وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومعنى ( وهبت نفسها للنبي ) أنها ملكته نفسها تمليكا شبيها بملك اليمين ولهذا عطفت على ( ما ملكت يمينك ) وأردف بقوله ( خلصتا لك من دون المؤمنين ) أي خاصة لك أن تتخذها زوجه بتلك الهبة أي دون مهر وليس لبقية المؤمنين ذلك . ولهذا لما وقع في حديث سهل بن سعد المتقدم أن امرأة وهبت نفسها للنبي A وعلم الرجل الحاضر أن النبي E لا حاجة له بها سئل النبي E أن يزوجه إياها علما منه بأن تلك الهبة لا مهر معها ولم يكن للرجل ما يصدقها إياه وقد علم النبي A منه ذلك فقال له : ما عندك ؟ قال : ما عندي شيء . قال : اذهب فالتمس ولو خاتما من حديد فذهب ثم رجع فقال : لا والله ولا خاتم من حديد ولمن هذا إزاري فلها نصفه . قال سهل : ولم يكن له رداء فقال النبي : وما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء وأن لبسته لم يكن عليك منه شيء ثم قال له ماذا معك من القرآن ؟ فقال : معي سورة كذا وسورة كذا لسور يعددها . فقال النبي A : ملكناكها بما معك من القرآن .
وفي قوله ( إن وهبت نفسها للنبي ) إظهار في مقام الإضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقال : إن وهبت نفسها لك . والغرض من هذا الظهار ما في لفظ " النبي " من تزكية فعل المرأة التي تهب نفسها بأنها راغبة لكرامة النبوة .
وقوله ( إن أراد النبي أن يستنكحها ) جملة معترضة بين جملة ( إن وهبت ) وبين ( خالصة ) وليس مسوقا للتقييد إذ لا حاجة إلى ذكر إرادة نكاحها فإن هذا معلوم من معنى الإباحة وإنما جيء بهذا الشرط لدفع توهم أن يكون قبوله هبتها نفسها له واجبا " عليه كما كان عرف أهل الجاهلية . و جوابه محذوف دل عليه ما قبله والتقدير : إن أراد أن يستنكحها فهي حلال له فهذا شرط مستقل و ليس شرطا " في الشرط الذي قبله .
والعدول عن الإضمار في قوله ( إن أراد النبي ) بأن يقال : إن أراد أن يستنكحها لما في إظهار لفظ " النبي " من التفخيم و التكريم .
A E وفائدة الاحتراز بهذا الشرط الثاني إبطال عادة العرب في الجاهلية وهي أنهم كانوا إذا وهبت المرأة نفسها للرجل تعين عليه نكاحها و لم يجز له ردها فابطل الله هذا الالتزام بتخيير النبي E في قبول هبة المرأة نفسها له وعدمه وليرفع التعيير عن المرأة الواهبة بأن الرد مأذون به .
والسين والتاء في ( يستنكحها ) ليستا للطلب بل هما لتأكيد الفعل كقول النابغة : .
وهم قتلوا الطائى بالحجر عنوة ... أبا جابر فاستنكحوا أم جابر أي بنو حن قتلوا أبا جابر الطائى فصارت أم جابر المزوجة بأبي جابر زوجة بني حن أي زوجة رجل منهم . وهي مثل السين والتاء في قوله ( فاستجاب لهم ربهم ) .
فتبين من جعل جملة ( إن أراد النبي أن يستنكحها ) معترضة أن هذه الآية لا يصح التمثيل بها لمسألة اعتراض الشرط على الشرط كما وقع في رسالة الشيخ تقي الدين السبكي المجعولة لاعتراض الشرط على الشرط وتبعه السيوطي من الفن السابع من كتاب الأشباه والنظائر النحوية ويلوح من كلام صاحب الكشاف استشعار عدم صلاحية الآية لاعتبار الشرط في الشرط فأخذ يتكلف لتصوير ذلك .
وانتصب ( خالصة ) على الحال من ( امرأة ) أي خالصة لك تلك المرأة أي هذا الصنف من النساء . والخلوص معنى به عدم المشاركة أي مشاركة بقية الأمة في هذا الحكم إذ مادة الخلوص تجمع معاني التجرد من المخالطة . فقوله ( من دون المؤمنين ) لبيان حال من ضمير الخطاب في قولة ( لك ) ما في الخلوص من الأجمال في نسبته . وقد دل وصف ( امرأة ) بأنها ( مؤمنة ) أن المرأة غير المؤمنة لا تحل للنبي علية الصلاة والسلام بهبة نفسها . ودل ذلك بدلالة لحن الخطاب أنة لا يحل للنبي A تزوج الكتابيات بلة المشركات وحكى إمام الحرمين في ذلك خلافا . قال أبن العربي : والصحيح عندي تحريمها عليه . وبهذا يتميز علينا فأن ما كان من جانب الفضائل والكرامة فحضه فيه أكثر وإذا كان لا تحل له من لم تهاجر لنقصانها فضل الهجرة فأخرى أن لا تحل له الكتابية الحرة .
( قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم ) جملة معترضة بين جملة ( من دون المؤمنين ) وبين قولة ( لكيلا يكون عليك حرج ) أو هي حال سببي من المؤمنين أي حال كونهم قد علمنا ما نفرض عليهم