وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وصنع لهم السامري صنما على صورة عجل لأنهم كانوا قد اعتادوا في مصر عبادة العجل " ايبيس " فلما رأوا ما صاغه السامري في صورة معبود عرفوه من قبل ورأوه يزيد عليه بأن له خوارا رسخ في أوهامهم الآفنة أن ذلك هو الإله الحقيقي الذي عبروا عنه بقولهم " هذا إلهكم وإله موسى " لأنهم رأوه من ذهب أو فضة فتوهموا أنه أفضل من العجل " إيبيس " . وإذ قد كانوا يثبتون إلها محجوبا عن الأبصار وكانوا يتطلبون رؤيته فقالوا لموسى : أرنا الله جهرة حينئذ توهموا أن هذه ضالتهم المنشودة . وقصة اتخاذهم العجل في كتاب التوراة غير ملائمة للنظر السليم .
وتفريع ( فنسي ) يحتمل أن يكون تفريعا على ( فقالوا هذا إلهكم ) تفريع علة على معلول فالضمير عائد إلى السامري أي قال السامري ذلك لأنه نسي ما كان تلقاه من هدي ؛ أو تفريع معلول على علة أي قال ذلك فكان قوله سببا في نسيانه ما كان عليه من هدي إذ طبع الله على قلبه بقوله ذلك فحرمه التوفيق من بعد .
والنسيان : مستعمل في الإضاعة كقوله تعالى ( قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها ) وقوله ( الذين هم عن صلاتهم ساهون ) .
A E وعلى هذا يكون قوله ( فنسي ) من الحكاية لا من المحكي والضمير عائد إلى السامري فينبغي على هذا أن يتصل بقوله ( أفلا يرون ) ويكون اعتراضا . وجعله جمع من المفسرين عائدا إلى موسى أي فنسي موسى إلهكم وإلهه أي غفل عنه وذهب إلى الطور يفتش عليه وهو بين أيديكم وموقع فاء التفريع يبعد هذا التفسير .
والنسيان : يكون مستعملا مجازا في الغفلة .
( أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا [ 89 ] ) يجوز أن يكون اعتراضا وليس من حكاية كلام القوم فهو معترض بين جملة ( فكذلك ألقى السامري ) وجملة ( قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني ) الخ فتكون الفاء لتفريع كلام متكلم على كلام غيره أي لتفريع لإخبار لا لتفريع المخبر به والمخبر متعدد ويجوز أن يكون من حكاية كلام الذين تصدوا لخطاب موسى " عليه السلام " من بين قومه وهم كبراؤهم وصلحاؤهم ليعلم أنهم على بصيرة من التوحيد .
والاستفهام : إنكاري نزلوا منزلة من لا يرى العجل لعدم جريهم على موجب البصر فأنكر عليهم عدم رؤيتهم ذلك مع ظهوره أي كيف يدعون الإلهية للعجل وهم يرون أنه لا يتكلم ولا يستطيع نفعا ولا ضرا .
والرؤية هنا بصرية مكنى بها أو مستعملة في مطلق الإدراك فآلت إلى معنى الاعتقاد والعلم ولا سيما بالنسبة لجملة ( ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ) فإن ذلك لا يرى بالبصر بخلاف ( لا يرجع إليهم قولا ) . ورؤية انتفاء الأمرين مراد بها رؤية أثر انتفائهما بدوام عدم التكلم وانتفاء عدم نفعهم وضرهم لأن الإنكار مسلط على اعتقادهم أنه إلههم فيقتضي أن يملك لهم ضرا ونفعا .
ومعنى ( يرجع ) يرد أي يجيب القول لأن ذلك محل العبرة من فقدانه صفات العاقل لأنهم يدعونه ويثنون عليه ويمجدونه وهو ساكت لا يشكر لهم ولا يعدهم باستجابة وشأن الكامل إذا سمع ثناء أو تلقى طلبة أن يجيب . ولا شك أن في ذلك الجمع العظيم من هو بحاجة إلى جلب نفع أو دفع ضر وأنهم يسألونه ذلك فلم يجدوا ما فيه نفعهم أو دفع ضر عنهم مثل ضر عدو أو مرض . فهم قد شاهدوا عدم عنائه عنهم . ولأن شواهد حاله من عدم التحرك شاهدة بأنه عاجز عن أن ينفع أو يضر فلذلك سلط الإنكار على عدم الرؤية لأن حاله مما يرى .
ولام ( لهم ) متعلق ب ( يملك ) الذي هو في معنى يستطيع كما تقدم في قوله تعالى ( قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا ) في سورة العقود .
وقدم الضر على النفع قطعا لعذرهم في اعتقاد إلهيته لأن عذر الخائف من الضر أقوى من عذر الراغب في النفع .
و ( أن ) في قوله ( ألا يرجع ) مخففة من ( أن ) المفتوحة المشددة واسمها ضمير شأن محذوف والجملة المذكورة بعدها هي الخبر ف ( يرجع ) مرفوع باتفاق القراءات ما عدا قراءات شاذة . وليست ( أن ) مصدرية لأن ( أن ) المصدرية لا تقع بعد أفعال العلم ولا بعد أفعال الإدراك