وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويجوز أن تكون الهداية هداية العقل للتفكير في دلائل وجود الله ووحدانيته بحيث لو تأمل لعرف وحدانية الله تعالى فيكون هذا دليلا على سبب مؤاخذة أهل الشرك والتعطيل بكفرهم في أزمان الخلو عن إرسال الرسل على أحد القولين في ذلك بين الأشاعرة من جهة وبين الماتريدية والمعتزلة من جهة أخرى .
( فلا اقتحم العقبة [ 11 ] وما أدريك ما العقبة [ 12 ] فك رقبة [ 13 ] أو إطعام في يوم ذي مسغبة [ 14 ] يتيما ذا مقربة [ 15 ] أو مسكينا ذا متربة [ 16 ] ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة [ 17 ] ) يجوز أن يكون ( فلا اقتحم العقبة ) تفريع إدماج بمناسبة قوله ( وهديناه النجدين ) أي هديناه الطريقين فلم يسلك النجد الموصل إلى الخير .
ويجوز أن يكون تفريعا على جملة يقول ( أهلكت مالا لبدا ) وما بينهما اعتراضا وتكون ( لا اقتحم العقبة ) استفهاما حذف منه أداته . وهو استفهام إنكار والمعنى : أنه يدعي إهلاك مال كثير في الفساد من ميسر وخمر ونحو ذلك أفلا أهلكه في القرب والفضائل بفك الرقاب وإطعام المساكين في زمن المجاعة فإن الإنفاق في ذلك لا يخفي على الناس خلافا لما يدعيه من إنفاق .
وعلى هذا الوجه لا يعرض الإشكال بعدم تكرر ( لا ) فان شأن ( لا ) النافية إذا دخلت على فعل المضي ولم تكرر أن تكون للدعاء آلا إذا تكررت معها مثلها معطوفة عليها نحو قوله ( فلا صدق ولا صلى ) أو كانت ( لا ) معطوفة على نفي نحو : ما خرجت ولا ركبت . فهو في حكم تكرير ( لا ) . وقد جاءت هنا نافية في غير دعاء ولم تكرر استغناء عن تكريرها بكون ما بعدها وهو ( اقتحم العقبة ) يتضمن شيئين جاء بيانهما في قوله ( فك رقبة أو إطعام ) فكأنه قال : فلا فك رقبة ولا أطعم يتيما أو مسكينا . ويجوز أن يكون عدم تكرير ( لا ) هنا استغناء رقبة ولا أطعم يتيما أو مسكينا . ويجوز أن يكون عدم تكرير ( لا ) هنا استغناء بقوله ( ثم كان من الذين آمنوا ) فكأنه قيل : فلا اقتحم العقبة ولا أمن . ويظهر أن كل ما يصرف عن التباس الكلام كاف عن تكرير ( لا ) كالإستثناء في قول الحريري في المقام الثلاثين " لا عقد هذا العقد المبجل في هذا اليوم الاغر المحجل إلا الذي جال وجاب " الخ وأطلق ( العقبة ) على العمل الموصل للخير لأن عقبة النجد أعلى موضع فيه . ولكل نجد عقبة ينتهي بها . وفي العقبات تظهر مقدرة السابرة .
والاقتحام : الدخول العسير في مكان أو جماعة كثيرين يقال : اقتحم الصف وهو افتعال للدلالة على التكلف مثل اكتسب فشبه تكلف الأعمال الصالحة باقتحام العقبة في شدته على النفس ومشقته قال تعالى ( وما يلقاها إلا الذين صبروا ) .
والاقتحام ترشيح لاستعارة العقبة لطريق الخير وهو مع ذلك استعارة لأن تزاحم الناس إنما يكون في طلب المنافع كما قال : .
" والمورد العذب كثير الزحام وأفاد نفي الاقتحام أنه عدل على الاهتداء إيثارا للعاجل على الآجل ولو عزم وصبر لاقتحم العقبة . وقد تتابعت الاستعارات الثلاث : النجدين والعقبة والاقتحام وبني بعضها على بعض وذلك من احسن الاستعارة وهي مبنية على تشبيه المعقول بالمحسوس .
والكلام مسوق مساق التوبيخ على عدم اهتداء هؤلاء للأعمال الصالحة مع قيام أسباب الاهتداء من الإدراك والنطق .
A E وقوله ( وما أدراك ما العقبة ) حال من العقبة في قوله ( فلا اقتحم العقبة ) للتنويه بها وأنها لأهميتها يسأل عنها المخاطب هل اعلمه معلم ما هي أي لم يقحم العقبة في حال جدارتها بأن تقتحم . وهذا التنويه يفيد التسويق إلى معرفة المراد من العقبة .
و ( ما ) الأولى استفهام . و ( ما ) الثانية مثلها . والتقدير : أي شيء أعلمك ما هي العقبة أي أعلمك جواب هذا الاستفهام كناية عن كونه أمرا عزيزا يحتاج إلى من يعلمك به .
والخطاب في ( ما أدراك ) لغير معين لأن هذا بمنزلة المثل .
وفعل ( أدراك ) معلق عن العمل في المفعولين لوقوع الاستفهام بعده وقد تقدم نظيره في سورة الحاقة .
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر ويعقوب وخلف ( فك رقبة ) برفع ( فك ) وإضافته إلى ( رقبة ) ورفع ( إطعام ) عطفا على ( فك )