وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وذيل بقوله ( وقليل من عبادي الشكور ) فهو من تمام المقول وفيه حث على الاهتمام بالعمل الصالح . ويجوز أن يكون هذا التذييل كلاما جديدا جاء في القرآن أي قلنا ذلك لآل داود فعمل منهم قليل ولم يعمل كثير وكان سليمان من أول الفئة القليلة .
والشكور : الكثير الشكر . وإذ كان العمل شكرا أفاد أن العاملين قليل .
( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين [ 14 ] ) A E تفريع على قوله ( ومن الجن من يعمل بين يديه ) إلى قوله ( وقدور راسيات ) أي دام عملهم له حتى مات ( فلما قضينا عليه الموت ) إلى آخره . ولا شك أن ذلك لم يطل وقته لأن مثله في عظمة ملكه لا بد أن يفتقده أتباعه فجملة ( ما دلهم على موته ) الخ جواب ( لما قضينا عليه الموت ) .
وضمير ( دلهم ) يعود إلى معلوم من المقام أي أهل بلاطة .
والدلالة : الإشعار بأمر خفي . وتقدم ذلك عند قوله تعالى ( وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ) في الآية السابقة .
و ( دابة الأرض ) هي الأرضة " بفتحات ثلاث " وهي السرفة بضم السين وسكون الراء وفتح الفاء لا محالة وهاء تأنيث : سوس ينخر الخشب . فالمراد من الأرض مصدر أرضت السرفة الخشب من باب ضرب وقد سخر الله لمنساة سليمان كثيرا من السرف فتعجل لها النخر .
وجملة ( فلما خر ) مفرعة على جملة ( ما دلهم على موته ) . وجملة ( تبينت الجن ) جواب ( لما خر ) . والمنساة بكسر الميم وفتحها وبهمزة بعد السن وتخفف الهمزة فتصير ألفا هي العصا العظيمة قيل هي كلمة من لغة الحبشة .
وقرأ نافع وأبو عمرو بألف بعد السين . وقرأه ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف وهشام عن ابن عامر . بهمزة مفتوحة بعد السين . وقرأه ابن ذكوان عن ابن عامر بهمزة ساكنة بعد السين تخفيفا وهو تخفيف نادر .
وقرأ الجمهور ( تبينت الجن ) بفتح الفوقية والموحدة والتحتية . وقرأه رويس عن يعقوب بضم الفوقية والموحدة وكسر التحتية بالبناء للمفعول أي تبين الناس الجن . و ( أن لو كانوا يعلمون ) بدل اشتمال من الجن على كلتا القراءتين .
وقوله ( تبينت الجن ) إسناد مبهم فصله قوله ( أن كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ) ف ( أن ) مصدرية والمصدر المنسبك منها بدل من ( الجن ) بدل اشتمال أي تبينت أمرهم أنهم لا يعلمون الغيب أي تبين عدم علمهم الغيب ودليل المحذوف هو جملة الشرط والجواب .
و ( العذاب المهين ) : المذل أي المؤلم المتعب فإنهم لو علموا الغيب لكان علمهم بالحاصل أزليا وهذا إبطال لاعتقاد العامة يومئذ وما يعتقده المشركون أن الجن يعلمون الغيب فلذلك كان المشركون يستعلمون المغيبات من الكهان ويزعمون أن لكل كاهن جنيا يأتيه بأخبار الغيب ويسمونه رئيا إذ لو كانوا يعلمون الغيب لكان أن يعلموا وفاة سليمان أهون عليهم .
( لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور [ 15 ] ) جر خبر سليمان عليه السلام إلى ذكر سبأ لما بين ملك سليمان وبين مملكة سبأ من الاتصال بسبب قصة " بلقيس " ولأن في حال أهل سبأ مضادة لأحوال داود وسليمان إذ كان هذان مثلا في إسباغ النعمة على الشاكرين وكان أولئك مثلا لسلب النعمة عن الكافرين وفيهم موعظة للمشركين إذ كانوا في بحبوحة من النعمة فلما جاءهم رسول من المنعم عليهم يذكرهم بربهم ويوقظهم بأنهم خاطئون إذ عبدوا غيره كذبوه وأعرضوا عن النظر في دلالة تلك النعمة على المنعم المتفرد بالإلهية