وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولما كانت إشارتها بمنزلة مراجعة كلام حكي حوارهم الواقع عقب الإشارة بجملة القول مفصولة غير معطوفة .
والاستفهام : إنكار ؛ أنكروا أن يكلموا من ليس من شأنه أن يتكلم وأنكروا أن تحيلهم على مكالمته أي كيف نترقب منه الجواب أو كيف نلقي عليه السؤال لأن الحالتين تقتضيان التكلم .
A E وزيادة فعل الكون في ( من كان في المهد ) للدلالة على تمكن المظروفية في المهد من هذا الذي أحيلوا علة مكالمته وذلك مبالغة منهم في الإنكار وتعجب من استخفافها بهم . ففعل ( كان ) زائد للتوكيد ولذلك جاء بصيغة المضي لأن ( كان ) الزائدة تكون بصيغة الماضي غالبا .
وقوله ( في المهد ) خبر ( من ) الموصولة .
و ( صبيا ) حال من اسم الموصول .
والمهد : فراش الصبي وما يمهد لوضعه .
( قال إني عبد الله آتاني الكتب وجعلني نبيا [ 30 ] وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصني بالصلوة والزكوة ما دمت حيا [ 31 ] وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا [ 32 ] والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا [ 33 ] ) كلام عيسى هذا مما أهملته أناجيل النصارى لأنهم طووا خبر وصولها إلى أهلها عد وضعها وهو طي يتعجب منه . ويدل على أنها كتبت في أحوال غير مضبوطة فأطلع الله تعالى عليه نبيه A .
والابتداء بوصف العبودية لله ألقاه الله على لسان عيسى لأن الله علم بأن قوما سيقولون : إنه ابن الله .
والتعبير عن إيتاء الكتاب بفعل المضي مراد به أن الله قدر إيتاءه إياه أي قدر أن يؤتيني الكتاب .
والكتاب : الشريعة التي من شأنها أن تكتب لئلا يقع فيها تغيير . فإطلاق الكتاب على شريعة عيسى كإطلاق الكتاب على القرآن . والمراد بالكتاب الإنجيل وهو ما كتب من الوحي الذي خاط الله به عيسى . ويجوز أن يراد الكتاب التوراة فيكون الإيتاء إيتاء علم ما في التوراة كقوله تعالى ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة ) . فيكون قوله ( وجعلني نبيا ) ارتقاء في المراتب التي " أتاه الله إياها " .
والقول في التعبير عنه بالماضي كالقول في قوله و ( آتاني الكتاب ) .
والمبارك : الذي تقارن البركة أحواله في أعماله ومحاورته ونحو ذلك لأن المبارك اسم مفعول من باركه إذا جعله ذا بركة . أو من بارك فيه إذا جعل البركة معه .
والبركة : الخير واليمن .
ذلك أن الله أرسله برحمة لنبي إسرائيل ليحل لهم بعض الذي حرم عليهم وليدعوهم إلى مكارم الأخلاق بعد أن قست قلوبهم وغيروا من دينهم فهذه أعظم بركة تقارنه . ومن بركته أن جعل الله حلوله في المكان سببا لخير أهل تلك البقعة من خصبها واهتداء أهلها وتوفيقهم إلى الخير . ولذلك كان إذا لقيه الجهلة والقساة والمفسدون انقلبوا صالحين وانفتحت قلوبهم للإيمان والحكمة . ولذلك ترى أكثر الحواريين كانوا من عامة الأميين من صيادين وعشارين فصاروا دعاة هدى وفاضت ألسنتهم بالحكمة .
وبهذا يظهر أن كونه مباركا أعم من كونه نبيا عموما وجهيا فلم يكن في قوله ( وجعلني نبيا ) غنية عن قوله ( وجعلني مباركا ) .
والتعميم الذي في قوله ( أينما كنت ) تعميم للأمكنة أي لا تقتصر بركته على كونه في الهيكل بالمقدس أو في مجمع أهل بلده بل هو حيثما حل تحل معه البركة .
والوصاية : الأمر المؤكد بعمل مستقبل أي قدر وصيتي بالصلاة والزكاة أي أن يأمرني بهما أمرا مؤكدا مستمرا فاستعمال صيغة المضي في ( أوصاني ) مثل استعمالها في قوله ( آتاني الكتاب ) .
والزكاة : الصدقة . والمراد : أن يصلي ويزكي . وهذا أمر خاص به كما أمر نبينا A بقيام الليل وقرينة الخصوص قوله ( ما دمت حيا ) لدلالته على استغراق مدة حياته بإيقاع الصلاة والصدقة أي أن يصلي ويتصدق في أوقات التمكن من ذلك أي غير أوقات الدعوة أو الضرورات .
فالاستغراق المستفاد من قوله ( ما دمت حيا ) استغراق عرفي مراد به الكثرة ؛ وليس المراد الصلاة والصدقة المفروضتين على أمته لأن سياق الكلام في أوصاف تميز بها عيسى عليه السلام ولأنه لم يأت بشرع صلاة زائدة على ما شرع في التوراة