وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( وما هي بعورة ) إلى قوله ( مسئولا ) معترضة بين جملة ( يستأذن فريق منهم ) الخ وجملة ( لن ينفعكم الفرار ) الآية .
فقوله ( وما هي بعورة ) تكذيب لهم فإن المدينة كانت محصنة يومئذ بخندق وكان جيش المسلمين حارسها . ولم يقرن هذا التكذيب بمؤكد لإظهار أن كذبهم واضح غير محتاج إلى تأكيد .
( ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا [ 14 ] ) A E موقع هذه الآية زيادة تقرير لمضمون جملة ( وما هي بعورة ان يريدون إلا فرارا ) فإنها لتكذيبهم في إظهارهم التخوف على بيوتهم ومرادهم خذل المسلمين . ولم أجد فيما رأيت من كلام المفسرين ولا من أهل اللغة من أفصح عن معنى " الدخول " في مثل هذه الآية وما ذكروا إلا معنى الولوج إلى المكان مثل ولوج البيوت أو المدن وهو الحقيقة . والذي أراه أن الدخول كثر إطلاقه على دخول خاص وهو إقتحام الجيش أو المغيرين أرضا أو بلدا لغزو أهله قال تعالى ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا ) إلى قوله ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم ) وأنه يعدى غالبا إلى المغزوين بحرف ( على ) . ومنه قوله تعالى ( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتوه فإنكم غالبون ) إلى قوله ( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا ) فإنه ما يصلح إلا معنى دخول القتال والحرب لقوله ( فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ) لظهور أنه لا يراد : إذا دخلتم دخول ضيافة أو تجول أو تجسس فيفهم من الدخول في مثل هذا المقام معنى الغزو والفتح كما نقول : عام دخول التتار بغداد ولذلك فالدخول في قوله ( ولو دخلت عليهم ) هو دخول الغزو فيتعين أن يكون ضمير ( دخلت ) عائدا إلى مدينة يثرب لا إلى البيوت من قولهم ( إن بيوتنا عورة ) . والمعنى : لو غزيت المدينة من جوانبها الخ .
وقوله ( عليهم ) يتعلق ب ( دخلت ) لأن بناء ( دخلت ) للنائب مقتض فاعلا محذوفا . فالمراد : دخول الداخلين على أهل المدينة كما جاء على الأصل في قوله ( ادخلوا عليهم الباب ) في سورة العقود .
والأقطار : جمع قطر بضم القاف وسكون الطاء وهو الناحية من المكان . وإضافة ( أقطار ) وهو جمع تفيد العموم أي من جميع جوانب المدينة وذلك أشد هجوم العدو على المدينة كقوله تعالى ( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ) . وأسند فعل ( دخلت ) إلى المجهول لظهور أن فاعل الدخول قوم غزاة . وقد أبدى المفسرون في كيفية نظم هذه الآية احتمالات متفاوتة في معاني الكلمات وفي حاصل المعنى المراد وأقربها ما قاله ابن عطية على غموض فيه ويليه ما في الكشاف .
والذي ينبغي التفسير به أن تكون جملة ( ولو دخلت عليهم ) في موضع الحال من ضمير ( يريدون ) أو من ضمير ( وما هي بعورة ) زيادة في تكذيب قولهم ( إن بيوتا عورة ) .
والضمير المستتر في ( دخلت ) عائد إلى المدينة لأن إضافة الأقطار يناسب المدن والمواطن ولا يناسب البيوت . فيصير المعنى : لو دخل الغزاة عليهم المدينة وهم قاطنون فيها .
و ( ثم ) للترتيب الرتبي وكان مقتضى الظاهر أن يعطف بالواو لا ب ( ثم ) لأن المذكور بعد ( ثم ) هنا داخل في فعل شرط ( لو ) ووارد عليه جوابها فعدل عن الواو إلى ( ثم ) للتنبيه على أن ما بعد ( ثم ) أهم من الذي قبلها كشأن ( ثم ) في عطف الجمل أي أنهم مع ذلك يأتون الفتنة والفتنة هي أن يفتنوا المسلمين أي الكيد لهم وإلقاء التخاذل في جيش المسلمين . ومن المفسرين من فسر الفتنة بالشرك ولا وجه له ومنهم من فسرها بالقتال وهو بعيد .
والإتيان : القدوم إلى مكان . وقد أشعر هذا الفعل بأنهم يخرجون من المدينة التي كانوا فيها ليفتنوا المسلمين . وضمير النصب في ( أتوها ) عائد إلى الفتنة والمراد مكانها وهو مكان المسلمين أي لأتوا مكانها ومظنتها . وضمير ( بها ) للفتنة والباء للتعدية .
وجملة ( وما تلبثوا بها ) عطف على جملة ( لأتوها ) . والتلبث : اللبث أي الاستقرار في المكان وهو هنا مستعار للإبطاء أي ما أبطاوا بالسعي في الفتنة ولا خافوا أن تؤخذ بيوتهم