وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالمعنى : أنها لما ألقته في اليم كما ألهمها الله زال عنها ما كانت تخافه عليه من الظهور عليه عندها وقتله لأنها لما تمكنت من إلقائه في اليم ولم يشعر بها أحد قد علمت أنه نجا . وهذا المحمل يساعده أيضا ما شاع من قولهم : فلان خلي البال : إذا كان لا هم بقلبه . وهو تفسير أبي عبيدة والأخفش والكسائي وهذا أحسن ما فسرت به وهو من معنى الثناء عليها بثباتها . وعن ابن عباس من طرق شتى انه قال : فارغا من كل شئ إلا ذكر موسى . وفي هذا شئ من رباطة جاشها إذ فرغ لبها من كل خاطر يخطر في شأن موسى .
وأما زيادة ما أداه الاستثناء بقوله : إلا ذكر موسى فلعله انتزعه من قوله ( إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها ) وإلا فليس في الآية ما يؤذن بذلك الاستثناء . وهذا التفسير يقتضي الجمع بين الثناء عليها بحسن ثقتها بالله والإشارة إلى ضعف الأمومة بالتشوق إلى ولدها وإن كانت عالمة بأنه يتقلب في أحوال صالحة به وبها .
وأما الأقوال الراجعة إلى الناحية الثانية فقال ابن عطية والقرطبي عن ابن القاسم عن مالك : الفراغ هو ذهاب العقل . قال ابن عطية : هو كقوله تعالى ( وأفئدتهم هواء ) أي لا عقول فيها . وفي الكشاف : أي لما سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها لما دهمها من فرط الجزع . وقال ابن زيد والحسن وابن إسحاق : أصبح فارغا من تذكر الوعد الذي وعدها الله إذ خامرها خاطر شيطاني فقالت في نفسها : إني خفت عليه من القتل فألقيته بيدي في يد العدو الذي أمر بقتله . قال ابن عطية : وقالت فرقة : فارغا من الصبر . ولعله يعني من الصبر على فقده . وكل الأقوال الراجعة إلى هذه الناحية ترمى إلى أن أم موسى لم تكن جلدة على تنفيذ ما أمرها الله تعالى وأن الله تداركها بوضع اليقين في نفسها .
A E وجملة ( إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها ) تكون بالنسبة للتفسير الأول استئنافا بيانيا لما اقتضاه فعل ( أصبح ) من أنها كانت على حالة غير حالة فراغ فبنيت بأنها كانت تقارب أن تظهر أمر ابنها من شدة الاضطراب فإن الاضطراب ينم بها . فالمعنى : أصبح فؤادها فارغا وكادت قبل ذلك أن تبدي خبر موسى في مدة إرضاعه من شدة الهلع والإشفاق عليه أن يقتل . وعلى تفسير ابن عباس تكون جملة ( إن كادت ) بمنزلة عطف البيان على معنى ( فارغا ) . وهي دليل على الاستثناء المحذوف . فالتقدير : فارغا إلا من ذكر موسى فكادت تظهر ذكر موسى وتنطق باسمه من كثرة تردد ذكره في نفسها .
وأما على الأقوال الراجعة إلى الناحية الثانية فجملة ( إن كادت لتبدي به ) بيان لجملة : ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ) أي كادت لتبدي أمر موسى من قلة ثبات فؤادها .
وعن مجاهد : لما رأت الأمواج حملت التابوت كادت أن تصيح .
والباء في ( به ) إما لتأكيد لصوق المفعول بفعله والأصل : لتبديه وإما لتضمين ( تبدي ) معنى ( تبوح ) وهو أحسن و ( إن ) مخففة من الثقيلة . واللام في ( لتبدي ) فارقة بين ( إن ) المخففة و ( إن ) النافية .
والربط على القلب : توثيقه عن أن يضعف كما يشد العضو الوهن أي ربطنا على قلبها بخلق الصبر فيه . وجواب ( لولا ) هو جملة ( إن كادت لتبدي به ) .
والمراد بالمؤمنين المصدقون بوعد الله أي لولا أن ذكرناها ما وعدناها فاطمأن فؤادها . فالإيمان هنا مستعمل في معناه اللغوي دون الشرعي لأنها كانت من المؤمنين من قبل أو أريد من كاملات المؤمنين .
واللام للتعليل أي لتحرز رتبة المؤمنين بأمر الله الذين لا يتطرقهم الشك فيما يأتيهم من الواردات الإلهية .
( وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون [ 11 ] ) ظاهر ترتيب الأخبار أنها على وفق ترتيب مضامينها في الحصول وهذا يرجح أن يكون حصول مضمون ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ) سابقا على حصول مضمون ( وقالت لأخته قصيه ) أي قالت لأخته ذلك بعد أن اطمأن قلبها لما ألهمته من إلقائه في اليم أي لما ألقته في اليم قالت لأخته : انظري أين يلقيه اليم ومتى يستخرج منه وقد علمت أن اليم لا يلقيه بعيدا عنها لأن ذلك مقتضى وعد الله برده إليها .
وأخت موسى اسمها مريم وقد مضى ذكر القصة في سورة طه .
والقص : اتباع الأثر استعمل في تتبع الذات بالنظر فلذلك عدي إلى ضمير موسى دون ذكر الأثر . وقد تقدم في سورة الكهف عند قوله ( فارتدا على آثارهما قصصا )