وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( فتنزعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى [ 62 ] قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى [ 63 ] فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى [ 64 ] ) أي تفرع على موعظة موسى تنازعهم الأمر بينهم وهذا يؤذن بأن منهم من تركت فيه الموعظة بعض الأثر ومنهم من خشي الانخذال فلذلك دعا بعضهم بعضا للتشاور فيما ذا يصنعون .
A E والتنازع : تفاعل من النزع وهو الجذب من البئر وجذب الثوب من الجسد وهو مستعمل تمثيلا في اختلاف الرأي ومحاولة كل صاحب رأي أن يقنع المخالف له بأن رأيه هو الصواب . فالتنازع : التخالف .
والنجوى : الحديث السري أي اختلوا وتحادثوا سرا ليصدروا عن رأي لا يطلع عليه غيرهم فجعل النجوى معمولا ل ( أسروا ) يفيد المبالغة في الكتمان كأنه قيل : أسروا سرهم كما يقال : شعر شاعر .
وزاده مبالغة قوله ( بينهم ) المقتضي أن النجوى بين طائفة خاصة لا يشترك معهم فيها غيرهم .
وجملة ( قالوا إن هذان لساحران ) بدل اشتمال من جملة ( وأسروا النجوى ) لأن إسرار النجوى يشتمل على أقوال كثيرة ذكر منها هذا القول لأنه القول الفصل بينهم والرأي الذي أرسوا عليه فهو زبدة مخيض النجوى . وذلك شأن التشاور وتنازع الآراء أن يسفر عن رأي يصدر الجميع عنه .
وإسناد القول إلى ضمير جمعهم على معنى : قال بعضهم : هذان لساحران فقال جميعهم : نعم هذان لساحران فأسند هذا القول إلى جميعهم أي مقالة تداولوا الخوض في شأنها فأرسوا عليها وقال بعضهم لبعض : نعم هو كذلك ونطقوا بالكلام الذي استقر عليه رأيهم وهو تحققهم أن موسى وأخاه ساحران .
واعلم أن جميع القراء المعتبرين قرأوا بإثبات الألف في اسم الإشارة من قوله ( هاذان ) ما عدا أبا عمرو من العشرة وما عدا الحسن البصري من الأربعة عشر . وذلك يوجب اليقين بأن إثبات الألف في لفظ هذان أكثر تواترا بقطع النظر عن كيفية النطق بكلمة ( إن ) مشددة أو مخففة وأن أكثر مشهور القراءات المتواترة قرأوا " بتشديد نون " ( إن ) ما عدا ابن كثير وحفصا عن عاصم فهما قرءا ( إن ) " بسكون النون " على أنها مخففة من الثقيلة .
وإن المصحف الإمام ما رسموه إلا اتباعا لأشهر القراءات المسموعة المروية من زمن النبي A وقراء أصحابه فإن حفظ القرآن في صدور القراء أقدم من كتابته في المصاحف وما كتب في أصول المصاحف إلا من حفظ الكاتبين وما كتب المصحف الإمام إلا من مجموع محفوظ الحفاظ وما كتبه كتاب الوحي في مدة نزول الوحي .
فأما قراءة الجمهور ( إن هذان لساحران ) " بتشديد نون " ( إن ) وبالألف في ( هذان ) وكذلك في ( لساحران ) فللمفسرين في توجيهها آراء بلغت الستة . وأظهرها أن تكون ( إن ) حرف جواب مثل : نعم وأجل وهو استعمال من استعمالات ( إن ) أي اتبعوا لما استقر عليه أمرهم بعد النجوى كقول عبد الله بن قيس الرقيات : .
ويقلن شيب قد علا ... ك وقد كبرت فقلت إنه أي أجل أو نعم والهاء في البيت هاء السكت وقول عبد الله بن الزبير لأعرابي استجداه فلم يعطه فقال الأعرابي : لعن الله ناقة حملتني إليك . قال ابن الزبير : أن وراكبيها . وهذا التوجيه من مبتكرات أبي إسحاق الزجاج ذكره في تفسيره . وقال : عرضته على عالمينا وشيخينا وأستاذينا محمد بن يزيد " يعني المبرد " وإسماعيل بن إسحاق بن حماد " يعني القاضي الشهير " فقبلاه وذكرا أنه أجود ما سمعاه في هذا .
وقلت : لقد صدقا وحققا . وما أورده ابن جني عليه من الرد فيه نظر .
وفي التفسير الوجيز للواحدي سأل إسماعيل القاضي ( هو ابن إسحاق بن حماد ) ابن كيسان عن هذه المسألة فقال ابن كيسان : لما لم يظهر في المبهم إعراب في الواحد ولا في الجمع ( أي في قولهم هذا وهؤلاء إذ هما مبنيان ) جرت التثنية مجرى الواحد إذ التثنية يجب أن لا تغير . فقال له إسماعيل : ما أحسن هذا لو تقدمك أحد بالقول فيه حتى يؤنس به ؟ فقال له ابن كيسان : فليقل به القاضي حتى يؤنس به فتبسم