وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والحساب مصدر حاسب غيره إذا حسب له ما هو مطلوب بإعداده وفائدة ذلك تختلف فتارة يكون الحساب لقصد استحضار أشياء كيلا يضيع منها شيء وتارة يكون لقصد توقيف من يتعين توقيفه عليها وتارة يكون لقصد مجازاة كل شيء منها بعدله وهذا الأخير هو المراد هنا ولأجله سمي يوم الجزاء يوم الحساب وهو المراد في قوله تعالى ( إن حسابهم إلا على ربي ) . والباء في قوله ( بما كسبت ) للسببية أي تجزى بسبب ما كسبت أي جزاء مناسبا لما كسبت أي عملت .
وفي الآية إيماء إلى أن تأخير القضاء بالحق بعد تبينه للقاضي بدون عذر ضرب من مضروب الجور لأن الحق إن كان حق العباد فتأخير الحكم لصاحب الحق إبقاء لحقه بيد غيره ففيه تعطيل انتفاعه بحقه برهة من الزمان وذلك ظلم ولعل صاحب الحق في حاجة إلى التعجيل حقه لنفع معطل أو لدفع ضر جاثم ولعله أن يهلك في مدة تأخير حقه فلا ينتفع به أو لعل الشيء المحكوم به يتلف بعارض أو قصد فلا يصل إليه صاحبه بعد .
وان كان الحق حق الله كان تأخير القضاء فيه إقرار للمنكر . في صحيح البخاري " أن الرسول الله A استعمل أبا موسى على اليمن ثم أتبعه معاذ بن جبل فلما قدم معاذ على أبي موسى ألقى إليه أبو موسى وسادة وقال له : أنزل وإذا رجل موثق عند أبي موسى قال معاذ : ما هذا ؟ قال : كان يهوديا فأسلم ثم تهود . قال معاذ : لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله ثلاث مرات فأمر به أبو موسى فقتل " .
( وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع [ 18 ] ) الأظهر أن يكون قوله ( وأنذرهم ) وما بعده معترضا بين جملة ( إن الله سريع الحساب ) وجملة ( يعلم خائنة الأعين ) على الوجهين الآتيين في موقع جملة ( يعلم خائنة الأعين ) فالواو اعتراضيه والمناسبة أن ذكر الحساب به يقتضي التذكير بالاستعداد ليوم الحساب وهو يوم الآزفة .
ويوم الآزفة يوم القيامة . وأصل الآزفة اسم فاعل مؤنث مشتق من فعل أزف الأمر إذا قرب فالآزفة صفة لموصوف محذوف تقديره : الساعة الآزفة أو القيامة الآزفة مثل الصاخة فتكون إضافة ( يوم ) آلي ( الآزفة ) حقيقة . وتقدم القول في تعدية الإنذار إلى ( اليوم ) في قوله ( لينذر يوم التلاق ) .
و ( إذ ) بدل من ( يوم ) فهو اسم زمان منصوب على المفعول به مضاف إلى جملة ( القلوب لدى الحناجر ) .
و ( أل ) في ( القلوب ) و ( الحناجر ) عوض عن المضاف إليه . وأصله : إذ قلوبهم لدى حناجرهم فبواسطة ( أل ) عوض تعريف الإضافة بتعريف العهد وهو رأي نحاة الكوفة والبصريون يقدرون : إذ القلوب منهم والحناجر منهم والمعنى : إذ قلوب الذين تنذرهم يعني المشركين فأما قلوب الصالحين يومئذ فمطمئنة .
والقلوب : البضعات الصنوبرية التي تتحرك حركة مستمرة ما دام الجسم حيا فتدفع الدم إلي الشرايين التي بها حياة الجسم .
والحناجر : جمع حنجرة بفتح الحاء وفتح الجيم وهي الحلقوم . ومعنى القلوب لدى الحناجر : أن القلوب يشتد اضطراب حركتها من فرط الجزع مما يشاهد أهلها من بوارق الأهوال حتى تتجاوز القلوب موضعها صاعدة الى الحناجر كما قال تعالى في ذكر يوم الأحزاب ( وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ) .
وكاظم : اسم فاعل من كظم كظوما إذا احتبس نفسه " بفتح الفاء " . فمعنى ( كاظمين ) ساكنين لا يستطيعون كلاما . فعلى هذا التأويل لا يقدر ل ( كاظمين ) مفعول لأنه عومل معاملة الفعل اللازم . ويقال : كظم كظما إذا سد شيئا مجرى ماء أو بابا أو طريقا فهو كاظم فعلى هذا يكون المفعول مقدرا . والتقدير كاظمينها أي كاظمين حناجرهم إشفاقا من أن تخرج منها قلوبهم من شدة الاضطراب .
وانتصب ( كاظمين ) على الحال من ضمير الغائب في قوله ( أنذرهم ) على أن الحال حال مقدرة . ويجوز أن يكون حالا من القلوب على المجاز العقلي بإسناد الكاظم إلى القلوب وإنما الكاظم أصحاب القلوب كما في قوله تعالى ( فويل لهم مما كتب أيديهم ) وإنما الكاتبون هم بأيديهم .
وجملة ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) في موضع بدل اشتمال من جملة ( القلوب لدى الحناجر ) لأن تلك الحالة تقتضي أن يستشرفوا إلى شفاعة من اتخذوهم ليشفعوا لهم عند الله فلا يلفون صديقا ولا شفيعا . والحميم : المحب المشفق .
A E