وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى [ 70 ] قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلف ولأصلبنكم قي جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى [ 71 ] ) الفاء عاطفة على محذوف يدل عليه قوله ( وألق ما في يمينك ) . والتقدير : فألقي فتلقفت ما صنعوا كقوله تعالى ( أن اضرب بعصاك البحر فانفلق ) .
والإلقاء : الطرح على الأرض . وأسند الفعل إلى المجهول لأنهم لا ملقي لهم إلا أنفسهم فكأنه قيل : فألقوا أنفسهم سجدا فإن سجودهم كان إعلانا باعترافهم أن موسى مرسل من الله . ويجوز أن يكون سجودهم تعظيما لله تعالى .
ويجوز أن يكون دلالة على تغلب موسى عليهم فسجدوا تعظيما له .
ويجوز أن يريدوا به تعظيم فرعون جعلوه مقدمة لقولهم ( آمنا برب هارون وموسى ) حذرا من بطشه .
وسجد : جمع ساجد .
وجملة ( قالوا ) يصح أن تكون في موضع الحال أي ألقوا قائلين . ويصح أن تكون بدل اشتمال من جملة ( فألقي السحرة سجدا ) فإن سجودهم اشتمل على إيمانهم وأن تكون مستأنفة ابتدائية لافتتاح المحاورة بينهم وبين فرعون .
وإنما آمنوا بالله حينئذ لأنهم أيقنوا أن ما جرى على يد موسى ليس من جنس السحر لأنهم أئمة السحر فعلموا أنه آية من عند الله .
A E وتعبيرهم عن الرب بطريق الإضافة إلى هارون وموسى لأن الله لم يكن يعرف بينهم يومئذ إلا بهذه النسبة لأن لهم أربابا يعبدونها ويعبدها فرعون .
وتقديم هارون على موسى هنا وتقديم موسى على هارون في قوله تعالى في سورة الأعراف ( قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ) لا دلالة فيه على تفضيل ولا غيره لأن الواو العاطفة لا تفيد أكثر من مطلق الجمع في الحكم المعطوف فيه فهم عرفوا الله بأنه رب هذين الرجلين ؛ فحكي كلامهم بما يدل على ذلك ؛ إلا ترى أنه حكي في سورة الأعراف قول السحرة ( قالوا آمنا برب العالمين ) ولم يحك ذلك هنا لأن حكاية الأخبار لا تقتضي الإحاطة بجميع المحكي وإنما المقصود موضع العبرة في ذلك المقام بحسب الحاجة .
ووجه تقديم هارون هنا الرعاية على الفاصلة فالتقديم وقع في الحكاية لا في المحكي إذ وقع في الآية الأخرى ( قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ) . ويجوز أن يكون تقديم هارون في هذه الآية من حكاية قول السحرة فيكون صدر منهم قولان قدموا في أحدهما اسم هارون اعتبارا بكبر سنه وقدموا اسم موسى في القول الآخر اعتبارا بفضله على هارون بالرسالة وكلام الله تعالى فاختلاف العبارتين باختلاف الاعتبارين .
ويقال : آمن له أي حصل عنده الإيمان لأجله . كمه يقال : آمن به أي حصل الإيمان عنده بسببه وأصل الفعل أن يتعدى بنفسه لأن آمنه بمعنى صدقه . ولكنه كاد أن لا يستعمل في معنى التصديق ألا بأحد هذين الجرفين .
وقرأ قالون وورش من طريق الأزرق وأبن عامر وأبو عمرو وأبوجعفر وروح عن يعقوب ( آمنتم ) بهمزة واحدة بعدها مدة وهي المدة الناشئة عن تسهيل الهمز الأصلية في فعل آمن على أن الكلام استفهام .
وقرأه ورش عن طريق الأصفهاني وابن كثير وحفص عن عاصم ورويس عن يعقوب بهمزة واحدة على أن الكلام خبر فهو خبر مستعمل في التوبيخ . وقرأه حمزة والكساءي وأبو بكر عن عاصم وخلف " بهمزتين " على الاستفهام أيضا .
ولما رأى فرعون إيمان السحرة تغيظ ورام عقابهم ولكنه علم أن العقاب على الأيمان بموسى بعد أن فتح باب المناظرة معه نكث لأصول المناظرة فاختلق للتشفي من الذين آمنوا علة إعلانهم الإيمان قبل استئذان فرعون فعد ذلك جرأة عليه وأوهم أنهم لو استأذنوه لأذن لهم واستخلص من تسرعهم بذلك أنهم تواطؤا مع موسى من قبل فأظهروا العجز عند مناظرته . ومقصد فرعون من هذا إقناع الحاضرين بأن موسى لم يأت بما يعجز السحرة إدخالا للشك على نفوس الذين شاهدوا الآيات . وهذه شنشنة من قديم الزمان اختلاق المغلوب بارد العذر . ومن هذا القبيل اتهام المحكوم عليهم الحاكمين بالارتشاء واتهام الدول المغلوبة في الحروب قواد الجيوش بالخيانة