وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لما اقتضى القصر في قوله ( إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمان بالغيب ) نفي أن يتعلق الإنذار بالذين لم يتبعوا الذكر ولم يخشوا الرحمان وكان في ذلك كناية تعريضية بأن الذين لم ينتفعوا بالإنذار بمنزلة الأموات لعدم انتفاعهم بما ينفع كل عاقل كما قال تعالى ( لتنذر من كان حيا ) وكما قال ( إنك لا تسمع الموتى ) استطرد عقب ذلك بالتخلص إلى إثبات البعث فإن التوفيق الذي حف بمن اتبع الذكر وخشي الرحمان هو كإحياء الميت لن حالة الشرك حالة ضلال يشبه الموت والإخراج منه كإحياء الميت فهذه الآية اشتملت بصريحتها على علم بتحقيق البعث واشتملت بتعريضها على رمز واستعارتين ضمنيتين : استعارة الموتى للمشركين واستعارة الأحياء للإنقاذ من الشرك والقرينة هي الانتقال من كلام إلى كلام لما يومئ إليه الانتقال من سبق الحضور في المخيلة فيشمل المتكلم مما كان يتكلم في شأنه إلى الكلام فيما خطر له . وهذه الدلالات من مستتبعات المقام وليست من لوازم معنى التركيب . وهذا من أدق التخلص بحرف ( إن ) لأن المناسبة بين المنتقل منه والمنتقل إليه تحتاج إلى فطنة وهذا مقام خطاب الذكي المذكور في مقدمة علم المعاني .
فيكون موقع جملة ( إنا نحيي الموتى ) استئنافا ابتدائيا لقصد إنذار الذين لم يتبعوا الذكر ولم يخشوا الرحمان وهم الذين اقتضاهم جانب النفي في صيغة القصر .
A E ويجوز ان يكون الإحياء مستعارا للإنقاذ من الشرك والموتى : استعارة لأهل الشرك فإحياء الموتى توفيق من آمن من الناس إلى الإيمان كما قال تعالى ( افمن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ) الآية .
فتكون الجملة امتنانا على المؤمنين بتيسير الإيمان لهم قال تعالى ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) وموقع الجملة لقوله ( بشره بمغفرة وأجر كريم ) .
والمراد بكتابة ما قدموا الكناية عن الوعد بالثواب على أعمالهم الصالحة والثواب على آثارهم .
وهذا الاعتبار يناسب الاستئناف الابتدائي ليكون الانتقال بابتداء كلام منبها السامع إلى ما اعتبره المتكلم في مطاوي كلامه .
والتأكيد بحرف ( إن ) منظور فيه إلى المعنى الصريح كما هو الشأن و ( نحن ) ضمير فصل لا للتقوية وهو زيادة تأكيد . والمعنى : نحييهم للجزاء فلذلك عطف ( ونكتب ما قدموا ) أي نحصى لهم أعمالهم من خير وشر قدموها في الدنيا لنجازيهم .
وعطف ذلك إدماج للإنذار والتهديد بأنهم محاسبون على أعمالهم ومجازون عليها .
والكناية : كناية عن الإحصاء وعدم غفلات شيء من أعمالهم أو إغفاله . وهي ما يعبر عنه بصحائف الأعمال التي يسجلها الكرام الكاتبون .
فالمرد ب ( ما قدموا ) ما عملوا من العمال قبل الموت شبهت أعمالهم في الحياة الدنيا بأشياء يقدمونها إلى الدار الآخرة كما يقدم المسافر ثقله وأحماله .
وأما الآثار فهي آثار الأعمال وليست عين الأعمال بقرينة مقابلته ب ( ما قدموا ) مثل ما يتركون من خير أو يثير بين الناس وفي النفوس .
والمقصود بذلك ما علموه موافقا للتكاليف الشرعية أو مخالفا لها وآثارهم كذلك قال رسول الله A " من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أعمالهم شيئا ) .
فالآثار مسببات أسباب عملوا بها . وليس المراد كتابة كل ما عملوه لأن ذلك لا تحصل منه فائدة دينية يترتب عليها الجزاء . فهذا وعد ووعيد كل يأخذ بحظه منه .
وقد ورد عن جابر أن النبي A بلغه أن بني سلمة أرادوا أن يتحولوا من منازلهم في أقصى المدينة إلى قرب المسجد وقالوا : البقاع خالية فقال لهم النبي A " يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم " مرتين رواه مسلم . ويعني آثار أرجلهم في المشي إلى صلاة الجماعة .
وفي رواية الترمذي عن أبي سعيد زاد : أنه قرأ عليهم ( ونكتب ما قدموا وآثارهم ) فجعل الآثار عاما للحسية والمعنوية وهذا يلاقي الوجه الثاني في موقع جملة ( إنا نحن نحي الموتى ) . وهو جار على ما أسسناه في المقدمة التاسعة . وتوهم راوي الحديث عن الترمذي أن هذه الآية نزلت في ذلك وسياق الآية يخالفه ومكيتها تنافيه