وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( قال C ) ( رجل وكل رجلا بعتق عبده على مال أو غير مال فله أن يعتقه في ذلك المجلس أو بعده ) لأن التوكيل مطلق وهذا بخلاف ما لو قال لعبده أعتق نفسك لأن ذلك تمليك وليس بتوكيل لأن العبد في العتق عامل لنفسه فلا يكون نائبا عن غيره وجوب التمليك يقتصر على المجلس .
( ألا ترى ) أن هناك لا يملك الرجوع عنه قبل أن يعتق العبد نفسه وهنا يملك إخراج الوكيل مثل الوكالة قبل أن يعتقه ثم ليس للوكيل أن يقبض المال هنا لأن العتق تبرع وإن كان بمال .
( ألا ترى ) أن الأب والوصي لا يملكانه في عبد اليتيم وقد بينا أن الوكيل بالتبرع نائب محض وأن المعتق هو المولى دون الوكيل .
( ألا ترى ) أن الولاء يثبت للمولى والشرع إنما أثبت الولاء لمن أعتق ولأنه إنما يطالب بقبض البدل من تتوجه عليه المطالبة بتسليم المبدل والوكيل بالعتق لا يكون مطالبا بشيء من جهة العبد ولا يكون إليه قبض البدل بل المولى هو الذي يقبض لأن مباشرة نائبه كمباشرته بنفسه .
قال : ( ولو وكله أن يعتقه فدبره لم يصح ) لأنه تصرف سوى ما أمره به فإن التدبير إضافة العتق إلى ما بعد الموت أو تعليق العتق بالموت والمأمور وبالتنجيز لا يملك التعليق ولا الإضافة .
وعلى هذا لو قال : أنت حر غدا أو إن دخلت الدار أو أعتقه على مال لأنه تعليق بشرط قبوله فيكون بمنزلة تعليقه بشرط آخر ولأنه مأمور بالتبرع المحض وربما يكون له فيه مقصود يفوت ذلك باشتراط العوض وهو الجواز عن كفارته وكذلك لو كاتبه فإن الكتابة عقد آخر سوى ما أمره به فلهذا لم يصح منه .
وكذلك لو وكل آخر بإعتاقه لأن مطلق التوكيل لا يثبت للوكيل ولاية توكيل الغير به فإنه يساوي تأثيره بنفسه في حق الغير وذلك لا يصح ولأن التوكيل بالعتق ليس بإعتاق وهو إنما أنابه مناب نفسه في الإعتاق خاصة .
قال : ( ولو وكله أن يعتقه غدا فأعتق اليوم كان مخالفا ) لأنه أضاف وكالته إلى وقت في المستقبل فلا يصير وكيلا قبل مجيء ذلك الوقت .
قال : ( ولو وكله أن يعتقه اليوم فأعتقه غدا جاز استحسانا ) وقد تقدم نظيره وقد بينا أن المقصود بذكر اليوم التعجيل وهو لا يفسد الوكالة بالوقت بمنزلة قوله أعتقه الساعة فإنه يصير وكيلا بعتقه ما لم يعزله عنه .
قال : ( ولو وكل صبيا أو عبدا أن يعتق عبده على مال أو غير مال أو كاتبه فهو جائز ) لأنه من أهل العبادة ومباشرة هذا العقد إنما تكون بالعبادة .
قال : ( ولو وكله أن يعتقه ألبتة على مال أو غير مال ثم دبره المولى فالوكيل على وكالته وكذلك لو كانت أمة فاستولدها المولى ) لأن التدبير والاستيلاد لا يمنعان صحة الإعتاق بجعل أو غيرجعل فلم يخرج المحل بتصرف المولى من أن يكون محلا لما فوضه إلى الوكيل .
قال : ( ولو وكله أن يعتق أمته فولدت قبل أن يعتقها لم يكن له أن يعتق ولدها ) لأنه أمره بعتق شخص واحد فلا يملك عتق شخصين ولأن الوكالة بالعتق ليست بحق مستحق في الأم وإنما يسري على الولد ما كان مستحقا في الأم قبل الانفصال للولد عنها .
