وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( يؤفك عنه من أفك ) يجوز أن تكون في محل صفة ثانية ل ( قول مختلف ) ويجوز أن تكون مستأنفة استئنافا بيانيا ناشئا عن قوله ( وإن الدين لواقع ) فتكون جملة ( والسماء ذات الحبك إنكم لفي قول مختلف ) معترضة بين الجملة البيانية والجملة المبين عنها .
ثم إن لفظ ( قول ) يقتضي شيئا مقولا في شأنه فإذ لم يذكر بعد ( قول ) ما يدل على مقول صلح لجميع أقوالهم التي اختلقوها في شأنه للقرآن ودعوة الإسلام كما تقدم .
فلما جاء ضمير غيبة بعد لفظ ( قول ) احتمل أن يعود الضمير إلى ( قول ) لأنه مذكور وأن يعود إلى أحوال المقول في شأنه فقيل ضمير ( عنه ) عائد إلى ( قول مختلف ) وأن معنى ( يؤفك عنه ) يصرف بسببه أي يصرف المصروفون عن الإيمان فتكون ( عن ) للتعليل كقوله تعالى ( وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك ) وقوله تعالى ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه ) وقيل ضمير ( عنه ) عائد إلى ( ما توعدون ) أو عائد إلى ( الدين ) أي الجزاء أن يؤفك عن الإيمان بالبعث والجزاء من أفك . وعن الحسن وقتادة : أنه عائد إلى القرآن أو إلى الدين أي لأنهما مما جرى القول في شأنهما وحرف ( عن ) للمجاوزة .
وعلى كل فالمراد بقوله من ( أفك ) المشركون المصروفون عن التصديق . والمراد بالذي فعل الإفك المجهول المشركون الصارفون لقومهم عن الإيمان وهما الفريقان اللذان تضمنهما قوله تعالى ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) .
وإنما حذف فاعل ( يؤفك ) وأبهم مفعوله بالموصولية للاستيعاب مع الإيجاز .
وقد حملهم الله بهاتين الجملتين تبعة أنفسهم وتبعة المغرورين بأقوالهم كما قال تعالى ( وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ) .
( قتل الخراصون [ 10 ] الذين هم في غمرة ساهون [ 11 ] ) دعاء بالهلاك على أصحاب ذلك القول المختلف لأن المقصود بقتلهم أن الله يهلكهم ولذلك يكثر أن يقال : قاتله الله ثم أجري مجرى اللعن والتحقير والتعجيب من سوء أحوال المدعو عليه بمثل هذا .
وجملة الدعاء لا تعطف لأنها شديدة الاتصال بما قبلها ما أوجب ذلك الوصف لدخولهم في هذا الدعاء كما كان تعقيب الجمل التي قبلها بها إيماء إلى أن ما قبلها سبب للدعاء عليهم وهذا من بديع الإيجاز .
والخرص : الظن الذي لا حجة لصاحبه على ظنه فهو معرض للخطأ في ظنه وذلك كناية عن الضلال عمدا أو تساهلا فالخراصون هم أصحاب القول المختلف فأفاد أن قولهم المختلف ناشئ عن خواطر لا دليل عليها . وقد تقدم في الأنعام ( إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ) فالمراد هنا الخرص بالقول في ذات الله وصفاته .
واعلم أن الخرص في أصول الاعتقاد مذموم لأنها لا تبنى إلا على اليقين الخطر أمرها وهو أصل محل الذم في هذه الآية .
وأما الخرص في المعاملات بين الناس فلا يذم هذا الذم وبعضه مذموم إذا أدى إلى المخاطرة والمقامرة . وقد أذن في بعض الخرص للحاجة . ففي الموطأ عن زيد بن ثابت وأبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا بخرصها " " يعني في بيع ثمرة النخلات المعطاة على وجهة العرية وهي هبة مالك النخل ثمر بعض نخله لشخص لسنة معينة فإن الأصل أن يقبض ثمرتها عند جذاذ النخل فإذا بدا لصاحب الحائط شراء تلك الثمرة قبل طيبها رخص أن يبيعها المعري " بالفتح " للمعري " بالكسر " إذا أراد المعري ذلك فيخرص ما تحمله النخلات من الثمر على أن يعطيه عند الجذاذ ما يساوي ذلك المخروص إذا لم يكن كثيرا وحدد بخمسة أوسق فأقل ليدفع صاحب النخل عن نفسه تطرق غيره لحائطه وذلك لأن أصلها عطية فلم يدخل إضرار على المعري من ذلك .
والغمرة : المرة من الغمر وهو الإحاة ويفسرها ما تضاف إليه كقوله تعالى : " ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت " فإذا لم تقيد بإضافة فإن تعيينها بحسب المقام كقوله تعالى ( فذرهم في غمرتهم حتى حين ) في سورة المؤمنين . والمراد : في شغل أي ما يشغلهم من معاداة الإسلام شغلا لا يستطيعون معه أن يتدبروا في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم .
والسهو : الغفلة . والمراد أنهم معرضون إعراضا كإعراض الغافل وما هم بغافلين فإن دعوة القرآن تقرع أسماعهم كل حين واستعمال مادة السهو في هذا المعنى نظير استعمالها في قوله تعالى ( الذين هم عن صلاتهم ساهون ) .
A E