وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والظاهر : أن هذه الآية أول ما نزل في الأمر بالدعوة لأن سورة العلق لم تتضمن أمرا بالدعوة . وصدر سورة المزمل تضمن أنه مسبوق بالدعوة لقوله فيه ( إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم ) وقوله ( وذرني والمكذبين ) . وإنما كان تكذيبهم بعد أن أبلغهم أنه رسول من الله إليهم وابتدئ بالأمر بالإنذار لأن الإنذار يجمع معاني التحذير من فعل شيء لا يليق وعواقبه فالإنذار حقيق بالتقديم قبل الأمر بمحامد الفعال لأن التخلية مقدمة على التحلية ودرء المفاسد مقدم جلب المصالح ولأن غالب أحوال الناس يومئذ محتاجة إلى الإنذار والتحذير .
ومفعول ( أنذر ) محذوف لإفادة العموم أي أنذر الناس كلهم وهم يومئذ جميع الناس ما عدا خديجة Bها فإنها آمنت فهي جديرة بالبشارة .
( وربك فكبر [ 3 ] ) انتصب ( ربك ) على المفعولية لفعل ( كبر ) قدم على عامله إفادة الاختصاص أي لا تكبر غيره وهو قصر إفراد أي دون الأصنام .
والواو عطفت جملة ( ربك فكبر ) على جملة ( قم فأنذر ) .
ودخلت الفاء على ( كبر ) إيذانا بشرط محذوف يكون ( كبر ) جوابه وهو شرط عام إذ لا دليل على شرط مخصوص وهيئ لتقدير الشرط بتقدم المفعول . لأن تقديم المعمول قد ينزل منزلة الشرط كقول النبي A " ففيهما فجاهد " " يعني الأبوين " .
فالتقدير : مهما يكن شيء فكبر ربك .
والمعنى : أن لا يفتر عن الإعلان بتعظيم الله وتوحيده في كل زمان وكل حال وهذا من الإيجاز . وجوز ابن جني أن تكون الفاء زائدة قال : هو كقولك زيدا فاضرب تريد : زيدا اضرب .
وتكبير الرب تعظيمه ففعل ( كبر ) يفيد معنى نسبة مفعوله إلى أصل مادة اشتقاقه وذلك من معاني صيغة فعل أي أخبر عنه بخبر التعظيم وهو تكبير مجازي بتشبيه الشيء المعظم بشيء كبير في نوعه بجامع الفضل على غيره في صفات مثله .
فمعنى ( وربك فكبر ) : صف ربك بصفات التعظيم وهذا يشمل تنزيهه عن النقائص فيشمل توحيده بالإلهية وتنزيهه عن الولد ويشمل وصفه بصفات الكمال كلها .
ومعنى ( كبر ) : كبره في اعتقادك : وكبره بقولك تسبيحا وتعليما . ويشمل هذا المعنى أن يقول " الله أكبر " لأنه إذا قال هذه الكلمة أفاد وصف الله بأنه أكبر من كل كبير أي أجل وأنزه من كل جليل ولذلك جعلت هذه الكلمة افتتاحا للصلاة .
وأحسب أن في ذكر التكبير إيماء إلى شرع الصلاة التي أولها التكبير وخاصة اقترانه بقوله ( وثيابك فطهر ) فإنه إيماء إلى شرع الطهارة فلعل ذلك إعداد لشرع الصلاة ووقع في رواية معمر عن الزهري عند مسلم أن قال : وذلك قبل أن تفرض الصلاة . فالظاهر أن الله فرض عليه الصلاة عقب هذه السورة وهي غير الصلوات الخمس فقد ثبت أنه صلى في المسجد الحرام .
( وثيابك فطهر [ 4 ] ) هو في النظم مثل نظم ( وربك فكبر ) أي لا تترك تطهير ثيابك .
وللثياب إطلاق صريح وهو ما يلبسه اللابس وإطلاق كنائي فيكنى بالثياب عن ذات صاحبها كقول عنترة : .
" فشككت بالرمح الأصم ثيابه كناية عن طعنه بالرمح .
وللتطهير إطلاق حقيقي وهو التنظيف وإزالة النجاسات وإطلاق مجازي وهو التزكية قال تعالى ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) .
والمعنيان صالحان في الآية فتحمل عليهما معا فتحصل أربعة معان لأنه مأمور بالطهارة الحقيقية لثيابه إبطالا لما كان عليه أهل الجاهلية من عدم الاكتراث بذلك . وقد وردت أحاديث في ذلك يقوي بعضها بعضا وأقواها ما رواه الترمذي " إن الله نظيف يحب النظافة " . وقال : هو غريب .
والطهارة لجسده بالأولى .
ومناسبة التطهير بهذا المعنى لأنه يعطف على ( وربك فكبر ) لأنه لما أمر بالصلاة أمر بالتطهر لها لأن الطهارة مشروعة للصلاة .
وليس في القرآن ذكر طهارة الثوب إلا في هذه الآية في أحد محاملها وهو مأمور بتزكية نفسه .
والمعنى المركب من الكنائي والمجازي هو الأعلق بإضافة النبوة عليه . وفي كلام العرب : فلان نقي الثياب . وقال غيلان بن سلمة الثقفي : .
وإني بحمد الله لا ثوب فاجر ... لبست ولا من غدرة أتقنع وأنشدوا قول أبي كبشة وينسب إلى امرئ القيس : ثياب عوف طهارى نقية وأوجههم بيض المسافر غران ودخول الفاء على فعل ( فطهر ) كما تقدم عند قوله ( وربك فكبر )