( ألا ترى ) أن الوصية لا تسري إلى الولد المنفصل قبل موت الموصي لهذا المعنى والكتابة والبيع على هذا فإن التوكيل بهما ليس بحق مستحق في الأم فلا يسري إلى الولد المنفصل قبل ثبوت الاستحقاق في الأم .
قال : ( ولو وكله أن يعتق عبده أو مكاتبه أو يبيعه ثم باعه المولى فقد خرج الوكيل من الوكالة ) لأن الموكل بعد البيع لا يملك فيه مباشرة التصرف الذي وكل الوكيل به فإقدامه على البيع يتضمن خروج الوكيل من الوكالة حكما .
فإن رجع إلى ملك المولى فإن كان رجوعه بسبب هو فسخ للبيع من الأصل فقد عاد إليه قديم ملكه وكان الوكيل على وكالته لأن رجوعه من الوكالة كان حكما لزوال ملكه فلا يظهر بعد عود ذلك الملك إليه وإن كان بسبب هو تمليك فسد من وجه كالرد بالعيب بعد القبض بغير قضاء قاض أو بالإقالة أو الميراث لم تعد الوكالة لأن تعلقها كان بذلك الملك والعائد ملك غير ذلك الملك .
قال : ( ولو باشره أهل الحرب فأدخلوه دارهم ثم رجع إلى الموكل بملك جديد بأن اشتراه منهم لم تعد الوكالة ولو أخذه المشتري منهم بالثمن أو ممن وقع في سهمه من الغانمين بالقيمة فهو على وكالته ) لأنه بالأخذ بهذا الطريق يعيده إلى قديم ملكه وقد كانت الوكالة متعلقة بذلك الملك فإذا عاد عادت الوكالة .
قال : ( ولو وكله أن يعتق أمته ثم أعتقها المولى فارتدت ولحقت بدار الحرب فأسرت وملكها المولى لم يجز عتق الوكيل فيها ) لأنه كان مأمورا بإزالة رق كان فيها وقد زال ذلك بإعتاق المولى وهذا الحادث رق متجدد السبب فلا يكون هو وكيلا بإزالته إلا بتوكيل مستأنف .
قال : ( ولو أمره أن يعتق عبده فقال الوكيل أعتقته أمس وجحد ذلك رب العبد لم يصدق الوكيل على ذلك ) لأن الوكالة بالعتق تنتهي بالفراغ منه فكيف يقبل إقراره وليس هو بوكيل في الحال بخلاف البيع والشراء فإن الوكالة تبقى بعد المباشرة لتعلق حق العقد بالوكيل .
توضيحه : أن الوكيل بالعتق معبر عن الموكل وإنما أمره بأن يعبر عنه إنشاء العتق دون الإقرار وكان هو في الإقرار كأجنبي آخر سوى المأمور به فلا يصير به ممتثلا للآمر ويبقى المأمور على وكالته .
قال : ( ولو وكله أن يعتقه فقبل ذلك ثم أبى أن يعتقه لم يجبر عليه ) لأن الوكيل معير لمنافعه والمعير غير مجبر على تسليم ما أعاره ولو قال له الوكيل أنت حر إن شئت فقال : قد شئت لم يعتق لأنه مأمور بالتنجيز وقد أتى بالتعليق بمشيئة أو بتمليك الآمر من العبد وكل واحد منهما غير مأمور به ولكنه يبقى على وكالته فإذا أعتقته بعد ذلك كان صحيحا منه .
قال : ( وإن أعتقه بغير لسان العربية جاز ) لأن المقصود إيصال العبد إلى شرف الحرية وذلك يحصل بأي لسان كان وبأي لفظ من العربية يكون كقوله : أنت عتيق أو معتق وحررتك وكما يحصل ذلك باللسان يحصل بالكتاب أيضا حتى إذا كتب بعتقه جاز .
