وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( وكان الله بما تعملون بصيرا ) في موقع الحال من اسم الجلالة في قوله ( نعمة الله ) وهي إيماء إلى أن الله نصرهم على أعدائهم لأنه عليم بما لقيه المسلمون من المشقة والمصابرة في حفر الخندق والخروج من ديارهم إلى معسكرهم خارج المدينة وبذلهم النفوس في نصر دين الله فجازاهم الله بالنصر المبين كما قال ( ولينصرن الله من ينصره ) .
وقرأ الجمهور ( بما تعملون بصيرا ) بتاء الخطاب . وقرأه أبو عمرو وحده بياء الغيبة ومحملها على الالتفات .
والجنود الأول جمع جند وهو الجمع المتحد المتناصر ولذلك غلب على الجمع المجتمع لأجل القتال فشاع الجند بمعنى الجيش . وذكر جنود هنا بلفظ الجمع مع أن مفرده مؤذن بالجماعة مثل قوله تعالى ( جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ) فجمعه هنا لأنهم كانوا متجمعين من عدة قبائل لكل قبيلة جيش خرجوا متساندين لغزو المسلمين في المدينة ونظيره قوله تعالى ( فلما فصل طالوت بالجنود ) في سورة البقرة .
والجنود الثاني جمع جند بمعنى الجماعة من صنف واحد . والمراد بهم ملائكة أرسلوا لنصر المؤمنين وإلقاء الرعب والخوف في قلوب المشركين .
( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا [ 10 ] هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا [ 11 ] ) ( إذ جاءوكم ) بدل من ( إذ جاءتكم جنود ) بدل مفصل من مجمل .
والمراد ب ( فوق ) و ( أسفل ) فوق جهة المدينة وأسفلها .
A E و ( إذ زاغت الأبصار ) عطف على البدل وهو من جملة التفصيل والتعريف في ( الأبصار ) و ( القلوب ) و ( الحناجر ) للعهد أي أبصار المسلمين وقلوبهم وحناجرهم أو تجعل اللام فيها عوضا عن المضافات إليها أي زاغت أبصاركم وبلغت قلوبكم حناجركم .
والزيغ : الميل عن الاستواء إلى الانحراف . فزيغ البصر أن لا يرى ما يتوجه إليه أو أن يريد التوجه إلى صوب فيقع إلى صوب آخر من شدة الرعب والانذعار .
والحناجر : جمع حنجرة بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح الجيم : منتهى الحلقوم وهي رأس الغلصمة . وبلوغ القلوب الحناجر تمثيل لشدة اضطراب القلوب من الفزغ والهلع حتى كأنها لاضطرابها تتجاوز مقارها وترتفع طالبة الخروج من الصدور فإذا بلغت الحناجر لم تستطع تجازوها من الضيق ؛ فشبهت هيئة قلب الهلوع المرعود بهيئة قلب تجاوز موضعه وذهب متصاعدا طالبا الخروج فالمشبه القلب نفسه باعتبار اختلاف الهيئتين .
وليس الكلام على الحقيقة فإن القلوب لا تتجاوز مكانها وقريب منه قولهم : تنفس الصعداء وبلغت الروح التراقي .
وجملة ( وتظنون بالله الظنون ) يجوز أن تكون عطفا على جملة ( زاغت الأبصار ) ويجوز أن يكون الواو للحال وجيء بالفعل المضارع للدلالة على تجدد تلك الظنون بتجدد أسبابها كناية عن طول مدة هذا البلاء .
وفي صيغة المضارع معنى التعجيب من ظنونهم لإدماج العتاب بالامتنان فإن شدة الهلع الذي أزاغ الأبصار وجعل القلوب بمثل حالة أن تبلغ الحناجر دل على أنهم أشفقوا من أن يهزموا لما رأوا من قوة الأحزاب وضيق الحصار أو خافوا طول مدة الحرب وفناء الأنفس أو أشفقوا من أن تكون من الهزيمة جراءة للمشركين على المسلمين أو نحو ذلك من أنواع الظنون وتفاوت درجات أهلها .
والمؤمن وإن كان يثق بوعد ربه لكنه لا يأمن غضبه من جراء تقصيره ويخشى أن يكون النصر مرجأ إلى زمن آخر فإن ما في علم الله وحكمته لا يحاط به .
وحذف مفعولا ( تظنون ) بدون وجود دليل يدل على تقديرهما فهو حذف لتنزيل الفعل منزلة اللازم ويسمى هذا الحرف عند النحاة الحذف اقتصارا أي للاقتصار على نسبة فعل الظن لفاعله والمقصود من هذا التنزيل أن تذهب نفس السامع كل مذهب ممكن وهو حذف مستعمل كثيرا في الكلام الفصيح وعلى جوازه أكثر النحويين ومنه قوله تعالى ( أعنده علم الغيب فهو يرى ) وقوله ( وظننتم ظن السوء ) وقول المثل : من يسمع يخل ومنعه سيبويه والأخفش