وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بعد أن أمعن في إبطال أن يكون إله غير الله بما سيق من التفصيلات جاء هنا بكلمة جامعة لإبطال زعمهم إلهية غير الله بقوله ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ) أي سألتهم سؤال تقرير عمن خلقهم فإنهم يقرون بأن الله خلقهم وهذا معلوم من حال المشركين كقول ضمام بن ثعلبة للنبي صلى الله عليه وسلم " أسألك بربك ورب من قبلك الله أرسلك ) ولأجل ذلك أكد إنهم يقرون لله بأنه الخالق فقال ( ليقولن الله ) وذلك كاف في سفاهة رأيهم إذ كيف يكون إلها من لم يخلق قال تعالى ( أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون ) .
والخطاب في قوله ( سألتهم ) للنبي صلى الله عليه وسلم . ويجوز أن يكون لغير معين أي إن سألهم من يتأتى منه أن يسأل .
وفرع على هذا التقرير والإقرار الانكار والتعجيب من انصرافهم من عبادة الله إلى عبادة آلهة أخرى بقوله ( فأنى يؤفكون ) .
و ( أنى ) اسم استفهام عن المكان فمحله نصب على الظرفية أي إلى أي مكان يصرفون .
و ( يؤفكون ) يصرفون : يقال : أفكه عن كذا يأفكه من باب ضرب إذا صرفه عنه وبني للمجهول إذ لم يصرفهم صارف ولكن صرفوا أنفسهم عن عبادة خالقهم فقوله ( فأنى يؤفكون ) هو كقول العرب : أين يذهب بك أي أين تذهب بنفسك إذ لا يريدون أن ذاهبا ذهب به يسألونه عنه ولكن المراد : أنه لم يذهب به أحد وإنما ذهب بنفسه .
( وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون [ 88 ] ) القيل مصدر قال والأظهر أنه اسم مراد به المفعول أي المقول مثل الذبح وأصله : قول بكسر القاف وسكون الواو . والمعنى : ومقوله .
والضمير المضاف إليه ( قيل ) ضمير الرسول صلى الله عليه وسلم بقرينة سياق الاستدلال والحجاج من قوله ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) وبقرينة قوله ( يا رب ) وبقرينة أنه قال ( إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) وبقرينة إجابته بقوله ( فاصفح عنهم وقل سلام ) والأولى أن يكون ضمير الغائب التفاتا عن الخطاب في قوله ( ولئن سألتهم من خلقهم ) فإنه بعد ما مضى من المحاجة ومن حكاية إقرارهم بأن الله الذي خلقهم ثم إنهم لم يتزحزحوا عن الكفر قيد أنملة حصل اليأس للرسول من إيمانهم فقال ( يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) التجاء إلى الله فيهم وتفويضا إليه ليجري حكمه عليهم .
وهذا من استعمال الخبر في التحسر أو الشكاية وهو خبر بمعنى الإنشاء مثل قوله تعالى ( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) أي لم يعملوا به فلم يؤمنوا ويؤيد هذا تفريع ( فاصفح عنهم ) ففي ضمير الغيبة التفات لأن الكلام كان جاريا على أسلوب الخطاب من قوله ( ولئن سألتهم من خلقهم ) فمقتضى الظاهر : وقولك : يا رب إلخ . ويحسن هذا الالتفات أنه حكاية لشيء في نفس الرسول فجعل الرسول بمنزلة الغائب لإظهار أن الله لا يهمل نداءه وشكواه على حد قوله تعالى ( عبس وتولى ) . وإضافة القيل إلى ضمير الرسول مشعرة بأنه تكرر منه وعرف به عند ربه أي عرف بهذا وبما في معناه من نحو ( يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرءان مهجورا ) وقوله ( حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ) .
وقرأ الجمهور ( وقيله ) بنصب اللام على اعتبار أنه مصدر نصب على أنه مفعول مطلق بدل من فعله .
والتقدير : وقال : الرسول قيله والجملة معطوفة على جملة ( ولئن سألتهم من خلقهم ) أو على جملة ( فأنى يؤفكون ) أي وقال الرسول حينئذ يا رب إلخ . ونظيره قول كعب بن زهير : .
تمشي الوشاة جنابيها وقيلهم ... إنك يا بن أبي سلمى لمقتول على رواية ( قيلهم ) ونصبه أي ويقولون : قيلهم وهي رواية الأصمعي .
ويجوز أن يكون النصب على المفعول به لقوله ( لا نسمع ) والتقدير : بلى ونعلم قيله وهذا اختيار الفراء والأخفش وقال المبرد والزجاج : هو منصوب بفعل مقدر دل عليه قوله ( وعنده علم الساعة ) أي ويعلم قيله .
وقرأ عاصم وحمزة بجر لام ( قيله ) ويجوز في جره وجهان : أحدهما : أن يكون عطفا على ( الساعة ) في قوله ( وعنده علم الساعة ) أي وعلم قيل الرسول : يا رب وهو على هذا وعد للرسول بالنصر وتهديد لهم بالانتقام .
وثانيهما : أن تكون الواو للقسم ويكون جواب القسم جملة ( إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) على أن الله أقسم بقول الرسول : يا رب تعظيما للرسول ولقيله الذي هو تفويض للرب وثقة به