( ألا ترى ) أنه يشتريه مكفرا فكذلك الوكيل يصير به ممتثلا .
قال : ( وإن قال له أعتق نفسك بما شئت فأعتق نفسه على درهم فهو جائز إن رضي المولى بذلك ) لأن تفويضه في حق البدل غير معتبر لأنه مجهول الجنس والقدر فلا يقدر العبد على تحصيل المقصود للمولى يبقى قول العبد أعتقت نفسي بدرهم فيوقف ذلك على رضا المولى به كما لو ابتدأ العبد بهذا الكلام .
وكذلك لو قال بع نفسك من نفسك بما شئت فباع نفسه من نفسه جاز ذلك إذ رضي المولى به والطلاق في هذين الوجهين قياس العتق ولا يقال أنه فوض الأمر في البدل إلى رأيه وهو لا يصلح نائبا عن المولى في قبول البدل على نفسه فكيف يصلح نائبا في تعيين جنس البدل ومقداره .
قال : ( وإن وكله أن يعتق عبده على مال فأعتقه على درهم جاز في قياس قول أبي حنيفة - C - ) بناء على أصله في اعتبار إطلاق اللفظ ما لم يقم دليل التقييد ولا يجوز عندهما إلا بمثل القيمة أو بنقصان يسير بناء على أصلهما في ثبوت التقييد بدليل العرف .
قال : ( وإن وكله أن يعتقه على شيء فما أعتقه عليه من أصناف المال فهو جائز ) أما عند أبي حنيفة - C - فظاهر كما هو أصله في الوكيل بالبيع وعندهما هناك يتقيد مطلق اللفظ بالبيع لاعتبار العرف ولا عرف هناك فإن الإعتاق بغير النقود من الأموال متعارف كالإعتاق بالنقود فلهذا جاز له أن يعتقه على أي صنف من المال يسميه وإن اختلف المولى والوكيل في جنس ما أمره به من البدل أو في مقداره فالقول قول المولى لأن الإذن يستفاد من جهته فلا يثبت في حقه إلا ما يقربه .
قال : ( وإن وكله أن يعتقه على جعل فأعتقه على خمر أو خنزير فالعتق جائز وعلى العبد قيمة نفسه ) لأنه امتثل أمره بما صنع فإن العتق بالخمر لو باشره المالك كان عتقا بعوض لقيام شبهة المالية في الخمر وعلى العبد قيمة نفسه لفساد التسمية فكذلك إذا باشره الوكيل ولو أعتقه على ميتة أو دم لم يجز لأن هذا العتق لو باشره المالك كان عتقا بغير عوض إذ ليس في الميتة والدم شبهة المالية فبتسميته لا يصير ممتثلا لانعدام الرضا بالعتق مجانا والموكل إنما أمره بعتق بعوض فليس له أن يعتق بغير عوض .
قال : ( ولو أعتقه على حكم العبد أو على حكم الوكيل جاز العتق وعليه قيمته ) لأن هذا العتق لو باشره الموكل كان عتقا بعوض فكذلك إذا باشره الوكيل غير أن ما يحكم به العبد أو الوكيل مجهول الجنس والقدر فلا تصح التسمية وعند فساد التسمية يجب على العبد قيمة نفسه ولكن لاشتراط أصل المال بهذا اللفظ ينعدم الرضا بالعتق مجانا .
