وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

عطف على جملة ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) فبعد أن وصف أكثرهم بانتفاء علمهم بذلك وإهمالهم النظر في الأدلة المفيدة للعلم وصمهم آذانهم عن الآيات التي تذكرهم بذلك حتى بقوا في جهالة مركبة وكان الشأن أن يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أي يعطي الخير من يشاء ويمنع من يشاء .
فالاستفهام إنكار عليهم في انتفاء علمهم بذلك لأنهم تسببوا في انتفاء العلم فالإنكار عليهم يتضمن توبيخا .
واقتصر في الإنكار على إنكار انتفاء العلم بأن بسط الرزق وقدره من فعل الله تعالى لأنه أدنى لمشاهدتهم أحوال قومهم فكم من كاد غير مرزوق وكم من آخر يجيئه الرزق من حيث لا يحتسب .
وجعل في ذلك آيات كثيرة لأن اختلاف أحوال الرزق الدالة على أن التصرف بيد الله تعالى بالتصرف في نفس الأمر .
وجعلت الآيات لقوم يؤمنون لأن المؤمنين قد علموا ذلك وتخلقوا به ولم تكن فيه آيات للمشركين الغافلين عنه .
( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم [ 53 ] ) أطنبت آيات الوعيد بأفنانها السابقة إطنابا يبلغ من نفوس سامعيها أي مبلغ من الرعب والخوف على رغم تظاهرهم بقلة الاهتمام بها . وقد يبلغ بهم وقعها مبلغ اليأس من سعي ينجيهم من وعيدها فأعقبها الله ببعث الرجاء في نفوسهم للخروج إلى ساحل النجاة إذا أرادوها على عادة هذا الكتاب المجيد من مداواة النفوس بمزيج الترغيب والترهيب .
والكلام استئناف بياني لأن الزواجر السابقة تثير في نفوس المواجهين بها خاطر التساؤل عن مسالك النجاة فتتلاحم فيها الخواطر الملكية والخواطر الشيطانية إلى أن يرسى التلاحم على انتصار إحدى الطائفتين فكان في إنارة السبيل لها ما يسهل خطو الحائرين في ظلمات الشك ويرتفق بها ويواسيها بعد أن أثخنتها جروح التوبيخ والزجر والوعيد ويضمد تلك الجراحة والحليم يزجر ويلين وتثير في نفس النبي A خشية أن يحيط غضب الله بالذين دعاهم إليه فأعرضوا أو حببهم في الحق فأبغضوا فلعله لا يفتح لهم باب التوبة ولا تقبل منهم بعد إعراضهم أوبة ولا سيما بعد أن أمره بتفويض الأمر إلى حكمه المشتم منه ترقب قطع الجدال وفصمه فكان أمره لرسوله A بأن يناديهم بهذه الدعوة تنفيسا عليه وتفتيحا لباب الأوبة إليه فهذا كلام ينحل إلى استئنافين فجملة ( قل ) استئناف لبيان ما ترقبه أفضل النبيين A أي بلغ عني هذا القول .
وجملة ( يا عبادي ) استئناف ابتدائي من خطاب الله لهم .
وابتداء الخطاب بالنداء وعنوان العباد مؤذن بأن ما بعده إعداد للقبول وإطماع في النجاة .
والخطاب بعنوان ( عبادي ) مراد به المشركون ابتداء بدليل قوله ( وسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ) وقوله ( وإن كنت لمن الساخرين ) وقوله ( بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ) . فهذا الخطاب جرى على غير الغالب في مثله في عادة القرآن عند ذكر ( عبادي ) بالإضافة إلى ضمير المتكلم تعالى .
A E وفي صحيح البخاري عن ابن عباس ( أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا وأكثروا فأتوا محمدا A فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة ( يعني وقد سمعوا آيات الوعيد لمن يعمل تلك الأعمال وإلا فمن أين علموا أن تلك الأعمال جرائم وهم في جاهلية ) فنزل ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله غلا بالحق ولا يزنون ) يعني إلى قوله ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا ) ونزل ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) .
وقد رويت أحاديث عدة في سبب نزول هذه الآية غير حديث البخاري وهي بين ضعيف ومجهول ويستخلص من مجموعها أنها جزيئات لعموم الآية وأن الآية عامة لخطاب جميع المشركين وقد أشرنا إليها في ديباجة تفسير السورة