وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا التركيب في قوله تعالى ( فما للذين كفروا قبلك مهطعين ) إلى قوله ( جنة نعيم ) يجوز أن يكون استعارة تمثيلية شبه حالهم في إسراعهم إلى النبي A بحال من يضن بهم الاجتماع لطلب الهدى والتحصيل على المغفرة ليدخلوا الجنة لأن الشأن أن لا يلتف حول النبي A إلا طالبوا الاهتداء بهديه .
والاستفهام على هذا مستعمل في أصل معناه لأن التمثيلية تجري في مجموع الكلام مع بقاء كلماته على حقائقها .
ويجوز أن يكون الكلام استفهاما مستعملا في التعجيب من حال إسراعهم ثم تكذيبهم واستهزائهم .
A E وجملة ( أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم ) بدل اشتمال عن جملة ( فمال الذين كفروا قبلك مهعطعين ) الآية لأن التفافهم حول النبي A شأنه أن يمون لطلب الهدى والنجاة فشبه حالهم بحال طالبي النجاة والهدى فأورد استفهام عليه .
وحكى المفسرون أن المشركين قالوا مستهزئين : نحن ندخل الجنة قبل المسلمين فجاز أن يكون الاستفهام إنكارا لتظاهرهم بالطمع في الجنة بحمل استهزائهم على خلاف مرادهم على طريقة الأسلوب الحكيم أو بالتعبير بفعل ( يطمع ) عن التظاهر بالطمع كما في قوله تعالى ( يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم ) أي يتظاهرون بأنهم يحذرون .
وأسند الطمع إلى كل امرئ منهم دون أن يقال : أيطمعون أن يدخلوا الجنة تصويرا لحالهم بأنها حال جماعة يريد كل واحد منهم أن يدخل الجنة لتساويهم يرون أنفسهم سواء في ذلك ففي قوله ( كل امرئ منهم ) تقوية التهكم بهم .
ثم بني على التهكم ما يبطل ما فرض لحالهم بما نبي عليه التمثيل التهكمي بكلمة الردع وهي ( كلا ) أي لا يكون ذلك . وذلك انتقال من المجاز إلى الحقيقة ومن التهكم بهم إلى توبيخهم دفعا لتوهم من يتوهم أن الكلام السابق لم يكن تهكما .
وهنا تم الكلام على إثبات الجزاء .
( إنا خلقناكم مما يعلمون [ 39 ] فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون [ 40 ] على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين [ 41 ] ) كلام مستأنف استئنافا ابتدائيا للانتقال من إثبات الجزاء إلى الاحتجاج على إمكان البعث لشبهتهم الباعثة على إنكاره وهو الإنكار الذي ذكر إجمالا بقوله المتقدم آنفا ( إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ) فالخبر بقوله ( إنا خلقناكم مما لا يعلمون ) مستعمل في لازم معناه وهو إثبات إعادة خلقهم بعد فنائهم .
فهذا من تمام الخطاب الموجه إلى النبي A . والمقصود منه أن يبلغ إلى أسماع المشركين كما تقدم آنفا .
والمعنى : أنا خلقنا الإنسان من نطفة حتى صارت إنسانا عاقلا مناظرا فكذلك نعيد خلقه بكيفية لا يعلمونها .
فما صدق ( ما يعلمون ) هو ما يعلمه كل أحد من أنه كون في بطن أمه من نطفة وعلقة ولكنهم علموا هذه النشأة الأولى فألهاهم التعود بها عن التدبر في دلالتها على إمكان إعادة المكون منها بتكوين آخر .
وعدل عن أن يقال : إنا خلقناهم من نطفة كما قال في آيات أخرى ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج ) وقال ( أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هم خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ) وغيرها من آيات كثيرة عدل عن ذلك إلى الموصول في قوله ( مما يعلمون ) توجيها للتهكم بهم إذ جادلوا وعاندوا وعلم ما جادلوا فيه قائم بأنفسهم وهم لا يشعرون ومنه قوله تعالى ( ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ) . وكان في قوله تعالى ( مما يعلمون ) إيماء إلى أنهم يخلقون الخلق الثاني ( مما لا يعلمون ) كما قال في الآية الأخرى ( سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ) وقال ( وننشئكم فيما لا تعلمون ) فكان في الخلق الأول سر لا يعلمونه .
ومجيء ( إنا خلقناهم ) موكدا بحرف التأكيد لتنزيلهم فيما صدر منهم من الشبهة الباطلة منزلة من لا يعلمون أنهم خلقوا من نطفة وكانوا معدومين فكيف أحالوا إعادة خلقهم بعد أن عدم بعض أجزائهم وبقي بعضها ثم أتبع هذه الكناية عن إمكان إعادة الخلق بالتصريح بذلك بقوله ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم ) مفرعا على قوله ( إنا خلقناهم مما يعلمون ) والتقدير : فإنا لقادرون الآية