قال : ( ولو قال أعتقه على هذا العبد فأعتقه عليه فإذا هو حر جاز العتق وعليه قيمة نفسه ) لأن فعل الوكيل كفعل الموكل بنفسه حين امتثل أمره فيما صنع وقد سمي ما هو مال وهو العبد فإذا ظهرت حريته تبين به فساد التسمية فعليه قيمة نفسه ولو أعتقه على عبد واستحق جاز العتق وعليه قيمة نفسه في قول أبي حنيفة - C - وهو قول أبي يوسف - C - وفي قوله الأولى وهو قول محمد - C - قيمة العبد المستحق وهي معروفة في كتاب البيوع : أن في قوله الآخر بيع العبد من نفسه بمال عند الاستحقاق ثم حكم مبادلة المال بالمال وفي قوله الأول وهو قول محمد - C - في حكم مبادلة المال بما ليس بمال عند الاستحقاق أو الرد بالعيب .
قال : ( وإن وكله أن يعتقه على جعل فأعتقه على شاة مذبوحة بعينها أو على دن خل بعينه فإذا الشاة ميتة والخل خمر فالعتق جائز في الخمر وعلى العبد قيمة نفسه والعتق باطل في الشاة ) لأنه ليس في الميتة شبهة المالية فلا يصير بها العتق بعوض بخلاف الخمر ففيها شبهة المالية فيكون العتق بعوض عند ذكر الخمر فليس في تسمية الشاة ما يوجب اشتراط العوض لأن اسم الشاة يتناول الميتة كما يتناول المذبوحة بخلاف تسمية العبد فإن اسم العبد لا يتناول إلا ما هو مال فبذكره يثبت اشتراط العوض ويصير الوكيل ممتثلا أمره .
قال : ( وإذا وكل الكافر المسلم بعتق عبده على جعل فأعتقه على خمر أو خنزير جاز ) لأن الوكيل بالعتق بمال نائب محض لا يتعلق به شيء من الحقوق ولا يثبت له حق المطالبة بالبدل فيكون المعتبر فيه دين من وقع له العقد وهو المولى كما في النكاح والخلع والخمر والخنزير مال متقوم في حق الكافر فلهذا صحت التسمية والكتابة في هذا قياس العتق بالجعل لأن الوكيل بالكتابة سفير ومعبر أيضا .
قال : ( وإذا وكل العبد رجلا أن يشتري له نفسه من مولاه ويسأله له العتق على مال ففعل ذلك الوكيل والمولى فالعتق جائز والمال على العبد وليس على الوكيل شيء ) هكذا ذكر هنا وذكر في موضع آخر من هذا الكتاب أن المال على الوكيل وهكذا أجاب في الجامع : إلا أن هنا في بعض النسخ قال : ( ويسأله العتق ) وفي بعض النسخ قال : ( يسأله له العتق ) فقال بعض مشايخنا - رحمهم الله - : .
إنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع فقوله يسأله العتق تفسير لأول كلامه .
وبيان أنه جعل رسولا إلى المولى والمطالبة بالبدل لا تتوجه على الرسول في شيء من العقود فأما إذا وكله العبد فالجواب على ما قال في الجامع أن الوكيل هو المطالب بتسليم البدل وفي المسألة روايتان وعيسى بن إبان - C - قال : فالصحيح ما ذكر هنا دون ما قاله في الجامع لأن الوكيل من جانب العبد في العتق بجعل يكون سفيرا ومعبرا بمنزلة الوكيل من جانب المولى .
( ألا ترى ) أنه لا يستغنى عن إضافة العقد إلى الآمر وأنه ليس إليه من قبض المعقود عليه شيء فلا تتوجه المطالبة بتسليم البدل كالوكيل من جانب المولى وجه رواية الجامع أن توكيله بشرء العبد لنفسه بمنزلة توكيله بشراء العبد لغيره فكما أنه هناك يصير المطلوب بتسليم البدل فكذلك هنا بخلاف الوكيل من جانب المولى فإن الذي في جانب المولى إعتاق بمال يشترطه والذي في جانب العبد التزام المال فالوكيل في جانب المولى يكون وكيلا بالإعتاق فكان معبرا لا تتعلق به حقوق العقد والوكيل في جانب العبد وكيل بالتزام المال فيكون بمنزلة الوكيل في البيع والشراء فما زاد على هذا من البيان فقد أمليناه في شرح الجامع .
قال : ( ولو وكله ) وهذا بناء على أصلين .
أحدهما : أن العتق يتجزأ عند أبي حنيفة - C - وعندهما لا يتجزأ .
والثاني : أن عند أبي حنيفة - C - تسمية النصف غير تسمية الكل والوكيل متى زاد على ما أمر به وأتى بغيره كان مخالفا فهنا الموكل أمره بإعتاق النصف وهو قد سمي الكل فصار مخالفا فلهذا لا يعتق منه شيء .
وعلى قولهما : العتق لا يحتمل التجزئ فالتوكيل بإعتاق النصف وإعتاق الكل سواء ويكون هو ممتثلا أمر الموكل في إعتاق الكل فلهذا عتق كله .
قال : ( ولو وكله أن يعتق العبد كله فأعتق نصفه عتق النصف في قول أبي حنيفة - C - كما لو أعتق الموكل بنفسه نصفه ) وهذا لأن الوكيل أتى ببعض ما أمره به فلم يكن مخالفا فيعتق نصفه وعلى العبد أن يسعى في نصف قيمته وعندهما يعتق كله ولا يسعى في شيء لأن العتق عندهما لا يتجزأ .
قال : ( وإذا وكله أن يعتقه على جعل ولم يسم شيئا فأعتقه على ألف جاز ذلك استحسانا وعليه ألف درهم إن كان مثله يعتق على مثل ذلك وفي القياس لا يصح إعتاقه ) لأن البدل المسمى مجهول جهالة متفاحشة فإن اسم الألف يتناول كل معدود مالا كان أو غير مال فلم تصح التسمية وإن لم تصح كان هذا بمنزلة عتق بغير جعل فيكون باطلا من الوكيل .
ولكنا استحسنا فقلنا : الوكيل ممتثل أمره فإن الموكل بنفسه لو أعتقه على هذا كان عتقا بعوض وكان صحيحا فكذلك الوكيل إذا فعله وهذا لأن مطلق التسمية محمول على المتعارف فيما بين الناس كما أن مطلق تسمية النقد معروف فكذلك مطلق تسمية الألف فإذا كان قيمة العبد ألف درهم أو مثلها فالظاهر أن المراد بذكر الألف هو الألف درهم لأن المعتاد هو الإعتاق بمثل القيمة . أو أقل فصار الثابت بالعادة كالثابت بالنص .
قال : ( ولو وكله أن يكاتب عبده فكاتبه لم يكن للوكيل أن يقبض المكاتب ) لأنه في العقد سفير ومعبر وهو لا يستغنى عن الإضافة إلى الموكل ولا تتوجه عليه المطالبة بتسليم العوض فلا يكون إليه من قبض البدل شيء وإن دفعها إليه المكاتب لم يبرأ لأن وكالته قد انتهت بمباشرة العقد فكان هو في قبض البدل كأجنبي آخر فلهذا لا يستفيد المكاتب البراءة بالدفع إليه .
قال : ( ولو وكله أن يكاتب عبده فكاتبه على شيء لا يتغابن الناس في مثله جاز في قول أبي حنيفة - C - ) بناء على أصله في اعتبار الإطلاق ما لم يقم الدليل المقيد كما لو وكله ببيعه ولم يجز عندهما لأن التقييد عندهما يثبت بدلالة العرف وإن كاتبه على غنم أو صنف من الثياب أو الموزون أو من المكيل جاز ذلك في قول أبي حنيفة - C - ولا يشكل بناء على مذهبه في التوكيل بالبيع .
وعندهما الاختصاص بالنقد هناك بدليل العرف ولا يوجد ذلك هنا فالإعتاق بغير النقود من الأموال متعارف وكذلك الخلع والكتابة .
قال : ( ولو وكله أن يكاتب عبدين له فكاتب أحدهما جاز ) لأنه أتى ببعض ما أمر به ولا ضرر فيه على الموكل فيكون هذا بمنزلة الوكيل ببيع العبدين ببيع أحدهما فإنه يجوز على الآمر فكذلك هنا .
