وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

جملة ( كذبت قبلهم قوم نوح ) وما بعدها بيان لجملة ( فلا يغررك تقلبهم في البلاد ) باعتبار التفريع الواقع عقب هاته الجمل من قوله ( فأخذتهم فكيف كان عقاب ) فالمعنى : سبقتهم أمم بتكذيب الرسل كما كذبوك وجادلوا بالباطل رسلهم كما جادلك هؤلاء إلى أن آخذهم .
والأحزاب : جمع حزب بكسر الحاء وسكون الزاي وهو اسم للجماعة الذين هم سواء في شأن : من اعتقاد أو عمل أو عادة . والمراد بهم هنا الأمم الذين كانت كل أمة منهم متفقة في الدين فكل أمة منهم حزب فيما اتفقت عليه .
وفي قوله ( من بعدهم ) إشارة إلى أن قوم نوح كانوا حزبا أيضا فكانوا يدينون بعبادة الأصنام : يغوث ويعوق ونسر وود وسواع وكذلك كانت كل أمة من الأمم التي كذبت الرسل حزبا متفقين في الدين فعاد حزب وثمود حزب وأصحاب الأيكة حزب وقوم نوح حزب . والمعنى : أنهم جميعا اشتركوا في تكذيب الرسل وإن تخالف بعض الأمم مع بعضها في الأديان .
وفي الجمع بين ( قبلهم ) و ( من بعدهم ) محسن الطباق في الكلام .
والهم : العزم . وحقه أن يعدى بالباء إلى المعاني لأن العزم فعل نفساني لا يتعلق إلا بالمعاني . كقوله تعالى ( وهموا بما لم ينالوا ) ولا يتعدى إلى الذوات فإذا عدي إلى اسم ذات تعين تقدير معنى من المعاني التي تلابس الذات يدل عليها المقام كما في قوله تعالى ( ولقد همت به ) أي همت بمضاجعته . وقد يذكر بعد اسم الذات ما يدل على المعنى الذي يهم به كما في قوله هنا ( ليأخذوه ) إن الهم بأخذه وارتكاب هذا الأسلوب لقصد الأجمال الذي يعقبه التفصيل ومثله تعلق أفعال القلوب بالأسماء في ظننتك جائيا أي ظننت مجيئك .
والأخذ يستعمل مجازا بمعنى التصرف في الشيء بالعقاب والتعذيب والقتل ونحو ذلك من التنكيل قال تعالى ( فأخذهم أخذة رابية ) ويقال للأسير : أخيذ وللقتيل : أخيذ .
واختير هذا الفعل هنا ليشمل مختلف ما همت به كل أمة برسولها من قتل أو غيره كما قال تعالى ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبوتك أو يقتلوك أو يخرجونك ) .
والمعنى : أن الأمم السابقة من الكفرة لم يقتصروا على تكذيب الرسول بل تجاوزوا ذلك إلى الأذى من الهم بالقتل كما حكى الله عن ثمود ( قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ) . وقد تآمر كفار قريش على رسول الله ص ليلة دار الندوة ليقتلوه أن يتجمع نفر من جميع عشائرهم فيضربوه بالسيوف ضربة رجل واحد كيلا يستطيع أولياؤه من بني هاشم الأخذ بثأره فأخذ الله الأمم عقوبة لهم على همهم برسلهم فأهلكهم واستأصلهم .
ويفهم من تفريغ قوله ( فأخذتهم ) على قوله ( وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه ) إنذار المشركين أن همهم بقتل الرسول A هو منتهى أمد الإمهال لهم فإذا صمموا العزم على ذلك أخذهم الله كما أخذ الأمم المكذبة قبلهم حين همت كل أمة برسولهم ليأخذوه فإن قريشا لما هموا بقتل الرسول ص أنجاه الله منهم بالهجرة ثم أمكنه من نواصيهم يوم بدر .
والمراد ب ( كل أمه ) كل أمة من الأحزاب المذكورين .
وضمير ( وجادلوا بالباطل ) عائد على ( كل أمة ) .
والمقصود : من تعداد جرائم الأمم السابقة من تكذيب الرسل والهم بقتلهم والجدال بالباطل تنظير حال المشركين النازل فيهم قوله ( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ) بحال الأمم السابقين سواء لينطبق الوعيد على حالهم أكمل انطباق في قوله ( فأخذتهم فكيف كان عقاب ) .
والباء في قوله ( بالباطل ) للملابسة أي جادلوا ملابسين للباطل فالمجرور في موضع الحال من الضمير أو الباء للآلة بتنزيل الباطل منزلة الآلة لجدالهم فيكون الظرف لغوا متعلقا ب ( جادلوا ) .
وتقييد ( جادلوا ) هذا بقيد كونه ( بالباطل ) يقتضي تقييد ما أطلق في قوله ( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ) .
والإدحاض : إبطال الحجة قال تعالى ( حجتهم داحضة عند ربهم ) .
والمعنى : أنهم زوروا الباطل في الصورة الحق وروجوه بالسفسطة في صورة الحجة ليبطلوا حجج الحق وكفى بذلك تشنيعا لكفرهم .
وفرع على قوله ( فأخذتهم ) قوله ( فكيف كان عقاب ) كما فرع قوله ( فلا يغررك تقلبهم في البلاد ) على جملة ( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ) فيجري توجيه الاستفهام هنا على نحو ما جرى من توجيه الخطاب هناك .
والأخذ هنا : الغلب