وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وذكرت الوفاء بالعهد وهو مظهر لخلق العدل في المعاملة والإنصاف من النفس بأن يبذل لأخيه ما يحب لنفسه من الوفاء .
وذكرت المحافظة على الصلوات وهو التخلق بالعناية والوقوف عند الحدود والمواقيت وذلك يجعل انتظام أمر الحياتين ملكة وخلقا راسخا .
وأنت إذا تأملت هذه الخصال وجدتها ترجع إلى حفظ ما من شأن النفوس إهماله مثل الصلاة والخشوع وترك اللغو وحفظ الفرج وحفظ العهد وإلى بذل ما من شأن النفوس إمساكه مثل الصدقة وأداء الأمانة .
A E فكان في مجموع ذلك أعمال ملكتي الفعل والترك في المهمات وهما منبع الأخلاق الفاضلة لمن تتبعها .
روى النسائي : أن عائشة قيل لها : كيف كان خلق رسول الله ؟ قالت : كان خلقه القرآن وقرأت : ( قد أفلح المؤمنون ) حتى انتهت إلى قوله ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) . وقد كان خلق أهل الجاهلية على العكس من هذا فيما عدا حفظ العهد غالبا قال تعالى : ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) وقال في شأن المؤمنين مع الكافرين ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لابتغى الجاهلين ) وقال ( وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة ) وقد كان البغاء والزنى فاشيين في الجاهلية .
( أولئك هم الوارثون [ 10 ] الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون [ 11 ] ) جيء لهم باسم الإشارة بعد أن أجريت عليهم الصفات المتقدمة ليفيد أسم الإشارة أن جدارتهم بما سيذكر بعد اسم الإشارة حصلت من اتصافهم بتلك الصفات على نحو قوله تعالى ( أولئك على هدى من ربهم ) بعد قوله ( هدى للمتقين ) إلى آخره في سورة البقرة . والمعنى : أولئك هم الأحقاء بأن يكونوا الوارثين بذلك .
وتوسيط ضمير الفصل لتقوية الخبر عنهم بذلك . وحذف معمول ( الوارثون ) ليحصل إبهام وإجمال فيترقب السامع بيانه فبين بقوله ( الذين يرثون الفردوس ) قصدا لتفخيم هذه الوراثة . والإتيان في البيان باسم الموصول الذي شأنه أن يكون معلوما للسامع بمضمون صلته إشارة إلى أن تعريف ( الوارثون ) تعريف العهد كأنه قيل : هم أصحاب هذا الوصف المعروفون به .
واستعيرت الوراثة للاستحقاق الثابت لآن الإرث أقوى الأسباب لاستحقاق المال قال تعالى ( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ) .
والفردوس : اسم من أسماء الجنة في مصطلح القرآن أو من أسماء أشرف جهات الجنات . وأصل الفردوس : البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر . وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حارثة بن سراقة لما أصابه سهم غرب يوم بدر فقلته وقالت أمه : إن كان في الجنة أصبر وأحتسب فقال لها " ويحك أهبلت أ و جنة واحدة هي إنها لجنان كثيرة وإنه لفي الفردوس " .
وقد ورد في فضل هذه الآيات عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ ( قد أفلح المؤمنون ) حتى ختم عشر آيات " . قال ابن العربي في العارضة : قوله ( الذين يرثون الفردوس ) هي العاشرة . رواه الترمذي وصححه .
( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين [ 12 ] ثم جعلناه نطفة في قرار مكين [ 13 ] ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين [ 14 ] ) الواو عاطفة غرضا على غرض ويسمى عطف القصة على القصة فللجملة حكم الاستيناف لأنها عطف على جملة ( قد أفلح المؤمنون ) التي هي ابتدائية . وهذا شروع في الاستدلال على انفراد الله تعالى بالخلق وبعظيم القدرة التي لا يشاركه فيها غيره وعلى أن الإنسان مربوب لله تعالى وحده والاعتبار بما في خلق الإنسان وغيره من دلائل القدرة ومن عظيم النعمة . فالمقصود منه إبطال الشرك لأن ذلك الأصل الأصيل في ضلال المعرضين عن الدعوة المحمدية .
ويتضمن ذلك امتنانا على الناس بأنهم أخرجهم من مهانة العدم إلى شرف الوجود وذلك كله ليظهر الفرق بين فريق المؤمنين الذين جروا في إيمانهم على ما يليق بالاعتراف بذلك وبين فريق المشركين الذين سلكوا طريقا غير بينة فحادوا عن مقتضى الشكر بالشرك