قال : ( ولو وكله أن يكاتبهما مكاتبة واحدة ويجعل كل واحد منهما كفيلا عن صاحبه فكاتب أحدهما لم يجز ) لأنه ترك شرطا فيه منفعة للموكل وهو أن يصير كل واحد منهما مطالبا بجميع البدل ولأن العقد بهذه الصفة لا يصح إلا أن كاتبهما معا فكان الموكل بالتنصيص على هذا الوصف كالشارط عليه أن لا يفرق العقد فإذا فرق كان خالفا .
( ألا ترى ) أنه لو قال بعه من فلان برهن فباعه بغير رهن لم يجز .
وكذلك لو قال بعه من فلان بكفالة فباعه من غير كفاله لم يجز بخلاف ما لو قال بعه بشهود فباعه بغير شهود حيث يجوز لأن الرهن والكفالة إنما يشترطان في العقد ويصير مستحقا بالشرط وحرف الباء للوصل فإنما أقر أن يصل شرط الكفالة والرهن بالبيع فإذا لم يفعل كان مخالفا لأمره فأما الشهود فلا يتحقق اشتراطهم في البيع فلا يخرج هو بهذا اللفظ من أن يكون مأمورا بمطلق البيع .
قال : ( ولو وكله أن يكاتب عبده ثم كاتبه المولى فعجز فليس للوكيل أن يكاتبه ) لأن ما قصده الموكل بتصرف الوكيل قد حصل له بمباشرته فتكون مباشرته عزلا للوكيل ثم بعجز المكاتب لا تنفسخ الكتابة من الأصل ولكن ترتفع في الحال لأن السبب مقصور على الحال وهو العجز عن تسليم البدل بعد توجه المطالبة به فلهذا لا تعود وكالة الوكيل .
قال : ( ولو وكله أن يكاتبه أو يبيعه ثم قتل العبد رجلا خطأ ثم فعل الوكيل ذلك وهو يعلم أو لم يعلم جاز ما صنعه الوكيل ) لأن استحاق العبد بجنايته لا يمنع الموكل من التصرف فيه بالبيع والكتابة فلا يوجب عزل الوكيل أيضا وابتداء التوكيل صحيح بعد جناية العبد فلأن يبقى أولى ثم على المولى قيمته ولا يصير مختارا للدية وإن علم بذلك لأن التوكيل قبل الجناية وهو لا يصير مختارا بفعل منه سبق جناية العبد ولم يوجد بعد الجناية من المولى فعل يصير به مختارا ولكنه صار مستهلكا للعبد فعليه قيمته كما لو دبره قبل جنايته وأشار في موضع من الزيادات إلى أن استمرار الوكالة بعد العلم بالجناية بمنزلة إنشاء التوكيل لكونه متمكنا من العزل فيصير به مختارا للفداء وقد بينا هذا فيما أمليناه من شرح الزيادات .
ولو قال بع عبدي هذا أو كاتبه أو أعتقه على مال فأي ذلك فعل الوكيل جاز لأنه خيره بين التصرفات الثلاثة وإن قال كاتب عبدي هذا أو هذا فله أن يكاتب أيهما شاء لأن المولى خيره بينهما بحرف أو فإن كاتب كل واحد منهما على حدة جازت مكاتبة الأول لأنه وكيل بكنابتة أحدهما .
فإذا كاتب الأول انتهت وكالته وليس له أن يكاتب الآخر بعد ذلك وإن كاتبهما معا فكتابتهما باطلة إذا جعل النجوم واحدة لأن هذا بمنزلة عقد واحد .
