وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والأمر بتركهم مستعمل في لازمه وهو قلة جدوى الحرص على إصلاحهم . وليس مستعملا في الإذن بمتاركتهم لأن النبي A مأمور بالدوام على دعائهم . قال تعالى ( وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ) إلى قوله ( وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ) . فما أمره بتركهم إلا وقد أعقبه بأمره بالتذكير بالقرآن فعلم أن الترك مستعمل في عدم الرجاء في صلاحهم . وهذا كقول كبشة أخت عمرو بن معد يكرب في قتل أخيها عبد الله تستنهض أخاها عمرا للأخذ بثأره : .
ودع عنك إن عمرا مسالم ... وهل بطن عمرو غير شبر لمطعم وقد يستعمل هذا الفعل وما يراد به كناية عن عدم الاحتياج إلى الإعانة أو عن عدم قبول الوساطة كقوله تعالى ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) وقوله ( وذرني والمكذبين ) .
وقد يستعمل في الترك المجازي بتنزيل المخاطب منزلة المتلبس بالضد كقول أبي تمام : .
دعوني أنح من قبل نوح الحمائم ... ولا تجعلوني عرضة للوائم A E إذ مثل هذا يقال عند اليأس والقنوط عن صلاح المرء .
وقد حذف متعلق الترك لأن الفعل نزل منزلة ما لا يحتاج إلى متعلق إذ المعني به ترك الاشتغال بهم والبعد عنهم فذلك عدي فعل الترك إلى ذواتهم ليدل على اليأس منهم .
و ( يأكلوا ) مجزوم بلام الأمر محذوفة كما تقدم بيانه عند قوله تعالى ( قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة ) في سورة إبراهيم . وهو أمر التوبيخ والتوعد والإنذار بقرينة قوله ( فسوف يعلمون ) . وهو كقوله ( كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ) .
ولا يحسن جعله مجزوما في جواب ( ذرهم ) لأنهم يأكلون ويتمتعون سواء ترك الرسول A دعوتهم أم دعاهم .
والتمتع : الانتفاع بالمتاع . وقد تقدم غير مرة منها قوله ( ومتاع إلى حين ) في سورة الأعراف .
وإلهاء الأمل إياهم : هو إنساؤه إياهم ما حقهم أن يتذكروه ؛ بأن يصرفهم تطلب ما لا ينالون عن التفكير في البعث والحياة والآخرة .
و الأمل : مصدر . وهو ظن حصول أمر مرغوب في حصوله مع استبعاد حصوله . فهو واسطة بين الرجاء والطمع . ألا ترى إلى قول كعب : .
أرجو وآمل أن تدنو مودتها ... وما إخال لدينا منك تنويل وتفرع على التعريض التصريح بالوعيد بقوله ( فسوف يعلمون ) بأنه مما يستعمل في الوعيد كثيرا حتى صار كالحقيقة . وفيه إشارة إلى أن لإمهالهم أجلا معلوما كقوله ( وسوف يعلمون حين يرون العذاب ) .
( وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم [ 4 ] ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون [ 5 ] ) اعتراض تذييلي لأن في هذه الجملة حكما يشملهم وهو حكم إمهال الأمم التي حق عليها الهلاك أي ما أهلكنا أمة إلا وقد متعناها زمنا وكان لهلاكها أجل ووقت محدود فهي ممتعة قبل حلوله وهي مأخوذة عند إبانه .
وهذا تعريض لتهديد ووعيد مؤيد بتنظيرهم بالمكذبين السالفين .
وإنما ذكر حال القرى التي أهلكت من قبل لتذكير هؤلاء بسنة الله في إمهال الظالمين لئلا يغرهم ما هم فيه من التمتع فيحسبوا أنهم أفلتوا من الوعيد . وهذا تهديد لا يقتضي أن المشركين قدر الله أجلا لهلاكهم فإن الله لم يستأصلهم ولكن هدى كثيرا منهم إلى الإسلام بالسيف وأهلك سادتهم يوم بدر .
و القرية : المدينة . وتقدمت عند قوله تعالى ( أو كالذي مر على قرية ) في سورة البقرة .
والكتاب : القدر المحدود عند الله . شبه بالكتاب في أنه لا يقبل الزيادة والنقص . وهو معلوم عند الله لا يضل ربي ولا ينسى .
وجملة ( ولها كتاب معلوم ) في موضع الحال وكفاك علما على ذلك اقترانها بالواو فهي استثناء من عموم أحوال وصاحب الحال هو ( فرية ) وهو وإن كان نكرة فإن وقوعها في سياق النفي سوغ مجيء الحال منه كما سوغ العموم صحة الإخبار عن النكرة .
وجملة ( ما تسبق من أمة أجلها ) تفوته أي تعدم قبل حلوله شبه ذلك بالسبق . و ( يستأخرون ) : يتأخرون . فالسين والتاء للتأكيد .
وأنث مفردا ضمير الأمة مرة مراعاة للفظ وجمع مذكرا مراعاة للمعنى . وحذف متعلق ( يستأخرون ) للعلم به أي وما يستأخرون عنه .
( وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون [ 6 ] لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين [ 7 ] )