وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والظاهر أن هذا الوحي إليها كان عند ولادته وأنها أمرت بأن تلقيه في اليم عند الضرورة دفعا للضر المحقق بالضر المشكوك فيه ثم ألقي في يقينها بأنه لا بأس عليه .
واليم : البحر وهو هنا نهر النيل الذي كان يشق مدينة فرعون حيث منازل بني إسرائيل . واليم في كلام العرب مرادف البحر والبحر في كلامهم يطلق على الماء العظيم المستبحر فالنهر العظيم يسمى بحرا قال تعالى ( وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ) فإن اليم من الأنهار .
وقد كانت هذه الآية مثالا من أمثلة دقائق الإعجاز القرآني فذكر عياض في الشفاء والقرطبي في التفسير يزيد أحدهما على الآخرة عن الأصمعي : أنه سمع جارية أعرابية تنشد : .
أستغفر الله لأمري كله ... قتلت إنسانا بغير حله .
مثل غزال ناعما في دله ... انتصف الليل ولم أصله وهي تريد التورية بالقرآن . فقال لها : قاتلك الله ما أفصحك يريد ما أبلغك ( وكانوا يسمون البلاغة فصاحة ) فقالت له ( أو يعد هذا فصاحة مع قوله تعالى ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) فجمع في آية واحدة خبرين وأمرين ونهيين وبشارتين ) .
فالخبران هما ( وأوحينا إلى أم موسى ) وقوله ( فإذا خفت عليه ) لأنه يشعر [ انها ستخاف عليه .
والأمران هما : ( أرضعيه ) و ( ألقيه ) .
والنهيان : ( ولا تخافي ) و ( لا تحزني ) .
والبشارتان ( إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) .
والخوف : توقع أمر مكروه والحزن : حالة نفسية تنشأ من حادث مكروه للنفس كفوات أمر محبوب أو فقد حبيب أو بعده أو نحو ذلك .
A E والمعنى : لا تخافي عليه الهلاك من الإلقاء في اليم ولا تحزني على فراقه .
والنهي عن الخوف وعن الحزن نهي عن سببيهما وهما توقع المكروه والتفكر في وحشة الفراق .
وجملة ( إنا رادوه إليك ) في موقع العلة للنهيين لأن ضمان رده إليها يقتضي أنه لا يهلك وأنها لا تشتاق إليه بطول المغيب . وأما قوله ( وجاعلوه من المرسلين ) فإدخال للمسرة عليها .
( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين [ 8 ] ) الالتقاط افتعال من اللقط وهو تناول الشيء الملقى في الأرض ونحوها بقصد أو ذهول . أسند الالتقاط إلى آل فرعون لأن استخراج تابوت موسى من النهر كان من إحدى النساء الحافات بابنة فرعون حين كانت مع أترابها وداياتها على ساحل النيل كما جاء في الإصحاح الثاني من سفر الخروج .
واللام في ( ليكون لهم عدوا ) لام التعليل وهي المعروفة عند النحاة بلام كي وهي لام جارة مثل كي زهي متعلقة ب ( التقطه ) . وحق لام كي أن تكون جارة لمصدر منسبك من ( أن ) المقدرة بعد اللام ومن الفعل المنصوب بها فلذلك المصدر هو العلة الباعثة على صدور ذلك الفعل من فاعله . وقد استعملت في الآية استعمالا واردا على طريقة الاستعارة دون الحقيقة لظهور أنهم لم يكن داعيهم إلى التقاطه أن يكون لهم عدوا وحزنا ولكنهم التقطوه رأفة به وحبا له لما ألقي في نفوسهم من شفقة عليه ولكن لما كانت عاقبة التقاطهم إياه أن كان لهم عدوا في الله وموجب حزن لهم شبهت العاقبة بالعلة في كونها نتيجة للفعل كشأن العلة تبعا لاستعارة معنى الحرف إلى معنى آخر استعارة تبعية أي استعير الحرف تبعا لاستعارة معناه ثم تسري من المعنى إلى الحرف فلذلك سميت استعارة تبعية عند جمهور علماء المعاني خلافا للسكاكي .
وضمير ( لهم ) يعود إلى آل فرعون باعتبار الوصف العنواني لأن موسى كان عدوا لفرعون آخر بعد هذا أي ليكون لدولتهم وأمتهم عدوا وحزنا فقد كانت بعثة موسى في مدة ابن فرعون هذا .
ووصفه بالحزن وهو مصدر على تقدير متعلق محذوف أي حزنا لهم لدلالة قوله لهم السابق . وليس هذا من الوصف بالمصدر للمبالغة مثل قولك : فلان عدل لأن ذلك إذا كان المصدر واقعا موقع اسم الفاعل فكان معنى الصدر قائما بالموصوف . والمعنى هنا : ليكون لهم حزنا . والإسناد مجاز عقلي لأنه سبب الحزن وليس هو حزنا .
وقرأ الجمهور ( وحزنا ) بفتح الحاء والزاي . وقرأه حمزة والكسائي وخلف بضم الحاء وسكون الزاي وهما لغتان كالعدم والعدم