( ألا ترى ) أنه لا يقبل أحدهما دون الآخر وهو غير مأمور بمكاتبهما جميعا فإذا تعذر تنفيذ العقد فيهما ولا وجه لتصحيح واحد منهما لأنهما في حكم هذا العقد كشخص واحد تعينت جهة البطلان في هذا العقد وإن لم يجعل النجوم واحدة فالخيار إلى المولى يختار أيهما شاء بحصته من ذلك ويحبس الآخر لأن تصحيح العقد في أحدهما ممكن فإن العقد متفرق فهو في كتابة أحدهما ممتثل أمر المولى وفسخ العقد في أحدهما ويكون الخيار إلى المولى لأن الوكيل معبر عنه فلا يكون إليه من خيار البيان شيء كالطلاق والعتاق وهذا لأن الكتابة في حكم الإسقاط دون التمليك لأنه فك الحجر وإسقاط حقه من ملك اليد حتى يصير للمكاتب كما أن في الإعتاق إسقاط الحق عن أصل ملكه لأن يكون تمليكا من العبد والجهالة إنما تمنع الصحة في التمليكات لا في الإسقاطات .
فأما في النكاح لو وكله أن يزوجه أي هاتين فزوجهما منه لم يصح نكاح واحدة منهما لأن النكاح من عقود التمليكات فلا يمكن تصحيحه فيهما لأنه مأمور بتزويج إحداهما ولا يمكن تصحيحه في إحداهما بعينها لأنه ليست إحداهما بأولى من الأخرى ولا في إحداهما بغير عينها لأن النكاح لا يثبت في المجهول .
وعن أبي يوسف - C - أنه جعل النكاح كالكتابة فقال يجوز في إحداهما بغير عينها والبيان إلى الزوج وهو قوله الأول وقد رجع عنه فأما في البيع إذا باعهما جميعا فلا يجوز البيع في واحد منهما لأن البيع تمليك لا يثبت في المجهول ولا يمكن تصحيحه فيها لأنه لم يكن مأمورا ببيعها .
قال : ( ولو وكله أن يكاتب عبده يوم الجمعة فقال الوكيل يوم السبت قد كاتبته أمس بعد الوكالة على كذا وكذبه المولى فالقول قوله في القياس ) لأنه أقر بالعقد في حال لا يملك استئنافه فإن بمضي يوم الجمعة قد انتهت وكالته ولكن استحسن فجوز إقراره فكان مسلطا على مباشرة العقد في وقت معلوم وقد أخبر بما سلطه عليه وأدى الأمانة على وجهها وهذا لأن التوقيت من المولى كان في مباشرة العقد لا في الإقرار به فجعل في حق الإقرار كأن التوكيل كان مطلقا فإذا أقر به كان إقراره صحيحا وعلى هذا البيع والإجارة والخلع والعتق على مال .
قال : ( ولو وكله أن يكاتبه فقال الوكيل وكلني أمس وكاتبته آخر النهار بعد الوكالة وقال رب العبد إنما وكلتك اليوم فالقول قول رب العبد ) لأنه لو أنكر التوكيل أصلا كان القول قوله فكذلك إذا أنكر التوكيل أمس وإذا لم يثبت التوكيل في الوقت الذي أضاف الوكيل مباشرة العقد إليه كان العقد باطلا .
ولو قال أي هذين الرجلين كاتبه فهو جائز فأيهما كاتبه جاز وهذا استحسان وقد تقدم بيانه أن الوكالة مبنية على التوسع والجهالة المستدركة فيها تمنع الجواز وكذلك لو قال : وكلت أحد هذين الرجلين أن يكاتبه فهذا والأول سواء وأيهما كاتبه جاز .
قال : ( ولو وكل رجلا بأن يكاتب عبده فأبى العبد أن يقبل ثم بدا له في قبول ذلك فكاتبه الوكيل جاز ) لأن بإباء العبد في الابتداء لا ينعزل الوكيل فإن العبد لا يملك عزل الوكيل عن كتابته وإذا بقيت الوكالة نفذت الكتابة بقبول العبد كما لو قبل في الابتداء والله أعلم بالصواب