وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

A E اعتراض قابل به حال المؤمنين في يوم الدين جرى على عادة القرآن في اتباع النذارة بالبشارة والترهيب بالترغيب .
وقوله ( إن المتقين في جنات وعيون ) نظير قوله في سورة الدخان ( إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون ) .
وجمع ( جنات ) باعتبار جمع المتقين وهي جنات كثيرة مختلفة وفي الحديث " إنها لجنان كثيرة وإنه لفي الفردوس " وتنكير ( جنات ) للتعظيم .
ومعنى ( آخذين ما آتاهم ربهم ) : أنهم قابلون ما أعطاهم أي راضون به فالأخذ مستعمل في صريحه وكنايته كناية رمزية عن كون ما يؤتونه أكمل في جنسه لأن مدارك الجماعات تختلف في الاستجادة حتى تبلغ نهاية الجودة فيستوي الناس في استجادته وهي كناية تلويحية .
وأيضا فالأخذ مستعمل في حقيقته ومجازه لأن ما يؤتيهم الله بعضهم مما يتناول باليد كالفواكه والشراب والرياحين وبعضه لا يتناول باليد كالمناظر الجميلة والأصوات الرقيقة والكرامة والرضوان وذلك أكثر من الأول .
فإطلاق الأخذ على ذلك استعارة بتشبيه المعقول بالمحسوس كقوله تعالى ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) في سورة البقرة وقوله ( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ) في سورة الأعراف .
فاجتمع في لفظ ( آخذين ) كنايتان ومجاز . روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن الله تعالى يقول : يا أهل الجنة . فيقولون : لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك . فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون : وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا . " .
وفي إيثار التعبير عن الجلالة بوصف ( رب ) مضاف إلى ضمير المتقين معنى من اختصاصهم بالكرامة والإيماء إلى أن سبب ما آتاهم هو إيمانهم بربوبيته المختصة بهم وهي المطابقة لصفات الله تعالى في نفس الأمر .
وجملة ( إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ) تعليل لجملة ( إن المتقين في جنات وعيون ) أي كان ذلك جزاء لهم عن إحسانهم كما قيل للمشركين ( ذوقوا فتنتكم ) . والمحسنون : فاعلوا الحسنات وهي الطاعات .
وفائدة الظرف في قوله ( قبل ذلك ) أن يؤتى بالإشارة إلى ما ذكر من الجنات والعيون وما آتاهم ربهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيحصل بسبب تلك الإشارة تعظيم شأن المشار إليه ثم يفاد بقوله ( قبل ذلك ) أي قبل التنعم به أنهم كانوا محسنين أي عاملين الحسنات كما فسره قوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) الآية . فالمعنى : أنهم كانوا في الدنيا مطيعين لله تعالى واثقين بوعده ولم يروه .
وجملة ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ) بدل من جملة ( كانوا قبل ذلك محسنين ) بدل بعض من كل لأن هذه الخصال الثلاث هي بعض من الإحسان في العمل . وهذا كالمثال لأعظم إحسانهم فإن ما ذكر من أعمالهم دال على شدة طاعتهم لله ابتغاء مرضاته ببذل أشد ما يبذل على النفس وهو شيئان .
أولهما : راحة النفس في وقت اشتداد حاجتهما إلى الراحة وهو الليل كله وخاصة آخره إذ يكون فيه قائم الليل قد تعب واشتد طلبه للراحة .
وثانيهما : المال الذي تشح به النفوس غالبا وقد تضمنت هذه الأعمال الأربعة أصلي إصلاح النفس وإصلاح الناس . وذلك جماع ما يرمي إليه التكليف من الأعمال فإن صلاح النفس تزكية الباطن والظاهر ففي قيام الليل إشارة إلى تزكية النفس باستجلاب رضى الله تعالى . وفي الاستغفار تزكية الظاهر بالأقوال الطيبة الجالبة لمرضاة الله D .
وفي جعلهم الحق في أموالهم للسائلين نفع ظاهر للمحتاج المظهر لحاجته . وفي جعلهم الحق للمحروم نفع المحتاج المتعفف عن إظهار حاجته الصابر على شدة الاحتياج .
وحرف ( ما ) في قوله ( قليلا من الليل ما يهجعون ) مزيد للتأكيد . وشاعت زيادة ( ما ) بعد اسم ( قليل ) و ( كثير ) وبعد فعل ( قل ) و ( كثر ) ( طال ) .
والمعنى : كانوا يهجعون قليلا من الليل . وليست ( ما ) نافية .
والهجوع : النوم الخفيف وهو الغرار .
A E