أو لم أقبضه شيئا أو لم أعرفه أو لم أكلمه أو لم أخالطه لم أقبل منه البينة بعد ذلك على دفع المال لأن ما تقدم من كلامه إكذاب منه لشهوده وشهادة الشاهدين على البراءة في دين أو كفالة وقد اختلفا في الوقت أو المكان جائزة لأن البراءة جائزة بإقرار من الطالب فلا يضرهم الاختلاف في المكان أو الزمان .
ولو كانوا كفلاء ثلاثة بعضهم كفيل عن بعض فشهد اثنان على واحد أنه دفع المال الذي عليهم لم تجز شهادتهما لأنهما ينفعان أنفسهما بذلك وهو إسقاط مطالبة الطالب عنهما ولم يرجع عليهما المشهود له بشيء لأنهما لم يبرآ من شيء من حق الطالب وإنما يرجع الكفيل على الأصيل إذا استفاد الكفيل البراءة من حق الطالب فإذا لم يوجد ذلك لم يرجع عليهما بشيء والله أعلم