وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( إنه لا يفلح الظالمون ) تعليل ثان للامتناع . والضمير المجعول اسما ل ( إن ) ضمير الشأن يفيد أهمية الجملة المجعولة خبرا عنه لأنها موعظة جامعة . وأشار إلى أن إجابتها لما راودته ظلم لأن فيها ظلم كليهما نفسه بارتكاب معصية مما اتفقت الأديان علة أنها كبيرة وظلم سيده الذي آمنه على بيته وآمنها على نفسها إذ اتخذها زوجا وأحصنها .
والهم : العزم على الفعل . وتقدم عند قوله تعإلى ( وهموا بما لم ينالوا ) في سورة براءة . وأكد همها ب ( قد ) ولام القسم ليفيد أنها عزمت عزما محققا .
وجملة ( ولقد همت به ) مستأنفة استئنافا ابتدائيا . والمقصود : أنها كانت جادة فيما راودته لا مختبرة . والمقصود من ذكر همها به التمهيد إلى ذكر انتفاء همه بها لبيان الفرق بين حاليهما في الدين فإنه معصوم .
A E وجملة ( وهم بها لو لا أن رأى برهان ربه ) معطوفة على جملة ( ولقد همت به ) كلها . وليست معطوفة على جملة ( همت ) التي هي جواب القسم المدلول عليه باللام لأنه لما أردفت جملة ( وهم بها ) بجملة شرط ( لولا ) المتمحض لكونه من أحوال يوسف عليه السلام وحده لا من أحوال امرأة العزيز تعين أنه لا علاقة بين الجملتين فتعين أن الثانية مستقلة لاختصاص شرطها بحال المسند إليه فيها . فالتقدير : ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها فقدم الجواب على شرطه للاهتمام به . ولم يقرن الجواب باللام التي يكثر اقتران جواب ( لولا ) بها لأنه ليس لازما ولأنه لما قدم على ( لولا ) كره قرنه باللام قبل ذكر حرف الشرط فيحسن الوقف على قوله ( ولقد همت به ) ليظهر معنى الابتداء بجملة ( وهم بها ) واضحا . وبذلك يظهر أن يوسف عليه السلام لم يخالطه هم بامرأة العزيز لآن الله عصمه من الهم بالمعصية بما أراه من البرهان .
قال أبو حاتم : كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة فلما أتيت على قوله ( ولقد همت به وهم بها ) الآية قال أبو عبيدة : هذا على التقديم والتأخير أي تقديم الجواب وتأخير الشرط كأنه قال : ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها .
وطعن في هذا التأويل الطبري بأن جواب ( لولا ) لا يتقدم عليها . ويدفع هذا الطعن أن أبا عبيدة لما قال ذلك علمنا أنه لا يرى منع تقديم جواب ( لولا ) على أنه قد يجعل المذكور قبل ( لولا ) دليلا للجواب والجواب محذوفا لدلالة ما قبل ( لولا ) عليه . ولا مفر من ذلك على كل تقدير فإن ( لولا ) وشرطها تقييد لقوله ( وهم بها ) على جميع التأويلات فما يقدر من الجواب يقدر على جميع التأويلات .
وقال جماعة : هم يوسف بأن يجيبها لما دعته إليه ثم ارعوى وانكف على ذلك لما رأى برهان ربه . قاله ابن عباس وقتادة وابن أبي مليكة وثعلب . وبيان هذا أنه انصرف عما هم به بحفظ الله أو بعصمته والهم بالسيئة مع الكف عن إيقاعها ليس بكبيرة فلا ينافي عصمة الأنبياء من الكبائر قبل النبوة على قول من رأى عصمتهم منها قبل النبوة وهو قول الجمهور وفيه خلاف ولذلك جوز ابن عباس ذلك على يوسف . وقال جماعة : هم يوسف وأخذ في التهيؤ لذلك فرأى برهانا صرفه عن ذلك فأقلع عن ذلك . وهذا قول السدي ورواية عن ابن عباس . وهو يرجع إلى ما بيناه في القول الذي قبله .
وقد خبط صاحب الكشاف في إلصاق هذه الروايات بمن يسميهم الحشوية والمجبرة وهو يعني الأشاعرة وغض بصره عن أسماء من عزيت إليهم هذه التأويلات " رمتني بدائها وانسلت " ولم يتعجب من إجماع الجميع على محاولة إخوة يوسف عليه السلام قتله والقتل أشد .
والرؤية : هنا علمية لأن البرهان من المعاني التي لا ترى بالبصر .
والبرهان : الحجة . وهذا البرهان من جملته صرفه عن الهم بها ولولا ذلك لكان حال البشرية لا يسلم من الهم بمطاوعتها في تلك الحالة لتوفر دواعي الهم من حسنها ورغبتها فيه واغتباط أمثاله بطاعتها والقرب منها . ودواعي الشباب المسولة لذلك فكان برهان الله هو الحائل بينه وبين الهم بها دون شيء آخر .
واختلف المفسرون في ما هو هذا البرهان فمنهم من يشير إلى أنه حجة نظرية قبحت له هذا الفعل وقيل : هو وحي إلهي وقيل : حفظ إلهي وقيل : مشاهدات تمثلت له .
والإشارة في قوله ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ) إلى شيء مفهوم مما قبله يتضمنه قوله ( رأى برهان ربه ) وهو رأي البرهان أي أريناه كذلك الرأي لنصرف عنه السوء