وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( وإن نشأ نغرقهم ) عطف على جملة ( إنا حملنا ذرياتهم ) باعتبار دلالتها الكنائية على استمرار هذه الآية وهذه المنة تذكيرا بأن الله تعالى الذي امتن عليهم إذا شاء جعل فيما هو نعمة على الناس نقمة لهم لحكمة يعلمها . وهذا جرى على عادة القرآن في تعقيب الترغيب بالترهيب وعكسه لئلا يبطر الناس بالنعمة ولا ييأسوا من الرحمة .
وقرينة ذلك أنه جيء في هذه الجملة بالمضارع المتمحض في سياق الشرط لكونه مستقبلا وهذا كقوله تعالى ( أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا أم أمنتم يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغركم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا ) .
والصريخ : الصارخ وهو المستغيث المستنجد تقول العرب : جاءهم الصريخ أي المنكوب المستنجد لينقذوه وهو فعيل بمعنى فاعل . ويطلق الصريخ على المغيث فعيل بمعنى مفعول وذلك أن المنجد إذا صرخ به المستنجد صرخ هو مجيبا بما يطمئن له من النصر . وقد جمع المعنيين قول سلامة بن جندل أنشده المبرد في الكامل : .
إنا إذا أتانا صارخ فزع ... كان الصراخ له قرع الظنابيب والظنابيب : جمع ظنبوب وهو مسمار يكون في جبة السنان . وقرع الظنابيب تفقد الأسنة استعدادا للخروج .
A E والمعنى : لا يجدون من يستصرخون به وهم في لجج البحر ولا ينقذهم أحد من الغرق .
والإنقاذ : الانتشال من الماء .
وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في قوله ( ولا هم ينقذون ) لإفادة تقوي الحكم وهو نفي الحكم وهو نفي إنقاذ أحد إياهم .
والاستثناء في قوله ( إلا رحمة ) منقطع فإن الرحمة ليست من الصريخ ولا من المنقذ وإنما هي إسعاف الله تعالى إياهم بسكون البحر وتمكينهم من السبح على أعواد الفلك .
و ( متاعا ) عطف على ( رحمة ) أي إلا رحمة هي تمتيع إلى أجل معلوم فإن كل حي طائر إلى الموت فإذا نجا من موته استقبلته موتة أخرى ولكن الله أودع في فطرة الإنسان حب زيادة الحياة مع علمه بأنه لا محيد له عن الموت .
( وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون [ 45 ] وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين [ 46 ] ) تخلص الكلام من عدم انتفاعهم بالآيات الدالة على وحدانية الله إلى عدم انتفاعهم بالأقوال المبلغة إليهم في القرآن من الموعظة والتذكير بما حل بالأمم المكذبة أن يصيبهم مثل ما أصابهم وبعدم انتفاعهم بتذكير القرآن إياهم بالأدلة على وحدانية الله وعلى البعث .
وبناء فعل ( قيل ) للمجهول لظهور أن القائل هو الرسول A في تبليغه عن الله تعالى أي قيل لهم في القرآن .
وما بين الأيدي يراد منه المستقبل وما هو خلف يراد منه الماضي قال تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام ( مصدقا لما بين يدي من التوراة ) أي ما تقدمني . وذلك أن أصل هذين التركيبين تمثيلان فتارة ينظرون إلى تمثيل المضاف إليه بسائر إلى مكان فالذي بين يديه هو ما سيرد هو عليه والذي من ورائه هو ما خلفه خلفه في سيره وتارة ينظرون إلى تمثيل المضاف بسائر فهو إذا كان بين يدي المضاف إليه فقد سبقه في السير فهو سابق له وإذا كان خلف المضاف إليه فقد تأخر عنه فهو وارد بعده .
وقد فسرت هذه الآية بالوجهين فقيل : ما بين أيديكم من أمر الآخرة وما خلفكم من أحوال الأمم في الدنيا وهو عن مجاهد وابن جبير عن ابن عباس .
وقيل : ما بين أيديكم أحوال الأمم في الدنيا وما خلفكم من أحوال الآخرة وهو عن قتادة وسفيان . ومتى حمل أحد الموصولين على ما سبق من أحوال الأمم وجب تقدير مضافين قبل ( ما ) الموصولة هما المفعول أي اتقوا مثل أحوال ما بين أيديكم أو أحوال ما خلفكم ولا يقدر مضافان في مقابله لأن ما صدق ( ما ) الموصولة فيه حينئذ هو عذاب الآخرة فهو مفعول ( اتقوا ) . وتقدم قوله تعالى ( فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها ) في سورة البقرة