وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتوكيد جملة الجزاء بحرف ( إن ) الذي ليس هو لإزالة التردد إظهار للاهتمام بهذا الأجر . وقد جاء في كتب السنة : أنه لما نزلت هذه الآية ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة فقال لها : إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك ثم تلا هذه الآية فقالت عائشة : أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة وقال لسائر أزواجه مثل ذلك فقلن مثل ما قالت عائشة .
ولا طائل تحت الاشتغال بأن هذا التخيير هل كان واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم أو مندوبا فإنه أمر قد انقضى ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يخالف أمر الله تعالى بالوجوب أو الندب .
( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا [ 30 ] ) تولى الله خطابهن بعد أن أمر رسوله بتخييرهن فخيرهن فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة فخاطبهن ربهن خطابا لأنهن أصبحن على عهد مع الله تعالى أن يؤتيهن أجرا عظيما . وقد سماه عمر عهدا فإنه كان كثيرا ما يقرأ في صلاة الصبح سورة الأحزاب فإذا بلغ هذه الآية رفع بها صوته فقيل له في ذلك فقال ( أذكرهن العهد ) ولما كان الأجر الموعود منوطا بالإحسان أريد تحذيرهن من المعاصي بلوغا بهن إلى مرتبة الملكية مبالغة في التحذير إذ جعل عذاب المعصية على فرض أن تأتيها إحداهن عذابا مضاعفا .
ونداؤهن للاهتمام بما سيلقى إليهن .
وناداهن بوصف ( نساء النبي ) ليعلمن أن ما سيلقى إليهن خبر يناسب علو أقدارهن . والنساء هنا مراد به الحلائل وتقدم في قوله تعالى ( ونساءنا ونساءكم ) في سورة آل عمران .
وقرأ الجمهور ( يأت ) بتحتية في أوله مراعاة لمدلول ( من ) الشرطية لأن مدلولها شيء فأصله عدم التأنيث . وقرأه يعقوب ( من تأت ) بفوقية في أوله مراعاة لما صدق ( من ) أي إحدى النساء .
وقرأ الجمهور ( يضاعف ) بتحتية في أوله للغائب وفتح العين مبنيا للنائب ورفع ( العذاب ) على أنه نائب فاعل . وقرأه ابن كثير وابن عامر ( نضعف ) بنون العظمة وبتشديد العين مكسورة ونصب ( العذاب ) على المفعولية فيكون إظهار اسم الجلالة في قوله بعده ( وكان ذلك على الله يسيرا ) إظهارا في مقام الإضمار . وقرأه أبو عمر ويعقوب ( يضعف ) بتحتية للغائب وتشديد العين مفتوحة . ومفاد هذه القراءات متحد المعنى على التحقيق .
وروى الطبري عن أبي عمرو بن العلاء وعن أبي عبيدة معمر بن المثنى أن بين ( ضاعف وضعف ) فرقا فأما ( ضاعف ) فيفيد جعل الشيء مثليه فتصير ثلاثة أعذبه وأما ( ضعف ) المشدد فيفيد جعل الشيء مثله . قال الطبري : وهذا التفريق لا نعلم أحدا من أهل العلم ادعاه غيرهما .
وصيغة التثنية في قوله ( ضعفين ) مستعملة في إرادة الكثرة كقوله تعالى ( ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ) لظهور أن البصر لا يرجع خاسئا وحسيرا من تكرر النظر مرتين والتثنية ترد في كلام العرب كناية عن التكرير كقولهم : لبيك وسعديك وقولهم : دواليك ولذلك لا نشتغل بتحديد المضاعفة المرادة في الآية بأنها تضعيف مرة واحدة بحيث يكون هذا العذاب بمقدار ما هو لأمثال الفاحشة مرتين أو بمقدار ذلك ثلاث مرات وذلك ما لم يشتغل به أحد من المفسرين وما إعراضهم عنه إلا لأن أفهامهم سبقت إلى الاستعمال المشهور في الكلام فما روي عن أبي عمرو وأبي عبيدة لا يلتفت إليه .
والفاحشة : المعصية قال تعالى ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) وكلما وردت الفاحشة في القرآن نكرة فهي المعصية وإذا وردت معرفة فهي الزنا ونحوه .
والمبينة : بصيغة اسم الفاعل مبالغة في بيان كونها فاحشة ووضوحه حتى كأنها تبين نفسها وكذلك قرأها الجمهور . وقرأ ابن كثير وأبو بكر بفتح الياء أي يبينها فاعلها .
والمضاعفة : تكرير شيء ذي مقدار بمثل مقداره .
والضعف : مماثل عدد ما . وتقدم في قوله تعالى ( فآتهم عذابا ضعفا من النار ) في سورة الأعراف .
ومعنى مضاعفة العذاب : أنه يكون ضعف العذاب عذاب أمثال تلك المعصية إذا صدرت من غيرهن وهو ضعف في القوة وفي المدة وأريد عذاب الآخرة .
A E