وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولم يتخلف أحد ممن خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية عن البيعة إلا عثمان إذ كان غائبا بمكة للتفاوض في شأن العمرة ووضع النبي صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على يده اليسرى وقال : " هذه يد عثمان " ثم جاء عثمان وإلا الجد بن قيس السلمى اختفى وراء جملة حتى بايع الناس " ولم يكن منافقا ولكنه كان ضعيف العزم " . وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ( أنتم خير أهل الأرض ) .
وفرع قوله ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) على جملة ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ) فإنه لما كشف كنه هذه البيعة بأنها مبايعة لله ضرورة أنها مبايعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم باعتبار رسالته عن الله صار أمر هذه البيعة عظيما خطيرا في الوفاء بما وقع عليه التبايع وفي نكث ذلك .
والنكث : كالنقض للحبل . قال تعالى ( ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ) . وغلب النكث في معنى النقض المعنوي كإبطال العهد .
والكلام تحذير من نكث هذه البيعة وتفظيع له لأن الشرط يتعلق بالمستقبل . ومضارع ( ينكث ) بضم الكاف في المشهور واتفق عليه القراء . ومعنى ( فإنما ينكث على نفسه ) . أن نكثه عائد عليه بالضر كما دل عليه حرف ( على ) .
و ( إنما ) للقصر وهو لقصر النكث على مدلول ( على نفسه ) ليراد لا يضر بنكثه إلا نفسه ولا يضر الله شيئا فإن نكث العهد لا يخلو من قصد إضرار بالمنكوث فجيء بقصر القلب لقلب قصد الناكث على نفسه دون على النبي صلى الله عليه وسلم .
ويقال : أوفى بالعهد وهي لغة تهامة ويقال : وفي بدون همز وهي لغة عامة العرب ولم تجيء في القرآن إلا الأولى .
قالوا : ولم ينكث أحد ممن بايع .
والظاهر عندي : أن سبب المبايعة قد انعدم بالصلح الواقع بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة وأن هذه الآية نزلت فيما بين ساعة البيعة وبين انعقاد الهدنة وحصل أجر الإيفاء بالنية عدمه لو نزل ما عاهدوا الله عليه .
وقرأ نافع وابن كثير وأن عامر ورويس عن يعقوب ( فسنؤتيه ) بنون العظمة على الالتفات من الغيبة إلى المتكلم . وقرأه الباقون بياء الغيبة عائدا ضميره على اسم الجلالة .
( سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ) لما حذر من النكث ورغب في الوفاء أتبع ذلك بذكر التخلف عن الانضمام إلى جيش النبي صلى الله عليه وسلم حين الخروج إلى عمرة الحديبية وهو ما فعله الأعراب الذين كانوا نازلين حول المدينة وهم ست قبائل : غفار ومزينة وجهينة وأشجع وأسلم والديل بعد أن بايعوه على الخروج معه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد المسير إلى العمرة استنفر من حول المدينة منهم ليخرجوا معه فيرهبه أهل مكة فلا يصدوه عن عمرته فتثاقل أكثرهم عن الخروج معه . وكان من أهل البيعة زيد بن خالد الجهني من جهينة وخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم من أسلم مائة رجل منهم مرداس بن مالك الأسلمي والد عباس الشاعر وعبد الله بن أبي أوفى وزاهر ابن الأسود وأهبان " بضم الهمزة " بن أوس وسلمة بن الأكوع الأسلمي ومن غفار خفاف " بضم الخاء المعجمة " بن أيماء " بفتح الهمزة " بعدها تحتية ساكنة ومن مزينة عائذ بن عمرو .
وتخلف عن الخروج معه معظمهم وكانوا يومئذ لم يتمكن الإيمان من قلوبهم ولكنهم لم يكونوا منافقين وأعدوا للمعذرة بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم أنهم شغلتهم أموالهم وأهلوهم فأخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بما بيتوه في قلوبهم وفضح أمرهم من قبل أن يعتذروا . وهذه من معجزات القرآن بالأخبار التي قبل وقوعه .
فالجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا لمناسبة ذكر الإيفاء والنكث فكمل بذكر من تخلفوا عن الداعي للعهد .
والمعنى : أنهم يقولون ذلك عند مرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة معتذرين كاذبين في اعتذارهم .
و ( المخلفون ) بفتح اللام هم الذين تخلفوا .
وأطلق عليهم المخلفون أي غيرهم خلفهم وراءه أي تركهم خلفه وليس ذلك بمقتض أنهم مأذون لهم بل المخلف هو المتروك مطلقا . يقال : خلفنا فلانا إذا مروا به وتركوه لأنهم اعتذروا من قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم فعذرهم بخلاف الأعراب فإنهم تخلف أكثرهم بعد أن استنفروا ولم يعتذروا حينئذ