وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والقول المحذوف يقدر فعلا في موضع الحال من ضمير الغائب قس ( سقاهم ) نحو : يقال لهم أو يقول لهم ربهم أو يقدر اسما هو حال من ذلك الضمير نحو : مقولا لهم هذا اللفظ أو قائلا هذا اللفظ .
والإشارة إلى ما يكون حاضرا لديهم من ألوان النعيم الموصوف فيما مضى من الآيات .
والمقصود من ذلك الثناء عليهم بما أسلفوا من تقوى الله وتكرمتهم بذلك وتنشيط أنفسكم بأن ما أنعم به عليهم هو حق لهم جزاء على عملهم .
وإقحام فعل ( كان ) للدلالة على تحقيق كونه جزاء لا منا عليهم بما لم يستحقوا فإن من تمام الإكرام عند الكرام أن يتبعوا كرامتهم بقول ينشط له المكرم ويزيل عنه ما يعرض من خجل ونحوه أي هو جزاء حقا لا مبالغة في ذلك .
وعطف على ذلك قوله ( وكأن سعيكم مشكورا ) علاوة على إيناسهم بأن ما أغدق عليهم كان جزاء لهم على ما فعلوا بأن سعيهم الذي كان النعيم جزاء عليه هو سعي مشكور أي مشكور ساعيه فأسند المشكور إلى السعي على طريقة المجاز العقلي مثل قولهم : سيل مفعم .
ولك أن تجعل ( مشكورا ) مفعولا حقيقة عقلية لكن على طريقة الحذف والإيصال أي مشكورا عليه .
وإقحام فعل ( كان ) كإقحام نظيره آنفا .
( إنا نحن نزلنا عليك تنزيلا [ 23 ] فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم أثما أو كفورا [ 24 ] ) من هنا يبتدئ ما لا خلاف في أنه مكي من هذه السورة .
وعلى كلا القولين فهذا استئناف ابتدائي ويجيء على قول الجمهور أن السورة كلها مكية وهو الأرجح أنه استئناف للانتقال من الاستدلال على ثبوت البعث بالحجة والترهيب والوعيد للكافرين به والترغيب والوعد للمؤمنين به بمرهبات ومرغبات هي من الأحوال التي تكون بعد البعث فلما استوفى ذلك ثني عنان الكلام إلى تثبيت الرسول A والربط على قلبه لدفاع أن تلحقه آثار الغم على تصلب قومه في كفرهم وتكذيبهم بما أنزل عليه مما شأنه أن يوهن العزيمة البشرية فذكره الله بأنه نزل عليه الكتاب لئلا يعبأ بتكذيبهم .
وفي إيراد هذا بعد طول الكلام في أحوال الآخرة قضاء لحق الاعتناء بأحوال الناس في الدنيا فابتدئ بحال أشرف الناس وهو الرسول A ثم بحال الذين دعاهم الرسول A بين من ( يحبون العاجلة ) و ( من اتخذ إلى ربه سبيلا ) فأدخلهم في رحمته .
وتأكيد الخبر ب ( أن ) للاهتمام به .
وتأكيد الضمير المتصل بضمير منفصل في قوله ( إنا نحن ) لتقرير مدلول الضمير تأكيدا لفظيا للتنبيه على عظمة ذلك الضمير ليفضي بع إلى زيادة الاهتمام بالخبر إذ يتقرر أنه فعل من ذلك الضميران له لأنه لا يفعل إلا فعلا منوطا بحكمة وأقصى الصواب .
وهذا من الكناية الرمزية . وبعد فالخبر بمجموعه مستعمل في لازم معناه وهو التثبيت والتأييد فمجموعه كناية رمزية .
وإيثار فعل ( نزلنا ) الدال على تنزيله منجما آيات وسورا تنزيلا مفرقا إدماج للإيمان إلى أن ذلك كان من حكمة الله تعالى التي أومأ إليها تأكيد الخبر ب ( أن ) وتأكيد الضمير المتصل بالضمير المنفصل فأجمع فيه تأكيد على تأكيد وذلك يفيد مفاد القصر إذ ليس الحصر والتخصيص إلا تأكيدا على تأكيد كما قال السكاكي فالمعنى : ما نزل عليك القرآن إلا أنا .
وفيه تعريض بالمشركين الذين قالوا ( لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) فجعلوا تنزيله مفرقا شبهة في أنه ليس من عند الله .
والمعنى : ما أنزله منجما إلا أنا واقتضت حكمتي أن أنزله عليك منجما .
وفرع على هذا التمهيد أمره بالصبر على أعباء الرسالة وما يلقاه فيها من أذى المشركين وشد عزيمته أن لا تخور .
A E وسمى ذلك حكما لأن الرسالة عند الله لا خيرة للمرسل في قبولها والاضطلاع بأمورها ولأن ما يحف بها من مصاعب إصلاح الأمة وحملها على ما فيه خيرها في العاجل والآجل وتلقي أصناف الأذى في خلال ذلك حتى يتم ما أمر الله به كالحكم على الرسول بقبول ما يبلغ منتهى الطاقة إلى أجل معين عند الله .
وعدي فعل ( اصبر ) باللام لتضمين الصبر معنى الخضوع والطاعة للأمر الشاق وقد يعدى بحرف ( على ) كما قال تعالى ( واصبر على ما يقولون ) . ومناسبة مقام الكلام ترجح إحدى التعديتين كما تقدم بيان ذلك عند قوله تعالى ( ولربك فاصبر ) في سورة المدثر