وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

افتتاح الكلام بحرف ( إن ) ناشئ على ما أحل للمسلمين من الكآبة على أن أجيب المشركون إلى سؤالهم الهدنة كما سيأتي من حديث عمر بن الخطاب وما تقدم من حديث عبد الله بن مغفل فالتأكيد مصروف للسامعين على طريقة التعريض وأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان واثقا بذلك وسيأتي تبيين هذا التأكيد قريبا .
والفتح : إزالة غلق الباب أو الخزانة قال تعالى ( لا تفتح لهم أبواب السماء ) ويطلق على النصر وعلى دخول الغازي بلاد عدوه لأن أرض كل قوم وبلادهم مواقع عنها فاقتحام الغازي إياها بعد الحرب يشبه إزالة الغلق عن البيت أو الخزانة ولذلك كثر إطلاق الفتح على النصر المقترن بدخول أرض المغلوب أو بلده ولم يطلق على انتصار كانت نهايته غنيمة وأسر دون اقتحام أرض فيقال : فتح خيبر وفتح مكة ولا يقال : فتح بدر . وفتح أحد . فمن أطلق الفتح على مطلق النصر فقد تسامح وكيف وقد عطف النصر على الفتح في قوله ( نصر من الله وفتح قريب ) في سورة الصف .
ولعل الذي حداهم على عد النصر من معاني مادة الفتح أن فتح البلاد هو أعظم النصر لأن النصر يتحقق بالغلبة وبالغنيمة فإذا كان مع اقتحام أرض العدو فذلك نصر عظيم لأنه لا يتم إلا مع انهزام العدو أشنع هزيمة وعجزه عن الدفاع عن أرضه . وأطلق الفتح على الحكم قال تعالى ( ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين ) الآية سورة ألم السجدة .
ولمراعاة هذا المعنى قال جمع من المفسرين : المراد بالفتح هنا فتح مكة وأن محمله على الوعد بالفتح . والمعنى : سنفتح . وإنما جيء في الأخبار بلفظ الماضي لتحققه وتيقنه شبه الزمن المستقبل بالزمن الماضي فاستعملت له الصيغة الموضوعة للمضي .
أو نقول استعمل ( فتحنا ) بمعنى : قدرنا لك الفتح ويكون هذا الاستعمال من مصطلحات القرآن لأنه كلام من له التصرف في الأشياء لا يحجزه عن التصرف فيها مانع . وقد جرى على عادة إخبار الله تعالى لأنه لا خلاف في إخباره وذلك أيضا كناية عن علو شأن المخبر مثل " أتى أمر الله فلا تستعجلوه " .
وما يندرج في هذا التفسير أن يكون المراد بالفتح صلح الحديبية تشبيها له بفتح مكة لأنه توطئة له فعن جابر بن عبدالله " ما كنا نعد فتح مكة إلا يوم الحديبية " يريد أنهم أيقنوا بوقوع فتح مكة بهذا الوعد وعن البراء بن عازب " تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية " يريد أنكم تحملون الفتح في قوله ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) على فتح بيعة الرضوان وإن كان فتح مكة هو الغالب عليه اسم الفتح .
ويؤيد هذا المحمل حديث عبد الله بن مغفل " قرأ رسول الله يوم فتح مكة سورة الفتح " وفي رواية " دخل مكة وهو يقرأ سورة الفتح على راحلته " .
على أن قرائن كثيرة ترجح أن يكون المراد بالفتح المذكور في سورة الفتح : أولاها أنه جعله مبينا .
الثانية : أنه جعل علته النصر العزيز " الثانية " ولا يكون الشيء علة لنفسه .
الثالثة : قوله ( وأثابهم فتحا مبينا ) .
الرابعة : قوله ( ومغانم كثيرة تأخذونها ) .
الخامسة : قوله ( فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ) .
A E والجمهور على أن المراد في سورة الفتح هو صلح الحديبية وجعلوا إطلاق اسم الفتح عليه مجازا مرسلا باعتبار أنه آل إلى فتح خيبر وفتح مكة أو كان سببا فيهما فعن الزهري " لقد كان يوم الحديبية أعظم الفتوح ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليها في ألف وأربعمائة فلما وقع صلح مشي الناس بعضهم في بعض أي تفرقوا في البلاد فدخل بعضهم أرض بعض من أجل الأمن بينهم وعلموا وسمعوا عن الله فما أراد أحد الإسلام إلا تمكن منه فما مضت تلك السنتان إلا والمسلمون قد جاؤوا إلى مكة في عشرة آلاف " اه وفي رواية " فلما كانت الهدنة أمن الناس بعضهم بعضا فالتقوا وتفاوضوا الحديث والمناظرة فلم يكلم أحد يعقل بالإسلام إلا دخل فيه " . وعلى هذا فالمجاز في إطلاق مادة الفتح على سببه ومآله لا في صورة الفعل أي التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي لأنه بهذا الاعتبار المجازي قد وقع فيما مضي فيكون اسم الفتح استعمل استعمال المشترك في معنييه وصيغة الماضي استعملت في معنييها فيظهر وجه الإعجاز في إيثار هذا التركيب .
وقيل : هو فتح خيبر الواقع عند الرجوع من الحديبية كما يجيء في قوله ( إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها )