وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمقت الأول قريب من قوله ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم ) والمقت الثاني قريب من قوله تعالى ( ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ) وهو مقت العذاب . هذا هو الوجه في تفسير الآية الملاقي لتناسق نظمها وللمفسرين فيها وجوه أخر تدنو وتبعد مما ذكرنا فاستعرضها واحكم فيها .
و ( أنفسكم ) يتنازعه ( مقت الله ) و ( مقتكم ) فهو مفعول المصدرين المضافين إلى فاعليهما .
وبني فعل ( تدعون ) إلى النائب للعلم بالفاعل لظهور أن الداعي هو الرسول A أو الرسل عليهم السلام .
وتفريغ ( فتكفرون ) بالفاء على ( تدعون ) يفيد أنهم أعقبوا الدعوة بالكفر أي بتجديد كفرهم السابق وبإعلانه أي دون أن يتمهلوا مهلة النظر والتدبر فيما دعوا إليه .
( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل [ 11 ] ) جواب عن النداء الذي نودوا به من قبل الله تعالى فحكى مقالهم على طريقة حكاية المحاورات بحذف حرف العطف طمعوا أن يكون اعترافهم بذنوبهم وسيلة إلى منحهم خروجا من العذاب ما ليستريحوا منه ولو بعض الزمن وذلك لأن النداء الموجه إليهم من قبل الله أو همهم أن فيه إقبالا عليهم .
والمقصود من الاعتراف هو اعترافهم بالحياة الثانية لأنهم كانوا ينكرونها وأما الموتتان والحياة الأولى فإنما ذكرن إدماجا للاستدلال في صلب الاعتراف تزلقا منهم أي أيقنا أن الحياة الثانية حق وذلك تعريض بأن إقرارهم صدق لا مواربة فيه ولا تصنع لأنه حاصل عن دليل ولذلك جعل مسببا على هذا الكلام بعطفه بفاء السببية في قوله ( فاعترفنا بذنوبنا ) .
والمراد بإحدى الموتتين : الحالة التي يكون بها الجنين لحما لا حياة فيه في أول تكوينه قبل أن ينفخ فيه الروح وإطلاق الموت على تلك الحالة مجاز وهو مختار الزمخشري والسكاكي بناء على أن حقيقة الموت انعدام الحياة من الحي بعد أن اتصف بالحياة فإطلاقه على انعدام الحياة قبل حصولها فيه استعارة إلا أنها شائعة في القرآن حتى ساوت الحقيقة فلا إشكال في استعمال ( أمتنا ) في حقيقة ومجازه ففي ذلك الفعل جمع بين الحقيقة والاستعارة التبعية تبعا لجريان الاستعارة في المصدر ولا مانع من ذلك لأنه واقع ووارد في الكلام البليغ كاستعمال المشترك في معنييه والذين لا يرون تقييد مدلول الموت بأن يكون حاصلا بعد الحياة يكون إطلاق الموت على حالة ما قبل الاتصاف بالحياة عندهم واضحا وتقدم في قوله تعالى ( وكنتم أمواتا فأحيكم ) في سورة البقرة على أن إطلاق الموت على الحالة التي قبل نفخ الروح في هذه الآية أسوغ لأن فيه تغليبا للموتة الثانية .
وأما الموتة الثانية فهي الموتة المتعارفة عند انتهاء حياة الإنسان والحيوان .
والمراد بالإحياءتين : الأحياء الأولى عند نفخ الروح في الجسد بعد مبدأ تكوينه والإحياءة الثانية التي تحصل عند البعث وهو في معنى قوله تعالى ( وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ) .
وانتصب ( اثنتين ) في الموضعين على الصفة لمفعول مطلق محذوف . والتقدير : موتتين اثنتين وإحياءتين اثنتين فيجيء في تقدير موتتين تغليب الاسم الحقيقي على الاسم المجازي عند من يقيد معنى الموت .
وقد أورد كثير من المفسرين إشكال أن هنالك حياة ثالثة لم تذكر هنا وهي الحياة في القبر التي أشار إليها حديث سؤال القبر وهو حديث اشتهر بين المسلمين من عهد السلف وفي كون سؤال القبر يقتضي حياة الجسم حياة كاملة احتمال وقد يتأول بسؤال روح الميت عند جسده أو بحصول حياة مؤقتة بمقدار السؤال ليس للمتصف بها تصرف الإحياء في هذا العالم لم يعتد بها لا سيما والكلام مراد منه التوطئة لسؤال خروجهم من جهنم وبهذا يعلم أن الآية بمعزل عن أن يستدل بها لثبوت الحياة عند السؤال في القبر .
وتفرع قولهم ( فاعترفنا بذنوبنا ) على قولهم ( وأحييتنا اثنتين ) اعتبار أن إحدى الإحياءتين كانت السبب في تحقق ذنوبهم التي من أصولها إنكارهم البعث فلما رأوا البعث رأي العين أيقنوا بأنهم مذنبون إذ أنكروه ومذنبون بما استكثروه من الذنوب لاغترارهم بالأمن من المؤاخذة عليهم بعد الحياة العاجلة .
A E